بوابة الحركات الاسلامية : سلفيو الصومال وإرهابهم.. فتش عن الإخوان وقطر وتركيا (طباعة)
سلفيو الصومال وإرهابهم.. فتش عن الإخوان وقطر وتركيا
آخر تحديث: الجمعة 29/06/2018 03:17 م آية عز
سلفيو الصومال وإرهابهم..
يظهر المنتفعون والمستغلون في أي دولة حين تضرب الفوضى استقرارها، وتربك الأزمات حكومتها، يطفون على سطح الأزمات السياسية، تسقط الأقنعة فتبدو الوجوه الحقيقية لهم في مناخ التفسخ الاجتماعي والتشرذم المذهبي والفتن الطائفية.
وفي دولة مثل الصومال بما تعانيه من حروب وتمردات وحركات انفصالية، ينشط السلفيون كجرثومة لا تتغذى إلا على تداعي الجسد الذي يأويها، إذ يعد سلفيو الصومال من أكثر التيارات عنفًا وإثارة للمشكلات والأزمات، بل إن تنظيماتهم دخلت في صدامات عنيفة متعددة مع الحكومة الصومالية طمعًا في السلطة.
يعمل سلفيو الصومال على نشر أفكارهم المتطرفة ساعين إلى إثارة الفتن والبلبلة بين جميع طوائف الشعب الصومالي، فهم لا ينشطون إلا لو أثيرت فوضى سياسية كبيرة، إذ أنهم من أكثر التيارات المتشددة الميالة إلى استخدام العنف، يحرمون ما أحله الله، ويكفرون عباده البسطاء، لذلك هم دائمًا في صراعات عنيفة مع جميع طوائف ومؤسسات الدولة.
ظهرت بوادر السلفية في الصومال أوائل ستينيات القرن العشرين، وتشكلت من خلال دعوات فردية، إلى أن عرفت الصومال أول تنظيم سلفي متماسك عام 1983، وذلك عقب أن تأسيس ما يُعرف بـ" الاتحاد الإسلامي" الذي أسهم في تدشينه الإخوان بالتعاون مع التيار السلفي.
ومنذ هذا التاريخ بدأت السلفية الصومالية في العمل السياسي، متخذة منه ستارَا وقناعا لنواياها الحقيقية وطمعها في السلطة، عن طريق فكر الإخوان ذاته، التمكين من مناصب الدولة العليا، مرورا بالانتشار الاجتماعي والتمكين الاقتصادي، وصولا وانتهاءً بالاستحواذ على السلطة، إلا أن تسارع الأحداث وتنامي الحركات الانفصالية في الصومال دفعها للتخلي عن هذا التدرج السلمي، فاتجهت إلى العنف وأسست فروعا مسلحة منها.

بداية العنف
شهد مطلع عام 2006 البداية الحقيقة للعنف السلفي في الصومال، حيث تحولت حينها المدن الصومالية إلي مسرح لجماعات مسلحة ولدت من رحم التيار السلفي هُناك المنتمي فكريًا وجهاديًا للإخوان، ما جعل مدنا وقرى صومالية كاملة هدفا لعمليات إرهابية ينفذها السلفيون في الصومال بدم بارد، بل كان أئمة مساجد الصومال المنتمون للتيار السلفي هم من يروجون ويفتون بشرعية ذلك الإرهاب.
وتسبب أئمة المساجد- في ذلك الوقت- في إحداث فتن طائفية كبرى بين جميع طوائف الشعب الصومالي، التي جعلت الأخ يقتل أخاه والأب يقتل ابنه لمجرد اختلاف في المذهب، بل في الرأي والأفكار.

واستعرت نيران الفتن الطائفية والصراعات القبلية في الصومال لتحرق أبناء الشعب الواحد لسنوات طوال، تغذيها الأفكار الإرهابية التي نشرها التيار السلفي لتعصف بمقدرات الصومال وشعبها وتغرقهم في سنوات من الجهل والتخلف والمجاعات والقتل والدمار، ما دفع منظمات المجتمع المدني تتدخل لفرض الاستقرار واستعادة الهدوء لوطن لم يعرف السكينة منذ دنسه الإرهابيون بأفكارهم الدموية الداعية للخراب، وتحطمت كل محاولة من تلك المنظمات على صخرة تعنت السلفيين وصلفهم، إذا كانوا يرفعون السلاح والمصحف في كل مفاوضة في رسالة معناها: "مستمرون ومتمسكون بالعنف إلى الأبد".

الجبهة الإسلامية.. إرهاب سلفي جديد
أكثر من تنظيم إرهابي في الصومال تبنى أفكار السلفية الجهادية- كما أسلفنا الذكر- وحولوا تلك الأفكار إلى أسلحة تحصد الرقاب وتريق الدماء بلا وازع إنساني أو ديني، ومن بين تلك التنظيمات ما يسمى "الجبهة الإسلامية الصومالية"، وهو تنظيم مسلح أنشأته- عام 2007 - جماعة سلفية تسمي نفسها "جماعة الاعتصام بالسنة" (تأسست عام 1996)، وأسندت القيادة لإرهابي يدعى محمد إبراهيم هيلي. وتلك الجبهة قامت بالكثير من الأعمال الإرهابية خاصة في الفترة بين 2007 و2009.
ارتكبت تلك الجبهة الإرهابية كثيرا من الأعمال الإجرامية التي استهدفت قرى ومدن ومرافق وشعب الصومال خلال عام 2009، إضافة إلى ذلك نفذت عمليات إرهابية ضد المواطنين في "مقديشو".
وأبرز تلك العمليات وأخطرها كانت يومي التاسع عشر من شهر يناير عام 2009، دخلت الجبهة في معارك دموية مع الشرطة الصومالية في مقراتها بمنطقة داركينلي في مقديشيو العاصمة، أسفرت عن مقتل شخصين من رجال الشرطة وإصابة العشرات منهم.
ولم تكتف الجبهة بهذا القدر من الإرهاب، حيث استولت على مركز شرطة " داركينلي"، لكنها سلمته بعد مفاوضات عديدة مع الحكومة حينها التى اجبرتها على الإنسحاب، لكن الجبهة في اليوم ذاته استولت مركز شرطة آخر في مقديشو واستولت علي كل ما فيه.
وخلال العام ذاته نفذت الجبهة أخطر عملياتها منذ نشأتها، إذ استهدفت قوات الجيش الصومالي والإثيوبي المتواجدين في علي الحدود بين البلدين، كمحاولة لإشعال الفتن التي هدأت نسيبًا بين البلدين، خاصة وأن الصومال وإثيوبيا منذ عام 1982 كانتا في صدام سياسي وعسكري كبير وهدأت الأوضاع نسبيًا في بداية عام 2009، إلى أن أشعلت نيران الفتنة بينهما جبهة الإرهاب السلفية.

علاقة وثيقة بالإخوان
في أي عمل إرهابي حول العالم فتش عن الإخوان، منفذين كانوا أو ممولين، مستفيدين أو مبررين، فتش في أدبياتهم ومخططاتهم لتكتشف ببساطة أن جماعتهم هي الأم لكل ما هو إرهابي حول العالم، فمنذ ظهور البوادر الأولى للتيار السلفي الصومالي- في ستينيات القرن العشرين- بدا واضحا تأثره تأثر بالفكر الإخواني وأفكار حسن البنا وسيد قطب، خاصة أنها في تلك الفترة التزمت تماما بالأفكار الإخوانية تلك، لدرجة تطبقيها الهيكل التنظيمي الإداري ذاته للإخوان.
وما يؤكد العلاقة الوثيقة بين سلفيي الصومال والإخوان، أن السلفيين في أعقاب عام 1970 ساروا علي المنهج الفكري للإخوان بحذافيره، متبعين طريق الدعوة تزامنا المشاركة في العمل السياسي، تماما مثلما فعلت جماعة الإخوان في تلك الفترة بمصر.
من جانبها، أسهمت جماعة الإخوان بالتعاون مع التيار السلفي الصومالي في تأسيس مراكز دينية صومالية، وأبرزها منظمة "الاتحاد الإسلامي" السلفية الإخوانية.

تمويلات "قطرية- تركية"
في تصريحات خاصة لـ" المرجع"، قال هشام النجار، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية: "إن التيار السلفي في الصومال من أكثر التيارات الإرهابية عنفًا في إفريقيا، فلديهم الاستعداد التام والجاهزية المطلقة لاستخدام السلاح واللجوء إلى العنف".
وأكد "النجار" أن السلفية الصومالية تتلقى تمويلات أجنبية من الخارج، تحديدا من تركيا وقطر، أكبر دولتين دعمتا الإرهاب حول العالم ووفرتا الملاذات الآمنة للهاربين من التنظيمات الإرهابية.
وتابع: إن قطر وتركيا تأمران سلفيي الصومال بحمل السلاح وعدم التخلي عن استخدام العنف، لتحقيق مصالحهما الخاصة هناك.
مشيرًا إلى أن الصومال تتمتع بوفرة كبيرة من الثروات الطبيعية والاقتصادية كثيرة إضافة إلى موقعها الجغرافي المتميز، ورغم كل ذلك فمجرد وجود السلفيين فيها وإثارتهم للأزمات ودخولهم مع الحكومة فى صدامات عنيفة ومتكررة بإيعاز من تركيا وقطر، تسبب في مجاعات متلاحقة ضربت استقرار الصومال عقودا.
ولفت الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، إلى أن قطر وتركيا أسهمتا في انتشار الفكر السلفي المتشدد بالصومال وأسستا مدارس لنشر هذا الفكر فيما يخدم مصالحهما غير الشرعية هناك.