بوابة الحركات الاسلامية : عندما يولد الإرهاب من رحم الصراعات السياسية.. أوكرانيا نموذجًا (طباعة)
عندما يولد الإرهاب من رحم الصراعات السياسية.. أوكرانيا نموذجًا
آخر تحديث: الجمعة 14/09/2018 09:05 ص نهلة عبدالمنعم
عندما يولد الإرهاب
عادت الأزمة الروسية - الأوكرانية للاحتدام مجددًا، وذلك بعد فترات من الخفوت النسبي، وصفها البعض بالحرب الباردة بين الطرفين، فبالأمس كشف جهاز الأمن الفيدرالي الروسي «FSB» عن تقرير أمني يدين المخابرات الأوكرانية ويتهمها بالتعاون مع تنظيم «داعش» الإرهابي.


وقال «FSB» إن وكالة الاستخبارات الأوكرانية تقدم دعمًا واسعًا لعناصر تنظيم «داعش»، إضافة إلى جماعة اليمين المتطرف المعروفة باسم «برافي سكتور» - التي توجد بأوكرانيا منذ نوفمبر 2013 - وتدفعهما للتعاون سويًا وذلك للقيام بعمليات إرهابية واستهداف لزعماء انفصاليين موالين لروسيا في شرق أوكرانيا.



وأشارت الأجهزة المعنية إلى أنها اعتمدت هذه المعلومات بناء على إفادة قدمها مواطن روسي ينتمي لـ«داعش»، ويدعى ميدجيد ماجوميدوف، كان قد قُبض عليه في روسيا الأحد الماضي، وقال «ماجوميدوف» إن وكالة المخابرات الأوكرانية هي من تقدم المساعدة للتنظيم وذلك من خلال ضمان سلامة العناصر، وتزويدهم بالأموال والأسلحة والمتفجرات لتنفيذ هجمات إرهابية في روسيا، إلى جانب القضاء على قادة الانفصال ذوي الميول الروسية في جمهورية «لوجانسك» وجمهورية «دونيتسك» الشعبية.



وتأتي تلك الاتهامات في أعقاب حادث اغتيال رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية، الكسندر زاخارشينكو والذي وقع في 31 أغسطس عام 2018.


جذور الصراع

قد تبدو الاتهامات، معقدة ومبهمة بعض الشيء، ولكن بالعودة إلى التاريخ الماضي للعلاقات بين البلدين تتكشف بعض الخفايا وينجلي الإبهام عن بعض الأمور، فالدولة الأوكرانية التي تقع على الخريطة الشرقية لأوروبا كانت في القدم جزءًا من الاتحاد السوفييتي، لكن انفصلت عنه مؤخرًا في عام 1991 وأصبحت تتشوق للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وتأكيد انتمائها للقارة العجوز والانسلاخ عن الدب الروسي.



ورغم ذلك فهناك البعض يعتقدون بأن الانتماء للدب الروسي أفضل من الاحتماء بأوروبا، وعلى خلفية تلك الاختلافات والتناقضات سواء أكانت إيديولوجية أو مدفوعة، اندلعت اشتباكات ومعارك بالعاصمة كييف في 2013 على خلفية تعطيل الحكومة لاتفاقية شراكة تجارية مع الاتحاد الأوروبي.



ونتيجة لتلك الصراعات تم عزل الرئيس «فيكتور يانوكوفيتش» في 2014 بعد ثورة عمقت الانقسام في البلاد، وأعقبها احتدام للمعارك بالمنطقة التي تعرف بـ«دونباس»، التي تقع شرق أوكرانيا على الحدود الروسية وتضم قادة انفصاليين موالين للاتحاد الروسي.



وتدخلت روسيا آنذاك عسكريًّا بأراضي الجارة الدولية، بحجة حماية الانفصاليين كما ضمت منطقة شبه جزيرة القرم لسيادتها بعد استفتاء مختلف عليه عالميًا، ما دفع دوائر أخرى لإعلان الانفصال عن أوكرانيا وتكوين دول مستقلة.



ومن الدول التي نتجت عن هذا الصراع، جمهورية دونيتسك الشعبية، وجمهورية لوجانسك، والدولتان لم يعترف بهما أحد لكنهما أعلنتا الانفصال عن أوكرانيا في 2014 بعد انضمام القرم لروسيا، إضافة إلى أن قادة الدولتين المزعومتين حديثاً بشرق أوكرانيا يُعرفون بالولاء لروسيا التي تتهم أوكرانيا بقتل واحد منهما وهو الكسندر زاخارشينكو.


الاستغلال 

وبطبيعة الحتمية السياسية تُشكل مناطق الصراعات والأطماع بيئة رخوة لاجتذاب عناصر الإرهاب أو استغلالها أحيانًا من بعض أطراف الصراع، ويتجلى هذا الأمر في النموذج الأوكراني، فممثل التيار اليميني المعروف باسم برافى سيكتور، والذي تتهمه روسيا حاليًا بتنفيذ عمليات اغتيال والمشاركة في دعم إرهاب «داعش»، سبق وانخرط عسكريًّا أثناء أزمة البلاد في عام 2014 غير مكتفٍ بالتمثيل السياسي، إذ قام القطاع اليميني بإرسال كتيبة مسلحة للمشاركة في حرب «دونباس» عام 2014 والقتال لمصلحة القوى الأوكرانية غير الموالية لروسيا.



وبعد ظهور تنظيم «داعش» على الساحة العالمية، اعترف رئيس إدارة الأمن الأوكراني، فاسيلي جريتساك، في تصريح صحفي عام 2015، بامتلاك الأجهزة الأمنية، معلومات وبيانات تؤكد الوجود الكثيف للعناصر الداعشية في البلاد.



علاوة على ذلك، مُنيت البلاد مؤخرًا بعدد من العمليات الإرهابية كان أبرزها الانفجار الذي وقع في 24 أغسطس عام 2017 مستهدفًا الشارع الذي يوجد به مبنى البرلمان، وعدد من الأبنية الحكومية الأخرى وكان ذلك إبان الاحتفال بالذكرى السادسة والعشرين للاستقلال، ما أدى إلى إصابة شخصين.



وعن العلاقة بين الاضطرابات السياسية والوجود الإرهابي ذكرت دراسة نشرها معهد «السلام والاقتصاد» عام 2016، أن مناطق الصراعات السياسية تكون أعلى تعرضًا للإرهاب ونمو العناصر المتطرفة أكثر من غيرها، فيما وجدت الدراسة أن العمليات الإرهابية التي وقعت في الفترة ما بين 1989 و2015، تم تنفيذ 93% منها داخل البلدان التي تتميز بوجود طابع سياسي عنيف، إلى جانب الصراعات الداخلية والمشاركة في النزاعات المسلحة.



إضافة إلى ذلك توجد جماعات إرهابية أخرى بالبلاد تتخذ أيضًا من دعاوي الانفصال شرعية زائفة لممارسة أنشطتها مثل جماعة «جوهر دودايف»، التي تنتهج العقيدة الداعشية، علاوة على ذلك تشير التقارير إلى أن الفساد الحكومي الذي يؤخر البلاد عن الالتحاق بالاتحاد الأوروبي يسهل حصول المتطرفين على جوازات السفر التي يمرون من خلالها لقلب أوروبا.




اقرأ أيضًا: الاضطراب السياسي في «أوكرانيا» يجذب قطر والجماعات الإرهابية