بوابة الحركات الاسلامية : داعش والإرهاب في أوروبا.. ماذا بعد؟ (طباعة)
داعش والإرهاب في أوروبا.. ماذا بعد؟
آخر تحديث: الثلاثاء 20/02/2018 11:03 م
داعش والإرهاب في
نشر المعهد الدولي لدراسات التطرف والعنف السياسي ICSR، تقريرًا مطولًا بعنوان "داعش والإرهاب في أوروبا.. ماذا بعد"، الدراسة التي طرحت كورقة بحثية في مؤتمر ميونخ للأمن، وأعدها الباحثان بيتر آر نيومان، الدراسة توضح تغير استراتيجية داعش في شن هجمات إرهابية في أوروبا خاصة بعد الهزائم التي مني بها في عام 2017، التقرير الذي ترجمه بوابة الحركات الإسلامية.
"استطاعت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بالتعاون مع القوات العراقية والكردية، بعد أكثر من ثلاث سنوات من إطلاق الحملة العسكرية ضد تنظيم داعش، من إعادة 89% من الأراضي التي استولى عليها التنظيم الإرهابي في كل من سوريا والعراق، وأيضًا السيطرة على أهم المدن التي كانت تعد معاقل أساسية للتنظيم منها مدينة الرقة السورية، والموصل بالعراق، ولم يعد هناك مقاتلين للتنظيم سوى ثلاثة آلاف مقاتل، يختبئون في الصحراء.
غني عن القول، فإن الوضع ليس ورديًا تماما كما تشير الإحصاءات، فعلى الرغم من استعادة الكثير من الأراضي الواقعة تحت سيطرة التنظيم، ألا أن داعش مازال يعمل بشكل منظم وفعال، كما أنه لم يتم حل أي من الصراعات السياسية التي أدت لصعوده، بما في ذلك الحرب الأهلية السورية، خاصة وأن ما يعرف بـ"تنظيم دولة الخلافة الإسلامية" لا يعد فقط مشروعا إقليميا، بل يوتوبيا للإرهابيين وشبكة عابرة للحدود، اجتذبت عشرات الآلاف من الأتباع من جميع أنحاء العالم.
التساؤال الذي يطرح نفسه هل ستمنع هزيمة التنظيم عسكريًا في سوريا والعراق من شن هجمات إرهابية؟ وهل ستستمر هجاته الإرهابية في أوروبا؟ بعد استهدافه العام الماضي باريس ولندن وبروكسل وبرلين وستوكهولم وغيرها من المدن الأوروبية الكبرى؟
لا يمكن لأحد أن يجيب بثقة أين أو ما ستؤول إليه بقايا تنظيم داعش خلال الخمس أعوام القادمة، ومربط الفرس هنا مرتبط بمؤيدي التنظيم ومدى استجابتهم وحماسهم للتنظيم بعد هزائمه، حتى وإن أرادت قيادات داعش من تكثيف عملياتهم الإرهابية، فأنه ليس من المؤكد ما إذا كان مؤيدو التنظيم سيستجيبون بنفس الحماس الذي أظهروه عام 2014 عندما بدأ ما سموه بـ"دولة الخلافة"، وإن كان سيصبح المقاتلون الأجانب العائدين أكثر فاعلية في المؤامرات الإرهابية، فإن ذلك لن يؤدي تلقائيا إلى عدد أكبر من الهجمات، ولكن من المرجح أن يزيد تعقيدهم.
وباختصار، فإن الهجمات الإرهابية التي سيقوم بها تنظيم داعش لن يتوقف؛ خاصة مع انضمام أعداد كبيرة من الشباب إلى المجال الجهادي على مدار السنوات الخمس الماضية، ولكن تراجعه المادي هو الأمر الذي يعد مجال دراسة، وقابليته للبقاء على المدى الطويل كمشروع وتنظيم على الأرض.

نتائج فشل التنظيم:
ليس هناك شك في أن انكماش رقعة التنظيم جغرافيًا أثر بالسلب على وجوده المادي، وبالتالي على استراتيجية التنظيم، إذ كان يحث أتباعه منذ أكثر من عام على البقاء حيث هم، ومحاربة الكفار "لإلحاق أكبر ضرر بهم"، ليكون الإرهاب واجبًا عليهم.
انعكست هزائم التنظيم على دعايته، ففي نهاية عام 2017 ركزت دعايته على أهمية شن مقاتليه هجمات إرهابية في الدول الغربية، بعدما كانت تعتمد في بداية العام والأعوام التي سبقته على حلم "يوتوبيا الخلافة"، ومع ذلك، حتى الآن لا يوجد دليل على أن الوجود الجغرافي للتنظيم تحول إلى مجرد "فرضية".
أحد الاستراتيجيات التي اختلفت للتنظيم بعد هزائمه المتلاحقة والمستمرة في سوريا والعراق، هو منصاته الإعلامية، وعدد الرسائل التي يبثها التنظيم، إذ تؤكد تقارير أن التنظيم أغلق أغلب مكاتبه الإعلامية في المناطق التي خسرها، ليس هذا فقط، بل قل عدد الإصدارات المرئية التي يصدرها بشكل كبير، بعدما تجاوز 15 إصدار مرئي ومسموع بشكل يومي في أعوام 2014 و2015.
أيضًا اختلفت منصات التنظيم الإعلامية، أو تلك التي يستخدمها للتجنيد، فبعد أن كان متواجدًا بشكل مكثف على مواقع التواصل الاجتماعي المفتوحة مثل "فيس بوك، وتويتر" استخدم بدلًا منها منصات أكثر قتامة في الإنترنت، وأقل رقابة، مثل تطبيق التليجرام، حيث الوصول إلى أنصار جدد هو أقل صعوبة.

زيادة التعقيد
وفي الوقت نفسه، سيكون من الخطأ من المبكر الإعلان أن التهديد الإرهابي قد انتهى، فبالنظر إلى الحرب السورية نجد أنها أدت إلى تنشيط الحركة الجهادية العالمية، حيث سافر أكثر من 5000 من الأوروبيين الغربيين إلى سوريا، ومنذ الهجوم على المتحف اليهودي في بروكسل في مايو 2014، كان الجهاديون مسؤولين عن التخطيط لأكثر من مائة هجوم في أوروبا.
هناك احتمالات ضئيلة بتوقف الهجمات الإرهابية في أوروبا، ولكن الأكثر احتمالية هو تغير طبيعتها وديناميات هذه الهجمات، فالسيناريو المتوقع هو تغير أدوات الهجوم، وبدلًا من اعتماد عناصر التنظيم على أسلحة غير متطورة مثل السكاكين والمناجل والمطارق والمركبات، فمن المحتمل  الأكبر أن تنفذ الهجمات المقبلة على أيدي مقاتلين تلقوا تدريبات عسكرية مكثفة أو قادرين على التعامل مع المتفجرات.
وما يرجح ذلك الاحتمال العملية الأكثر تدميرا للتنظيم في أوروبا، والتي شنها في باريس في نوفمبر 2015، والتي أسفرت عن مقتل 137 شخصا، إذ خطط لها ونفذها فريق من المقاتلين العائدينوحتى مع انحسار زهوة ما يسمى بـ"دولة الخلافة" فمن المرجح أن يلعب مقاتلوه الأكثر خبرة والتزاما بأيديولوجيته دورا أكبر في المرحلة المقبلة.

ثنائية الجريمة والإرهاب:
واحدة من أهم الحقائق عن مقاتلي تنظيم داعش في أوروبا هي اقترابها من الجريمة "العادية"، فأكثر من نصف مقاتلي التنظيم من دول أوروبا الغربية، لديهم ماض إجرامي، وكثيرا ما كانوا أعضاء عصابات، أو تجار المخدرات، أو لصوص، وبالنسبة لكثير من هؤلاء الشبان، فإن الانضمام إلى تنظيم داعش هو وسيلة للسعي إلى مفهوم الخلاص، "للتكفير عن أخطاءه" على حد تعبير مقاتل دنماركي.
وهذا يوفر حاليا لمقاتلي التنظيم العديد من المزايا، إذ يسهل تاريخهم الإجرامي معرفتهم كيفية الحصول على الأسلحة والوثائق المزورة، ولذلك، فإن الصلة بين الجريمة والإرهاب يمكن أن تذهب في كلا الاتجاهين، وهي الآن تؤجج الإرهاب وتساعد على تيسير الهجمات ضد المدنيين الأبرياء".