«أبوالفتوح» حاول استغلالها لإثارة الجدل.. وطرحها «البرادعى» المغضوب عليه شعبيًا فى 2015
كمال الهلباوى: من يطالب بالمصالحة مع الإخوان يكون معه توكيل منهم
الدعوات بدأت من «حسان» أثناء اعتصام رابعة.. وانتهت بمحاولات «عماد أديب» المرفوضة
التصالح مع الإخوان.. بالونة يطلقها البعض لخطف الأضواء، دون مراعاة لمشاعر من سالت دماء أبنائهم من أجل الوطن، ودعوات رغم علم أصحابها أنها مرفوضة قبل أن تطرح فإنهم يتحدون الجميع ليكونوا مثارًا للجدل والدخول من خلالها إلى دوائر لفت الأنظار، وفى ظل الوعى الوطنى للمصريين تصطدم تلك الدعوات بصخور الرفض، التى أصبحت عليها وحدة المصريين فى مواجهة الإخوان وتاريخهم الأسود منذ أن ظهرت جماعتهم فى بدايات القرن الماضى.
ومع اختلاف تلك الدعوات ومقاصد أصحابها، تأتى نهايتها من قبل المصريين بالرفض والتنديد، وذلك لوعى المواطن البسيط بخطورتها على الدولة المدنية المصرية.
وكانت آخر هذه الدعوات التى أطلقها عماد الدين أديب بحديثه عن ضرورة دمج شباب الإخوان داخل المجتمع والتصالح معهم، وهو ما اعتبره الكثيرون دعوة صريحة للمصالحة مع عناصر جماعة الإخوان الإرهابية المتورطة فى الجرائم الإرهابية، التى سالت فيها دماء المصريين عقب ثورة ٣٠ يونيو، بعد أن أزاح المصريون نظام الإخوان، واكتشفوا زيف دعواه وأكاذيبه».
السجال، القديم المتجدد، بين أصحاب تلك الفكرة «المصالحة مع الإخوان» والرافضين لها من جموع الشعب المصرى يتكرر كلما أطلقت تلك الدعاوى، عقب ثورة ٣٠ يونيو، خاصة بعد أن بدأت الجماعة الإرهابية تعانى الكثیر من المشكلات، التى أحدثت وما زالت تحدث انقسامًا داخلیًا فى صفوفها، والكثير من الصراعات والانقسامات بین قیادات الداخل وقیادات الخارج.
ومن المهم ونحن نستعرض ونذكر «بسجل» دعوات المصالحة مع الجماعة الإرهابية، أن نشير على تعهد الرئیس عبدالفتاح السیسى منذ اللحظات الأولى لتولیه مهام منصبه رئیسًا للجمهوریة، فى یونیو ٢٠١٤، بعدم السماح بوجود الإخوان خلال فترة حكمه، إلا أن هناك بعض الأصوات تخرج علينا من حين تدعو إلى المصالحة.
دفتر دعاوى المصالحة
خلال اعتصام جماعة الإخوان الإرهابية فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة دعا القيادى السلفى محمد حسان، لإجراء مصالحة بين جماعة الإخوان والحكومة المصرية، وذلك بمساعدة شيوخ مجلس شورى العلماء، وسبق أن أعلن حسان أن هدفه من المصالحة حقن الدماء والحفاظ على الشباب حتى لا يدخل أبناء التيار الإسلامى فى صراع مع الجيش والشرطة.
وعاد حسان فى ١٤ يوليو ٢٠١٥، ليكرر مبادرته، قائلًا: «ما زلت مستعدًا لقيادة مصالحة، لكن المصالحة لها شروط يمكن تفصيلها مرة أخرى، لكن من ضمن هذه الشروط تحقيق القصاص لمن تم قتلهم بلا حق، والعدل أولًا، كما يجب على كلا الطرفين أن يتنازل عن جزء من حقوقه لمصلحة مصر».
أبوالفتوح يشترط
ومن بعده طرح عبدالمنعم أبوالفتوح رئيس حزب مصر القوية، والمسجون حاليًا بتهم تتعلق بالانتماء للجماعة، فى بيان له فى ١٩ يونيو ٢٠١٥ مبادرة للتصالح مع الجماعة، تمثلت فى تشكيل حكومة كفاءات انتقالية مستقلة، واقترح «أبوالفتوح»، تعيين رئيس حكومة جديد مشترطًا فيه أن يكون شخصية توافقية مستقلة غير منحازة، ثم تفويض رئيس الجمهورية فى صلاحياته إلى رئيس الحكومة، ودعا فيها للإفراج عن المعزول محمد مرسى، وسجناء الإخوان، مع دخول الجماعة فى حوار وطنى مع السلطة حينها بعد التبرؤ من كل أشكال العنف.
رفض دعوة البرادعي
وفى أكتوبر ٢٠١٥، دعا الدكتور محمد البرادعى إلى إشراك جماعة الإخوان فى مستقبل مصر السياسى وعملية التحول الديمقراطى، والإفراج عن محمد مرسى وسجناء الإخوان، فى مقابل تخلى الجماعة عن العنف والعودة مرة أخرى إلى ما أسماه بأحضان الشعب.
ثم فى يونيو ٢٠١٦ صدر قانون یسمح بالعفو عن كل من لم تلوث یداه بدماء الشعب المصرى، یستهدف عودة المجتمع المصرى نسیجًا واحدًا، وهو ما تم تفسيره على أنه ربما يكون اتجاهًا لإنهاء ملف الإخوان ودمج الجماعة من جدید فى المشهد المصرى.
وفى يونيو ٢٠١٦، أشار اللواء سعد الجمال عضو تحالف دعم مصر، صاحب الأكثریة البرلمانیة، إلى عدم وجود ممانعة فى المصالحة مع جماعة الإخوان وفق شروط محددة أبرزها أن تتم مع من لم تلوث أیدیهم بالدماء أو لم یمارسوا عنفًا.
وفى أغسطس ٢٠١٦ بعد أن تولى الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء الأسبق للشئون الاقتصادية الأسبق، تبنى هو الآخر مبادرة تمثلت فى عدم الإقصاء السياسى للإخوان طالما نبذوا العنف، والجلوس معهم للوصول إلى نقاط اتفاق تخرج الوطن من أزمته الحالية.
محاولات إبراهيم منير
كما دعا فى نوفمبر ٢٠١٦ إبراهیم منیر، نائب مرشد الجماعة، إلى ضرورة البحث عن أى وسیط بین الجماعة والدولة المصریة لحل الأزمة الموجودة، من خلال عقد عدد من الجلسات بین الطرفین للوصول إلى حل وسط وبعد هذه التصریحات بأیام قلیلة، وعقب هذة التصريحات نشرت وثیقة مسربة، من الصف الإخوانى، نسبت إلى القیادات التاریخیة بقیادة محمود عزت، القائم بأعمال المرشد، تعترف فیها بفشل العمل الجماهیرى، التى قامت به الجماعة خلال السنوات الماضیة، مطالبة بتهیئة الجماعة للقبول بالمصالحة مع الدولة المصریة.
الغنوشى يدعو السعودية للتدخل
وفى يناير ٢٠١٧ كشف راشد الغنوشى رئيس حركة النهضة الذراع التونسية للإخوان عن أنه طلب من السعودية التوسط لدى مصر لمصالحة مع جماعة الإخوان، لافتًا إلى أن ذلك تم خلال لقاء جمعه بالأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى، حيث طلب منه الوساطة لتهدئة الأجواء.
وفى مارس ٢٠١٧ قال الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد: يجب أن يكون باب التصالح مفتوحًا لكل من يريد التوبة عن الإخوان وفكرهم، من خلال شروط موضوعية عادلة، وهذا الباب لا بد أن يكون لكل واحد من جماعة الإخوان يريد أن يهجر هذا الفكر، ويعلن توبته عنهم، وهو ما اعتبر دعوة للتصالح مع جماعة الإخوان.
كما أعلن الدكتور سعد الدين إبراهيم، مؤسس مركز ابن خلدون، فى مارس ٢٠١٧ أن جماعة الإخوان مستعدة للمصالحة، وقال: «الأجواء الآن مهيئة بالفعل لمصالحة وطنية تاريخية، وطى صفحة الماضى والتطلع للمستقبل، وأن هناك مؤشرات على قرب تحقيق مصالحة وطنية تاريخية فى مصر».
وفى أكتوبر ٢٠١٧ طرح القیادى الإخوانى إبراهیم الزعفرانى، خارطة طریق للخروج من المأزق الحالى الذى تمر به مصر، وهو ما اعتبر محاولة للتصالح مع الجماعة من خارج صفوفها.
دعوات دولية
لم تقتصر دعاوى التصالح مع الجماعة الإرهابية، فقط على تلك الأصوات الخارجة من داخل مصر، وإنما حاولت قوى ودول معادية لمصر الترويج لفكرة المصالحة مع الإخوان
فتركيا دائمًا ما تروج لها عبر التصريحات الخبيثة لرئيسها رجب طيب أردوغان، وقطر عبر قناتها الجزيرة التى دائمًا ما تبث سمومها فى هذا الاتجاه كنوع من ممارسة الضغط على الدولة المصرية.
وفى نهايات عام ٢٠١٦، أعلن الرئيس السودانى الأسبق عبدالرحمن سوار الذهب، إمكانية قيام السودان بالوساطة بين النظام المصرى وجماعة الإخوان لتحقيق ما أطلق عليه المصالحة الوطنية.
وفى مايو ٢٠١٧، وخلال بيان إعلان حركة حماس الفلسطينية انفصالها عن جماعة الإخوان، طالبت قيادات جماعة الإخوان فى الداخل والخارج بالتراجع خطوات أمام الدولة المصرية، لتفتح الطريق لإمكانية المصالحة وعودة جماعة الإخوان فى مصر للمشهد السياسى.
كما أن الإعلام الغربى نفسه لا يكف عن التورط فى نشر أطروحات تخدم محاولات الإخوان للعودة إلى المشهد السياسى المصرى، وفى هذا السياق تمثل بريطانيا النموذج الأبرز، حيث إنها كثيرًا ما دعت عبر إعلامها وبعض سياسييها إلى المصالحة مع الجماعة الإرهابية، وآخرها منذ أيام دعوة عضو مجلس العموم البريطانى، والضابط السابق بالجيش كرسبن بلانت لمجلس العموم لدعم جماعة الإخوان الإرهابية وضرورة إعادة الجماعة للمشاركة فى الحياة السياسية المصرية، والضغط على مصر من أجل رفع الصفة الإرهابية عنها.
الداخل الإخوانى والمصالحة
فكرة المصالحة طرحتها قيادات ورموز من داخل جماعة الإخوان ذاتها، من أبرزها تصریح إبراهیم منیر، نائب مرشد الجماعة، والذى دعا فیها إلى ضرورة البحث عن أى وسیط بین الجماعة، والدولة المصریة لحل الأزمة الموجودة، من خلال عقد عدد من الجلسات بین الطرفین للوصول إلى حل وسط. وبعد هذه التصریحات بأیام قلیلة، نشرت وثیقة مسربة، من الصف الإخوانى، نسبت إلى القیادات التاریخیة بقیادة محمود عزت القائم بأعمال المرشد، تعترف فیها بفشل العمل الجماهیرى التى قامت به الجماعة خلال السنوات الماضیة، مطالبة بتهیئة الجماعة للقبول بالمصالحة مع الدولة المصریة.
وذكر تقریر لصحیفة الإیكونومیست البریطانیة، عقب طرح إبراهيم منير لمبادرته، إن جماعة الإخوان فى مصر تسعى إلى المصالحة مع الدولة، لإنقاذ ما یمكن إنقاذه، بعدما أصبحت الجماعة فى موقف سيئًا للغایة، تعانى من التشرذم والمطاردة والملاحقة فى كل دولة تذهب إلیها، والأهم من هذا أنها تعانى من الانقسام والصراع الداخلى بین قیاداتها، بما یهدد بانهیارها وتفككها إلى الأبد.
وقالت إن السلطات المصریة نجحت فى تجفیف الكثیر من منابع تمویل الجماعة، وكذلك منع تحویل الأموال من الخارج، ما أدى لأزمة كبیرة دفعت الكثیر من القیادات للهرب للخارج أو الموافقة على التعامل مع الحكومة فى الوقت الحالى، وكذلك التخلى عن أفكار وأیدیولوجیة الإخوان. وشددت الصحیفة على أن هناك صراعًا حالیًا بین الحرس القدیم بقیادة محمود عزت، والسكرتیر العام محمود حسین، والساعى بقوة إلى إنقاذ ما یمكن إنقاذه حالیًا، وعدم الدخول فى صدام مع النظام الحالى، وهناك أیضًا الحرس الجدید الذى یسعى للمواجهة والاستمرار فى الضغط على الدولة، وتنفیذ أعمال عنف مهما كانت النتائج
رفض إخوانى
وفى نوفمبر ٢٠١٦، أعلنت جبهة الشباب، التى كان يتزعمها محمد كمال، الإخوان فى الداخل، أنها ترفض تمامًا فكرة المصالحة، مشيرة إلى أنها لن تتنازل عن عودة الجماعة للحكم والإفراج عن جميع القيادات من السجون، وعودة المشهد السياسى إلى ما قبل ٣٠ يونيو.
وفى يوليو ٢٠١٧، رأى القيادى بالجماعة وأمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة محمد سويدان، أن الجماعة يمكن أن تعدل أو تغير مواقفها السياسية طبقًا للظروف والأحداث المعاصرة، لكن مع تمسكها بمبادئها ونهجها وعقيدتها الإسلامية، مشيرًا إلى أن الجماعة تبحث بالفعل عن مخرج لحلحلة الأزمة بمصر.
من جهته، رفض البرلمانى السابق والقيادى بجماعة الإخوان حاتم عبدالعظيم، فكرة التصالح مع الدولة.
وفى فبراير الماضى، كشف قيادى إخوانى مفرج عنه من قبل، عن أن عددًا من قيادات الجماعة صرحوا له برغبتهم فى إنهاء الوضع الحالى، وإنقاذ مستقبل عشرات الآلاف من المعتقلين.
القيادى الذى رفض ذكر اسمه، أكد أن قيادات الجماعة بلا استثناء، وعلى رأسهم المرشد بديع، والمرشد الراحل مهدى عاكف، اعتبروا أن هذه المحنة أشد وأخطر على الجماعة من محنة الستينيات.
فى يناير ٢٠١٨، استبعد القيادى فى جماعة الإخوان، أشرف عبدالغفار، فتح باب المصالحة مع الإخوان، قائلًا: لم ولن يفتح السيسى باب المصالحة يومًا ما، مدعيًا أن فتح باب المصالحة يعد تراجعًا عما أسماه «ثوابت الجماعة».
وفى فبراير ٢٠١٧، استبعد مدحت الحداد عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين حدوث مصالحة بين الجماعة والحكومة المصرية الحالية، وقال: إن الجماعة لن تساوم على عودة «محمد مرسي»!
الهلباوي: المصالحة مستحيلة
من جانبه یقول كمال الهلباوى، القيادى المستقيل من الإخوان، الحدیث عن مبادرة للمصالحة بین الجماعات التى استخدمت العنف والدولة، لا بد وأن تسبقها خطوات تمهیدیة، وأولها لا بد أن یكون صاحب المبادرة لدیه توكیل من الإخوان، وهذا أمر فى حد ذاته صعب جدًا لأن هذه الجماعة لا یمكن أن تعطى أحدًا توكیلًا حتى یتكلم باسمها، هى لا تأمن لأحد، وتولى سعد الدین إبراهیم مبادرة للمصالحة وحسن نافعة أیضًا، وتقدمت عشرات الشخصیات العامة بمبادرات مماثلة، ولكنها لم تكن محبكة بمعنى أنه لم یتمكن من الحصول على موافقة من الإخوان، والأمر الثانى لم تكن لدیه موافقة من الدولة.
ویستطرد الهلباوى قائلًا: «شاع لفظ المصالحة بین الدولة والإخوان مرارًا وتكرارًا، ولكن الإخوان یرفضون المصالحة منذ ٣٠ یونیو».
وتأكيدًا لوجهة نظر الهلباوى فى عدم إمكانية المصالحة بين الإخوان والدولة المصرية، بل والشعب المصرى كله، أكد المتحدث الإعلامى لجماعة الإخوان طلعت فهمى تعقيبًا على مبادرة إبراهيم منير، إنه لا تصالح مع النظام الحالى إلا برجوع الرئيس الأسبق محمد مرسى إلى الحكم مرة أخرى! وهو ما يكشف حجم الأوهام التى ما زالت تعشش فى عقول قيادات إخوانية بارزة.
مخاطر دعاوى المصالحة
وإلى جانب رفض المصريين لتلك الدعوات، يرى كثير من المتابعين أن الدعاوى المريبة للتصالح مع الإخوان، هى مخاطرة على الشعب المصرى والدولة المصریة، مع الأخذ فى الاعتبار تجربة مراجعات الجماعة الإسلامية، فى نهایة القرن الماضى، ثم عودتها المتوحشة بعد ٢٥ ینایر ٢٠١١ وممارستها الإرهابیة بعد عزل محمد مرسى.
وهو ما يؤكد أن أى حديث عن المصالحة لا بد وأن يمر عبر الشارع المصرى «رأى الشعب»، وهو الذى لم يعد الشارع يقبل عودة جماعة الإخوان لساحة العمل السياسى، ويرفض «حديث المصالحة» بعد أن اكتوى بنار الإخوان، واكتشف زيف أفكارهم، وعانى وما زال من إرهابهم الأسود.
ويرى أيضًا أن على كل دعاة «المصالحة» ألا يتناسوا أن قيادات الإخوان صدر فى حقهم أحكام نهائية بالسجن، وإسقاط تلك الأحكام بأى شكل من الأشكال هو تقويض لدولة القانون، وإهدار لسيادة الأحكام القضائية، خاصة أن معظم هؤلاء الأشخاص ثبت تورطهم فى العنف وإراقة دماء المصريين.
(البوابة نيوز)