بوابة الحركات الاسلامية : محمد علي الحسيني: النظام الإيراني يسعى لاختراق أوروبا عبر الشيعة- حوار (طباعة)
محمد علي الحسيني: النظام الإيراني يسعى لاختراق أوروبا عبر الشيعة- حوار
آخر تحديث: الجمعة 21/09/2018 04:37 م علي رجب
محمد علي الحسيني:
>> «ولاية الفقيه» نظرية سياسية وضعها «الخميني».. ولا تمت بصلة إلى المذهب الشيعي

>> نظام «خامنئي» يثير الفتنة المذهبية.. وأذرعه الأمنية متغلغلة في العديد من الدول العربية

>> إيران تدعم تنظيم القاعدة وتحتضن قيادته.. وتمول جماعات مسلحة لزعزعة استقرار المنطقة

>> «حزب الله» دمر لبنان.. وحولها إلى قاعدة عسكرية إيرانية.. وهو أهم ذراع لـ«الحرس الثوري»



يُعد محمد علي الحسيني، الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان، واحدًا من أبرز رجال الشيعة، الذين يقفون مع الشيعة العرب ضد الاختراق والاستهداف الإيراني؛ حيث يعتبر نظام «ولاية الفقيه» بدعةً سياسيةً، هدفها سيطرة حكام إيران على الدول العربية، واصفًا في حواره لـ«المرجع» حزب الله، أداة إيرانية، حول لبنان لساحة إقليمية ودولية لتصفية الحسابات، محذرًا من محاولة إيران اختراق أوروبا لتهديد وزعزعة استقرار دول القارة العجوز، مطالبًا الشيعة العرب بالتزام قوانين بلادهم.. وإلى نص الحوار:



>> كيف ترى تحول «عاشوراء» إلى ظاهرة سياسية تستخدم من بعض قوى التشيع الإيراني لتهديد الدول؟

- عاشوراء في الأصل هي ذكرى دينية، ولكن ككل مناسبة دينية يمكن استخدامها لتحقيق مآرب سياسية؛ باعتبار أن الإنسان البسيط قابل للتفاعل والتأثر بشخصية رجل الدين الذي يرشده، وإيران تعمل على «تصنيع رجال دين» يحملون دعواها وينفذون خططها؛ حتى يصبح تأثيرها في المجتمعات والدول سهلًا.



ولاشك أن هذا الأمر في غاية الخطورة؛ لأن ما يجري هو لعب بنار الفتنة المذهبية؛ فإيران ترسل رجال الدين، وتفتتح الحوزات والمراكز الدينية على اختلافها، وتنفق الأموال في دول ذات أغلبية سُنّية، وأي عمل لتجميع الشيعة مثلًا، بوصفهم أقلية- كما تعتبرهم- يعني قيام مشروع تشرذم وانقسام وفتنة، ومن هنا كانت دعوتنا ولاتزال لإحياء ذكرى عاشوراء، وفي رأيي إنها «مناسبة إسلامية وليس شيعية، ومحطة إنسانية فكرية ثقافية»، مع التشديد على أن إحياء هذه المناسبة يجب أن يكون جامعًا لكل المسلمين، وقد يكون هذا الأمر صعبًا في البداية، ولكن ينبغي العمل عليه؛ لأنه الوسيلة الأنجح لإعادة المعنى الحقيقي لعاشوراء، ولسحب فتائل التفجير المذهبي من داخل مجتمعاتنا.



>> ما رؤيتكم لوضع الشيعة في الوطن العربي.. وكيف تنظرون لمن يتأثرون بالخطاب الإيراني؟

- وضع الشيعة العرب لا يختلف عن أوضاع المكونات الأخرى للشعوب العربية؛ فهم مستهدفون بمشروعات التفتيت والتقسيم، وهم معنيون مثل إخوانهم من المذاهب الإسلامية الأخرى، أو من الأديان المختلفة، بالتصدي لهذه المشروعات وإسقاطها.



وما يميز الشيعة العرب عن سائر الفئات أنهم مستهدفون بشكل خاص من قبل إيران، التي تهدف إلى جعلهم رأس حربة مشروع الاستيلاء على بلادنا العربية، ووقودًا لمغامرات عسكرية مدمرة، تنشب تحت شعار مذهبي لا يمت إلى الواقع بصلة؛ لأن الهدف الإيراني ليس حماية دين أو مذهب، وإنما تحقيق المصلحة القومية العليا لإيران.



وفي المقابل برهن الشيعة العرب أنهم أيضًا حريصون على المصلحة العربية العليا، وذلك من خلال التمسك بولائهم لأوطانهم ودولهم، باستثناء قلة منهم، يتفاوت حجمها وعددها من بلد لآخر، والأمر يتعلق أولًا وأخيرًا بالمال والإرتزاق وبالحسابات الحزبية الضيقة، فلا أحدَ يوالي إيران كرامة لعيونها، وإنما طمعًا فيما تقدمه من مكاسب مادية.



>> ما رأيكم في ولاية الفقيه.. وكيف أسهمت في زعزعة استقرار المنطقة؟

- «ولاية الفقيه» نظرية سياسية وضعها «الخميني»، ولا تمت بصلة إلى أصل المذهب الشيعي وعقيدته، وقد استخدمت هذه النظرية للترويج للتشيع الإيراني ونشره في العالم العربي والإسلامي، كمقدمة لإحداث شروخ في المجتمعات العربية والإسلامية؛ لأن طاعة الولي الفقيه هي دعوة للشيعة في أي بلد للتمرد على دولهم وحكامهم والخروج من مجتمعهم، وتشكيل نوع من «الجيتو»، أو دولة داخل الدولة، ولكن هذا المشروع فشل في كل الدول العربية، باستثناء لبنان لظروف خاصة، أهمها أن طبيعة النظام الطائفي فيه، والتعدد الطائفي والمذهبي، يشكل بيئة ملائمة لنمو أفكار التطرف والانفصال للفئات الطائفية، إضافةً إلى حجم الأموال التي أنفقتها إيران في لبنان، مع تعاون النظام السوري المجاور.



أما في باقي الدول العربية فقد نجحت ايران في زعزعة الاستقرار عبر أذرعها الأمنية بالدرجة الأولى، وليس عبر نظرية «ولاية الفقيه»، والعراق خير دليل على ذلك؛ إذ يشكل الشيعة هناك ما يقارب نصف الشعب العراقي، ولكنهم لا يدينون بالولاء فعليًّا لـ«الفقيه الإيراني»، بل لمرجعياتهم العربية، والأمر ذاته ينطبق على سائر الشيعة في البلدان العربية الأخرى.



>> هل يلعب نظام خامنئي دورًا في إثارة الفتنة المذهبية في العديد من الدول العربية؟

- بالتأكيد فهو المشرف المباشر على الحرس الثوري الإيراني، الذي أنشئ أساسًا بعد استيلاء «الخميني» على السلطة في غيران عام 1979؛ وذلك بهدف حماية «الثورة» أو النظام الجديد في الداخل، ولكن سرعان ما كُلف عناصر الحرس بمهمة وهي تصدير الثورة للخارج، وبالفعل أقامت هذه المؤسسة الأمنية أذرعًا لها في الكثير من الدول، وبخاصة في الدول العربية لإثارة الفتن المذهبية بها، وكل ذلك بتوجيه من «خامنئي».



>> هل يلعب النظام الإيراني دورًا في دعم الجماعات المتطرفة؟

- نعم؛ فالنظام الإيراني على عكس ما يزعم ليس شيعيًّا عندما يتعلق الأمر بتنفيذ مخططاته، وهو لم يتوان عن دعم تنظيم القاعدة الإرهابي، واحتضان قيادته في كل الأوقات، وكذلك فإن دعمه لحركات راديكالية فلسطينية شيء معروف ومؤكد، ولطالما احتضنت إيران مؤتمرات سياسية وفكرية للمتطرفين الذين ينسبون أنفسهم إلى السنة العرب، وهذا أيضًا أمر معلن، ولكن غير المعلن هو أن إيران تمول جماعات متطرفة مسلحة تعمل في بلدانها؛ من أجل زعزعة الاستقرار.



>> كيف يمكن مواجهة التشدد ؟

- المواجهة لا تكون إلا بالعودة للإسلام؛ فهو دين التوحيد وليس الشرذمة، وإعادة إحياء القيم السامية لهذا الدين الحنيف، مثل الاعتدال والتسامح والحوار، ولكن الأهم من كل ذلك هو ضرورة التصدي الفكري الحازم لأي تحريف وتسييس؛ فما نشهده اليوم هو تفسيرات جديدة غريبة وعجيبة للآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة ونصوص الصحابة والأئمة، وكذلك هناك مطلب مهم وهو تجفيف المصادر المالية للجماعات الإرهابية، وينبغي أيضًا وقبل كل ذلك تجفيف مصادر الإرهاب الفكرية، وسحب البساط من تحت أقدام المتشددين أيًّا كان المذهب الذي ينتمون إليه.



>> كيف ترى دور حزب الله داخل لبنان وفي باقي الدول العربية؟

- حزب الله هو أهم ذراع ايرانية للحرس الثوري، فقد استطاع هذا الحزب أن يسيطر على لبنان عسكريًّا، وحوّله إلى قاعدة عسكرية إيرانية متقدمة بجوار سوريا وفي مواجهة إسرائيل، ولطالما تباهى المسؤولون الإيرانيون بامتداد امبراطوريتهم إلى شواطئ المتوسط، وذلك عبر حزب الله بالدرجة الأولى.



لقد خرب حزب الله لبنان، من خلال زجه في حروب إقليمية لا طاقة له على تحمل تبعاتها، وهو يلعب الدور الذي لعبته منظمة التحرير الفلسطينية سابقًا، ولكن إذا كان للفلسطيني عذر ما أنه يريد استرجاع بلده، فلا عذر لحزب لبناني أن يجعل من بلده ساحةً لتصفية الحسابات الإقليمية أو قاعدة ومنطلقا لغزو وتخريب دول عربية أخرى؛ إن القتال المباشر أو التدخل غير المباشر في سوريا واليمن والعراق والبحرين والكويت والإمارات، وصولًا إلى البوسنة هو من صلب مهمة حزب الله الذي بدأ حزبًا إيرانيًّا في لبنان وتحوّل إلى قوة من المرتزقة المتنقلة حسب طلب وإرادة الولي الفقيه الإيراني.



>> كيف ترى أوضاع الشيعة في أوروبا وخاصة المقيمين منهم في فرنسا؟

- الشيعة في أوروبا كسائر المسلمين يعيشون في بلاد متحضرة لا تميز بينهم وبين سائر المواطنين، ولكن في الآونة الأخيرة بدِأت تظهر بوادر إسلاموفوبيا؛ نتيجة لأعمال قلة متطرفة متشددة لا تمت إلى الإسلام بصلة، سوى بالاسم، وهذا ما انعكس على الشيعة وعموم المسلمين، ولكن ما نؤكد عليه أن الغالبية الساحقة منهم ملتزمون بقوانين الدول التي يعيشون فيها، وخصوصًا في فرنسا.



>> هل نظام خامنئي يستخدم شيعة أوروبا في استهداف أمن وزعزعة استقرار الدول الأوروبية؟

- نعم هو يستخدمهم كما يستخدم الشيعة في البلاد العربية والإسلامية؛ فإيران ذو وجهين؛ الوجه الأول هو وجه الدولة التي تنافق بدبلوماسيتها وتظهر العلاقات الحسنة القائمة مع الدول الأوروبية، والوجه الآخر هو وجه الحرس الثوري المتدخل في كل مكان يصل إليه، عبر الشيعة أو غيرهم، وبمختلف الوسائل الأمنية وغير الأمنية، وهنا يهمني أن أوضح خطورة التغلغل الثقافي كسلاح خفي لإحداث شروخ في المجتمعات الأوروبية، وهو يترجم عبر المراكز الثقافية ومعاهد الأبحاث والدراسات ووسائل الإعلام .





>> ما رسالتكم للشيعة العرب؟

- الرسالة الأبرز والتي تلخص كل شيء، هي دعوتنا لهم بالالتزام بقوانين بلادهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا الأمنية فهي الأصل في حمايتهم من خلال حماية المجتمع ككل، واجب الشيعة في كل مكان أن يتعاونوا بشكل حثيث مع السلطات في البلاد التي تتعرض لهجمات إرهابية، أو محاولات غزو مقنع.



الشيعة العرب هم جزء من نسيج أي مجتمع يعيشون فيه، ولطالما تصرفوا على هذا الأساس، وواجبنا اليوم ومع تنامي الفكر المتطرف والحركات المتشددة أن نحذرهم على الدوام من الانخداع بالشعارات الزائفة والبراقة عن ضرورة حماية التشيع في العالم؛ وأرى أن التشيع جزء من التنوع المذهبي، ويصبح التشيع في خطر عندما يحوله البعض إلى أداة لتحقيق مطامع سياسية لصالح دول أجنبية لا يهمها سوى مصالحها الوطنية والقومية.



ودعوتنا الدائمة للشيعة العرب في كل مكان أن يعيشوا كما عاشوا دائمًا إلى جانب إخوانهم في الدين أو الإنسانية، عابدين ربهم، حاملين دينهم، رافعين رايات الحوار.



>> ما النصيحة التي تقدمونها إلى أصحاب القرار لمواجهة الخطر الإيراني في الدول العربية والأوروبية؟

- لقد وضعنا مواجهة الخطر الإيراني كمهمة ذات أولوية قصوى في المجلس الإسلامي العربي الذي أسسناه، ونصيحتنا الدائمة لأصحاب القرار أن يدركوا أنه مثلما يستخدم «نظام الملالي» الشيعة في كل مكان لتحقيق مصالحهم؛ فإن التصدي لهذه المطامع الإيرانية لا يمكن أن يتم إلا عبر أداة تمثل الاعتدال والانتماء والولاء العربي.



ومن هنا عمل المجلس الإسلامي العربي على التواصل مع الشيعة في كل مكان، خاصة العرب منهم؛ للتأكيد على أولوية الانتماء العربي تحت مظلة الإسلام العظيم.



ومن واجب أصحاب القرار أن يدعموا ويساندوا هذه الحركة العربية الإسلامية، ومدها بكل وسائل المواجَهة، كوسائل الإعلام والمراكز الثقافية والفكرية ومعاهد الدراسات، وتمكينها من تشكيل قوة مضادة للأذرع الايرانية في أي مكان يحاول فيه الملالي التدخل والتخريب.