بوابة الحركات الاسلامية : التنظيم السري.. الدم والعنف في عقيدة الإخوان (طباعة)
التنظيم السري.. الدم والعنف في عقيدة الإخوان
آخر تحديث: الإثنين 09/07/2018 09:39 م
التنظيم السري.. الدم
التنظيم السري لجماعة الإخوان أو التنظيم الخاص، كلها مسميات لتنظيم عسكري أسسه حسن البنا (مؤسس الجماعة 1928)، في العام 1940، بزعم الجهاد في سبيل الله، على حد تعبير حسن البنا، وهو الهدف الذي كانت الجماعة تضلل به المنضمين إليها، بأنها أُسست للجهاد في فلسطين ضد المحتل؛ ليكون هذا التنظيم السري الخاص، بعد ذلك عددًا من المجموعات العنقودية لتنفيذ عدد من عمليات الاغتيال في مصر، وتفجير أقسام الشرطة، إلا أن أبرز محاولات الاغتيال التي قامت بها الجماعة، هي محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1954، فيما عُرف بــ«حادث المنشية».
يقول روبرت دريفوس في واحد من أهم الكتب المنشورة حول العالم في كشف الإخوان، بعنوان «لعبة الشيطان» والصادر عام 2005: «لم يكن عبدالناصر يتصور أن الأخوان سيصل بهم الحال للتنسيق لاغتياله، وأن يكونوا مخلبًا للأجهزة المخابراتية العالمية، وكان مشغولًا بصراعه ضد نجيب، ففي أبريل قدم عبدالناصر أول مجموعة من قيادات الإخوان للمحاكمة، وتصاعدت المواجهة لمنع سعيد رمضان وعدد من زملائه من السفر؛ ليجيء يوم 26 أكتوبر ليشهد محاولة اغتيال عبدالناصر، من قِبَل أعضاء التنظيم الخاص التابع للجماعة، ولم يكن التدبير بعيدًا عن أيدي المخابرات البريطانية وعن علم المخابرات الأمريكية، فقد كانت هناك لقاءات متوالية بين الإخوان والأذرع المخابراتية في مصر، وكانت التعليمات من إيدن وإيزنهاور، دون أن يكون هناك أثر لتورطهم في تلك العملية».
 
وبمقتضى لائحة أصدرها «البنا» في 6 مايو 1948، تقول بأن «قيام الدولة الإسلامية التي تنفذ أحكام الإسلام وتعاليمه عمليًّا، وتحرسها في الداخل وتبلغها في الخارج، هذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا بإقامة حكومة إسلامية، أو أن تستولي الجماعة على السلطة، وتُقيم هذه الحكومة بنفسها»، كان هدف «البنا» الاستيلاء على السلطة، وفي تلك الفترة كون التنظيم السري للإخوان خلايا عنقودية، قامت بعدد كبير من العمليات الإرهابية الفردية، كاغتيال محمود فهمي النقراشي باشا (رئيس الوزراء)، ولم تكن الأخيرة التي ينفذها الإخوان.
 
يتحدث خليفة عطوة أحد المتهمين في القضية المعروفة بحادث المنشية، عن التنظيم السري فيقول: «بدأ التنظيم السري بتكوين الخلايا العنقودية عام 1944، وكانت كل خلية تتكون من زعيم وأربعة أفراد، وقام التنظيم بعدد من عمليات الاغتيال، أهمها -والتي كانت تُمثل انتصارات للتنظيم السري- اغتيال أحمد الخاندار (القاضي الذي أدان الإخوان في إحدى القضايا)، ومحمود فهمي النقراشي (رئيس الوزراء الذي حلَّ التنظيم).
 
وتابع: «صدرت تعليمات عاجلة داخل التنظيم بتنفيذ مهمة عاجلة، وتم تقديم مجموعة تتكون من محمود عبداللطيف، وهنداوي دوير، ومحمد علي النصيري، والنصيري كان ينوي ارتداء حزام ناسف إذا فشل عبداللطيف في إصابة الهدف»، ويُعدُّ خليفة عطوة وأنور حافظ، أحد حرس مجلس الثورة، ومن ثم كانا بالقرب من «عبدالناصر» على المنصة، وكانت مهمتهما إعطاء الإشارة لإطلاق النار.
 
وأشار «عطوة» -الذي صدر ضده حكم بالإعدام وتم تخفيفه للسجن 25 عامًا- إلى أنه أعطى بالفعل شارة البدء لمحمود عبداللطيف الذي كان يتسلق تمثال سعد زغلول المواجه لشرفة مبنى بورصة القطن في الأسكندرية، وأخطأت المحاولة الأولى، فمرت الرصاصة الأولى من تحت إبط «عبدالناصر»، فيما مرت الثانية بجواره، واخترقت رأس زعيم الطائفة الختمية في السودان، أحد الضيوف الذي لقي مصرعه في الحال؛ ليُحاول احتضان ناصر والتلويح بإيقاف الضرب؛ ليكتشف بعدها أن هنداوي دوير عندما علم بفشل محاولة الاغتيال، ذهب لقسم شرق الأسكندرية، وأبلغ عن أعضاء الفرقة التي شاركت في الحادث، وأصبح شاهد ملك بدلًا من كونه متهمًا. 
وقعت حادثة المنشية في عصر يوم 26 أكتوبر 1954، وأثناء خطبة عبدالناصر في المنشية والاحتفال باتفاقية الجلاء، ليفاجأ بطلقات النيران من أحد الجماهير المتسلقين تمثال سعد زغلول، وليتضح بعد ذلك أنه لم يكن وحده بعد بلاغ هنداوي دوير في نفس اليوم عن الخلية، لتكون البداية الفعلية للقضاء على جماعة الإخوان من قِبَل عبدالناصر، فكانت المرة الأولى التي يُواجه فيها الإخوان التضييق بهذا الشكل، حتى عندما حلَّ «النقراشي» الجماعة في 8 ديسمبر 1948، كانت الجماعة أقوى من تلك الفترة.
 
فلم تكن محاولة اغتيال الرئيس عبدالناصر بالأمر اليسير، الذي قد يتعامل معه بمرونة؛ ليقوم الإخوان بمحاولة إفشال الحكومة بطريقة مختلفة، فخططوا لحريق القاهرة، ويعد السبب الحقيقي لإعدام مُنَظِّر الجماعة سيد قطب (1966)؛ بسبب تأسيسه ما عُرف بتنظيم (65)، الذي كان يهدف لتصفية «عبدالناصر»، وقلب نظام الحكم.

ونص الاتهام في قضية «تنظيم 1965» على أن المتهمين بالجمهورية العربية المتحدة وبالخارج، في الفترة من 1959 وحتى آخر سبتمبر 1965، حاولوا تغيير دستور الدولة وشكل الحكومة فيها بالقوة، بأن ألفوا من بينهم وآخرين تجمعًا حركيًّا وتنظيمًا سريًّا مسلحًا لحزب الإخوان المنحل يهدف إلى تغيير نظام الحكم القائم بالقوة، باغتيال السيد رئيس الجمهورية والقائمين على الحكم في البلاد، وتخريب المنشآت العامة، وإثارة الفتنة في البلاد، وتزودوا في سبيل ذلك بالمال اللازم، وأحرزوا مفرقعات وأسلحة وذخائر، وقاموا بتدريب أعضاء التنظيم على استعمال هذه الأسلحة والمفرقعات، وحددوا الأشخاص المسؤولين الذين سيجري اغتيالهم، وعاينوا محطات توليد الكهرباء والمنشآت العامة التي سيخربونها، ورسموا طريقة تنفيذ ذلك، وتهيؤوا للتنفيذ الفعلي، وعينوا الأفراد الذين سيقومون به، وحال ضبطهم دون تمام مؤامراتهم. وكان المتهمون السبعة الأول هم المتولين زعامة التنظيم.

وبعد محاكمة علنية استمرت نحو عام، صدر الحكم بالإعدام على بعض المتهمين، ومنهم سيد قطب، وتخفيف الحكم على آخرين، كما تجدر الإشارة الى أن «قطب» كفّر «عبدالناصر»، ومن ثم كان الهدف الرئيسي للتنظيم الخاص منذ تولي جمال عبدالناصر مقاليد الحكم، هو محاولة القضاء عليه؛ للاستيلاء على السلطة، وإقامة الدولة الإسلامية، التي يزعم الإخوان إقامتها لتطبيق الشريعة، والحاكمية لله، كما ورد في مذكرات «البنا» و«قطب».