بوابة الحركات الاسلامية : الهجرة النبوية المشرفة.. عظم الإسلام تاريخها ودنسه الإخوان (طباعة)
الهجرة النبوية المشرفة.. عظم الإسلام تاريخها ودنسه الإخوان
آخر تحديث: الجمعة 14/09/2018 09:01 ص دعاء إمام
الهجرة النبوية المشرفة..
في مواضع عدة.. تختلق قيادات جماعة الإخوان أسانيد وأدلة على ما تُطلق عليها أدبياتهم «ربانية الجماعة»، إذ ابتدع الإخوان منهجًا حركيًّا للسيرة النبوية، أرساه القيادي السوري منير الغضبان، المراقب العام الأسبق؛ فأسقط السيرة وحياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم على ما مرّت به الجماعة في سنواتها، لاسيما وقائع الهجرة من مكة إلى المدينة المنورة قبل 1440 عامًا.


دأب الإخوان على القياس والاستشهاد الخاطئ بأحداث الهجرة، من خلال خطاب رددته قيادات الرعيل الأول، ومازال قائمًا حتى اليوم، يتمحور حول إضفاء قداسة على الهاربين، بأن هروبهم هجرة، والعمل على شيطنة المخالفين، ومن ثم تكفيرهم.



الهجرة تعني الهروب إلى إسطنبول

تزعم الجماعة -وتُروج مزاعمها تلك- أن وقائع التعذيب والتضييق التي طالت النبي وأصحابه قبل الهجرة، يتعرضون لها الآن، وأن الهرب إلى تركيا أو قطر أو المملكة المتحدة، هو هجرة من نوع آخر، فقد اختلق القيادي الإخواني وجدي غنيم سندًا ومرجعًا من القرآن لعلامة «رابعة» التي رفعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عام 2013، وردّها إلى الآية القرآنية رقم 195 من سورة آل عمران: (الَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ).


للمزيد:

منير الغضبان.. صاحب التأصيل الشرعي لـ«ازدواجية الإخوان»

تحريف القرآن والأحاديث.. منهج «الإخوان» لشرعنة العنف


ولم تمر ذكرى الهجرة النبوية هذا العام، دون استغلال سياسي ومتاجرة من الإخوان؛ حيث لفتت الجماعة متحسرة إلى أن «الدين عاد غريبًا كما بدأ»، مُرجعة السبب إلى أن الجماعة أصبحت مستضعفة، رامية بطرف خفي إلى أوجه الشبه بين هجرة النبي وهجرة الإخوان، وترك ديارهم للنجاة بأنفسهم.


إسلام ناقص

في مقال كتبه، صالح عشماوي، أحد قادة النظام الخاص (1940)؛ احتفالًا بالعام الهجري 1363، افتتحه بقوله: «سأتحدث عن هجرة أخرى (يقصد الإخوان) غير هجرة النبي، وكم بين الهجرتين من شبه وصلة ونسب».


وبدأ «عشماوي» في إسقاط حدث «الهجرة النبوية» على الجماعة، إذ قال «ها هي الأيام تطوي أربعة عشر قرنًا إلا قليلًا منذ هاجر رسول الله من مكة –وهي يومئذ موطن الشرك والأوثان وأرض التهتك والفجور، وبلد الميسر والخمر، ومنزل البغي والظلم والجور– إلى المدينة ليجاهد في سبيل الله لنشر عقيدة التوحيد، ويناضل في سبيل إسعاد البشر بأعدل تشريع».


وأردف: «الإنسانية تنتكس مرة أخرى، وها نحن نعيش كما عاش الوثنيون فيه، لقد عَبَدَ الكفار في مكة الأصنام والأوثان، وأصبح الناس في عصرنا هذا –عصر الحرية والنور– يعبدون المال، ويعبدون الشهوات، ويعبدون المناصب والجاه، فتعددت الآلهة أضعاف ما كانت عليه في الجاهلية، وإن اختلفت الأسماء والأشكال».


جاهلية المجتمع

وشبّه زيَّ النساء المصريات آنذاك (عام 1944) بـ«تبرج الجاهلية الأولى»، قائلًا: «ما أشبه المجتمع الذي نعيش فيه بذلك المجتمع الجاهلي قبل الإسلام، وأخبرنا ديننا أن الله يُرسل لهذه الأمة كل قرن من يجدد لها»، والمجدد بحسب قائد النظام الخاص هو مرشد الجماعة، حسن البنّا.


وجعل منزلة «البنّا» شبيهة للنبي محمد -بحسب مقاله- فكأنما كان إسلام الناس ناقصًا وجاء مرشد الجماعة ليتممه، إذ قال إن 1928 (عام تأسيس الإخوان) شهد ظهور رجل يدعو إلى الاعتقاد السليم، فاتبعه الإخوان وآمنوا بدعوته.


وبلهجة تحريضية، أردف: «لابد إذن من هجرة أخرى، هجرة نغادر معها هذا المجتمع الملوث وذلك الفساد المنتشر إلى جو أنقى ومجتمع أطهر! وقد كان، فهاجرنا من هذا الجو، وإن لم نبتعد عن مسقط الرأس أو نتعدى حدوده الجغرافية! وهجرنا الأهل والأصدقاء، وإن كنا نراهم في كل صباح ومساء، وأصبحنا نحدثهم عن الإسلام، وعن الجهاد وعن الشهادة ودرجتها، فينظرون إلينا كما لو كنا نحدثهم بلغة أجنبية لا عهد لهم بها، ولا علم لهم بألفاظها ومعانيها».


واعترف «عشماوي» بما تمثله الهجرة عند الجماعة؛ وهو هجرة أخوَّة الرحم إلى أخوة الفكرة (الإخوان)، قائلًا: «عكفنا في دار الهجرة، على نفوسنا نطهرها ونزكيها، وعلى دعوتنا نتفقه فيها ونتفهم مراميها، وعلى الرابطة التي تجمعنا نغذيها ونقويها، وعلى صفوفنا نعدها ونسويها».


الهجرة وأستاذية العالم

أما المرشد الثاني حسن الهضيبي، فقد مهّد لما يرمي إليه، بالقول إن دعوة الإخوان هي الدين الخالص، إذ أوردت الموسوعة الإلكترونية للإخوان، أحد المقالات المكتوبة بمناسبة عامٍ هجري جديد، زعم خلاله أن الجماعة تدعو إلى «الدين الحق، الدين الذي لا فلسفة فيه، الدين الذي ليس فيه كتب نقعد لمطالعتها ليلًا ونهارًا ونركن إليها، إنها قول لا إله إلا الله محمد رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة».


وزعم «الهضيبي» أن دعوة الإخوان جاءت لتغير العقيدة، كما غيّر الإسلام عقيدة عبدة الأوثان والنار، واصفًا «الهجرة» بأنها حركة إصلاحية تغييرية في تاريخ الإسلام، وأن تاريخ الدعوات مرتبط بالحركة في سبيله، والهجرة المنشودة بحث عن أماكن خصبة للدعوة، لتحقيق أهدافها العليا، في إشارة إلى الأحلام التوسعية للجماعة، فيما عُرف بـ«أستاذية العالم».

 
وأردف: «لمهاجر العصر الحديث معالم وملامح، كل منا مطالب بأن يعرض نفسه عليها، بحثًا عنها في ذاته كي يستوفيها ويحقق بها: فالمهاجر في سبيل الله اليوم من يستصحب دائمًا نية الجهاد وحب الاستشهاد «ولكن جهاد ونية»، والمهاجر في سبيل الله اليوم، من يطلق قدرات نفسه وإمكاناته ومهاراته ومواهبه نصرة لدينه، ويتخلص من الأغلال التي تحيط به، والتي تمنعه من أن ينطلق بدعوته الانطلاقة نحو الهدف المنشود».

للمزيد: «إسلام الإخوان».. وحي «البنّا» للجماعة


هجرة لهدم الإسلام

قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري: إن الجماعات المتطرفة تستغل بعض المفاهيم، لخداع الشباب واستخدامهم في تدمير البلاد، وتشويه الإسلام، لافتًا إلى أن الهجرة التي تريدها الجماعات في عصرنا هذا، بزعم إقامة دولة الإسلام هي هجرة ليست إسلامية، إنما ما يجب أن يكون هو هجر الكسل والبطالة إلى العمل والإنتاج والمتاجرة بالدين إلى تدين حقيقي لكي تنهض الأمة‏.‏


وأضاف خلال احتفال وزارة الأوقاف بالعام الهجري الجديد، أمس الإثنين، أن التنظيمات المتطرفة أساءت استغلال الدين، وضيقت على أن الناس، قائلًا: «بلد به 140 ألف مسجد وألف مئذنة لا يمكن أن يزايد علي إسلامها أحد -يقصد الإخوان- وأن الأمة تحتاج لهجرة جديدة من الكذب والغدر والخيانة إلى مكارم الأخلاق»؛ وبذلك تكون هجرة من المتاجرة بالدين لتوظيفه بعيدًا عن السياسة والأكاذيب والزيف، ومن التدين الشكلي إلى التدين الحقيقي، حتى تنهض الأمة، وتقف على أرضية صلبة.


منهج منافٍ للدين

عن هذه النظرة وذلك الخلط والاستغلال من جانب الإخوان لحدث ديني مهم بحجم الهجرة النبوية، قال الدكتور عبدالمقصود باشا، أستاذ التاريخ والحضارة بجامعة الأزهر: إن منهج جماعة الإخوان لا يتفق مع الدين الإسلامي؛ فتفكيرهم قاصر على مهاجمة الدولة وتخريبها، وتسخير كافة مواردهم لدعم منصات إعلامية تبث من تركيا وقطر؛ تنقل فكرهم الإرهابي للشباب.


وأكد في تصريح لـ«المرجع» أنهم يرددون أفكار منظريهم، دون أن يتفكروا فيها، مثل كتب سيد قطب، التي تحضُّ على الكراهية، ومملوءة بمغالطات حول مفاهيم الخلافة والهجرة وغير ذلك، ما يجب تصحيح تلك المفاهيم ووضعها في سياقها الصحيح.