بوابة الحركات الاسلامية : "نيويورك تايمز" تكشف حقائق جديدة حول فدية قطر للإرهابيين بملايين الدولارات (طباعة)
"نيويورك تايمز" تكشف حقائق جديدة حول فدية قطر للإرهابيين بملايين الدولارات
آخر تحديث: الخميس 15/03/2018 04:11 م
نيويورك تايمز تكشف
لا زالت خبايا النظام القطري تظهر يوما تلو الأخر، في ظل دعم وتمويل الإرهابيين في المنطقة، ومع توالي التقارير التي تكشف حقيقة قطر وتمويلها للإرهاب في الشرق الأوسط، أعادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية فتح ملف الفدية التي دفعتها قطر لجماعات إرهابية مقابل الإفراج عن "رهائن" قطريين في العراق وسوريا، وكيف أن الدوحة تمكنت من تحرير رهائن قطريين تم اختطافهم في العراق بملايين الدولارات.
نيويورك تايمز تكشف
وجاء في المقال الذي كتبه روبرت أف وورث، محاولة قطر إدخال 360 مليون دولار في حقائب سوداء عبر طيرانها إلى مطار بغداد، وكذلك الاتصالات القطرية مع الجماعات الإرهابية وتمويلها لهم بمئات الملايين من الدولارات التي ذهبت إلى الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وجبهة النصرة، الأمر الذي يدفع إلى مطالبة الدوحة مجددا بكشف الحقائق حول المبالغ التي دفعتها لتمويل جماعات إرهابية، وفق المقال.
 وذكر الكاتب في الصحيفة الأمريكية تفاصيل العملية قائلا: إن محطة انتظار الشخصيات المهمة في مطار بغداد الدولي هي مكان نظيف وهادئ، وهي على بُعد نحو ربع ميل من الضوضاء والضجيج من صالة الواصلين والمغادرين الرئيسية.. وإذا كنت تحظى بمعارف قوية وبحوزتك 150 دولاراً، يمكنك انتظار رحلتك براحة وأنت جالس على إحدى الأرائك الجلدية البيضاء الناعمة، وتحتسي قهوة الإسبريسو، بينما تأخذ فكرة عامة عن الأشخاص الذين يحكمون الشرق الأوسط اليوم، مضيفًا أنه في يوم عادي، قد يشمل الركاب المسافرون معك مقاتلين مسلحين إيرانيين أو مقاتلين سابقين في فرق الموت الذين جمعوا ثرواتهم عبر الاختلاس.. وفي حال بقيت لفترة طويلة، قد ترى "هوامير المال" أو ضباطا من الحرس الثوري الإيراني بزيهم الرسمي أو حتى دبلوماسيين من تركيا وروسيا، يحاولون بطرقهم الخاصة إخضاع أو رشوة المسؤولين العراقيين.. الجميع هنا موضع ترحيب طالما يتكلمون بلغة المال.
  وقال الكاتب الأمريكي في مقاله، إنه في 15 من أبريل من العام الماضي، وصل رجلا قطريا إلى محطة انتظار الشخصيات المهمة في رحلة مسائية من قطر.. وبعد أن أعلن أنه مبعوث حكومي رفيع المستوى، قال إنه لا يريد أن يتم تفتيش أمتعته مع زملائه الـ14 الآخرين، وكان بحوزة هؤلاء القطريين 23 حقيبة سوداء، وكل حقيبة كانت تزن أكثر من 100 رطل، حتى أن العتالين كان يواجهون مشكلة في حملها.. وأصر ضباط المطار بأدب على ضرورة فحص جميع الحقائب حتى لو كانت في محطة انتظار الشخصيات المهمة، وبدت على وجوه القطريين الصدمة عندما سمعوا ذلك، اجتمع القطريون جانباً للتشاور فيما بينهم، ثم أجروا عدداً من المكالمات الهاتفية، وفي نهاية المطاف رضخوا لتعليمات الضابط وسمحوا له بتفتيش الحقائب، كانت كل واحدة من الحقائب تحتوي على أكوام من الطوب الملفوفة بشريط أسود لم تستطع الماسحات الضوئية اختراقها. وعندما سأل مسؤولو الجمارك القطريين عما بداخل هذه الأكوام، رفضوا الحديث.
أضاف: "في البداية رفض القطريون الخروج من المطار من دون أمتعتهم، واستمر الأمر على ذلك طوال الليل، وأخيراً قرب الفجر، خضع القطريون الغاضبون واستقلوا سيارة إلى بغداد من دون أمتعتهم.. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، فتح ضباط المطار الحقائب الـ 23 ليجدوا أنها تحتوي على مجموعة من الدولارات واليوروهات بقيمة 360 مليون دولار.
 وأفاد المقال، الذي نشرته الصحيفة اليوم الخميس، أنه بعد مرور أسبوع، كانت الأموال لا تزال محتجزة، غادر الفريق القطري بغداد في نفس الطائرة التي قدموا فيها، ولكن كان يرافقهم أكثر من 20 قطرياً بمن فيهم أفراد من عائلة آل ثاني الحاكمة الذين تم اختطافهم خلال رحلة صيد في جنوب العراق قبل 16 شهراً من ذلك التاريخ، ولم يتم الكشف عن تفاصيل ما جرى في تلك الرحلة حتى الآن، والتي تضمنت صفقة فدية كبيرة الحجم دفعت قطر أموالها للحركات الإرهابية التي تعيش في منطقة يتآكلها الانقسام الطائفي والحروب الأهلية العنيفة.
وتجاوزت تكلفة تلك الرحلة بالنسبة للقطريين ما يزيد على 360 مليون دولار، بيد أن الأموال في حد ذاتها لم ترق إلى أهمية الأبعاد السياسية لتلك الصفقة، ففي سبيل استعادة رهائنها، دخلت قطر في مفاوضات معقدة مع مجموعات إرهابية في سوريا لإخلاء 4 مدن بالكامل من سكانها باستخدام القوة، ومما لا شك فيه أن تلك العملية قد سهلت طريق إيران لتحقيق هدفها المتمثل في تحويل سوريا والعراق ولبنان واليمن إلى دول تابعة تعزز الهيمنة الإيرانية في أنحاء المنطقة.

نيويورك تايمز تكشف
وفي أواخر نوفمبر من عام 2015، غادرت مجموعة كبيرة من صيادي الصقور القطريين الدوحة في رتل من مركبات الدفع الرباعي، متجهين إلى الجنوب. وعبروا الحدود السعودية، ومن ثم تحول الموكب إلى الشمال، ومروا عبر جزء من دولة الكويت واستمروا في وجهتهم، ووصلوا إلى الصحراء الجنوبية للعراق التي تبعد عن الدوحة 450 ميلاً، وتتألف المجموعة من عشرات الأشخاص، بما في ذلك الخدم، حيث يقودها تسعة أعضاء من الأسرة الحاكمة في قطر، من أفراد آل ثاني، التي تُعتبر إحدى أغنى العائلات الحاكمة في العالم.
كما أن منطقة الصيد التي اختارها القطريون محافظة المثنى العراقية تحظى بعدد قليل من الزوار منذ الغزو الأميركي في عام 2003، ومما يجدر ذكره أن الصحراء مليئة بالقنابل العنقودية والألغام التي خلفتها 3 عقود من الحروب المتقطعة.
وفي ظل سيطرة تنظيم "داعش" على الجزء الأكبر من الشمال، وانتشار الميليشيات الشيعية في أماكن أخرى، فإن العراق أبعد ما تكون عن وجهة سياحية مرغوب فيها، وسمع القطريون تقارير محيرة حول تصاعد أعداد السكان، على الرغم من التحذيرات بشأن المخاطر المحتملة، إلا أنهم لم يستطيعوا مقاومة هذه الفرصة، وخلال الأسابيع الثلاثة القادمة، كان الصيادون يتجولون عبر الصحراء إلى جانب الحراس الذين استأجروهم، كما كانوا بين فينة وأخرى يهبون هدايا باهظة للبدو؛ لضمان سلامتهم.
 وقال: حينما اقترب موعد مغادرة الصيادين إلى بلدهم، تحولت إحدى لياليهم إلى برد قارس، حتى جاء يوم هرع فيه أحد الخدم إلى المجموعة يخبرهم بأنهم محاطون بمجموعة من العساكر المدججين بالسلاح وسيارات الدفع الرباعي.. وتبادر إلى ذهن المجموعة في البداية أنها ربما تكون مجموعة تابعة للقوات العراقية جاءت لزيارتهم والاطمئنان عليهم، بيد أن الأمر انتهى إلى اختطاف جميع أعضاء المجموعة، وكان يبدو على الخاطفين أنهم يريدون الشخصية الأكثر أهمية في عائلة آل ثاني، وسرعان ما اكتشفت المجموعة أن الخاطفين ليسوا إلا من الجماعات الشيعية المسلحة، مضيفًا بعد أن تم اقتياد المجموعة إلى مكان مجهول بدا أن هؤلاء الخاطفين يخشون شيئاً ما مثل هجوم أو اجتياح.. وفي محاولة مستلهمة من الأسلوب القطري في شراء الذمم، حاول أحد أفراد المجموعة إخراج محفظته من جيبه ربما ليدفع للخاطفين لكي يفرجوا عنه، بيد أنه لم يكن يعلم أن الخاطفين قد استولوا مسبقاً على جميع أموالهم وهواتفهم النقالة.. ووصلت أول أخبار الاختطاف إلى قطر صبيحة اليوم التالي، ما أدى إلى كثافة كبيرة في الاتصالات الهاتفية بين الحكومة والعائلة المالكة في قطر.
 وتابع الكاتب: "بعد أن تأكدت أخبار الاختطاف، علمت الحكومة في قطر أن الخاطفين على صلة بالجماعات المسلحة المنتمية للشيعة وهو ما جعل مصير المُختَطَفين في أيدي جماعات مجهولة، وبدا أن العملية كانت بإشراف مباشر من القيادات العليا بتلك الجماعات المسلحة.. وعلى الرغم من أن الرهائن القطريين لم يكونوا ذوي قيمة، فإنهم تحولوا فجأة إلى سلعة قيّمة يمكن من خلالها تغيير الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، حيث كانت قطر على صلة وثيقة بالجماعات التي تتداخل مهامها وتعبث بالأمن في المناطق التي تحاول الأطراف المتنازعة السيطرة عليها، الأمر الذي جعل من هؤلاء الرهائن سلعة قيّمة يمكن أن تكون ورقة رابحة للضغط على قطر وإجبارها على سلك طريق غير الذي تتخذه".. ولجأت كل الأطراف في النهاية إلى حزب الله، الذي يعتبر موثوقاً لدى قيادات الخاطفين والجماعات الشيعية الأخرى إضافة إلى قطر، وقام حزب الله بإرسال ممثل رفيع المستوى إلى قطر للتفاوض حول إطلاق سراح المحتجزين.
وكان هم الحكومة القطرية الأول سلامة هؤلاء الرهائن بغض النظر عن الآثار السياسية والقوة التي سيكتسبها هؤلاء الإرهابيون، وبعد أشهر من المحادثات، لم يتضح لحكومة قطر الطريقة التي يمكن خلالها تحرير هؤلاء الرهائن، حيث كانت على استعداد للقيام بكل ما يلزم لتحريرهم أياً كانت الآثار الناتجة عن ذلك، حتى ولو كان على حساب صعود وتقوية الجماعات الإرهابية، وحاولت عبر العديد من الطرق التي تضمنت اللجوء إلى شركات العلاقات العامة وغيرها، إلا أن كل محاولاتها باءت بالفشل.
نيويورك تايمز تكشف
وفي غضون أيام من اختطاف الصيادين القطريين، تأكدت الحكومة في الدوحة أنه من شبه المؤكد أنهم محتجزون لدى ميليشيات شيعية على علاقة بإيران، وهو ما يضع مصيرهم في يد الرجل الأخطر في العالم، الجنرال قاسم سليماني رئيس الحرس_الثوري_الإيراني، لكن سليماني لم يكن يهتم بأموال الفدية، فأولويته لسنوات هي سوريا.
وتابعت الصحيفة: "من ثم أصبح الرهائن القطريون بيادق قيمة في هذه اللعبة الجيوسياسية، وتمتلك قطر نفوذاً قوياً مع فصائل المتمردين التي تمولها وهو ما يمثل عاملاً مفيداً للجنرال الإيراني، ففي ذلك الوقت كان قاسم سليماني وحلفاؤه من "حزب الله" يبحثون عن طرق جديدة لتعزيز السيطرة على مناطق رئيسية معينة بالقرب من العاصمة السورية.. ليس فقط من خلال قتل المقاتلين المتمردين، بل طرد السكان المدنيين السنة الذين كانوا يحمون المتمردين.
ويقول المقال  إنه بعد عملية خطف الصيادين القطريين، اكتسبت إيران بعض النفوذ القوي على هؤلاء المتمردين السنة أنفسهم -أو بالأحرى على مانحهم الرئيسي في الدوحة- وعادت خطة إخلاء المدن الأربع إلى الطاولة، وذكرت الصحيفة تفاصيل عن تعثر المفاوضات لأشهر، حيث ظل الرهائن القطريون مختطفين لمدة 16 شهراً، لكن في نهاية المطاف تمّت عملية التغيير الديموغرافي في سوريا تحت مشهد من العنف والقصف، كما تم الإفراج عن الرهائن في إبريل الماضي، بعد دفع الدوحة نحو 770 مليون دولار للمليشيات المسلحة وذلك من خلال دفعتين.
 وأضاف:وانتهى تحايل الوفد القطري الذي جاء للتفاوض على الصفقة بتمكنهم من الاختفاء عن أعين المسؤولين العراقيين، حيث استقلوا سياراتهم رباعية الدفع، واتجهوا بها إلى مركز لأحد قادة الجماعات الإرهابية المسؤولة عن عملية الاختطاف وجلسوا مع قادة تلك الجماعة بعد أن عُرض عليهم مقطع فيديو مصور يؤكد أن الرهائن ما زالوا أحياء، ولكن المشكلة الأكبر التي واجهتهم كانت في كيفية إقناع هؤلاء القادة بأن الأموال التي جاءوا بها من قطر محجوزة بواسطة السلطات العراقية، بيد أنهم قدموا لقادة الجماعة الإرهابية عرضاً آخر غير معروف حتى الآن.
 وتابع: "لقد تواصلت مع أحد المصادر المطلعة في قطر، والذي أفادني بأن المسؤولين القطريين دفعوا مبلغاً آخر بلغ 360 مليون دولار خلال أيام التفاوض بطرق سرية عبر إجراء تحويلات خارجية أشرف عليها حزب الله، وقام باستلام تلك الأموال في مكان غير معروف.. وهو ما يعني أن إجمالي ما دفعه القطريون 720 مليون دولار".
واختتم الكاتب مقاله قائلا: "إن أكثر ما يثير حيرتي هو لماذا قام الصيادون القطريون بالتوجه جنوباً إلى منطقة يعلمون تماماً أنها خطرة؟ خصوصاً أنه كان جلياً حجم الثروات التي يمتلكونها والتي انعكست على سياراتهم وطرق تخييمهم.. هل كانوا لا يدركون أنهم سيكونون صيداً سهلاً للوقوع في أيدي الجماعات الإرهابية؟