بوابة الحركات الاسلامية : «هامبورج» والعمائم السوداء.. إيران تمد ذراعها الشيعية إلى العمق الألماني (طباعة)
«هامبورج» والعمائم السوداء.. إيران تمد ذراعها الشيعية إلى العمق الألماني
آخر تحديث: الجمعة 14/09/2018 08:59 ص علي رجب
«هامبورج» والعمائم
في يناير 2018، نفذت السلطات الألمانية عمليات بحث بجميع أنحاء البلاد عمن له صلة بعشرة إيرانيين يشتبه في أنهم تجسسوا على مؤسسات وأشخاص في ألمانيا بأوامر من وحدة استخبارات إيرانية، بحسب ما ذكر الإدعاء الألماني.


تضع هذه الاتهامات جزءًا من شيعة ألمانيا (سواء الحاصلون على الجنسية أو المقيمون فيها واللاجئون إليها) في مرمى الاتهامات من قبل الأمن الألماني بأنهم سبب من أسباب  زعزعة أمن واستقرار الجمهورية الألمانية، التي تعد من كبرى دول أوروبا استقبالا للاجئين من العالم.

 3 عوامل تهدد مستقبل المسلمين في ألمانيا

◄ الشيعة في ألمانيا 

الحضور الشيعي في ألمانيا هو حضور حديث مقارنة ببقية الأحزاب الإسلامية، حيث كانت أولى لبنات الوجود الشيعي مع نهاية الحرب العالمية الثانية وبداية هجرة السوريين واللبنانيين والأتراك والإيرانيين الشيعة إلى ألمانيا الغربية.

وهناك عشرة من الشيعة حصلوا على عضوية المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا «ZMD»، وهو من أهم المنظمات الإسلامية في هذا البلد، ويضم المجلس عشرة آلاف عضو فقط، يمثلون جزءًا من نحو 5.5 مليون مسلم يعيشون في ألمانيا.

ويبلغ عدد المسلمين نحو 5 ملايين مسلم، غالبيتهم من السنة، والباقي من الشيعة والطائفة الأحمدية وغيرهم من المذاهب الإسلامية.

وغالبية الشيعة في ألمانيا من الإمامية «الإثني عشرية»، ويبلغ عددهم أكثر من 225 ألف شخص، فيما بلغ عدد الشيعة العلويين وأغلبهم من تركيا وسوريا أكثر من 70 ألف شخص، والشيعة الإسماعيلية نحو ألفي شخص،  وفقا لتقرير «Mitgliederzahlen Islam»، بحسب موقع «REMID»

ويتمتع شيعة ألمانيا بالعضوية النشطة في مجلس العلماء الشيعة في أوروبا، والأخير يعد مظلة تنطوي تحتها الجمعيات والمؤسسات الشيعية في القارة العجوز.

ويضم مجلس العلماء الشيعة في أوروبا نحو 26 مركزًا، و70 حسينية، وهو ما يشكل خلايا نائمة، مستغلّين عدم مراقبة حكومات الدول الغربية لهم.

للمزيد:
معاناة مسلمي ألمانيا بين زيادة السلفيين وصعود اليمين المتطرف
◄ المؤسسات الشيعية في ألمانيا:
هناك العشرات من المؤسسات الشيعية في ألمانيا، على رأسها، المركز الإسلامي في هامبورج، وهو يشكل إجتماعا للشيعة بشكل عام، والإيرانيين بشكل خاص، وقد تأسس عام 1960، وينشر التعاليم الشيعية الإيرانية وفقا لرؤية ولاية الفقيه الخمينية، نسبة لمؤسسة الجمهورية الإسلامية في إيران روح الله الموسوي الخميني، وهناك كذلك مركز ومسجد الإمام علي (عليه السلام) في مدينة هامبورج، و«مجتمع السجادية» في مدينة «فشتا»، ومركز الهادي بمدينة «كيل»، وجمعية الملتقى الإسلامي في نورنبيرج، وجمعية البتول الإسلامية في مدينة هايدن، ومركز الزهراء الإسلامي في مدينة لايبزك، ومركز رابطة أنصار الحسين في مدينة دوسلدورف، ومؤسسة أم البنين في «أسن»، و حسينية الإمام الهادي في مدينة ميونخ، وحسينية أهل البيت في مدينة «اوكسبورك»، و«موكب عابس ﺍﻟﺸﺎﻛﺮﻱ» في مدينة « ﻛﻮﻟﻦ»، ومؤسسة الزهراء في مدينة « باد أوينهاوزن»، بحسب مركز الأبحاث العقائدية.

وكذلك الهيئة الفاطمية، وهي تتبع المرجعية الشيرازية، في مدينة «كيل»، ومركز السيد موسى الصدر، ومؤسسة العين الخيرية، ومسجد ومركز الأفغانيين المقلّدين للمرجعية الشيرازية في مدينة برلين، ومؤسسة « خدمة الإمام الحسين»، ومسجد «السيد» في مدينة هانوفر، بحسب موقع الإمام الشيرازي.

وهناك أيضًا، مركز المجتبى في برلين، وفرع جامعة المصطفى الإيرانية في برلين، ومعهد العلوم الإنسانية والإسلاميَّة في هامبورج، والمركز الإسلامي العراقي في برلين، والجمعية الثقافية العلوية التركية -وهي تتبع الشيعة العلويين- في «مولهايم أن در رور» في ولاية شمال الراين، بحسب مركز الأبحاث العقائدية.

للمزيد:
 تمدد إيران بـ«البلقان».. تهديد جديد للاستقرار الأوروبي

◄ وكلاء الشيعة:
من ناحية أخرى فإن الشيعة في ألمانيا يتمتعون بحقوقهم كاملة، ويعدون أقل الطوائف الإسلامية التي تعرضت لـ«الإسلاموفوبيا» في ظل تنامي الخطاب اليميني المتطرف في ألمانيا وأوروبا، نتيجة لخطاب معتدل من قبل المراجع الشيعية ووكلائهم في أوروبا، واتخاذهم غطاء عبر التقارب من العلمانيين والليبراليين.

ولكل شيعي يعيش في ألمانيا مرجع وممثل له «وكيل المرجعية»، والأخير هو ممثل المرجع الديني أو المندوب له في أي بلد خارج العراق وإيران، أو كل محافظة داخل البلدين ذات أغلبية شيعية- ويقوم هذا الوكيل بتعليم الأمور الشرعية وتعليم أتباعه الحقوق والواجبات الشرعية، ويحصل على «الخُمس»- أخذ خُمس أموال المسلمين الشيعة لصالح المرجع-.

ومنذ عامين تقريبًا دعا المرجع الشيعي، محمد سعيد الحكيم، «شيعة أوروبا»، لتحمل المسؤولية كسفراء للوجه الناصع للتشيع بتلك البلدان؛ من خلال التحلّي بالصدق والأمانة، وحسن الاختلاط، والحوار الهادئ والمعتدل، وفق رسالته التي وجهها في 15 ديسمبر 2016، وفق موقع «أبنا» الشيعي.


للمزيد:
خلايا «الحرس الثوري» النائمة.. عناصر خفية تهدد أوروبا

الاستغلال الإيراني:

استغلت إيران تلك الدعوات الشيعية، عن طريق بعض الشيعة، حيث صنعت منهم أداة لها في  تنفيذ سياستها الخارجية نظام ولاية الفقيه الإيرانية.

فعملت إيران على إنشاء المساجد والمدارس والمنظمات الخيرية والشيعية على نطاق واسع، وبدأت في إنشاء المراكز الثقافية بعد وفاة الخميني كسياسة خارجية جديدة.

ودعا المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، في رسالة إنشائية موقعة بتاريخ 21 يناير 2015 وموجهة إلى «شباب أوروبا وأمريكا الشمالية» كافة، دعاهم فيها إلى العزوف عن اتباع «أهاليهم أو حكوماتهم»، في تحرض على حكوماتهم والولاء له.

وتعد جامعة المصطفي والمركز الإسلامي في هامبورج، أهم أذرع إيران للتغلغل في المجتمع الألماني بشكل عام والإسلامي بشكل خاص، واعتبر  التقرير السنوي لعام 2004 الصادر عن وزارة الداخلية في ألمانيا، أن المركز الإسلامي في هامبورج  يشكل نقطة اتصال مع المرشد الإيراني علي خامنئي، ويعمل على نشر ما يسمى بالنظام الإسلامي الإيراني على مستوى العالم، كما أن المركز يعتبر أيضًا نقطة اتصال للشيعة في بلدان أخرى، لاسيما تركيا ولبنان”.

وكشفت عملية استهداف المؤتمر السنوي لـجماعة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة في الخارج، بالعاصمة الفرنسية باريس، عن وجود خلايا تعمل في الخفاء تابعة للحرس الثوري الإيراني (فرع من فروع القوات المسلحة الإيرانية أسست 1979)، في أوروبا.

وفي نوفمبر 2017، وجّه القائد العام للحرس، اللواء محمد علي جعفري، تهديدات غير مسبوقة للشرق الأوسط وأوروبا، ملوّحًا بـ«خلايا مسلحة»، قائلًا: إن «خلايا للمقاومة المسلحة» قد تشكلت في المنطقة، وإن هناك خلايا أخرى صغيرة سيظهر تأثيرها قريبًا.

وفي 4 يوليو 2018 کشفت صحيفة «ستاندارد» البلجيكية، تفاصیل أکثر للخلیة النائمة‌ لإیران في أوروبا، وأکدت نقلًا عن وكالات أمنية أن زوجين كانا يعتزمان شن هجوم على باريس تم إرسالهما إلى أوروبا كجواسيس للنظام الإيراني.

وقد حذرت تقارير بحثية واستخباراتية كثيرة من التغلغل الإيراني في المجتمع الأوروبي، حيث ألقت الجمعية الأوروبية لحرية العراق، واللجنة الدولية للبحث عن العدالة، في لندن؛ في دراسة حول نشاط الحرس الثوري، الضوء على  تدخُّل الحرس الثوري الإيراني، خلال العقود الثلاثة الماضية، في شؤون 14 دولة بالمنطقة.

وخلصت الدراسة إلى أن الحرس الثوري يشكل خطرًا على أوروبا، مطالبين الخارجية البريطانية، والاتحاد الأوروبي، ومجلس الأمن، وإدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بتصنيف الحرس الثوري كـ«جماعة إرهابية».


خطورة التغلغل الإيراني:
الدكتور عارف الكعبي، رئيس اللجنة التنفيذية لإعادة الشرعية لدولة الأحواز، يقول إن ايران تستقطب العديد من الشيعة العرب والأجانب، بالإضافة إلى الشيعية الإيرانيين المرتبطين بالولي الفقيه، من أجل استخدامهم كخلايا تجسس وعمليات إرهابية وتنفيذ عمليات اغتيالات ضد المعارضين لنظام الملالي في دول أوروبا.

وأضاف الكعبي، في تصريح خاص لـ«المرجع» أن هناك ألمانيا تشكل أهمية خاصة لدي نظام الملالي لأنها من الدول التي تلعب دورًا في الاتفاق النووي الإيراني، كما أن هناك مئات الآلاف من الإيرانيين في ألمانيا، وكذلك يبلغ حجم رؤوس أموال الإيرانيين المقيمين في ألمانيا سواء المنقولة أو الثابتة نحو 50 مليار دولار، وهو ما يشكل  قيمة ألمانيا في السياسة الخارجية الإيرانية.

وتابع الناشط الأحوازي، « الأمر الآخر ينظر الإيرانيون الي الألمان علي أنهم ورثة الهوية الآرية،  ففي عام 1986، كتب الرئيس الإيراني الراحل هاشمي رفسنجاني، خطابًا إلى المستشار الألماني هلموت كول ذكر فيه «جذورنا الآرية المشتركة»، وكان يحلو لكلاوس كينكل، وزير خارجية كول، أن يقول في إشارة إلى العلاقات التي تجمعهم مع إيران: تراثنا المشترك ومائة عام من التحالف».، وهو ما يوضح العلاقة الذاتية بين إيران وألمانيا.

وأوضخ أن ألمانيا من أولى الدول التي كانت بها مراكز شيعية إيرانية، ففي منتصف الخمسينيات تم تاسيس أول مركز إسلامي شيعي في هامبورج ،  وبعد وصول الخميني للحكم انتشرت المراكز الشيعية في ألمانيا في إيران، لتصدير ولاية الفقيه والتغلغل في المجتمع الألماني بشكل عام والمهاجرين العرب والمسلمين وخاصة العراقيين والسوريين والأفغان والباكستانيين.