بوابة الحركات الاسلامية : رئيس شورى «نهضة العلماء» الإندونيسية لـ«المرجع»: نتعاون مع الأزهر في إرساء الوسطية والتسامح (طباعة)
رئيس شورى «نهضة العلماء» الإندونيسية لـ«المرجع»: نتعاون مع الأزهر في إرساء الوسطية والتسامح
آخر تحديث: الجمعة 21/09/2018 08:36 ص إسلام محمد
رئيس شورى «نهضة العلماء»
في ظل تزايد الجدل في أنحاء العالم الإسلامي حول مفاهيم الوسطية والاعتدال، والاختلافات بين المناهج الموجودة على الساحات الدعوية المختلفة تشتد الحاجة إلى التعرف على أبرز الرؤى التي تناولت بالطرح والعلاج هذه القضايا، ومن هنا كان حوار «المرجع» مع رئيس مجلس شورى جمعية نهضة العلماء الإندونيسية، والمشرف على أبناء الجمعية الدارسين بمصر، مخلصان جلال الدين، الذي شرح مفهوم «إسلام نوسانتارا» الذي تتبناه الجمعية التي تعد من أكبر الجماعات الإسلامية، والتي تنتشر فروعها في جميع المناطق المأهولة بالجزر الإندونيسية.



وفي هذا الحوار يشرح لنا القيادي الإندونيسي، أبعاد الدور الذي تضطلع به الجماعة، ومدى تأثيرها في المجتمع، والتحديات التي تواجهها منذ تأسست وحتى الآن.

• بداية.. ماذا عن أهداف جمعية نهضة العلماء منذ تأسيسها عام 1926؟

تأسست الجمعية من أجل هدفين رئيسيين؛ الارتقاء بحال أبناء الشعب الإندونيسي دينيًّا وتربويًّا، ورعاية الأسر الفقيرة، وتحسين أحوال معيشتها، وذلك عندما كانت البلاد ترزح تحت وطأة الاحتلال الهولندي، وقد كانت أحوال الشعب في تلك الفترة شديدة السوء، ولذلك كان لابد من النهوض بأحوال المواطنين عبر عمل مؤسسي كبير يتصدى لحمل هذا العبء، فكانت الجمعية.



• كم عدد أعضاء هذه الجمعية؟

نهضة العلماء هي أكبر جماعة إسلامية على مستوى العالم؛ حيث يبلغ عدد أعضائها 90 مليون مواطن.



• 90 مليون عضو في الجمعية؟! أليس هذا الرقم مبالغًا فيه؟

ليس مبالغًا فيه بالنسبة إلى دولة يتجاوز عدد سكانها ربع مليار نسمة، وهو رقم موثق بحسب آخر التقديرات، وينتشرون في المناطق الريفية بشكل أساسي، أكثر من المدن.  



• لماذا المناطق الريفية بالتحديد؟

لأنه طبقًا لأهداف الجمعية، فهذه المناطق هي الأكثر احتياجًا، فسكانها يطالهم الفقر ونقص الخدمات التعليمية والمرافق بشكل أكبر من المدن بكثير، وبالتالي فكان التركيز على القرى، لاسيما في البداية، لكننا الآن موجودون في كل المدن.



• هل تعتمد الجماعة النهج الصوفي؟

ليس كل مشايخ الجمعية من المتصوفة، وإن كان معظمهم منها، لكن عددًا كبيرًا من الطرق الصوفية تعمل تحت مظلة نهضة العلماء، وتتبع لنا أكثر من 40 طريقة كلها تضم أعضاء من الجمعية، كما يوجد مجلس خاص لتقييم الطرق ومدى توافقها مع الشريعة والتزامها بها.



·  وهل يوجد ليبراليون داخل الجمعية؟

هناك من يصفون أنفسهم بالحداثيين أو العصرانيين داخل نهضة العلماء لكن عددهم قليل.



·  ما دوركم في مكافحة انتشار الإرهاب والفكر المتطرف داخل المجتمع الإندونيسي؟

نحن نحذر منذ فترة طويلة من خطورة الفكر الوافد إلى بلادنا، وتأثيراته السلبية على ثقافة البلاد المتسامحة، ونتبنى نشر ثقافة المنهج الوسطي بين أبناء الشعب الإندونيسي.



·  برأيك ما أسباب انتشار الإرهاب والفكر المتطرف؟

الإرهاب ليس خاصًّا ببلد دون آخر، بل هو ظاهرة عالمية، وهناك قوى دولية تقف وراء الإرهابيين من أجل الإساءة للدين الإسلامي، وتوفر لهم الدعم للإضرار بالدول الإسلامية.



· كيف ترى دور الأزهر في نشر الوسطية داخل إندونيسيا؟

دعاة الأزهر يجوبون بلادنا لنشر المنهج الوسطي، وكثير من النهضويين تخرجوا من الأزهر الشريف، أو تتلمذوا على يد خريجي الأزهر.



·  ما علاقة الجمعية بالأزهر الشريف؟

منهج الأزهر هو نفس منهج نهضة العلماء، وهو المنهج الوسطي، فنحن تجمعنا روابط فكرية واحدة، فكلانا يعتمد المذهب الأشعري ومنهج أهل السنة والجماعة، لكن لا يوجد إطار  تنسيقي محدد بين الطرفين.



·   تقلد عدد من رموز الجماعة مناصب سياسية مهمة، منها منصب رئيس الجمهورية، فهل كان لهذا الدور السياسي أثر على العمل الدعوي؟

بالفعل البعض انشغل بأعبائه السياسية لفترة من الوقت، وعلى رأسهم الرئيس عبدالرحمن وحيد، الشهير بـ«جوس دور»، لكن في المجمل سارت الجمعية في نشاطها المعتاد، منتهجة مبدأ عدم إلزام أعضائها بتوجه سياسي معين، إذ تترك لأعضائها حرية الاختيار في هذا الشأن؛ فحتى حزب «نهضة الأمة» الذي أسسه وحيد، الذي كان رئيسًا للجمعية، لم يحظ إلا بتصويت ثلث أعضاء نهضة العلماء.



كما أن أكثر من حزب على الساحة السياسية يتقاسمون الكتلة التصويتية الكبيرة للجمعية، فليس نهضة الأمة هو الحزب الوحيد الذي أسسته رموز نهضوية، كما أن المرشحين من خارج نهضة العلماء يتقربون إلى جمهورها أيام الانتخابات، ويظهرون التودد لرموزها، وإذا انتهت الانتخابات لا تراهم إلا في الانتخابات التالية، وللأعضاء حرية الاختيار بين المرشحين، فليس للجمعية حزب سياسي.



·   ما أماكن انتشار الجمعية؟

جزيرة جاوا هي المركز الأساسي للجمعية، وتحديدًا في منطقتي جاوة الشرقية والوسطى، كما أن لنا انتشار في جميع المحافظات الأخرى، وفي كل مركز وكل قرية لنا مسؤول تابع للجمعية، ففي الاجتماع الموسع يحضر خمسة آلاف ممثل للجمعية هم قادة الأفرع في المناطق المختلفة.



·    لكن هل لكم وجود خارج إندونيسيا؟

لا، فجمعيتنا تتسم بالطابع المحلي، لكن هناك وجود فكري في الدول المجاورة، وليس تنظيميًّا بمعنى أن هناك دعاة يستلهمون منهجنا في الدعوة.



·   ما سر العلاقة التي تجمع بين نهضة العلماء وإسرائيل؟

في الحقيقة ليست لجمعيتنا أي علاقة بإسرائيل، أما بالنسبة لهذه الزيارات فهي تأتي من أفراد يسافرون إلى هناك بصفتهم الشخصية وليس باسم الكيان، وعادة ما يكون لهؤلاء الأشخاص شهرة ومكانة تجعل الدول تدعوهم إلى زيارتها، وهذه الزيارات في الوقت نفسه تفتح بابًا للحوار مع الإسرائيليين، في سبيل التوصل إلى حلٍّ سلمي للقضية الفلسطينية؛ فالحوار والنقاش قد يمهد الطريق للسلام بين الطرفين.



·  بالنسبة لمفهوم «إسلام نوسانتارا» أو «إسلام الأرخبيل» الذي تتبناه الجمعية، ما ملامحه؟ لاسيما وقد أثار الجدل داخل الجمعية.

دعني أقول إنه لا توجد أشكال متعددة للإسلام، فالبعض قد يفهم أن «إسلام نوسانتارا» مختلف عن الدين الإسلامي، وهذا غير صحيح، فنحن من أهل السنة والجماعة، لكن المقصود منه فقط هو العودة إلى طريقة السلف السابقين، الذين أدخلوا الإسلام إلى جزر الأرخبيل، التي كانت تُسمى سابقًا بـ«نوسانتارا» وهي تشمل إندونيسيا وماليزيا وبروناي وسنغافورة.



فهؤلاء الدعاة الذين نشروا الإسلام بين سكان الجزر، كانوا يخاطبون الناس بما يناسب بيئتهم ولم يعرفوا التشدد والتزمت الذي تتبناه بعض التيارات هذه الأيام، فكان الدعاة يستخدمون الموسيقى ويوصلون من خلالها معاني الدين، وكان الناس ينجذبون إليهم عن طريق الفن، أما المتشددون اليوم فيحرمون الموسيقى، وفي المقابل تجد المنظمات التبشيرية تستخدم الموسيقى والفن في اجتذاب الناس إليها، فكانت النتيجة أن المبشرين حققوا نجاحا كبيرا، واستطاعوا اجتذاب الناس إليهم باتباعهم لنفس الأساليب التي استخدمها الدعاة قديما في نشر الإسلام.