بوابة الحركات الاسلامية : "الذكاء الجهادي" .. رؤية جديدة لتفكيك الإرهاب (طباعة)
"الذكاء الجهادي" .. رؤية جديدة لتفكيك الإرهاب
آخر تحديث: الأحد 04/08/2019 02:07 م
الذكاء الجهادي ..
كتاب: الذكاء الجهادي وتفكيك آليات هندسة الإرهاب
المؤلف: إبراهيم الصافي 
الناشر: دار النشر المغربية الدار البيضاء
كتاب "الذكاء الجهادي وتفكيك آليات هندسة الإرهاب" للباحث المغربي في العلوم السياسية وقضايا التطرف العنيف "إبراهيم الصافي"، يتناول تحول "الجهاد" إلى بنية إيديولوجية توظفها الجماعات الإرهابية، لخلق حالة من الانفعالية لذوي النفوس الضعيفة، وتسهيل عمليات تجنيدهم ضمن مخططاتها الدموية، باعتماد استراتيجية ذكية.
وتناول الكتاب محوريين أساسيين، الأول يتناول المرجعيات النظرية والفكرية للتنظيمات التكفيرية المتطرفة، من خلال طرح لمحة عن التطرف اليميني في الغرب، وبعدها تناول المناهج الفقهية التكفيرية في العالم الإسلامي وأزمة تفسير وفهم النصوص الدينية. 
كما ركز الكتاب على إعادة إنتاج هذا الموروث الفقهي المتشدد حول مفهوم "الجهاد" واعتماده كمنهج للتغيير عبر الصورة المشهدية التي نتابعها في يومنا المعاش، لا يعد سوى إرهابا وتخريبا للمجتمعات، وأما إضفاء الشرعية الدينية هو مجرد تبرير لسفك الدماء وقتل الأبرياء، وتخريب للعقول.
وعمل الكتاب على مقاربة إشكالية الإرهاب والتطرف من خلال تجريب إحدى الأطروحات الحديثة في السوسيولوجيا السياسية، وهي أطروحة “التأطيرFraming “، حيث تسعى هذه الأطروحة إلى تحليل آليات التعبئة ودوافع قبول الأفراد الانضمام إلى صفوف الجماعات المتطرفة، وملء المساحات الفارغة التي لم تستطع النظريات والأطروحات المفسرة لظاهرة التطرف والإرهاب معالجتهما، خاصة أن جل هذه الأطروحات النظرية تعالج الفعل الإرهابي؛ من خلال الأسباب والنتائج وتغفل العمليات التي تتشكل داخل التنظيمات ما بين التحضير للأعمال والممارسات الإرهابية والحدث الدموي بعد تنفيذه في إطار هندسة يقف وراءها صناع محترفون يحولون أشخاص عاديين إلى قنابل بشرية. 
ويحاول هذا المؤلف تعرية وتفكيك بنية "العقل الجهادي" الذي يبرع في هندسة الإرهاب، هذه الظاهرة التي أقلقت وما زالت تقلق الكثير من الدول، وخاصة في المغرب الذي أصبح مهددا قبل أكثر من أي وقت مضى، رغم جهوده وسعيه للقضاء عليه وتجفيف منابعه. الإرهاب والتطرف الذي تقوده التنظيمات الإرهابية يقف ورائه خبراء محترفون؛ “الذكاء الجهادي” وهي تلك القدرة التي أظهر عنها صناع الإرهاب في خلق إطار معبئ، يضفي معنى على تسلسل الجرائم التي تقوم بها، فهي تحافظ على حضورها بشكل مكثف في الفضاء الإعلامي، وذلك بالحفاظ على وتيرة تصاعدية لأعمالها الإرهابية، وفي كل مرة تأتي بطريقة جديدة في تنفيذ جرائم تبهر العالم وتفحم الأفواه.

 وفي المحور الثاني، يتناول الكتاب آليات المقاومة الفكرية لظاهرة التطرف والإرهاب، حيت نؤكد على أن محاربة هذه الظاهرة بالاعتماد على المقاربة الأمنية والعسكرية لوحدهما لم تحسم في القضاء عليه، بل لا بد أن يتم اعتماد مقاربة جديدة قوامها تفكيك بنية “الذكاء الجهادي” وفهمها، ومناهضة المخالب الفكرية والنظرية التي تدفع الأفراد إلى الانخراط فيه والدفاع عنه، لهذا فلا سبيل إلى مقاومته إلا بمحاربة أسسه الفكرية وتجفيف المنابع المغذية له بآليات فكرية بعيدا عن الوسائل العنيفة. فالإنسان لا يولد إرهابيا ولا متطرفا، بل يغدو كذلك، ولا يبقى إرهابيا ولا متطرفا طوال حياته بل يتطور فكره مع إدماجه في الحياة الاجتماعية والسياسية.
كما وقف المؤلف على الاستراتيجية الأمنية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في محاربة الإرهاب، تبدو فعالة، في محاصرة الخلايا الإرهابية، وتطويق الخناق للحيلولة دون نجاح مخططاتها، لكن ستبقى عاجزة عن مواجهة الميولات المتطرفة للأفراد، فالمقاربة الأمنية فاعلة لكنها ليست كافية لأنها تكتفي بمعالجة النتائج دون الأسباب؛ إذ يمكن اعتقال المتطرفين أو إعدام الإرهابيين لكن لا يمكن اعتقال الأفكار التكفيرية أو إعدام العقائد التدميرية.
لهذا فمقاومة الإرهاب والتطرف تتطلب مقاومة فكرية ناجعة، انطلاقا من خلق "إطار مضاد" يستطيع تعبئة المجتمع بكل فئاته لمقاومة تغلغل نفوذ "الفكر الجهادي" للجماعات المتطرفة، وتقويض قدراتها على استقطاب عناصر جديدة، وذلك بإعلان حرب ثقافية وإيديولوجية لمحاربة الإرهاب والتطرف.
و أوضح الباحث إبراهيم الصافي أنه سعى في كتابه إلى التركيز على الآليات التفسيرية لاقتناع الشباب بالفكر المتطرف وانضمامهم للحركات الإرهابية، محاولا الإجابة على مجموعة قضايا حول مدى وجود تربة خصبة للإرهاب في الوسطين العربي الإسلامي، وأزمة تفسير النصوص الدينية وتأويلها، وأسبقية الإرهاب على ظهور الإسلام ما يفند نظرية الربط بينهما .
واضاف أنه تحدث في كتابه أيضا عن تطور الأساليب الإرهابية في السعي إلى استقطاب النشئ والشباب من داخل البيوت عبر وسائل التواصل الاجتماعي في غفلة من الآباء والأمهات، وليس من خلال المساجد فحسب ،كما جرت العادة سابقا، مع الدعوة إلى إشراك قطاعات مجتمعية واسعة في مناقشة هذه الظاهرة الخطيرة من أجل تصد أنجع لدواعيها ونتائجها