بوابة الحركات الاسلامية : العارف بالله.. قمة الهرم الصوفي (طباعة)
العارف بالله.. قمة الهرم الصوفي
آخر تحديث: الأحد 30/09/2018 09:11 ص سارة رشاد
العارف بالله.. قمة

للمتصوفة مراتب ودرجات، تختلف حسب قدرة الواحد منهم على الوصول إلى الله، من وجهة نظرهم؛ فمن محب يجتهد في معرفة الله، إلى عارف وصل واستقر في مقام «العارف بالله»، والقادر على الأخذ بأيدي المريدين إليه.


و«العارف بالله»، ليس مفهوما صوفيا فقط، بل هو مصطلح شرعي أيضا، تستخدمه بعض التيارات الدينية المختلفة للدلالة على الشخص المتبحر في العلوم الشرعية؛ إلا أن للصوفية رؤية خاصة بها حول هذا المصطلح، فهم لا يقيسون العارف بالله بمقدار معرفته بالعلوم الشرعية، فقد يكون عالما في الأمور الشرعية وليس عارفا بالله، ومعيار المتصوفة هنا هو الجانب الروحي.


ويربط الصوفية المعرفة بـ«الإلمام بعلوم الحقائق والأسرار»، لأنها في مفهومهم «نور البصيرة»، وفهم العلم الشرعي يكون بـ«الوجدان»، وليس بالعقل وحده، ويرتبط بهذا المصطلح مفاهيم أخرى، مثل الكشف والإلهام، وهي أمور يعتقد الصوفية في أن الله يمن بها على عباده المقربين فيكشف لهم الحُجب، وينير بصيرتهم ليروا ما لا يراه الآخرون.


وتحدد الصوفية الطريق إلى الوصل لدرجة «العارف بالله» بالاجتهاد، والإخلاص في العبادة، حتى أن هناك عبارة يرددها المتصوفة، تقول: «جاهِـدْ تـُشـاهِـد»، ويقصد بها أن الترقي في الدرجات يرتبط بمدى الاجتهاد.


إلا أن بعض المتصوفة الذين أغرتهم سمات العارفين، استغلوا الفهم الصوفي المبهم لمرتبة «العارف بالله»، فأشاعوا وصولهم إليها، ما جلب عليهم انتقادات من التيارات الدينية الأخرى، واتهامات بالتجرؤ على الله.


ويقول الشيخ الأحسن البعقيلي، أحد رموز الطريقة التيجانية، (طريقة صوفية منتشرة في الدول العربية) عن مفهوم العارف بالله: «الفقيه إذا ارتقى صار صوفيًا، والصوفي إذا ارتقى صار عارفًا»، مؤكدًا أن مرتبة «العارف بالله» هي خلاصة اجتهاد الصوفي، والعارف يكون أرقى من الفقيه والحكيم، إذ يختصه الله بالإبحار فيما يحرم على غيره معرفته.


وفي هذا السياق يحكي «ابن عربي»، الصوفي الأندلسي الشهير، عن تجربته في معرفة الله، قائلا: «واللهِ ما كتبتُ من حرف إلا عن إملاء إلهي، وإلقاء رباني، ونفـْثٍ روحي في روعِ كياني، مع كوننا لسنا برسل مُشَرِّعِين ولا أنبياءَ مُكلفين، لأن التشريع والنبوة قد انقطعا عند رسول الله، وإنما هو علم وحكمة وفهم عن الله، فأهل الله معلومون بالمقام ومجهولون بالشهود، لذلك لا يُعْرَفونَ».