وفي 20 أكتوبر من العام الماضي، أعلن التحالف الدولي بقيادة واشنطن عن تحرير مدينة الرقة السورية من قبضة مسلحي تنظيم داعش، وهنأ التحالف آنذاك قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من قبله بهذا الإنجاز، مؤكدا أن تحرير الرقة والموصل العراقية من "داعش" هو نقطة تحول في الحرب على التنظيم الإرهابي، وسيسهم في بروز هوة بين قادته وعناصره الذين يتقلص تعدادهم.
وسقطت الرقة في أيدي "داعش" منتصف عام 2014، حيث كانت المركز الرئيسي للتمويل والتخطيط للاعتداءات الإرهابية التي استهدفت القارة العجوز في السنوات الأخيرة، بما في ذلك هجمات باريس وبروكسل ونيس ومانشستر.
وقال قائد التحالف الجنرال بول فانك أنذاك: "لا نزال نحارب من تبقى من عناصر "داعش" في سوريا والعراق وسوف نستمر في دعم الجهود الإنسانية الرامية إلى مساعدة المدنيين الذين يعانون من الاحتلال الفظيع ويواجهون القتال الطويل من أجل تحقيق حريتهم، وتنتظرنا معركة شرسة".
وخلال العمليات العسكرية، تعرضت المدينة لغارات كثيفة شنها التحالف الدولي بقيادة واشنطن، ما تسبب بدمار هائل وخسائر بشرية كبرى.
ورغم مرور عام علي تحريرها لا تزال عمليات انتشال جثث القتلى المدفونة “في كافة أنحاء المدينة” مستمرة،
وانتشل فريق محلي صغير غير مجهز 2521 جثة حتى الآن وفق نيستات، “غالبيتها لمدنيين قتلوا جراء غارات التحالف، في حين تشير تقديرات محلية إلى وجود نحو 3 آلاف جثة أخرى.
وقبل أشهر قليلة، شوهد في فريق الإنقاذ الصغير، أثناء انتشالهم الجثث مستخدمين أدوات بسيطة أو حتى أيديهم، فيما انبعثت رائحة كريهة من خنادق حفرت في الأرض يحوم الذباب فوقها.
وتبدي المنظمة خشيتها من توقف الفريق عن مواصلة عمله لعدم توفر التمويل اللازم.
وقالت نيستات: إذا كانوا (التحالف) يملكون المال اللازم لتدمير المدينة، واذا كان لديهم المال الكافي لشن عملية عسكرية بهذا الشكل، فمن غير المعقول ألا يؤمنوا الموارد الكافية لتحمل مسؤولية تداعياتها”.
ويؤكد التحالف الدولي، الذي بدأ في العام 2014 تدخله العسكري ضد الجهاديين في سوريا والعراق، باستمرار أنه يتخذ الإجراءات اللازمة للتقليل من المخاطر على حياة المدنيين.
وأقر التحالف بقتل 1114 مدنيًا في غاراته في سوريا والعراق منذُ العام 2014، لكن منظمات حقوقية ترجح أن يكون العدد أكبر من ذلك.
وتشهد سوريا نزاعًا داميًا تسبب منذُ اندلاعه في منتصف شهر مارس من عام 2011 بمقتل أكثر من 360 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
وشهدت مدينة الرقة شمال شرق سورية عدة مواجهات عسكرية، بدأت عام 2013 بسيطرة فصائل (الجيش الحر) عليها، وإعلانها أول محافظة تتمكن المعارضة من تحريرها من قبضة النظام بشكل كامل، ثم جاء تنظيم (داعش) عام 2014، وقاتل فصائلَ المعارضة، وتمكن من السيطرة على المدينة، بعد قتله عشرات من عناصر الفصائل، واستمرت سيطرة التنظيم على الرقة حتى العام الماضي، عند إطلاق التحالف الدولي، بمساندة أرضية من (قسد)، معركة تحرير الرقة التي استمرت نحو ثلاثة أشهر، شهدت خلالها المدينة قصفًا عنيفًا تسبب في دمار أكثر من 70 بالمئة من المدينة، وفق تقديرات الأمم المتحدة، كما تسبب في مقتل عدة آلاف من المدنيين ونزوح عشرات آلاف آخرين.