بوابة الحركات الاسلامية : أبومنيار القذافي لـ«المرجع»: لا تصالح مع الإسلامويين المتورطين في العنف (طباعة)
أبومنيار القذافي لـ«المرجع»: لا تصالح مع الإسلامويين المتورطين في العنف
آخر تحديث: السبت 18/08/2018 09:35 ص عبدالهادي ربيع
أبومنيار القذافي
منذ أن اندلعت أحداث السابع عشر من فبراير 2011 في ليبيا، حتى خيم الغموض على مستقبل البلاد، في ظل ما عانته ليبيا- بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي- من تشرذم وانفلات أمني صاحبته صعود التيار الإسلاموي والمتشددين والمسلحين، ما فتح الباب على مصراعيه لدخول التنظيمات الإرهابية كـ«داعش» و«القاعدة» وغيرهما ممن تكالب على مقدرات الشعب الليبي وثرواته.

وكان لا بد من تفكيك المشهد الليبي المعقد، وحل كل المعادلات المتشابكة مع أكثر من طرف، وعليه انطلق «المرجع» ليحاور أحميد أبومنيار القذافي، ابن عم الرئيس الليبي الراحل العقيد معمر القذافي، مؤسس حراك «الرايات البيضاء للسلام»، والذي فجر مفاجأة من العيار الثقيل معلنًا قبول الساعدي القذافي، نجل معمر القذافي، من داخل محبسه في طرابلس، بفكرة المصالحة مع الفصائل الليبية المختلفة، باعتبار المصالحة هي الحل الأمثل، والمَخرج الوحيد من الأزمة الليبية.

وليس خافيًا على أحد حجم ما يعانيه الليبيون من عدم الاستقرار وانعدام الأمن والسلام، ولا يكاد السائر في ناحية من أنحاء ليبيا إلا ويُدهش من كثرة الأعلام والشعارات، ما بين القبلية والدينية والسياسية، ومن رحم هذا الزخم وُلد حراك «الرايات البيضاء للسلام» وهو حراك سياسي شعبي، يتزعمه أحد أبناء قبيلة القذاذفة، أحميد فرج أبو منيار القذافي، فإلى نص الحوار معه: 

◄ بداية.. نريد معرفة المزيد حول تأسيس الحراك وأهدافه؟
- نحن حركة شبابية سلمية من مختلف المناطق ندعو للمصالحة والسلام في تظاهرات ومواكب بالسيارات، رافعين الرايات البيضاء للمطالبة بالمصالحة الوطنية الشاملة، والاستفتاء على الدستور، وعودة المُهجّرين والنازحين، ونسعى للتغير نحو مستقبل مزدهر من خلال نشر ثقافة السلم المجتمعي من أجل الوصول إلى دولة القانون والمؤسسات، ونحن لا نتبع أي حزب سياسي أو ننحاز لأي طرف من الأطراف، بل نقف على مسافة واحدة من جميع التيارات السياسية المتصارعة، وهذا ما أكسبنا ترحيبا كبيرا من الليبين والقيادات في الأطراف المختلفة.

◄ تحدثتم عن دور في إعادة النازحين والمهجرين.. فماذا قدمتم لنازحي تاورغاء على سبيل المثال؟
- المعلومات بهذا الشأن مضطربة؛ لذا تواصلنا مع جهاز الأمن المركزي، التابع لحكومة الوفاق، وهو جهاز رسمي، للوقوف على حقيقة الأمر، ونؤكد أننا نسعى لإعادة نازحي تاورغاء إلى مساكنهم، خاصةً بعد توقيع اتفاق الصلح مع أعيان مصراتة، كما أننا عقدنا عددًا من الاجتماعات مع رئيس المجلس الأعلى للدولة ووزير العمل، مهدي التباوي، ووزير المهجرين والنازحين وغيرهم من المسؤولين.

◄ تربطكم علاقات جيدة بحكومة الوفاق ورحب بكم أبناء الغرب الليبي.. فهل تجمعكم العلاقات نفسها بحكومة الشرق والليبيين هناك؟
- لاشك أن جميع الليبيين يحلمون بالسلام والاستقرار؛ ولذلك استطاع الحراك أن يمتد ويصل إلى الشرق في «بنغازي وطبرق والبيضاء»، كما قمنا بتنظيم ورشات عمل لتوضيح أفكارنا ومنهجنا في مدينة إجدابيا، وشهدت هذه الورش حضورًا كبيرًا من الشباب، وذلك تحت أعين حكومة الشرق؛ فالحراك ليس لديه خلاف مع أحد من الفرقاء، خاصةً أن القاسم المشترك بين الحراك والفرقاء جميعًا هو مصلحة الوطن، والجميع متأكدون من أننا ليس لدينا ما يقلق أي طرف، فنحن لا نسعى إلى المشاركة في العملية السياسية.

◄ بعض المصادر تشير إلى علاقتك بتنظيم المقاومة والميليشيات وهيثم التاجوري.. ما تعليقك؟
- ليس لدي أي علاقة بتنظيم المقاومة لا من قريب ولا من بعيد، وأتحداهم أن يجلبوا دليلًا ثابتًا ضدي، ولكن الجميع يتحسس من أَي جهة قد تحقق فارقًا في المعادلة السياسية، وفي حالة مماثلة لليبيا هذا أمر طبيعي، لكن المختلف في ليبيا أن الاتهام يأتي أحيانًا بالنقيض للحقيقة، وبشكل يتسم بالعشوائية، وهذا دلالة كافية على هشاشة جميع المسميات، وعدم تجزر حالة الانقسام في المجتمع، ونحن نخشى من تطور هذه الحالة لينتقل الانقسام المؤقت إلى أمر دائم يصعب استدراكه. 

◄ الإسلامويون يعتقدون أنكم تمهدون الطريق أمام «سيف الإسلام القذافي» ليكون مرشحكم في الانتخابات المقبلة.
- لم يُؤسس الحراك طمعًا في السياسة التي أهلكت الجميع، والليبيون يعلمون ذلك فامتدت الحركة إلى مئات الكيلومترات من العاصمة طرابلس وهناك قبولٌ شعبيٌّ ملحوظٌ من القبائل المختلفة والمدن الليبية، فـ«الرايات البيضاء للسلام» حراك مختلط وغير محسوب على «التيار الأخضر»(النظام السابق) أو «تيار فبراير»، فنحن شريحة من المجتمع خرجنا بالرايات البيضاء معلنين تجردنا من جميع المسميات؛ ولذلك انضم لنا شباب تختلف توجهاتهم السياسية من أجل المصالحة مع الجميع، طرابلس 2018 ليست طرابلس 2013، قد تغير الوضع كثيرًا، والوضع آمن الآن نسبيًّا، كما أن المناخ مناسب للعمل؛ من أجل بناء دولة المؤسسات والقانون.

◄هل تقصد أنه يجب التصالح مع الإسلامويين عامة من أجل الاستقرار؟
- إن إقصاء الأطراف القوية من المشهد السياسي في ليبيا سوف يعرقل سير العملية الديمقراطية، يجب الابتعاد عن سياسة الإقصاء التي يمارسها معظم الأطراف المتصدرة للمشهد السياسي، كما يجب التصالح مع كل من لم يرتكب جرمًا في حق الليبيين، وسنترك الملفات الشائكة للقضاء الليبي للفصل فيها، علينا ألا نستخدم لغة الغابة -التي يأكل القوي فيها الضعيف- مع ما تمر به ليبيا من أزمات اقتصادية عنيفة، والتي قد تنتهي بإعلان البنك المركزي إفلاسه إذا لم يستتب الوضع الأمني.

◄ كيف يتعامل الحراك مع ملف المعتقلين والمختطفين؟
- قمنا في المدة الماضية بزيارة عدد من السجون، مثل سجون «طرابلس، الزاوية، ومصراتة»، كما زرنا عددًا من القيادات السابقة، ووجدناهم يتلقون معاملة حسنة في الفترة الأخيرة، ونعمل على استصدار أحكامًا عادلة بشأن المسجونين، وثقتنا في القضاء الليبي وأحكامه كبيرة.


◄ لكن القضاء الليبي أصدر حكما بإعدام 45 شخصًا من رموز نظام القذافي، على خلفية اتهامهم بقتل متظاهرين عام 2011.. ألا تقوض تلك الأحكام مبادرة المصالحة؟
- يتسم القضاء الليبي بتدرج درجات المحاكمة،  وسنعمل قريبا- كحركة الرايات البيضاء للسلام- على إنهاء الأزمة، وكلنا ثقة في نزاهة أحكام القضاء، وإن جاز لنا التعليق على أحكام الإعدام لقلنا إنها ضربة للمصالحة الوطنية، لأنها سوف يتأزم الموقف أكثر، فما حدث في 2011 كان مجرد اشتباكات مسلحة بين طرفين أحدهما مسلحا بشكل شرعي والآخر رفع السلاح تحت راية الثورة، ولم يكن ما حدث قمعًا لمتظاهرين سلميين، أو قتلا متعمدًا لمحتجين عزل.

◄ في سجن طرابلس يقبع رموز نظام القذافي، مثل ابن عمك اللواء «منصور ضو القذافي».. فما تفاصيل لقائكم معهم؟
- التقينا خلال زيارتنا للسجون بعدد من الشخصيات العامة مثل «اللواء المهدي العربي»، أحد أعمدة النظام السابق، و«الساعدي» نجل العقيد القذافي، واللواء «منصور ضو»، آمر الحرس الشعبي سابقًا، وتحدثنا مع «ضو القذافي» حول ضرورة العمل على المصالحة الوطنية، التي رحب بها وبحركة الرايات البيضاء، كما رحب الساعدي القذافي، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، بالفكرة، وأكد -أثناء زيارتنا له- أن المصالحة الوطنية هي الحل الأمثل والمخرج الوحيد من الأزمة، كما أكد على أن الانتخابات ستكون هي الحاسمة في هذا الأمر.

◄ هل هنالك ضمانة لعدم انقلاب أحد الأطراف على الانتخابات، كما حدث في العمليات الانتخابية السابقة؟
- أرى أن جميع الأطراف -وفق ما رأيته من اختلاطي المباشر بهم- سيعملون على إنجاح هذه الانتخابات، ولا أعتقد إذا كانت الانتخابات نزيهة أن تكون هنالك محاولات للانقلاب عليها أو إجهاض العملية السياسية، حتى من قبل «التيار السلفي المدخلي»، الذي لا يؤمن بالديمقراطية، ويحرم المشاركة في الانتخابات، فلن يقف التيار عائقًا في طريق بناء الدولة، بل سوف يُسهم في بنائها، ولكن بصفة عامة لابد قبل إجراء الانتخابات أن تكون هناك خطوات عدة لضمان سير العملية السياسية، وأولها أن يكون لدينا دستور يضبط العلاقة بين الدولة والمواطن، وأن تكون الانتخابات تحت إشراف أممي لكي لا يتم التلاعب بنتائجها أو تزويرها.