بوابة الحركات الاسلامية : «شبكة دولية لا مركزية».. داعش ينتهج أسلوب القاعدة لإختراق أفريقيا وآسيا (طباعة)
«شبكة دولية لا مركزية».. داعش ينتهج أسلوب القاعدة لإختراق أفريقيا وآسيا
آخر تحديث: السبت 03/03/2018 07:21 م
«شبكة دولية لا مركزية»..
على ما يبدو أن العالم سيشهد في المستقبل القريب تنظيم "داعش" الإرهابي، بصورة مختلفة وتكتيكات جديدة، بهدف البقاء والحفاظ على وجوده - إن لم يكن حدث بالفعل - فعلى الرغم من هزيمة هذا التنظيم الإرهابي وخسارته المناطق التي كان يسيطر عليها، إلا أن فلوله ما زالت باقية وحية تعمل بنشاط، وتحاول استعادة قواها، وتشن الهجمات على مواقع عسكرية ورسمية ومدنية، كما شوهد خلال الأيام الماضية في العراق وسوريا واليمن وليبيا وأفريقيا.
توجد الكثير من الدلائل تشير إلى أن هناك خلايا نائمة تعمل تحت إدارة وتنظيم يوجه ويشرف، كما يبدو أيضًا أن «داعش» غير من استراتيجيته، بالاعتماد على حرب العصابات والتشكيلات صغيرة الحجم، وإيقاظ الخلايا النائمة، ومحاولة إحياء الحواضن الشعبية التي وفرت له الحماية والغطاء خلال السنوات الماضية. وهو ما سنوضحه في التالي، خاصة فيما يتعلق بمستقبل التنظيم، عقب الإشارة إلى المخزون المالي المتوفر لديه لتمويل عملياته وعناصره، ومن ثم التطرق إلى توصيات مؤتمر الخارجية الأمريكية الذي انعقد في واشنطن مؤخرًا، والانتقال إلى الحالة الراهنة للتنظيم في كل من أسيا وأفريقيا وتمركزه في أفغانستان وليبيا على وجه التحديد.
الأربعاء الماضي، أعلنت الولايات المتحدة خلال مؤتمر دولي نظمته وزارة الخارجية الأمريكية بحضور ممثلي 90 دولة ونظمة رسمية، أن داعش يتطوّر ويتكيّف مع الهزائم التي مُني بها في كل من العراق وسوريا، محذرة من أن تحول التنظيم الجهادي إلى اللامركزية يجعله أكثر انتشارًا وخطورة، هذا يعني بحسب ممثل الخارجية الأمريكية في المؤتمر، أن المعركة لم تنتهِ على الإطلاق، إنها مجرد مرحلة جديدة، وتنتقل من جهد عسكري بالدرجة الأولى إلى جهود مدنية وقمعية متزايدة، متوقعًا أن ما تراه الولايات المتحدة هو أن تنظيم داعش، ليصبح "شبكة دولية لامركزية"، على غرار تنظيم القاعدة الإرهابي.

صندوق أموال التنظيم:

صندوق أموال التنظيم:
وفيما يخص حجم الأموال التي يمتلكها التنظيم لتنفيذ خططه وتمويل عناصره، قالت تقارير اقتصادية إن التنظيم الداعشي استطاع تخزين ملايين الدولارات التي ستساعده على تنفيذ مخططاته بواسطة الآلاف من عناصره التي تمكنت من الهرب إلى بلدانهم الأصلية أو إلى حواضن أخرى في ليبيا أو أفغانستان فيما بقى البعض في سوریا و العراق، حيث إن العناصر الباقية لديهم وسيلة تمكنهم من ذلك، حيث أن تنظيم "داعش" خزن الملايين من الدولارات في المنطقة، فقد استثمر في العراق، واشترى الذهب في تركيا، وقام بتحويل الأموال إلى التابعين له بالخارج.
وفي هذا الصدد نقلت مجلة "الإيكونوميست" عن تاجر سلاح سابق تعامل مع عناصر التنظيم الإرهابي: "لن تصدقوا مبلغ المال الذي خرج من أراضي داعش"، فيما يقدر مسئولين عراقيين أن التنظيم هرب قرابة 400 مليون دولار من سوریا والعراق في مرحلة تراجعه، وتمكن من تكوين احتياطي ضخم من الأموال، كسبها في سوریا و العراق من مبيعات النفط، وفرض ضرائب، وعمليات نهب، فضلا عن سرقته لما يقرب من 500 مليون دولار من البنوك العراقية.
بحسب تجار العملات في المدن التركية التي تحد سوريا، إن التنظيم الإرهابي حول مبالغ هائلة من مناطق سيطرته العام الماضي عبر "نظام الحوالة"، وهي شبكة غير رسمية من مكاتب تحويل الأموال تتسم بأنها رخيصة وسريعة ويكاد يكون من المستحيل تنظيمها وإخضاعها للقوانين، ما سمح للاجئين وتجار الأسلحة ومهربي النفط والجماعات الإرهابية ومنها "داعش" بتحويل الأموال النقدية إلى داخل البلاد وخارجها.

داعش في أفغانستان:

ومن ناحية أخرى، كشفت هيئة مكافحة الإرهاب بمنظمة شنغهاي للتعاون، خطط عناصر "داعش" لإنشاء شبه دولة تسمى "ولاية خراسان" ستشمل أراضي دول جنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى، وأن الوضع في أفغانستان يثير القلق الشديد، إذ يتمركز بمحافظاتها الشمالية مقاتلو تنظيم "داعش" الذين يصل عددهم إلى حوالي 3 آلاف مقاتل حاربوا سابقا في الشرق الأوسط و80% منهم منحدرون من روسيا والصين ودول آسيا الوسطى، وهذا الوضع في شكله العام سيزيد الأمور تعقيدًا في أفغانستان، إذ توجد حركة طالبان التي يسيطر 70 ألفا من عناصرها على 60% من أراضي أفغانستان ويشنون أكثر من 90% من الهجمات على القوات الحكومية.
وأشارت المنظمة إلى أن عناصر "داعش" الإرهابي يقومون بإعادة نشر قواتهم في كل من روسيا وأوروبا وجنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى، حيث ينشئون "خلايا نائمة" لتدبير عمليات إرهابية في المدن الكبرى، مما سيؤدي إلى ازدياد خطر وقوع عمليات إرهابية بمشاركة الإرهابيين الأجانب الذين يعودون إلى الدول التي خرجوا منها، ويأتي ذلك على خلفية دحرهم في سوريا والعراق بعد تعزيز القوات العسكرية المضادة للإرهابيين في سوريا والعراق وتكثيف جهودها لطردهم من تلك المناطق أدى إلى تغيير تكتيكات الإرهابيين، وتستخدم حاتليًا بحسب المراقبون تكتيك "اختبار عشوائي" لأهداف لشن هجمات إرهابية في مدن كبرى بمشاركة عناصر "جهاد" تدربوا عبر الإنترنت.

في ليبيا:

 في ليبيا:
وعن وضعية التنظيم في أفريقيا، يحاول تنظيم داعش الإرهابي، في أكثر من منطقة ليبية، تنظيم صفوفه من جديد بعد الإعلان عن إخراجه من مدينة سرت الساحلية في ديسمبر 2016 من قبل قوات تبناها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بطرابلس مدعومة بطيران القوات الأمريكية في أفريقيا ( أفريكوم )، وخلال الأسابيع الماضية نفذ التنظيم عمليات إرهابية في منطقة الجفرة الواقعة الواسطة البلاد والتي تعتبر نافذة الشمال على الجنوب الشاسع ، في حين قالت مصادر عسكرية أن إرهابيي داعش لا يزالون يتوزعون على مناطق عدة في الجنوب والوسط والغرب ، إضافة الى خلايا نائمة في المنطقة الشرقية كدرنة وبنغازي والبيضاء ، وأخرى في مدن الساحل الغربي كالعاصمة طرابلس والزاوية وزليتن ومصراتة، وكان مسؤول قضائي ليبي أعلن أن منتمين لداعش شكلوا  جيشاً من ثلاث كتائب على الأقل في الصحراء الليبية، بعد أن فقدوا السيطرة على معقلهم في سرت الساحلية أواخر 2016 
وقال تقارير قضائية  أن عناصر التنظيم أسسوا جيشاً في الصحراء بقيادة الليبي المهدي سالم دنقو الملقب بـ"أبو بركات" وأن "هذا الجيش تم تأسيسه بعد تحرير مدينة سرت، وهو يضم ثلاث كتائب تحت قيادة دنقو، ولكل منها قائد. والآن هم موجودون في الصحراء الليبية" وأشارت الى  إن  التنظيم اعتاد في السابق استخدام دروب لجلب مقاتلين أجانب إلى ليبيا من دول الجوار مثل السودان ومصر وتونس والجزائر،
وارتفعت مستويات المخاطر بالإعلان عن إنتقال المئات من مسلحي التنظيم من سوريا والعراق الى الأراضي الليبية،  فقد حذّر عسكريون وخبراء أمنيون من خطورة سعي تنظيم داعش الإرهابي من النهوض من جديد باستغلال الفوضى في ليبيا، عقب خسارة مواقعه في سوريا والعراق، كما أكدوا على أن عدد الإرهابيين في ليبيا يتجاوز بكثير توقعات الخبراء حيث وصل إلى أكثر من 7 آلاف عنصر من جنسيات مختلفة، يمكنهم القيام بهجرة جماعية إلى دول الجوار وأوروبا. 
وأجمعت آراء العسكريين والخبراء الأمنيين على أن التنظيم الإرهابي يسعى إلى إنشاء معقل جديد له وجعل ليبيا نقطة انطلاق جديدة بعدما تقلص حجمه في سوريا والعراق بسبب الضربات العسكرية. وتشير ذات التقديرات إلى أن التنظيم الإرهابي يعمل على تجنيد عناصر جديدة في جنوب ليبيا وغربها. واجتمعت دول الجوار على وجود خطر حقيقي في إعادة تشكل ميلشيات داعش في ليبيا.
فقد أعرب  وزير الخارجية سامح  شكرى عن قلق بلاده  البالغ من تنامي الخطر الإرهابى، خاصة مع عودة إرهابيي "داعش" من سوريا والعراق ومحاولاتهم الهروب إلى ليبيا ومنطقة الساحل، بما يهدد أمن واستقرار المنطقة ككل، بالإضافة إلى استمرار عمليات الهجرة غير الشرعية ،مؤكدا على أهمية تضافر جهود كل من مصر وتونس والجزائر لمواجهة التحديات الأمنية ومخاطر الإرهاب فى ليبيا، مشيرا إلى ضرورة التحسب لعودة أعداد كبيرة من إرهابيى "داعش" من سوريا والعراق إلى ليبيا والدول المجاورة لها، بعدما تعرض التنظيم لضربات موجعة هناك.
وتوقع وزير الشؤون الخارجية التونسى خميس الجهيناوى، أن تغير الجماعات الإرهابية، من اسم داعش إلى اسم آخر بعد الانتصارات المتلاحقة عليها فى العراق وغيرها، مؤكدا أن هذه الجماعات تبحث حاليا عن ملاذات آمنة فى مناطق ودول أخرى ومنها تونس أو ليبيا ، ومن جانبه  شدد وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي أمام لجنة الأمن والدفاع صلب مجلس نواب الشعب، على "وجود تهديدات إرهابية  على الحدود الجنوبية الشرقية للبلاد، ناجمة عن تدهور الوضع الأمني وتعقد الوضع السياسي في ليبيا"وفق تعبيره 
كما أعلن وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، أن تنظيم داعش  حث عناصره على "الهجرة نحو ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء بشكل أضحى يمثل خطرا على المنطقة" ،وقال  اجتماع حول مكافحة الإرهاب في إفريقيا عقد بمدينة وهران:"إن تراجع الإرھاب عسكریا في سوریا والعراق، جعله یأخذ منحى آخر، ویطرح تحدیات وتھدیدات وقیودا أمنیة جدیدة".
وكذلك أكدت تقارير وتصريحات لمصادر عسكرية ليبية،  أن النظام القطري لا يزال يسعى الى تنفيذ خطته بنقل مئات من عناصر تنظيم داعش الإرهابي الفارين من سوريا والعراق الى داخل التراب الليبي ، واتهم المتحدث العسكرى باسم الجيش الليبى العميد أحمد المسمارى النظام القطرى بنقل مسلحين من تنظيم داعش الإرهابى موجودين فى سوريا إلى ليبيا، مؤكدا أن الدوحة مستمرة فى تمويل المجموعات الإرهابية فى ليبيا.

سيناريوهات محتملة:

سيناريوهات محتملة:
قبل الحديث عن  السيناريوهات المتوقع حدوثها إذا استمر عمل التنظيم على هذا النحو، ينبغى الإشارة أولًا إلى تلك الآليات التي اعتمدتها الإدارة الأمريكية في حربها ضد التنظيم، وكان من أبرزها؛ العقوبات المالية وقائمة بأسماء المسافرين جوًا واستخدام البيانات البيومترية في ضبط الحدود، وأوصت بقية دول العالم بأن تحذو حذوها، فعلى صعيد العقوبات المالية، أدرجت على قائمتها السوداء للمنظمات والأفراد "الإرهابيين" سبعة فروع لتنظيم داعش (في غرب أفريقيا والفلبين وبنغلادش والصومال ومصر وتونس) واثنين من قيادات التنظيم الإرهابي هما أبو مصعب البرناوي زعيم جماعة بوكو حرام في نيجيريا وغرب أفريقيا ومهد معلم القيادي في تنظيم داعش في الصومال.
وفيما يخص قائمة المسافرين جوًا، "سجل أسماء الركاب"، فهي تعتبر بنك معلومات يحتوي على بيانات المسافرين جوًا، كأداة لمكافحة الإرهاب، وأوصت الولايات المتحدة كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالعمل على أن تكون لديها قائمة مماثلة. أما في ما يتعلق بالبيانات البيومترية، تعود إلى تأكد واشنطن من أن استخدام هذه التكنولوجيا يعزز مراقبة الحدود ويحول دون إمكانية تسلل الإرهابيين.
ففي أوروبا، يبقى التوقع بمواصلة تنظيم داعش الإرهابي نشر تهديداته بشن هجمات إرهابية جديدة في عواصم غربية، وهو ما استدعى حالة الإستنفار داخل الدول الأوروبية خوفاً من هجمات الخلايا الإرهابية، والدليل على ذلك ما كشفه تقرير وكالة «سانا» للأنباء، عن نشر مجموعة موالية للتنظيم الإرهابي ملصقاً على الإنترنت عليه صورة برج إيفل في باريس ودار الأوبرا في سيدني وتمثال الحرية في نيويورك وكتب عليها بالأحمر: «ماذا سيكون القادم؟» في إشارة إلى هجمات محتملة على واحدة من هذه المدن، بالإضافة إلى دعوات منشورة تحرض الإرهابيين على تنفيذ هجمات مميتة باستخدام الشاحنات.
وفي أفريقيا، تسعى دول الجوار الليبي، تونس ومصر والجزائر، الى التنسيق الأمني والمخابراتي، لمواجهة تهديدات ظهور بوادر لإعادة تنظيم صفوف داعش على إمتداد مساحات شاسعة من الأراضي الليبية التي لم تستطع السلطات الحكومية المتنازعة في غرب البلاد وشرقها ، السيطرة عليها ، وتطهيرها من الإرهاب.
وبالتالي من المحتمل أيضًا، إعلان حرب جديدة في ليبيا ضد تنظيم داعش، في أقرب وقت؛ كضربة استباقية ضد إمكانية هجوم داعش على الهلال النفطي، أو إعلانه إقامة إمارة جديدة له في وسط أو جنوب البلاد، وهو أمر ليس من المستبعد وقوعه، مما بات يثير حذر وحيطة دول شمال أفريقيا التي تجد نفسها أمام تحديات كبيرة تستهدف بالأساس السيطرة على ليبيا عبر التدخل المباشر كما حدث في سوريا والعراق.
وفي آسيا، أعربت روسيا عن شعورها بـ "قلق شديد" جراء تنامي نفوذ تنظيم داعش في افغانستان، ازاء التقدم الذي يحرزه تنظيم داعش وتزايد نفوذه"، واستدعى الأمر التشكيك الروسي في طريقة تعاطي التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في افغانستان مع هذا التهديد والتدابير التي يتخذها للقضاء عليه"، وخاصة أن البعض من المحللين يروا أن مكان "داعش" في المستقبل ستكون في أفغانستان، ثم أسيا الوسطى. 
وتدعو موسكو من جهتها الى إدخال طالبان في مفاوضات سلام ومباشرة مع الحكومة الافغانية، واقترحت ان تستضيف هذا الحوار "الايجابي" بين المتقاتلين، وتريد السلطات الروسية وقف تقدم الدواعش في افغانستان، معربة عن تخوفها من تسللهم الى الجمهوريات السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى المجاورة، التي تعتبرها موسكو جزءا من منطقة نفوذها.