بوابة الحركات الاسلامية : شيخ القادرية البريفكانية: «احتكار» المُريد سمة الطرق الصوفية بمصر (حوار) (طباعة)
شيخ القادرية البريفكانية: «احتكار» المُريد سمة الطرق الصوفية بمصر (حوار)
آخر تحديث: الإثنين 27/08/2018 08:59 ص سارة رشاد
شيخ القادرية البريفكانية:
«الأعلى للصوفية» أجاز طريقة «جمعة» لتصعيده شيخ مشايخ 
الهجوم على «القادرية البريفكانية» ينم عن جهل بالفرق بين الإجازات 
توريث الإدارة تسبب في إضعاف المستوى العلمي للصوفية المصرية

لأيام عدة دخل الوسط الصوفي في جدال حول الطريقة «القادرية البريفكانية» ذات الأصول العراقية، عقب نشرها عبر حسابها على «فيس بوك»، تدوينة أوردت فيها إجازة من شيخها لكل من يصله المنشور.

وتعقيبًا على ذلك جاءت ردود الفعل غاضبة؛ بدعوى إن أخذ «العهد» عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا يجوز في الصوفية، و«العهد» هو ميثاق روحي يربط شيخ الطريقة بالمُريد، ويكون عبارة عن كلمات يرددها، ويتعهد من خلالها بالالتزام بكل ما يقوله المُريد.

والقادرية هي إحدى الطرق الصوفية الكبرى، تنسب للقطب الصوفي عبدالقادر الجيلاني، وانحدر منها عشرات الطرق، ومن بين هذه الطرق «القادرية البريفكانية» التي تقيم أسبوعيًّا اجتماعات دينية في منازل أفرادها، بحيث يجتمعون لذكر الله والإكثار من الصلاة على النبي، وفي القاهرة تقيم الطريقة مجلسًا نسائيًّا فقط، بينما لا يذكر لها أي وجود في باقي المحافظات.

«المرجع»، التقى شيخ الطريقة في مصر، محمد أحمد لطفي القادري، الذي قال إن ما نُشر على الصفحة ليس عهدا، موضحًا إنه إجازة، «والإجازة لها نوعين إجازة، بحسب رأيه، عامة وخاصة، «فالإجازة العامة ويدخل فيها ما نشرته صفحة الطريقة، مقبولة، وكان يستخدمها أعلام الصوفية، فتجد كتاب مثلًا دون فيه صاحبه عبارة بدون اسم يجيز فيها كل من وقع الكتاب في يده»، ويتابع: «أما الإجازة الخاصة، فهي تخرج من شيخ الطريقة إلى المُريد بعد اختباره وتدريبه والتأكد من صدق نيته، وهنا يعطيه إجازة ويسمى خليفة الطريقة».

ولفت إلى أن الهجوم الذي شنه رموز التصوف على طريقته لا ينم إلا عن جهل بالفرق بين الإجازات، متطرقًا إلى تردي أوضاع التصوف في مصر.

والقادرية البريفكانية العلية، هي طريقة عراقية قدمت إلى مصر في 2005، وصل وقتها محمد أحمد لطفي القادري على إجازة من الطريقة الأصل في بغداد، ومنذ هذا الوقت وحتى اليوم يجد القادري أزمة في ترخيص طريقته؛ إذ قال لـ«المرجع»، إن طلبه قُوبل بالرفض من المجلس الأعلى للطرق الصوفية في مصر.

وفي سبب الرفض أوضح، أن الرد الذي وجده هو أن الطريقة ليست ذات أصول مصرية، معبرًا عن اندهاشه، خاصةً أن كبرى الطرق الصوفية في مصر؛ من الرفاعية (أكبر الطرق) إلى الشاذلية والدسوقية ليسوا من أصول مصرية بل أغلبهم يعود لأصول مغاربية وعراقية، وأحيانًا آسيوية، لافتًا إلى أن التصوف في مصر ليس مصريًّا في أغلبه، وكون طريقته ليست مصرية فهذا أمر لا يعيبها.

وفي المقابل من رفض القادرية البريفكانية، لكونها غير مصرية، تأتي موافقة المجلس الأعلى للصوفية على الطريقة «الصديقية الشاذلية» التي حصلت على الإجازة منتصف فبراير الماضي رغم أصولها المغاربية، وبترحيب وحفاوة استقبل مشايخ الطرق وشيخ مشايخها، عبدالهادي القصبي، الطريقة الوافدة، معتبرينها إضافةً للصوفية.. لماذا؟

يجيب «القادري» على ذلك، فيقول: إن المجلس الصوفي استثنى الصديقية الشاذلية، لكونها طريقة مفتي الديار المصرية السابق، الدكتور علي جمعة، ولفت إلى أن ثقل جمعة كان سببًا في تسهيل الأمور الإدارية مع طريقتها، كاشفًا أن دخول جمعة للمجلس ليس أمرًا عفويًّا؛ لأنه سمع من بعض الأصوات داخل المجلس أن إجازة طريقة جمعة، تأتي تمهيدًا لتصعيده شيخ مشايخ الطرق الصوفية، ولا يتم ذلك إلا إذ كان قائمًا على طريقة.
للمزيد: «أبوالعزائم»: علي جمعة جدير بقيادة «الأعلى للصوفية»

وبخلاف أزمة طريقته مع المجلس، انتقل «القادري» إلى ما سمّاه «الطابع الاحتكاري» للطرق الصوفية بمصر، مشيرًا إلى أنهم لا يتركون للمُريد الوجود تحت مظلة طريقتين، مشيرًا إلى أن هذا الأسلوب يعمل به في العراق وسوريا، ويترك للمُريد الاطلاع على أكثر من شيخ وفقًا لما يطلبه قلبه، لافتًا إلى أن مشايخ الطرق يرفضون انتقال مُريديهم إلى مشايخ أخرى؛ خوفًا من فقدهم، أو اهتزاز صورتهم في نظرهم.

ويُشار إلى أن هذا المنهج سُن بمقتضى قانون 1976 الذي أصدرته الدولة لتنظيم أوضاع الصوفية، ويقضي بفصل أي مُريد يثبت إعطاء العهد لأكثر من شيخ طريقة.

وفيما يخص أسلوب إدارة الطرق، قال: «إن التوريث الذي تتبناه الطرق في الإدارة تَسَبَّب في إضعاف المستوى العلمي للصوفية المصرية، فتجد شيخًا غير عارف بالتصوف أو مبادئه، ويتولى شأن كبرى الطرق؛ فقط لأن والده أو جده سبقه إلى ذلك»، مشددًا على أن هذا الأمر أضر بالمُريدين الذين يجدون أنفسهم مضطرين لشيخ معين.

ولفت إلى أن بعض المشايخ لرغبتهم في السيطرة على المُريدين يأمرونهم بعدم القراءة في علم الحديث أو الفقه، ويوهمونهم بأن العلم الإلهي سيتفتح لهم إذ ما استجابوا لأمورهم.