يبدو أن الأطفال باتوا كلمة السر في عودة تنظيم "داعش"، ليس فقط، لأنهم يشكلون خلايا نائمة مستمرة لعقود من الزمن، وإنما أيضًا، لأنهم حجر الأساس في استمرار أفكار التنظيم، وانتشارها، بالنظر إلى اقتداء الأطفال ببعضهم البعض، ومسارعتهم إلى تقليد ما هو غريب، وعنيف في بعض الأحيان.
ولعل ما يخدم التنظيم أن الحكومات لا تزال عاجزة عن وضع حلول جذرية لمشكلة "أشبال الخلافة المزعومة"، بعد نجاحها في إلحاق هزائم عسكرية بداعش على الأرض، بجانب أنها لا تستطيع محاكمتهم لصغر سنهم، ولن تنجح في إعادة تأهيلهم بسهولة، في ضوء ما هو متعارف عليه من أن "التعليم في الصغر كالنقش على الحجر"، ولذا هناك صعوبة بالغة في محو الأفكار المتطرفة، التي تم زرعها في عقول آلاف الآطفال، عن طريق آبائهم الإرهابيين.
وجاءت إدانة أحد المعلمين البريطانيين في 2 مارس بتهمة تجنيد أطفال دواعش، لتزيد من حجم المأزق، الذي يواجهه العالم، لأنها أظهرت بوضوح أن التنظيمات المتشددة اخترقت أيضًا بعض المدارس الخاضعة لرقابة الحكومات، وأنها لن تتوانى عن فعل أي شيء لتحقيق أهدافها الإرهابية.
ويبدو أن الحروب، التي شنها التحالف الدولي ضد "داعش"، سواء في سوريا أو العراق، وفرت أيضا مخزونا إضافيا من "الأطفال الإرهابيين"، لأن هذه الحروب سببت دمارا واسعا، وشردت آلاف الأسر والعائلات، دون مأوى، ما يساعد فلول التنظيم في تجنيد المزيد من العناصر المتطرفة.
ولعل تتبع مراحل إعداد الأطفال الإرهابيين يزيد أيضًا من قتامة الصورة، إذ يتعمد داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية، قتل براءتهم، على مرحلتين، الأولى، تقوم على زرع الحقد وكره الآخر في نفوسهم، فيما الثانية تركز على عرض مشاهد قتل وذبح أمامهم، وتدريبهم على استخدام الأسلحة.
ويبقى الأمر الأخطر، وهو قيام الإرهابيين بتبرير الجرائم الوحشية من منطلق ديني، ومحاولة تشويه معتقدات الدين الإسلامي في عقول الأطفال، لضمان استمرار الأفكار المتطرفة السامة لعقود، وإجهاض كافة محاولات الحكومات والأطباء النفسيين، لتخليصهم منها، وهذا ما ظهر بوضوح في واقعة المدرس البريطاني، عمر أحمد حقي، الذي عرض فيديوهات على الأطفال تتضمن "مشاهد عنف، كما جعلهم "يمثلون دور إرهابيين" يطعنون ضباط شرطة.
وحسب الشرطة البريطانية، فإن حقي (25 عامًا) حاول دفع أعداد كبيرة من الأطفال إلى التطرف، من أجل استغلالهم في ارتكاب "هجمات ضد أهداف في لندن".
وأدانت محكمة أولد بايلي في لندن في 2 مارس حقي بتهم استغلال عمله في إحدى المدارس شرقي بريطانيا، ليعمل على تجنيد "جيش" من الأطفال بهدف "شن هجمات إرهابية".
وقال دين هايدون رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في شرطة لندن:"كان حقي رجلا خطيرًا، أراد أن يدبر عدة هجمات في وقت واحد تستخدم فيها الأسلحة النارية والخناجر والقنابل والسيارات الكبيرة لقتل أناس أبرياء".
وأضاف "استعدنا عددا من كتب التدريب من منزله، وكان واضحًا من ملاحظاته التي دونها أن خطته كانت طويلة الأمد".
وتابع هايدون "حقي اعتزم تنفيذ خطته بعد سنوات، في الوقت الذي قدّر فيه أنه سيكون قد انتهى من تدريب وامتلاك جيش من الجنود، بينهم أطفال".
واستطرد "عندما استجوب ضباط متخصصون الأطفال، تحدثوا عن قيام حقي بعرض فيديوهات عنف أمامهم، بما في ذلك مشاهد إعدام".
وأضاف "الأطفال أبلغوا الشرطة أيضا كيف طلب منهم حقي لعب دور إرهابيين ورجال شرطة، والأطفال الذين يمثلون دور الإرهابيين عليهم أن يطعنوا ضباط الشرطة حتى الموت".
وأشار المسئول البريطاني إلى أن حقي هدد الأطفال بأن مصيرا عنيفا ينتظرهم إن هم أخبروا أحدا ما الذي يفعله.
وحسب "رويترز"، تتعرض هيئة الرقابة على المدارس البريطانية "أوفستيد" لانتقادات شديدة، لأن المدرسة، التي كان يعمل بها حقي، حصلت على تصنيف "ممتاز"، بعد جولة تفتيش قامت بها الهيئة هناك.
وكانت هيئة "أوفستيد"، أجرت في 2015 تحقيقا شمل 21 مدرسة في مدينة برمنجهام وسط بريطانيا، وأظهر أن بعض المدارس بالمدينة استعملت مناهج دراسية وضعت من منظور متطرف.
وأشار التحقيق حينها إلى وجود شخصيات بارزة داخل بريطانيا دعمت جهودا لترسيخ مال سمته "التشدد الإسلامي" في تلك المدارس، أو أنهم تعاونوا بطريقة غير مباشرة من خلال عدم رفضهم لتلك التوجهات داخل تلك المدارس، التي يشرفون عليها.
ذعر أوروبي
وتتوالى التقارير الأوروبية، التي تكشف أمورًا صادمة حول "الأطفال الدواعش"، ففي 13 نوفمبر 2017، نشرت شبكة "يورو نيوز" تقريرًا للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، حول مشكلة المقاتلين الدواعش العائدين.
وأظهر التقرير أن هناك نقطة في غاية الخطورة في مشكلة العائدين، هي الأصعب بالنسبة للدول للتعامل معها، وهي شريحة الأطفال والمراهقين، الذين انضموا إلى "داعش" عبر الإنترنت، أو بعض الأطفال، ممن وُلدوا في دولة الخلافة المزعومة، لأب أو أم يحملون جنسية إحدى الدول الأوروبية.
وحسب التقرير، فإن التعامل مع هؤلاء الأطفال يتطلب، وبشكل عاجل استحداث آليات للسلامة العقلية والدعم الاجتماعي، لأن بعضهم دربوا على حمل السلاح والقتل، وخلص إلى القول:" إن أحد أصعب الأمور هو إعادة تأهيل الأطفال، الذين جندتهم الجماعات المتطرفة، فولاؤهم شبه مطلق للإرهابيين".
وفي مطلع فبراير الماضي، قال رئيس جهاز المخابرات الداخلية الألمانية هانز جورج ماسن، إنه يريد من حكومة بلاده، إعادة النظر في القوانين، التي تفرض قيودًا على مراقبة القُصر، لمواجهة خطر أطفال المقاتلين المتشددين، الذين يعودون إلى البلاد على شكل "خلايا نائمة"، قد تنشط في أي وقت.
وأبلغ ماسن "رويترز"، بأن مسئولي الأمن يتأهبون لعودة مقاتلين من تنظيم داعش إلى ألمانيا مع أطفالهم الذين يحتمل أن يكونوا تعرضوا لـ"غسل المخ".
وتابع "قرابة ألف شخص غادروا ألمانيا للانضمام إلى تنظيمات متشددة، ومع هزائم داعش في الشرق الأوسط، يعود البعض من هؤلاء مع أفراد أسرهم".
وأشار ماسن إلى أن 290 رضيعا وطفلا رحلوا من ألمانيا أو ولدوا في سوريا والعراق، عادوا إلى ألمانيا، ولا يزال كثير منهم على الأرجح في الشرق الأوسط، أو ربما انتقلوا إلى أفغانستان مثلا، حيث لا يزال داعش هناك قويا.
واستطرد "الأطفال الذين تربوا مع داعش تعرضوا لغسيل مخ في مدارس التنظيم وحضاناته، تعرضوا في سن مبكرة لأفكار متطرفة وتعلموا القتال، وفي بعض الأحيان أجبروا على تنفيذ هجمات".
وأوضح أن مسئولي الأمن الألمان يعتقدون أن مثل هؤلاء الأطفال قد ينفذون هجمات عنيفة في ألمانيا في وقت لاحق، مضيفًا "هؤلاء الأطفال قد يكونون قنابل موقوتة تمشي على قدمين".
وخلص ماسن إلى القول:" إن على ألمانيا مراجعة القوانين، التي تقيد مراقبة القُصر تحت سن 14 سنة، تحسبًا لاحتمال قيام أطفال، ربما لا تتجاوز أعمارهم التاسعة، وتربوا في أحضان داعش، بتنفيذ هجمات داخل البلاد".
وفيما تسارع الدول الأوروبية الخطى لمواجهة خطر الأطفال الدواعش العائدين، يكثف التنظيم من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتجنيد المزيد من الأطفال والمراهقين، بالإضافة إلى أساليبه المعتادة في تجنيد الأطفال في مناطق القتال، إذ قالت وكالة "سبوتنيك" الروسية، إن "داعش" في سوريا والعراق كان يتعمد تجنيد الأطفال في المرحة العمرية ما بين 13- 17 عامًا، كما عمل على إغرائهم بالمال والهدايا، للالتحاق بدوراته للتدريب، وفي الوقت عينه، قام التنظيم بترهيب أسر أولئك الأطفال.
وأضافت الوكالة، أن خطة داعش تقوم على إرسال الأطفال بعد انتهاء دوراتهم التدريبية لتنفيذ عمليات انتحارية، أو تركهم ينضجون لمرحلة مستقبلية، أو زرعهم كخلايا نائمة، تهدد بظهور جيل من الدواعش في المستقبل، أكثر تطرفًا ودموية من الجيل الحالي.
وبصفة عامة، فإن الحرب على الإرهاب ركزت على استهداف البنية القتالية للتنظيمات المتشددة، وأغفلت أمورًا أخرى تغذي الإرهابيين، وتضمن استمرارهم لعقود، وهي الأفكار المتطرفة في عقول الأطفال، ما جعل "أشبال الخلافة المزعومة"، قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة.
ويبقى الأمل معقودًا على احتمال ابتكار علاج نفسي غير تقليدي، لإنقاذ الأطفال من براثن الإرهاب، فهل تنجح تجربة العراق في استخدام الرسوم والألوان لمواجهة التطرف؟
الرسوم والألوان.. روشتة سهلة للعلاج
في محاولة لمواجهة خطر الأطفال الدواعش قبل فوات الأوان، لجأت الحكومة العراقية لعدة خيارات لإنقاذهم من براثن الإرهاب، كان أبرزها، استقبالهم في مراكز إيواء، والاستعانة بالرسوم والألوان لمواجهة أفكارهم المتطرفة.
ففي 8 فبراير، أكدت وزارة العمل والشئون الاجتماعية العراقية، أنها استقبلت العديد من أطفال الدواعش من الأيتام في مراكز إيواء تابعة للدولة.
وقال معاون مدير دائرة رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في الوزارة عامر الموسوي في بيان نشره موقع "عين العراق نيوز"، إن "دور إيواء تابعة لوزارة العمل استقبلت الأطفال الدواعش من عمر يوم واحد إلى 18 سنة"، لافتا إلى "وجود دور إيواء حسب الفئات العمرية للإناث والذكور في بغداد والمحافظات".
وأشار الموسوي إلى وجود أكثر من 50 طفلا داعشيا حاليًا في دور إيواء، وأن هناك تنسيقًا مع الجهات الرسمية للتعرف على ذويهم من خلال الفحوص المختبرية DNA.. وتابع أن "أطفال الدواعش تم دمجهم في دور الإيواء استنادًا إلى أوامر قضائية"، مضيفًا أن"الوزارة كلفت باحثين اجتماعيين بدراسة حالات أطفال الدواعش واستطاعت الحد من حد التأثير السلبي، الذي غرسه التنظيم الإرهابي في عقولهم، حسب تعبيره.
وبجانب ما سبق، اتجهت الحكومة العراقية وبمساعدة أمريكية إلى أسلوب الرسومات لإعادة تأهيل الأطفال الدواعش، وقال تيري وولف، مساعد المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدى التحالف الدولي لمحاربة داعش، إنه يوجد في مخيم "روانكة" في شمال العراق أكثر من 1000 طفل كانوا يتبعون التنظيم الإرهابي، وهذا العدد كبير للغاية خاصة، أنهم يمثلون خطرا كبيرا بسبب النزعة الإرهابية، التي ترعرعوا عليها طوال السنوات الماضية، موضحًا أنه يتم حاليًا تأهيل هؤلاء الأطفال بشكل نفسي كبير حتى يصلحوا للعيش كأي شخص طبيعي.
وأضاف وولف على هامش أحد مؤتمراته الصحفية في العراق بداية هذا الشهر، أن الولايات المتحدة خصصت لجانًا اجتماعية معينة ليتم تأهيل هؤلاء الأطفال بشكل جيد وصحيح، فبدأت بتأهيلهم عن طريق الرسومات، لكنها فوجئت بطابع الإرهاب والعنف يغلب على رسوماتهم، حيث رسموا صور أحزمة وقنابل وعبوات ناسفة.
وأشار المسئول الأمريكي إلى أن اللجان الخاصة بتأهل الأطفال الدواعش لم تكف عن محاولة علاجهم نفسيًا، على الرغم من الرسومات العنيفة التي يرسمونها، وستحاول علاجهم بنفس الطريقة، لأن الرسم من أسهل الطرق التي تجعل الإنسان يعبر عما بداخله، ومع الوقت والممارسة وطريقة المعاملة، التي يتلقونها من قبل المعالجين النفسيين، سيتغير هؤلاء الأطفال إلى الأفضل، حسب تعبيره.
وبدوره، قال الطبيب النفسي العراقي نايف جوردو القاسم، الذي يعالج الأطفال في مخيم روانكة للاجئين في شمال العراق، إن "الأطفال الدواعش ضحايا لا مجرمون ويجب التعامل معهم على هذا الأساس".
ونقلت جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية في 10 مارس عن قاسم، قوله:"إنه في بداية الأمر، واجه العاملون في مركز القاسم، الذي يديره، صعوبة بالغة في التعامل مع أطفال الدواعش، خاصة أن أغلبهم كانوا لا يرغبون في الاستجابة للعلاج النفسي، بالإضافة إلى أنهم يريدون الانتقام من الجيش العراقي، ولكن مع مرور الوقت بدأوا يستجيبون تدريجيًا للعلاج النفسي، الذي يقدمه المركز".
ويعتبر مركز "القاسم"، أول مركز عراقي للعلاج النفسي وإعادة تأهيل الأطفال الدواعش، حيث بدأ المركز عمله منذ ستة أشهر وقام بعلاج نحو 123 طفلا ما بين الإناث والذكور، وجميعهم لا يتخطون الثمانية عشرة.
أطباء نفسيون: ثلاثة أمور لإعادة أطفال "داعش" أسوياء
أكد عدد من الخبراء في مصر، أن الأطفال التابعين لتنظيم داعش غير أسوياء ويحتاجون إلى علاج نفسي وإعادة تأهيل بشكل سريع، لأنهم بمثابة قنبلة موقوتة.
وقال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إنه يوجد عدد كبير من الأطفال الدواعش لأن الكثير من النساء اللاتي التحقن بالتنظيم وتزوجن بمقاتليه أنجبن منهم، كما أن بعضهن ذهبن حوامل إلى العراق أو سوريا واصطحبن معهن أطفالهن.
وأضاف فرويز في تصريحات لـ"البوابة"، أن أطفال داعش بعد مقتل الكثير من آبائهم الإرهابيين، في حاجة ماسة إلى علاج نفسي ضخم لكي يعودوا إلى الحياة الطبيعية، ويستطيعون التعامل بسلمية مع المجتمع، خاصة أن آباءهم الإرهابيين علموهم مفاهيم متطرفة، وجعلوهم يرون مشاهد القتل والدمار والذبح والإرهاب، وزرعوا داخل نفوسهم الإرهاب، لذلك إذا لم يتم علاجهم بطريقة صحيحة، لن يكونوا أسوياء، وسيشكلون خطورة كبيرة على المجتمع.
وأشار الطبيب النفسي، إلى أن أي إنسان طبيعي يحتاج إلى المأكل والملبس ومكان للنوم، ثم يأتي الأمر الثاني، وهو توفير الأمان له، والأمر الثالث هو توفير العمل وتوفير أدوات العمل والإبداع في العمل، وكل هذه الأمور يجب توفيرها للإنسان حتي ينشأ تنشئة سوية، وفي حال عدم توافرها، سيكون إنسانا عنيفا وإرهابيا، وهذا الأمر حدث مع أطفال تنظيم "داعش"، لذلك يجب أثناء فترة التأهيل النفسي لهم، أن يتم توفير هذه الأمور لهم، حتى لا يشعرون بأي نقص.
وأضاف "فرويز"، أن الأطفال وأبناء عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي ليس لهم أي ذنب فما حدث، لأن أي أنشان يولد ولا يختار الأب والأم ولا المستوى الاجتماعي ولا الظروف، لذلك هؤلاء الأطفال ضحية ولابد التعامل معهم على هذا الأساس حتى يتم تنشئتهم تنشئة سليمة، خاصة أن آباءهم العناصر الإرهابية التي كانت في التنظيم قاموا بغسيل مخ لهؤلاء الأبناء.
وتابع "هؤلاء الأطفال لا يعتبرون بشرا وهم هيكل إنسان، لأنهم لا يمتلكون أي نوع من أنواع الأمان، فهم منبوذون من قبل الشعوب التي حدثت على أراضيها الحرب على داعش، على الرغم أن هذه الشعوب تعلم أن هؤلاء الأطفال ضحية".
وأشار فرويز إلى أنه يجب الإسراع في عمل مركز تأهيل لهؤلاء الأطفال من أجل إعادة تأهليهم، فهؤلاء الأطفال يعانون الآن من أمراض نفسية خطيرة للغاية، وقد تؤثر تأثيرًا سلبيًا على المجتمع.
وفي السياق ذاته، قال الدكتور هاشم بحري، استشاري الطب النفسي، إن الأطفال الدواعش يعانون من شيء يدعي "كرب الصدمة"، وهذا المرض النفسي عبارة عن أزمة نفسية أو صدمة كبرى تأتي للأطفال وللشباب بسبب الحروب، وهذا المرض أًصيب به أطفال تنظيم داعش، لأن آباءهم الإرهابيين كانوا يتعمدون إشراكهم في المعارك الإرهابية التي يقومون بها، بل وكانوا يجعلونهم يشاهدون مناظر الذبح والقتل حتى يزرعوا في نفوسهم حب التطرف والإرهاب.
وأضاف "بحري" في تصريحات لـ"البوابة"، أن أطفال تنظيم داعش هم الضحية الأولى للصراعات والحروب التي حدثت طوال السنوات السابقة، ويجب على الشعوب تبني مصير هؤلاء الأطفال، حتي لا يشكلون خطرًا على المجتمعات بسبب إرهابهم.
وأضاف الطبيب النفسي، أن الحل الوحيد لإنقاذ هؤلاء الأطفال هو أن يتم جمعهم في مراكز نفسية خاصة، وتأهيلهم بعيدًا عن الضياع الذي يعيشون فيه خاصة أنهم يشكلون عبئا كبيرا على المجتمعين السورى والعراقي.
وأشار، إلى أن الأطفال الدواعش يشكلون تحديًا كبيرًا أمام المجتمع الغربي، وذلك لأن أغلبهم من جنسيات أوروبية واندمجوا في صفوف التنظيم في السنوات الأخيرة، وهذا الأمر يضع العالم الغربي في مشكلة، وهي أن هؤلاء الأطفال من المحتمل أن يعودوا إلى أوطانهم الأصلية ويشكلون خطرا كبيرا.
وتابع الطبيب النفسي، أنه يجب عمل مراكز تأهيل في أسرع وقت سواء داخل العراق أو سوريا أو في الخارج لتأهيل هؤلاء الأطفال حتى يسترجعوا الثقة في نفوسهم من جديد، ويجب اختيار أفضل الأطباء من جميع أنحاء العالم لتأهيلهم للحياة الطبيعية، ويأتي الدور الثاني وهو دور الإعلام في جميع دول العالم لتوعية الناس بأن هؤلاء الأطفال قنابل موقوتة يجب الإسراع في ضمهم إلى المجتمع، وإذا لم يحدث ذلك، سوف يشكلون تنظيما إرهابيًا جديدًا.
وبدوره، قال الدكتور محمد هاني، استشاري صحة نفسية وعلاقات أسرية وتعديل سلوك الأطفال، إن أطفال تنظيم "داعش"، الذين عثرت عليهم القوات العراقية والسورية تحت ركام الحرب أثناء عمليات تحرير المدن التي كانت تحت سيطرة التنظيم، نشأوا في بيئة غير سوية، وتربوا على أفكار العنف والقتل.
وأضاف هاني في تصريحات لـ"البوابة"، أن ذنب هؤلاء الأطفال في أعناق آبائهم، ويجب على الحكومات في كل مكان جمعهم في أماكن قابلة للعيش والراحة النفسية والتأهيل للحياة من خلال مراكز خاصة بالتأهيل، فهؤلاء الأطفال هم بذرة المستقبل ويجب أن تكون بذرة صالحة للحياة.
وأكد "هاني" ضرورة اختيار أماكن بعيدة عن ويلات الحرب، والاستعانة بأشخاص لا يعاملون هؤلاء الأطفال على أساس ذنب ذويهم، ويجب معاملتهم على أسس إنسانية سليمة.
ومن جانبه، قال جمال أبو ذكري، الخبير الاستراتيجي، إن الأطفال التابعين لتنظيم داعش يشكلون خطرًا أمنيًا كبيرًا على المجتمعات، لأنهم أبناء إرهابيين، وبالتالي تم التأثير عليهم بشكل سلبي، خاصة أن آباءهم عملوا لهم عمليات غسيل مخ بالكامل وزرعوا في عقولهم الأفكار المتطرفة والإرهابية.
وأضاف أبو ذكرى في تصريحات لـ"البوابة"، أنه لابد التعامل سريعًا مع هؤلاء الأطفال، حتى يتم السيطرة على إرهابهم، كما أنه لابد من وضع استراتيجية أمنية قوية للتصدي لخطرهم.
وأخيرًا، قال عبد الشكور عامر، القيادي السابق في الجماعة الإسلامية والباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن أطفال تنظيم داعش يشكلون خطرًا أمنيًا كبيرًا على سوريا والعراق والبلدان التي من الممكن أن يلجأوا إليها.
وأضاف عامر في تصريحات لـ"البوابة"، أن أطفال داعش عبارة عن جيل ثاني من التنظيم، وإذا لم يتم التعامل معهم بشكل جيد سيصبحون أخطر من آبائهم.
(البوابة نيوز)