بوابة الحركات الاسلامية : «داعش» يطلق «ذئابه المنفردة» على أوروبا من مخيمات اللاجئين (طباعة)
«داعش» يطلق «ذئابه المنفردة» على أوروبا من مخيمات اللاجئين
آخر تحديث: الخميس 06/09/2018 11:33 ص نورا بنداري
«داعش» يطلق «ذئابه
تستخدم التنظيمات الإرهابية وسائل عدة، لتجنيد واستقطاب الكوادر إليها، من بينها الاندساس في مخيمات اللاجئين، محاولةً إقناع اللاجئين والمهاجرين بالانضمام إليهم، مستغلة بذلك الظروف الصعبة التي يمر بها هؤلاء، إذ يعاني أغلبهم من ويلات الحرب، إضافة إلى مشكلات الفقر والاحتياج، ما يجعل إقناعهم بأيديولوجية الفكر المتطرف، سهلة الحدوث.



وتمكن تنظيم «داعش» الإرهابي فعليًا من التسلل داخل هذه المخيمات، وجند أعدادًا لا بأس بها من اللاجئين، ما أدى إلى تنفيذ عمليات إرهابية عدة في المناطق المجاورة لتلك المخيمات، فوفقًا لإحصاءات المفوضية العليا لشؤون المهاجرين التابعة للأمم المتحدة؛ استقبلت أوروبا في عام 2015، أكثر من مليون لاجئ من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي أوروبا تعتبر ألمانيا الدولة الأولى في استقبال اللاجئين، وبحسب إحصاءات الدائرة الاتحادية للهجرة واللاجئين، استقبلت ألمانيا عام 2016 نحو 722,370 طلب لجوء، ومعظم اللاجئين الذين دخلوا ألمانيا خلال العامين الماضيين كانوا من سوريا وفي المرتبة الثانية من أفغانستان ومن ثم العراق، أما فرنسا فتأتي في المرتبة الثانية بعد ألمانيا باستقبالها 85,244 ألف لاجئ عام 2016 حسب أرقام وزارة الداخلية الفرنسية.



ويضع هذا الأمر، الدول الأوروبية المستقبلة للاجئين؛ أمام عدة تحديات، تتمثل في تزايد أعداد اللاجئين الفارين من بلدانهم، وانضمام بعض هؤلاء للجماعات الإرهابية، إضافة إلى تحدي تهديد الأمن والاستقرار، من خلال تنفيذ هؤلاء عمليات إرهابية قائمة على التفجيرات والهجمات الانتحارية، ما يضع دول العالم بشكل عام، ودول الاتحاد الأوروبي خاصة في موضع المواجهة مع هذه المشكلة التي تمثل خطرًا عليها في المقام الأول.

«داعش» في مخيمات أوروبا

حذر تقرير للشرطة الأوروبية «اليوروبول» نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية في 24 يناير 2016، من أن «داعش» أنشأت مخيمات تدريب قريبة من دول الاتحاد الأوروبي والبلقان لإعداد مقاتلين على غرار القوات الخاصة من أجل تنفيذ هجمات في المملكة المتحدة أو بلدان أخرى.



وأضاف التقرير أنه يمكن لتلك المجموعات أن تستهدف اللاجئين الحقيقيين، الذين فروا إلى أوروبا وتجندهم وتحولهم إلى «ذئاب منفردة» بسبب حالة اليأس وخيبة الأمل، التي أصيبوا فيها خلال الحرب ورحلة اللجوء.

للمزيد : مخيمات اللاجئين.. قنابل موقوتة لدعم الإرهابيين

وكانت السلطات الألمانية، وفقًا للتقرير، على علم بوجود نحو 300 محاولة مسجلة لتجنيد اللاجئين، الذين يحاولون دخول أوروبا بحلول أبريل 2016، وأن هناك عددًا من الجهاديين يسافرون بالفعل عبر أوروبا لهذا الغرض.



وفي مخيمات اليونان تحديدًا «مخيم موريا» الذي يقع على جزيرة «ليسبوس» اليونانية؛ عمل أفراد تابعون لتنظيم «داعش» على نشر أفكارهم المتطرفة؛ حيث أشار موقع «ذا انتربست» الأمريكي، إلى أنه في أواخر شهر مايو الماضي، ظهرت آثار أفكار «داعش» في مخيمات اليونان.



واستدل الموقع الأمريكي بقول شاهد عيان كردي يدعي «نبيه»، الذي هاجمه نحو 30 فردًا من أعضاء التنظيم، حينما كان عائدًا في إحدى المرات إلى خيمته في المخيم، وبعدما عرفوا أنه كردي، انهالوا عليه ضربًا، ووجد نفسه وسط قتال بكل معنى الكلمة علي حسب قوله، وسمع أحد المهاجمين يقول: «إنَّه عجوز، اتركوه ليموت»، في حين علق آخر: «هو لا يصلي ولا يصوم، إن قتله حلال»، وحينما نقلوه إلى خيمة أخرى أشار «نبيه» إلى أنه رأى علم تنظيم «داعش» على الحائط المقابل له.



وعلى مدار الشهور الأخيرة وصل إلى مخيم «موريا» نحو 600 شخص قادمين من مدينة «دير الزور» (آخر معاقل داعش في سوريا)، وظهرت علامات على وجود مؤيدين لـ«داعش» في مخيمات اليونان وسط المجموعة الأساسية من اللاجئين القادمين من «دير الزور»، وهو ما بعث القلق في نفوس لاجئي مخيم «موريا» خاصة الأكراد.



ونتيجة لذلك، طالب كل من حزب «البديل من أجل ألمانيا» وحزب «الفَجر الذهبي» في اليونان، بغلق أبواب الهجرة لمنع تسلل أعضاء التنظيمات المتطرفة إلى دولهم، وخوفًا من أن تكتسب هذه الجماعات مثل «داعش» نفوذًا وسلطة في تلك البلاد.

للمزيد: «فتح الإسلام».. تطرف يُولد من رحم مخيمات اللاجئين

قلق
وقد أعرب مسؤولون في أجهزة الاستخبارات في بريطانيا عن قلقهم من أن تستغل التنظيمات الإرهابية، أزمة تدفق المهاجرين واللاجئين التي تجتاح الدول بجوازات سفر مزورة، لإنشاء خلايا نائمة لها في جميع أنحاء أوروبا، موضحةً أنه يمكن بالكاد التمييز بين اللاجئين الحقيقيين والإرهابيين المشتبه بهم باستخدامهم جوازات السفر الوهمية، وغالبيتها وثائق عراقية وسورية وليبية مزورة، ما يزيد الضغوط على الدول الأوروبية للحد من أزمة اللاجئين التي تجتاح الاتحاد الأوروبي، نتيجة لذلك رأوا أن الطريقة الوحيدة لضمان منع الإرهابيين من السفر إلى المملكة المتحدة سيكون من خلال الانسحاب من الاتحاد الأوروبي وفرض لوائح أكثر صرامة على الحدود البريطانية.



ويكمن السبب الرئيسي بشأن تخوف الدول الأوروبية من تدفق أعداد هائلة من المهاجرين من سوريا إلى القارة الأوروبية، في الخوف من تسلل عناصر جهادية لتنظيم «داعش» بينهم؛ بل يذهب بعض المتخوفين في أوروبا إلى أبعد من ذلك، حيث رأوا أن هناك برنامجًا ممنهجًا لأسلمة أوروبا وإعادة غزوها، وأن موجات اللاجئين ما هي إلا عملية «غزو سلمي» من قبل بعض التنظيمات المتطرفة لبلاد الغرب؛ لقلب حضارته رأسًا على عقب.



تصدٍ أوروبي
ويبدو مما سبق أن «داعش» يستهدف اللاجئين الضعفاء في أوروبا في محاولة لزيادة أعداد عناصر التنظيم، إلا أن اللاجئين أنفسهم يدفعون أيضًا ثمن التطرف الذي يختمر داخل المخيم، الأمر الذي يفرض على الأوروبيين الحذر في مواجهة خطر «داعش»، بالنظر إلى حجم التهديد الذي يمثله هؤلاء الأجانب المدربون جيدًا على استخدام المتفجرات والأسلحة النارية، والمزودون أيضًا بالأيديولوجية المتطرفة.