بوابة الحركات الاسلامية : كتاب سلفي يدعو لمواجهة «داعش» بالقوة (طباعة)
كتاب سلفي يدعو لمواجهة «داعش» بالقوة
آخر تحديث: الأحد 27/05/2018 12:41 م مصطفى حمزة
كتاب سلفي يدعو لمواجهة

عند الحديث عن الروافد الفكرية لتنظيم «داعش»، دائمًا ما تُوجه سهام النقد للمدارس السلفية على اختلافها، باعتبارها المشكاة التي استوحى منها التنظيم، أفكاره ومعتقداته ومبادئه، ما يعني أننا أمام نصوص واحدة وتفسيرات مختلفة.

إلا أننا الآن أمام كتاب يحمل عنوان:«حقيقة تنظيم الدولة داعش»، لمؤلفيْن ينتميان لجمعية لها توجه سلفي في مصر، وهي «أنصار السنة المحمدية»، من تأليف الكاتبين أبي سفيان عمرو أحمد سادات، وأبي زياد محمد يعقوب النوبي؛ وثَّقَا كتابهما بكلام ومقولات لأمراء وقادة تنظيم «داعش»، أمثال أبي عمر البغدادي، الزعيم السابق للتنظيم، وأبي بكر البغدادي، الزعيم الحالي، وأبي محمد العدناني، المتحدث الرسمي السابق للتنظيم، وغيرهم.

 

وفي الكتاب ربط المؤلفان بين سقوط ما يُعرف بـ«الخلافة العثمانية» عام 1924، وظهور تنظيم «داعش» التكفيري المسلح، في 2014، رغم الفارق الزمني بينهما والذي يصل إلى 9 عقود، وأكدا أن سقوط الخلافة هو النواة الأساسية، في تكوين ونشأة الكثير من الحركات، والتنظيمات التي تحمل وصف «إسلامية»، بسبب شعور الشباب المتحمس بضياع الأمة إبان سقوط الخلافة، ما دفعهم لمحاولة استعادة تلك الخلافة من خلال الانضمام لتنظيمات لعبت جيدًا على هذا الوتر، مثلما فعل حسن البنَّا، مؤسس جماعة الإخوان ومرشدها الأول، حين جعل الحكومة ركنًا من أركان الإسلام! كما جاء في رسالة المؤتمر الخامس للجماعة.

 

ويكشف الكتابُ النقابَ، عن العلاقة الفكرية بين جماعة الإخوان، وتنظيم «داعش»، ويشير إلى أن أول من تكلم عن أولوية مواجهة العدو القريب، بدلًا من البعيد، هو القيادي الإخواني عبد الله عزام، الذي كان يؤكد أن «الجهاد»، وتحرير أفغانستان يبدأ بالتخلص من حكام المسلمين «الكفار»، وهي الاستراتيجية ذاتها التي يعتمدها «داعش»، حيث زعم أحد قادة ما يعرف بـ«ولاية سيناء»، أن تحرير بيت المقدس لن يتم إلا بتحرير سيناء أولًا من العملاء (على حد وصفه) في إشارة منه إلى الجيش المصري.

 

واستعرض المؤلفان موقف قيادات «داعش» من الجهاد المزعوم، حيث زعم أبو عمر البغدادي، الزعيم السابق لـ«داعش»، ومؤسس مجلس شورى المجاهدين بالعراق، أن الجهاد في سبيل الله فرض عين على كل مسلم، منذ سقوط الأندلس، وأن أعظم الآثام بعد الكفر بالله هو النهي عن الجهاد، وهو القول نفسه الذي قال به أبو محمد العدناني، في كلمة له بعنوان: "الآن الآن جاء القتال".

 

وهو الأمر الذي استنكره المؤلفان، مؤكدَين أن الجهاد عبادة جماعية، وليست فردية، وقاما بتفنيد كلام الدواعش، والتطرق لحكم الجهاد في الإسلام نقلًا عن ابن العثيمين، عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية سابقًا، والذي أكد أن فرضية الجهاد على كل مسلم، أمر مستحيل ويتنافى مع الآيات التي تحدثت عن جهاد طائفة من المسلمين وقعود الأخرى لتفقيه الناس في دينهم.

 

مناهج «داعش» والسلفيين

 

أما عن ديار المسلمين؛ فقد حكم أبو عمر البغدادي، على كل البلاد الإسلامية، بالكُفر والردة بلا استثناء، بسبب حُكمِها بما أسماه «شرائع الكفار»، وهنا تتمايز مناهج «داعش» والسلفيين الذين يرون أن الديار لا يُحكم عليها بالشرائع التي تحكمها، وإنما بالناس التي تسكنها، بمعنى أنه ما دامت الغالبية في البلاد لأهل الإسلام الذين يقيمون الشعائر الظاهرة من أذان وجُمع وجماعات فهي دار إيمان.

 

ولم يستثنِ التكفيريون بلدًا مسلمًا من تعميم الكفر على أهله، بل واعتباره «دار حرب» أيضًا، كما قال أبو محمد المقدسي في رسالة «وقفات مع ثمرات الجهاد»:«الدنيا كلها اليوم دار كفر، والمسلمون فيها مستضعفون، وديارهم كلها مسلوبة محتلة مغتصبة، إما من كفار خارجيين أو من كفار داخليين موالين للكفار الخارجيين، ولا أستثني من ذلك حتى مكة والمدينة"، وكذلك قال أبو أسامة الغريب، في رسالة له بعنوان: (هل مكة دار كفر؟)، ووصف أبو محمد العدناني مكة المكرمة بـ«الأسيرة» التي سيغزوها جنوده لتحريرها باعتبارها «دار كفر» حسب معتقده الفاسد، متناسين بجهلهم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حرَّم القتال بمكة إلى قيام الساعة وأنها لا يجوز أن تكون دار حرب بعد فتحها إلى يوم القيامة».

 

وتناول الكِتَابُ أقسام الخوارج، قديمًا وحديثًا، باختلاف أنواعهم، إلا أنه أكد على الأصل الذي يجتمعون عليه، وهو كفر من حكم بغير ما أنزل الله، ووجوب الخروج عليه، وأن قتاله أولى من قتال الكفار الأصليين، مؤكدًا أن «داعش» من الخوارج.

 

وختامًا دعا الكِتَابُ إلى تضافر «الفرد، والأسرة، والمجتمع»، لمواجهة «داعش» على أن تتمثل المسؤولية الفردية في العلم والتعلم، وشملت المسؤولية الأسرية تحذيرًا موجهًا لأولياء الأمور ألا يمنعوا أبناءهم من التدين الوسطي، حتى لا يلجأ الأبناء إلى دعاة التكفير الذين يقنعونهم بأن أهاليهم يُعادون الإسلام وواجبٌ تكفيرهم والتبرؤ منهم، بالإضافة إلى المسؤولية المجتمعية المتمثلة في الإرشاد الديني، ممثلًا في الأوقاف، والأزهر، والإعلام، للتوعية بدور الجيش والشرطة، الذي يعد محورًا رئيسيًّا في محاربة حَمَلة الأسلحة، ومستبيحي القتل، والدماء، مؤكدًا أن الارهاب لا يواجه إلا بالقوة.