بوابة الحركات الاسلامية : تاريخ العلاقات الإخوانية الأمريكية (ملف خاص 3 - 6 ) (طباعة)
تاريخ العلاقات الإخوانية الأمريكية (ملف خاص 3 - 6 )
آخر تحديث: الإثنين 19/11/2018 11:19 ص
تاريخ العلاقات الإخوانية
مقتل السادات كان بداية لموجة الهجرة الثانية
هروب مصطفى مشهور ومهدي عاكف
قبيل حملة الاعتقالات السبتمبرية الشهيرة في عام 1981 بعدة أيام
استطاعت الجماعة الاستفادة من خبراتها السابقة
وكونت تنظيمها الدولي بسرعة فائقة
عاكف وجه نظر الأمريكان إلى ضرورة اصطياد الدب الروسي في أفغانستان
عن طريق الإسلاميين وقدم الإخوان لهم كمقاول أنفار
60 مليار دولار حصيلة مكاسب الإخوان من الأمريكان
طوال عشر سنوات من المساندة في أفغانستان
مع التقارب الإخواني- الأمريكي ازدهر فرع الإخوان في أمريكا من جديد
عقب مقتل الرئيس السادات، أحست الجماعة باقتراب الخطر، فهرب العديد من كوادرها في موجة هجرة (هروب) جديدة إلى الغرب، ولكن في هذه المرة كان الإخوان يعرفون طريقهم جيدا، وقد استفادوا من هجراتهم السابقة وأصبحت لهم تنظيمات موجودة وجاهزة لاستقبال أي وافد جديد منهم. هرب مصطفى مشهور ومحمد مهدي عاكف قبيل حملة الاعتقالات السبتمبرية الشهيرة في عام 1981 بعدة أيام؛ الأمر الذي يظل علامة استفهام كبيرة لا يملك الإجابة عليها إلا مهدي عاكف فهو الحي الوحيد من أطراف هذا الزمن، بعد أن توفي الجميع
مهدي عاكف- مصطفى
مهدي عاكف- مصطفى مشهور
تمركز عاكف ومشهور في ألمانيا، وأسسا في ميونخ المركز الإسلامي ليكون مقرا لاجتماعات التنظيم الدولي تحت قيادة عاكف، وشاركه مشهور بجهد كبير في وضع لائحة التنظيم الذي اشهر رسميا في مايو عام 1982.
من خلال التنظيم الدولي، أعيد تنظيم العلاقات الواسعة للإخوان مع قيادات الجماعة في أنحاء العالم.. وأصبح هناك مركز للحل والعقد واتخاذ القرار في كل الملفات الدولية للجماعة، خاصة في أفغانستان وفلسطين.. كما تولى عاكف مسئولية قسم الاتصال بالعالم الإسلامي أحد أهم أفرع النشاط في الجماعة وهو ما مكنه من تكوين شبكة علاقات عالمية واسعة تجاوزت التنظيمات الإخوانية إلى غالبية التيارات الإسلامية، وضم الكثيرين منها إلى التنظيم الدولي، مثل الحزب الإسلامي "باس" في ماليزيا، وحزب "الرفاه" وامتداداته في تركيا، مستفيدا– في ذلك- من علاقات قديمة ربطته مع أربكان صديقه القديم.. كما ضم إلى التنظيم الجماعة الإسلامية في باكستان، وانطلاقا من الخطوة الأخيرة، أعاد عاكف توجيه نظر الأمريكان إلى أهمية دور الجماعة في خطط اصطياد الدب الروسي ذبيحا بسكاكين الإسلاميين وهو مستغرق في مستنقع البرك والأوحال التي صنعتها آلته العسكرية في أفغانستان.
عبدالله عزام- زينب
عبدالله عزام- زينب الغزالي
كان عاكف قد أصبح مستشارا للندوة العالمية للشباب الإسلامي ومسئولا عن المخيمات الدولية، وعلى الجانب الآخر ترك عبد الله عزام "الفلسطيني الأصل" مقر إقامته في الأردن، وتوجه إلى إسلام آباد، وتم إلحاقه مدرسا بالمجمع الإسلامي العالمي عام 1982 منتدبا من رابطة العالم الإسلامي. وعزام الذي ولد في جنين عام 1941 ودرس الشريعة في جامعة دمشق، ارتبط بجماعة الإخوان المسلمين عندما جاء إلى القاهرة لنيل درجة الماجستير ثم الدكتوراه في الفقه الإسلامي من جامعة الأزهر، وقد توثقت علاقته بالإخوان في تلك الفترة وخاصة زينب الغزالي وعائلة سيد قطب، الذي تأثر بفكره كثيرا.
برزت نظرة عزام النقدية لحياة الترف التي يعيشها قادة المقاومة الفلسطينية في لبنان والأردن، حتى تلقى الدعوة للانتقال إلى باكستان ومنها– مباشرة– إلى بيشاور لإلقاء الدروس يومي الخميس والجمعة، وتوثقت علاقاته بالجامعة الإسلامية العالمية وكذا زعماء الحرب الأفغان أمثال عبد الرسول سياف، قلب الدين حكمتيار، ورباني- مدعوما في ذلك من قادة التنظيم الدولي للإخوان.
أسامة بن لادن
أسامة بن لادن
ازداد تعاون عزام مع أمراء الحرب، وبدأ في دخول مناطق الحدود الجبلية من خلال شركات مقاولات أسامة بن لادن، من أجل إقامة المعسكرات والإنشاءات اللازمة لحماية أمراء الحرب من الضربات الجوية السوفيتية.
كان عزام قد سبق له أن اقترب من المهندس الشاب أسامه بن لادن، إبان فترة إقامته في المملكة السعودية، الأمر الذي نشأت معه علاقة وثيقة بين الرجلين، انجذب على إثرها بن لادن لأفكار عزام، وتأثر بدعوته إلى الجهاد العالمي وتكوين قوة منظمة لتغيير أوضاع الأمة، وتحول الشيخ إلى أب روحي ومعلم للشاب بن لادن، وسرعان ما أبرم الرجلان أهم صفقات الأسلحة مع مسئولي الـ CIA عام 1986، وبعد أسبوعين تسلما أخطر وأهم الأسلحة الثقيلة.
استمر عزام في جلب الشباب إلى أفغانستان بمساعدة الإخوان، وتحت سمع وبصر الأمريكان؛ لتدريبهم والدفع بهم في خضم المعركة ضد السوفيت، حتى معركة جلال آباد الشهيرة التي تم الغدر فيها بالمقاتلين العرب من قبل المخابرات الباكستانية، أحس عزام بالخطر يقترب نتيجة قرب انتهاء الحرب وإعلان السوفيت عزمهم الانسحاب من أفغانستان، واستطاع الإخوان طوال تلك السنوات أن يكونوا ثروة طائلة من عملهم كمقاولي أنفار للولايات المتحدة، قدرها الخبراء في واشنطن بستين مليار دولار، لا يعلم عنها شيئا سوى رجلين: أحدهما توفي وهو مصطفى مشهور، والآخر حي يرزق وهو مهدي عاكف المرشد العام السابق للجماعة.
ويبدو أنه في هذا الوقت كانت مهمة الإخوان ورفاقهم من الجماعات المقاتلة الأخرى قد انتهت، فقد دحر الدب الروسي وأعلن الانسحاب من أفغانستان، وبقي مشروع عزام والإخوان قائما، وهو تأسيس قوة انتشار سريعة تساعد الجماعة عند الطلب في عدد من البلدان، أهمها البلدان ذات الأقلية الإسلامية في كوسوفو والفلبين، وعدد من الدول الأوروبية.
بينما كان يرى المتشددون الإسلاميون من تنظيمي الجهاد والجماعة الإسلامية، ضرورة نقل المعركة إلى بلدانهم للجهاد ضد ما أسموه أنظمة الحكم التي لا تحكم بما أنزل الله.
كان الأمريكان على الخط، مرجحين رؤية التنظيمات الجهادية، في محاولة لإبعاد المتطرفين الإسلاميين عن مناطق النفوذ والتحرك الأمريكي، دون أدنى اهتمام بما يحدث في تلك البلدان العربية والإسلامية من جراء تلك النظرية.
 وبدأ صراع علني بين الاتجاهين: الجماعات الجهادية المصرية من ناحية، وعزام من ناحية أخرى، انتهى بمقتل عزام عام 1989 بعبوة متفجرة زرعت في الطريق بين منزله والمسجد.
ضياء الحق
ضياء الحق
سبقت محاولة اغتيال عزام محاولات عديدة للإيقاع بينه وبين السلطات الباكستانية، تدخل الإخوان على الفور لتداركها، أهم تلك المحاولات يرويها عزام في مذكراته عندما استنجد بزينب الغزالي في إحدى زياراتها الخاصة لباكستان، عندما كان ضياء الحق رئيسا للوزراء، كان الرجل وزوجته يكنان لها محبةً وتقديراً خاصاً، وقبل مغادرتها باكستان سألها ضياء الحق إن كان لها مطلب خاص من باكستان، فأجابت: نعم ابني الوحيد لديكم وأريد وعداً بحمايته.
وسألها الرئيس متعجباً: هل لك ولد في باكستان ولا نعلم به؟ قالت: نعم؛ الدكتور عبد الله عزام. فوعدها الرئيس بأنه في أمان طالما أنه موجود.
بناظير بوتو
بناظير بوتو
وبالفعل لم يقتل عزام إلا بعد رحيل ضياء الحق ومجيء بناظير بوتو للحكم في عام 1989.
كان الوضع قد استقر كثيرا في الولايات المتحدة الأمريكية، وجاءت انتخابات عام 1979، وظهر مجلس شورى جديد عام 1980، وبدأ العمل في توحيد صفوف الجماعة، وشرع في بناء إطار تنظيمي سليم.
تاريخ العلاقات الإخوانية
كما تطور اتحاد الطلاب المسلمين عام 1980 ليصبح الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA) التي تضم جموع المسلمين من المهاجرين والمواطنين ولتصبح نواة للحركة الإسلامية في أمريكا الشمالية، وقد تطورت الجمعية الإسلامية بشكل واضح في الثمانينيات، لكن قيادة الإخوان وتوجيههم لها بدأت تقل بشكل تدريجي، نظرا لندرة تواجدهم بها.
ولذلك تمحورت الخطة الخمسية الثانية التي وضعتها الجماعة، حول البناء الذاتي وتوطين الدعوة، ومن ذلك محاولة زيادة تأثير الإخوان في منظمات تستهدف المهاجرين المسلمين الشباب، وهو ما أكد عليه الموجز بالقول: "توطين الدعوة والعثور على أسس دائمة في المدن التي يعيش بها الإخوان حاليا حتى تكون نقاط التقاء للإخوان القادمين".
دولة إسلامية أم حصن يرعى الوافدين؟
كانت المشكلة الرئيسية أمام قيادة الجماعة هي تحديد ماهية الهدف والحركة أمام كوادر الجماعة في أمريكا، فهل هدف التنظيم هناك هو إقامة الدولة الإسلامية أم تأسيس حصن يأوي الوافدين إليه؟!
كان ذلك هو السؤال الذي حاولت دراسة مهدي عاكف- التي سبق وأن أشرنا إليها- الإجابة عليه، وفي هذا السياق تقول الدراسة:
حسن البنا
حسن البنا
"يوجد أيضاً لبس في الهدف والغاية، وهل من أجل إقامة دولة الإسلام في أمريكا أو مجرد حضن يرعى الوافدين، كما يوجد عدم وضوح في أذهان إخوان أمريكا بالنسبة للأصول المنهجية، وهل يتم اتباع الإطار الفكري الذي أرساه الأستاذ حسن البنا، أم يمكن تبني كتابات أخرى؟ وعما إذا كان للجماعة خطوط عريضة تحدد إطارها الفكري، كما أن اختلاف الخلفيات الفكرية والتربوية والاجتماعية والتنظيمية المختلفة قد أثر على الانسجام الفكري والتربوي؛ مما أدى إلى عدم استقرار اللوائح وضعف الموازين التي يتم اختيار القيادات على أساسها:
قضية المدنية الغربية وكيفية التعامل معها هي من نتاج عدم وضوح الفكر.
نقطة العمل الداخلي والعمل العام، ودور كل منهما في تحقيق أهداف الجماعة.
المرأة ودورها وتصور الجماعة بشأن وضعها التنظيمي وكيفية التعامل معها.
الشورى وما هي حدود المسئول العام وحدود النقد البناء، وأثر التعامل النقابي على العلاقات الأخوية.
المسائل الأمنية.. يختلف معالجتها طبقاً لطبيعة كل مسئول، وهل يتم الإعلان عن الجماعة في أمريكا أو جزء منها, وما هي الأمور التي تُكشف؟ وما هي الأمور التي يجب أن تُحاط بالسرية؟
المستويات التربوية أيضاً من المسائل التي يجب إمعان النظر فيها، حيث إن تجاوز الشروط أصبح هو الأصل وتولية أحسن الموجودين، وليس تطبيق الشروط والمراحل التربوية المختلفة.
فقه العمل العام وما يتبعه من تحديد للعلاقات مع مختلف المؤسسات وعدم وضوح التصور بشأن الاختلاط والتساهل والتعامل المالي مع الدول المختلفة، ومشاركة المرأة وغيرها من الأمور التي ما زالت محل خلاف لوجهات النظر.
بالنسبة للتكوين العضوي للجماعة فهو يتميز بالنقاط التالية:
- عدم الاستقرار وتباعد المسافات الجغرافية.
- وجود أغلبية عربية.
- وجود جنسيات مختلفة؛ مما يخلق مشكلة صعوبة التواصل؛ نظرا لاختلاف اللغة.
- وجود طبقة نادرة من المثقفين الأمريكان. 
- وجود أغلبية طلابية 70%.
- وجود أغلبية من الرجال 80%. 
- زيادة نسبة المقيمين طوعاً أو كرهاً.
- حداثة أبناء الجماعة في التنظيم.
- قلة عدد المربين والمرشدين.
- وجود مشكلات إقليمية مثل السودان.. إلخ.
- تزايد نسبي ملحوظ في الثقة بالقيادة، مثال الدكتور أحمد القاضي.
بالنسبة للموارد المالية توجه الجماعة أي موارد للاستثمار بشكل جاد ومتناسب مع حجم التنظيم المطلوب ولأهداف المقرض.
بالنسبة للتنظيم العالمي فهو يعتبر حكماً بين الإخوان في أمريكاً، كما أنه يوجه للتنظيم الأمريكي بحكم خبرة وكفاح الإخوة بالتنظيم العالمي.
فضلاً عن أن هناك عوامل معتبره في تكوين نشاط الإخوة في العمل العام والخاص بتنظيم أمريكا– فإن تواجد العديد من الجماعات الإسلامية على الساحة الأمريكية يجب أيضاً أن يكون محل الاعتبار، بما في ذلك تبديد جهود العديد من الإخوة في مناطق أمريكا المختلفة، وهذه الجماعات أو المجموعات يمكن تقسيمها إلى نوعين:
أولهما: جماعات مصدرة من الشرق مثل السلفيين، حزب التحرير، تنظيم الجهاد والتبليغ والدعوة، وغيرها، بمعنى أن كل جماعة موجودة في الشرق يوجد فرع لها في أمريكا، ولكن تختلف كل تلك الجماعات تبعاً لاختلاف ثقلها في المشرق.
رشاد خليفة
رشاد خليفة
ثانيهما: جماعات أو مجموعات ناشئة من البيئة الأمريكية، مثل مجموعة رشاد خليفة، ومجموعة المركز الإسلامي في لوس أنجلوس، وغيرها، وهي مجموعات لا تمثل أي ثقل فيما عدا المدينة أو الولاية المتواجدة فيها، ولكن لها العديد من الأنشطة داخل مراكزها؛ مما يؤثر على أنشطة الإخوة في تلك المناطق.
والملاحظ- والكلام ما زال لمهدي عاكف من دراسته التي قدمها لمكتب الإرشاد عام 1991- أن كثيراً من تلك الجماعات أو المجموعات المنتشرة في الولايات الأمريكية يستدرج الإخوة في تلك الولايات للخلاف وإثاره النعرات؛ حتى وصلت في بعض الولايات إلى التشابك بالأيدي، كما حدث مع إخوة التبليغ في بعض الولايات؛ وهدفهم من ذلك إظهار أهميتهم والتشويش على العمل الإخواني في تربية وتكوين واستيعاب الأفراد، فقلما نذهب إلى أي منطقة وتكون تلك المنطقة بها وجود لتلك الجماعة، إلا ويكون معظم التساؤلات والاستفسارات عبارة عن شكوى وطلب النصيحة عن كيفية التعامل مع هذه الجماعة وهؤلاء الأفراد، وننسى دائماً الهدف الأسمى والأهم ألا وهو استيعاب الأفراد القادمين من الشرق ونشر الدعوة الإسلامية في الغرب. 
للمزيد حول تاريخ العلاقات الإخوانية الأمريكية (ملف خاص 1 - 6).. اضغط هنا
للمزيد حول تاريخ العلاقات الإخوانية الأمريكية (ملف خاص 2 - 6).. اضغط هنا