بوابة الحركات الاسلامية : ليبيا.. الانتخابات تهزم سماسرة الإرهاب 1 (طباعة)
ليبيا.. الانتخابات تهزم سماسرة الإرهاب 1
آخر تحديث: السبت 21/04/2018 04:41 م
ليبيا.. الانتخابات
لاشك فى أهمية وخصوصية الحالة الليبية بالنسبة لمصر، لكون ليبيا دولة جوار مباشر، وبالتالى تأتى أهمية الدور المصرى لحل الأزمة واستعادة الاستقرار الليبى، عبر كل التحركات على المستويين الإقليمى والدولى، خاصة مع تحول الساحة الليبية إلى بيئة خصبة، وحاضنة للتنظيمات المتطرفة والإرهابية، نجحت فى تحويلها إلى بؤرة متوترة، ومؤثرة بشكل سلبى على الجانب المصرى، ولعبت مصر دورًا بارزًا - إن لم يكن الأبرز - طوال السنوات الماضية لتنفيذ أمرين، أولهما: القضاء على قوى الإرهاب، التى تمثل تهديدًا أمنيًا لمصر، لاسيما ما وقع من جرائم أججت الغضب فى نفوس المصريين، وأثارت ردود فعل كجريمة استهداف 21 مصريًا ذبحًا، ما أثار ردود فعل شعبية، وضغوطًا على صانع القرار من أجل الرد العسكري، إضافة إلى محاولات مستميتة لاختراق الحدود الغربية، وتنفيذ عمليات إرهابية بالصحراء الغربية. بينما يتمثل الأمر الثاني: فى حرص القاهرة على ألا تتحول ليبيا لدولة فاشلة، لذا كان السير نحو خيار الحل السياسى ضروريًا، خاصة بعد تدخلات أممية لتحجيم الخيار العسكرى، والتحفظ على الانخراط فى تحالف دولى لشن غارات على مواقع تنظيم «داعش»، فلم تكتف السلطات المصرية بدورها فى دعم الحل السياسى على المستوى العالمي، أو العسكرى بصورة منفردة، بل دخلت فى تحالف عربى - عربى مع دولة الإمارات فى دعم القوى الوطنية، والسياسية المعتدلة لصالح احتواء الأزمة بما يصب فى صالح الشعب الليبى، وحفظ أمن دول الجوار، والقضاء على بؤر الإرهاب والتطرف، وكذلك استقرار منطقة الشرق الأوسط، والعالم العربى. وعبر هذا الملف، نتناول أبرز هذه المحطات التى مرت بها ليبيا، ومن ثم إلقاء الضوء على مستقبل الانتخابات التشريعية، والرئاسية المنتظر إجراؤها قبل نهاية العام الجارى.

«حفتر».. بوصلة أهل الخير تحالف مصر والإمارات يواصل مواجهة التنظيمات المتطرفة..

«حفتر».. بوصلة أهل
«حفتر».. كلمة السرف فى ليبيا، خاصة أنه فى ظل النزاع القائم تعتقد الدول الداعمة له مثل روسيا والإمارات ومصر، بأنه الوحيد القادر على عودة الاستقرار للجبهة الداخلية الليبية ومقاومة الجماعات الإرهابية فى ظل حالة التشرذم وانعدام مركزية السيطرة فى الداخل الليبي.
ويمثل اللواء خليفة حفتر والقوات الموالية له أهم الحلفاء الليبيين بالنسبة لمصر فى مواجهة الجماعات الإرهابية؛ حيث قامت القوات الجوية المصرية باستهداف المناطق التابعة لمجلس شورى مجاهدى درنة، والقوى الداعمة لها.
كما قامت مصر والإمارات بعملية مشتركة لمواجهة الجماعات الإرهابية المتطرفة فى أغسطس ٢٠١٤، بالإغارة الجوية على الجماعات المتشددة فى عملية «فجر ليبيا» للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس بما فيها المطار.
كما قامت القوات الجوية المصرية فى فبراير ٢٠١٥م، على خلفية ذبح ٢١ مواطنا مسيحيا مصريا على ساحل درنة، بقصف مواقع الإرهابيين، وذلك بالتنسيق مع الجيش الليبى بقيادة اللواء حفتر.
وفى مايو ٢٠١٧م، هاجمت مصر أيضا العديد من المعسكرات المتطرفة، وقامت بتوجيه ضربة عسكرية للمعسكرات التى يتم التدريب فيها لتوجيه ضربات ضد مصر.
وتأتى الضربات المصرية عقب استهداف مسلحين لحافلة تقل أقباطا فى طريقهم إلى دير «الأنبا صموئيل المعترف» فى محافظة المنيا، بصعيد مصر يوم الجمعة ٢٦ مايو، وأسفر عن مقتل ٢٩ وإصابة ٢٤ آخرين، وهو الهجوم الذى أعلن تنظيم داعش مسئوليته عنه. 
كما أعلنت مصر فى مجلس الأمن أن الضربات لمواقع «الإرهابيين» فى شرق ليبيا جاءت فى إطار الدفاع المشروع عن النفس.
وتعتبر الإمارات ومصر من أكثر الدول تحفزًا لقتال «الميليشيات الإسلامية المتطرفة» فى ليبيا، وتقديم الدعم اللوجيستى والعسكرى من جانبهم للواء «خليفة حفتر» الذى خاض معركة «الكرامة» فى سعيه للقضاء على «الميليشيات الإرهابية».
كما كان استقبال ولى عهد أبوظبى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، للمشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية، أبرز إشارة إقليمية لافتة على طريق حسم مسارات الصراع الليبى الراهن.
ويعبر أيضا الموقف الرسمى المصرى- الإماراتى فى الشأن الليبي، عن تيار سياسى إقليمى دولى بات يرى فى دعم حفتر شرطا من شروط عودة الاستقرار إلى ليبيا ومكافحة الإرهاب الذى يهدد ليبيا ومنطقة شمال أفريقيا.
وعليه يمكن للدولة المصرية أن تتدخل ميدانيا لدعم الاختيارات الجديدة التى يمكن أن تخلف اللواء حفتر، كما أن مصر قد تتدخل فى اختيار من سيتولى هذا الملف، خاصة فى ظل علاقات مصر القوية والمنظمات المسيطرة ميدانيًا، فمصر تسعى إلى الحفاظ على الأمن القومى المصرى والأمن القومى الليبى كامتداد وعمق استراتيجى لها من الجهة الغربية.
روسيا تساند من جديد
قديمًا وقف الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» ضد تدخل حلف شمال الأطلسى فى ليبيا، فبعد أن كانت قد استعادت لنفسها موطئ قدم فى ليبيا فى نهاية التسعينيات من القرن الماضي، أُقصيت روسيا منها لفترة من الزمن بعد التدخل العسكرى لحلف شمال الأطلسى والإطاحة بالعقيد معمر القذافى سنة ٢٠١١م.
ولعل زيارة القائد العسكرى الليبى خليفة حفتر لحاملة طائرات روسية فى ١١ يناير ٢٠١٧م، بمثابة دفعة رمزية له وتذكرة دخول روسيا مجددًا لليبيا، وفى الوقت نفسه أظهرت اهتمام موسكو بالقيام بدور أكبر فى المنطقة فى أعقاب تدخلها فى سوريا. 
ويتمتع حفتر بعلاقات وثيقة مع بعض الدول العربية، كما عمل على تعزيز صداقته مع روسيا فزار موسكو مرتين لطلب العون فى حملته المناهضة لفصائل الإرهابيين.
وكانت زيارته للحاملة «أدميرال كوزنتسوف» فى البحر المتوسط أبلغ استعراض لدعمه من جانب روسيا حتى الآن. كما أن الرئيس الروسى بوتين يهتم أيضا باستعادة نفوذ بلاده فى ليبيا، فقد كان الزعيم الليبى السابق معمر القذافى حليفًا قديمًا للروس.
تركيا وتورط جديد
فى ١٠ يناير ٢٠١٨م، نشرت وكالة «رويترز» للأخبار، أن اليونان ألقت القبض على سفينة لنقل المتفجرات من تركيا إلى ليبيا، وكانت السفينة محملة بمواد تستخدم لصنع متفجرات والتى كانت ترفع علم تنزانيا، وتحتوى السفينة ٢٩ حاوية بها مواد منها نترات الأمونيوم وأجهزة تفجير غير كهربائية و١١ خزانا فارغا لغاز البترول المسال، فى حين يفرض الاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة حظرا على بيع ونقل وتوريد الأسلحة إلى ليبيا منذ ٢٠١١م.
وتشير بوليصة شحن السفينة التى كانت ترفع علم تنزانيا، إلى أنها أخذت حمولتها من ميناءى مرسين والإسكندرونة التركيين، وحددت الوجهة فى جيبوتى وعمان، وأوضح خفر السواحل اليونانى على لسان الأميرال «يوانيس أرغيريو»، أن تحقيقًا أوليًا وجد أن الربان تلقى أوامر من مالك السفينة بالإبحار إلى مدينة مصراتة الليبية لتفريغ الحمولة بأكملها، فى إشارة إلى تورط تركيا فى دعم الجماعات الإرهابية بالسلام وتهديد الأمن الإقليمى فى منطقة الشمال الأفريقي.
ولعل هذه العملية أضحت أكثر تعبيرا عن ضرورة الحضور المصرى والإقليمى فى مواجهة الدول الداعمة للإرهاب والجماعات المتطرفة، وإعادة ترتيب البيت الليبى من الداخل لما يتوافق مع الأمن القومى الليبي.
وبالتالى؛ فإن أى تراجع فى الدور الإقليمى العربى وبخاصة الدور المصرى لمساندة القوى الوطنية الليبية المناهضة للإرهاب والجماعات المتطرفة، قد يؤدى إلى تنامى دور هذه الجماعات على الساحة الليبية بما يهدد أمن واستقرار المنطقة.
وفى هذا السياق، تظهر أهمية الدور الذى يمكن أن تؤديه مصر فى الوصول إلى حل يحقق الاستقرار الداخلى من جهة ودعم الأمن القومى المصرى من جهة أخري، خاصة أن هذا الدور يحظى بدعم توافقى للدول الكبرى، إن العلاقات المصرية الليبية على قدر كبير من الوثاقة، ولذلك تعمل العديد من الدول الإقليمية والدولية على دعم الدور المصرى فى معالجة الأزمات الإقليمية فى تلك المنطقة.

مصر تواجه أفراد الحرب فى ليبيا

مصر تواجه أفراد الحرب
«حفتر» مرشح متوقع .. و«عقيلة صالح» يصارع فى الشرق .. وفرصة «آل القذافى» ضعيفة .. و«الثنى» خارج الحسابات.. «السراج» و«السويحلى» فى الغرب .. وجماعة الإخوان تبحث عن الصفقات 
ما بين شرق ليبيا وغربها وقواها المدنية وقبائلها والأذرع الإخوانية وشعبية حفتر يتوزع مشهد الانتخابات الرئاسية الليبية، المزمع عقدها فى النصف الثانى من العام الجاري.. الصورة متشعبة وقد شهدت ليبيا خلال الأيام الماضية حدثين قد يؤثران ويشكلان تغييرا دراماتيكيا فى المشهد السياسى الليبى الملتهب، الأول ما تردد عن مرض قائد الجيش الليبى المشير خليفة حفتر، والمشهد الثانى انتخاب «خالد المشري» رئيسا للمجلس الأعلى للدولة خلفا لعبدالرحمن السويحلي، و«المشري» يعتبر أحد أذرع الإخوان فى ليبيا، المشهدان سيلقيان بظلالهما على الانتخابات الرئاسية القادمة. يعد « حفتر»، أبرز القادة والمرشحين لرئاسة ليبيا فى حالة إجراء الانتخابات الرئاسية، ولكن بعد الكشف عن مرضه وفى حالة عدم قدرته على الترشح، فإن ذلك يمثل مفاجأة سارة لمنافسيه المتوقعين خلال الانتخابات الرئاسية، ولكنها مفاجأة صادمة لأنصاره وقادة المؤسسة العسكرية الليبية
آل القذافى وشرق ليبيا
إلى جانب حفتر، كمرشح «متوقع» حتى الآن فى الانتخابات الرئاسية الليبية، هناك العديد من الأسماء البارزة التى يتوقع لها أن تكون فى مقدمة المرشحين وكلهم يحظون بدعم محلى وخارجي.
من عائلة الزعيم الليبى الراحل معمر القذافى، سيكون هناك أحمد قذاف الدم، وسيف الإسلام القذافى، وإن كان الأخير نسبة ترشحه ضعيفة للغاية. ويأتى رئيس البرلمان الليبى الحالى المستشار «عقيلة صالح» كأحد أبرز المرشحين للانتخابات الرئاسية الليبية فى حالة التوافق فى الشرق الليبى ومع أنصار «حفتر» فى الدفع به مع غياب قائد الجيش الليبى عن الانتخابات.
«عقيلة صالح» أصبح الطرف الوحيد فى شرق ليبيا المستعد لخوض الانتخابات الرئاسية والتفاوض مع أحزاب وقوى شرق ليبيا، أما رئيس الحكومة المؤقتة عبدالله الثنى فهو خارج الحسابات، إلا إذا غاب حفتر عن المشهد بشكل كامل ونجح فى عقد تحالف مع المعارضين لعقيلة صالح، وهو أمر ضعيف تماما.
غرب ليبيا والإخوان ومعسكر طرابلس
أما فى غرب ليبيا فإن المرشحين «كثر» فهناك رئيس المجلس الرئاسى الليبي، فائز السراج، أبرز المرشحين لتولى الرئاسة فى ليبيا، والذى يطمح فى رئاسة ليبيا بصفقة مع حلفائه فى طرابلس وفى مقدمة جماعة الإخوان.
من أبرز المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية الليبية، عبدالرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة السابق، وهو يشكل رقما صعبا فى الانتخابات الرئاسية الليبية فى حالة إجرائها. ويرى مراقبون أن عبدالرحمن السويحلي، ترك رئاسة المجلس الأعلى للدولة فى ليبيا لتجهيز أوراقه وقواعده وتربيطاته للانتخابات الرئاسية.
وألمحت مصادر ليبية، أن «السويحلي» قرر ترك رئاسة مجلس الدولة متفاديًا الصدام مع الإخوان المسلمين، فهو يدرك أن المجلس الأعلى للدولة لا مستقبل له، وأنه سيختفى بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ولن يكون هناك وجود إلا لمجلس النواب الجديد والمجلس الرئاسى والحكومة القادمة، فترك «رئاسة مجلس الدولة» عبر صفقة مع الإخوان والذين وجدوا فى الصفقة جوانب يمكن استثمارها لقياسهم مدى شعبيتهم فى الشارع الليبى قبيل الانتخابات المحلية والرئاسية والبرلمانية. كما يبرز نورى أبوسهمين، رئيس المؤتمر الوطنى العام الليبى السابق، كمرشح للانتخابات الرئاسية فى ليبيا عن معسكر طرابلس ويحظى بدعم تيارات سياسية وفصائل مسلحة على الأرض. ويعد أحمد عمر معيتيق رئيس الوزراء الليبى الأسبق، وأول رئيس وزراء إخوانى فى ليبيا، من أبرز المرشحين لرئاسة ليبيا، وقد يدعم خاله القيادى الإخوانى عبدالرحمن السويحلي، فى رئاسة ليبيا أو العكس قد يدعم السويحلي، «معيتيق» فى الرئاسة الليبية. و«معيتيق» رجل أعمال ينتمى لقبيلة «زمورة» وأحد قيادات حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان هناك، ولد بمصراتة عام ١٩٧٢ ودرس الاقتصاد والإدارة بلندن، متزوج وله ثلاثة أطفال ويقيم حاليا بطرابلس.
التيار المدنى
ومن مرشحى التيار المدنى وخارج معسكر الشرق والغرب الليبي، يبرز السياسى محمود جبريل، العضو السابق فى المجلس الوطنى الانتقالي، ومؤسس حزب تحالف القوى الوطنية السياسي، وهو يتهم صراحة «قوى الإسلام السياسي» بأنها أبطلت بقوة السلاح، فوز تحالف القوى الوطنية فى الانتخابات الماضية، ويتردد أنه يستعد لخوض غمار المنافسات الانتخابية من جديد إذا انعقدت العام الجاري. و«تحالف القوى الوطنية»، قد تأسس فى فبراير ٢٠١٢ من عشرات الأحزاب السياسية الصغيرة والمنظمات والجمعيات المدنية غير الحكومية والشخصيات المستقلة، يقوده محمود جبريل، وهو كيان سياسى ليبرالى وعلمانى التوجه، سلطت عليه الأضواء بعد فوزه فى انتخابات المؤتمر الوطنى العام (الجمعية التأسيسية) ٢٠١٢ أمام منافسيه الإسلاميين، ويعرف عن هذا التيار عداؤه للإسلاميين.
وفيما أعاد البعض طرح اسم رئيس المجلس الوطنى السابق مصطفى عبدالجليل، كمرشح للانتخابات الرئاسية، ولكن لا يحمل شعبية كبيرة فى الأوساط الليبية هناك «عارف النايض» سفير ليبيا السابق بالإمارات، ورئيس مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة، وأول المعلنين ترشحهم للانتخابات الرئاسية الليبية المزمع عقدها نهاية العام. 
كما برز اسم رجل الأعمال الليبي «عبدالباسط قطيط» كمرشح للانتخابات الرئاسية الليبية، ويراه المراقبون مرشحا مدعوما من الولايات المتحدة الأمريكية ويقول قطيط عن نفسه إنه مسلم متدين، ومتزوج من يهودية اسمها سارة برونفمان، ابنة الثرى اليهودى إدغار برونفمان، تاجر الخمور الأمريكي.
قوى التحكم فى الانتخابات
هناك العديد من القوى التى تحكم المشهد السياسى فى ليبيا فى مقدمتها «القبائل الليبية» وأيضا «أنصار نظام القذافى» و«تيار الإسلام السياسى فى مقدمتهم الإخوان» و«التيار المدني» والفصائل المسلحة.
«ويشكل أنصار النظام الليبى السابق «آل القذافى» ورقة مهمة فى الصفقة الانتخابية المقبلة فى حالة دعمه أحد مرشحى الرئاسة، أنفسهم ويرون أن أمامهم فرصة جديدة للعودة إلى أيامهم السابقة، لا سيَّما بعد إعلان المبعوث الأممى رسميًا، السماح لهم بالمشاركة فى المصالحة الوطنية، وفى حالة عدم خوض «آل القذافى» للانتخابات الرئاسية فإن «أنصار القذافى» يميلون أكثر إلى مرشح ضد التيار الإسلامى، إلا إذا تمت صفقة سياسية كبيرة بين الإخوان و«آل القذافى» ولكن حتى الآن كل الأمور تيسر لدعم مرشح ضد الإسلاميين. «التيار المدني»: ويعتبر حزب التحالف الوطنى الديمقراطى قائدا للتيار الليبرالى فى ليبيا. فهو يضم فى صفوفه شخصيات بارزة يتقدمها الدكتور محمود جبريل، والدبلوماسى والوزير السابق عبدالرحمن شلقم بالإضافة إلى شخصيات بارزة أخرى. وقد استطاع تحقيق نجاحات قوية فى الانتخابات البرلمانية الليبية، وهو يشكل تيارا قويا فى وجه «الإسلام السياسي» والميليشيات المسلحة. التيار الإسلامى: ويشكل من حزب العدالة والبناء «الإخوان المسلمين»، والجماعات المسلحة والإسلامية الأخرى، وسيكون لهذا التيار دور واضح فى الانتخابات الرئاسية حيث يسعى لحسم الانتخابات للبقاء فى السلطة. القوى الداعمة لحفتر والجيش الليبي: وهى تيار قوى فى شرق ووسط وجنوب ليبيا ويحوز شعبية واسعة فى الغرب الليبي، وإذا توافق «تيار حفتر» مع أنصار القذافى والتيار المدنى قد يحسمون الرئاسة الليبية. القبائل: تلعب القبائل الليبية دورا هاما فى المشهد السياسى الليبي، وهى حاضرة بقوة فى الانتخابات الرئاسية، ولكن تقف عند رغبة كل شيخ قبيلة فى التوجه لتيار أو مرشح معين، فقبائل شمال غرب طرابلس تميل إلى سلطة الإسلاميين، بفعل سيطرة الإخوان والميليشيات على مقاليد الأمور فهناك تسيطر خمس قبائل كبيرة على صناعة القرار السياسى والأمنى فى منطقة غرب ليبيا بصورة كبيرة، أولها قبيلة الورفلة التى تعد أكبر القبائل الليبية، إذ يتجاوز عدد أبنائها مليون نسمة أى ما يقرب من سدس سكان ليبيا. وتشكل هذه القبيلة إحدى أبرز دعائم مواجهة الإسلاميين والجماعات المتطرفة. وتليها قبيلة المقارحة المناهضة للجهاديين أيضًا، فى وادى الشاطئ فى الوسط الغربى الليبي، ثم قبائل ترهونة، والمكونة من حوالى ٦٠ قبيلة فرعية وتتمركز فى جنوب غرب طرابلس ويشكل أبناؤها ثلث سكان طرابلس، ثم قبائل مصراتة، ولها علاقات كبيرة مع الجهاديين الإسلاميين، خاصة أن غالبية المنتمين إلى ميليشيات «درع ليبيا» المنتشرة فى الغرب والوسط ينتمون لهذه القبائل. أما قبائل شرق ليبيا فهى بشكل عام رافضة للجماعات الإسلامية المتطرفة، ويقطن هذه المنطقة عدد من القبائل أبرزها العبيدات والبراعصة والعواقير والمسامير، والمغاربة والتى من أكثر القبائل عداء للجماعات الجهادية الليبية، خاصة «أنصار الشريعة» فى بنغازي، دعمت قبائل الشرق الليبى الجيش الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر فى مواجهة الميليشيات المسلحة والجماعات الارهابية. وفى الجنوب هناك قبيلة أولاد سليمان التى تعد من أكبر القبائل فى الجنوب، والقذاذفة، والمقارحة و«التبو»، والطوارق ذات الأصول الأمازيغية، وتدين بعض القبائل بالولاء لحكومة الوفاق كقبيلة الطوارق وأولاد سليمان فى حين توالى القبائل الأخرى قوات الجيش الليبى بقيادة خليفة حفتر. ومع تعدد وتنوع خريطة القوى والكيانات السياسية فى ليبيا، تشكل القبيلة المفتاح الأهم لحل المشهد الليبى المعقد فى حسم معركة مقعد أول رئيس لليبيا بعد القذافى.

«الإخوان» عقبة فى طريق الحل السياسى

«الإخوان» عقبة فى
يمثل وجود تنظيم «الإخوان» الإرهابى فى ليبيا، عقبة كبيرة فى طريق الانتخابات الرئاسية، المتوقع إجراؤها قبل نهاية العام الجاري، والتى يبنى الليبيون عليها آمالا عريضة لحل المعاناة التى عاشتها بلادهم خلال السنوات الماضية.
ورغم أن المناخ لا يبدو مناسبا لإجراء الانتخابات، فإنه يبدو أن هناك إصرارا من قبل المجتمع الدولى على المضى قدمًا نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، عقب الانتهاء من عملية الاستفتاء على الدستور، باعتبار ذلك حلا مثاليا للأزمة الليبية، ويبدو هذا الاستحقاق أكثر قربا للتحقق من أى وقت مضى، ليكون بداية انقضاء المحنة التى لا تزال تراوح مكانها فى ليبيا، خاصة فى ظل وضع داخلى ممتلئ عن آخره بعقبات وعوائق تنفذها وتمثلها عناصر «الإخوان» وباقى التنظيمات الإرهابية، ومن خلفها النظام القطري. 
وكاد المتآمرون على ليبيا أن يوجهوا الأوضاع لما هو أكثر حدة، بجانب التوترات الأمنية التى شهدتها المنطقة الجنوبية، والتى اختلط فيها الصراع القبلى بتدخلات أطراف وأجندات خارجية، وسط تصاعد التحذيرات بوجود محاولات فرض الانفصال، لولا إعلان قائد الجيش الليبى المشير خليفة حفتر، فرض سيطرته على الجنوب فى إطار عملية «فرض القانون» التى أعلن عنها فى بدايات مارس الماضي.
ويسهم استمرار الصراعات بالداخل الليبي، فى تعميق الانقسام بين الفرقاء، ويجعل إخراج البلاد من كبوتها صعبًا، وبالتالى يجب مواصلة المساعى لإيجاد تسوية شاملة للأزمة؛ حيث تستعد الدولة الليبية لإجراء انتخابات رئاسية بموعدها، فى خطوة طال أمدها، وقد ترسم مستقبل البلاد بعد أن عجزت المبادرات الإقليمية والدولية عن فك طلاسم الأزمة، نتيجة تعنت أطراف الصراع، واستمرار حالة الانقسام.
وفى ظل تلك المخاوف، واستمرار حالة الفراغ السياسى فى البلاد، وما لها من تأثيرات خطيرة تتجاوز الداخل الليبى لتشمل المنطقة والعالم، بات التأكيد على ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، كحل ضرورى فى المشهد الليبي، يفرض حضوره فى الأوساط الداخلية والخارجية، مع تصاعد حالة الدعم والتأييد الخارجى؛ حيث حظيت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بدعم أممى ودولى واسع، من أجل الإسراع فى إجراء الانتخابات فى ليبيا.
كما شهدت عملية الإقبال على التسجيل فى سجلات الناخبين بالداخل ارتفاعًا ملحوظًا، فكان عدد المسجلين لحظة إقفال السجل مليونين و٤٣٢ ألفًا و٥٠٢ ناخبا، بينهم مليون و٣٩٩ ألفًا و٥٤٠ من الرجال، ومليونان و٣٢ ألفًا و٩٦٢ من النساء.
ودفع هذا الإقبال الكبير بالعديد من المتابعين للشأن الليبى إلى التفاؤل بجدية ونجاح هذا الاستحقاق؛ واعتبروه مؤشرًا على حرص الشعب الليبى على المضى قدمًا نحو العملية الانتخابية لاختيار من يمثله، خاصة أن الأوضاع الليبية تحتاج، أكثر من أى وقت مضى، إلى تعزيز الحوار والوحدة السياسية بين الأطراف المعنية، وكذلك نبذ الخلافات والابتعاد عن أسباب النزاع والتناحر التى تستفيد منها الجماعات الإرهابية بالدرجة الأولى، غير أن واقع الخلافات والانقسامات ما زال يلقى بظلاله على الساحة الليبية مهددًا بعودة فصول الفوضى والعنف التى ترسخت طوال السنوات الماضية.
ومع تصاعد بعض المزاعم، فى الأيام الأخيرة، حول مرض، أو رحيل الجنرال خليفة حفتر عن المشهد الليبي، وهى المزاعم التى ثبت عدم صحتها، وفى كل الأحوال حال بقاء المشير حفتر أو غيابه عن الساحة الليبية، يبقى إصرار المجتمع الدولى على العمل من أجل تنفيذ الاستحقاق الانتخابي، كأمر ضرورى لا غنى عنه، وفى ذلك تدفع القوى الدولية كل الأطراف إلى الانتخابات، لإنهاء حالة الجمود التى تعيشها البلاد.