بوابة الحركات الاسلامية : تقرير يكشف التاريخ الأسود للحوثيين ...ذراع الشر الإيرانية في اليمن (طباعة)
تقرير يكشف التاريخ الأسود للحوثيين ...ذراع الشر الإيرانية في اليمن
آخر تحديث: الثلاثاء 27/11/2018 09:20 ص روبير الفارس
تقرير يكشف  التاريخ
لا يقبلون مفاوضات السلام  لانهم يريدون الخراب لليمن .دمروا المدن واتخذوا المدنيين رهائن .جندوا الاطفال  وصاروا عبيدا للمخطط الايراني  لتدمير الشرق انها مليشيات الحوثي الارهابية التى كشف تقرير لمجلة المستقبل اليمني بالوقائع والادلة علاقة التنظيم بايران كشف تقرير في 21 سبتمبر 2014، عندما احتلت الحركة الحوثية العاصمة صنعاء، هلل الإعلام الإيراني لإقامة شعائر صلاة الجمعة للشيعة خلف إمام واحد في منطقة سنية، جنوب صنعاء، بحضور عشرات الآلاف من المصلين أتباع المذهب الزيدي الشيعي، وكأنهم في قلب طهران!

وفي 28 سبتمبر 2018، أكد الرئيس عبد ربه منصور هادي أن جماعة الحوثيين تعمل كـ"وكيل حرب" لمصلحة إيران و"حزب الله" اللبناني.

وأكد الرئيس "هادي" أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن جماعة الحوثيين باعت ولاءها الوطني، ونحن نتصارع مع جماعة دينية معقدة، تؤمن بحقها الحصري في الحكم باعتباره حقاً إلهياً، وترمي بكل القيم العصرية من الديموقراطية وحقوق الإنسان عرض الحائط.

ودعا "هادي" المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في الضغط على إيران، لوقف تدخلها في اليمن، ودعمها ميليشيات الحوثيين التابعة لها، بدءاً بتزويدها الحوثيين أسلحة وصواريخ، مروراً باستهداف المياه الإقليمية والدولية، وتعريض الملاحة الدولية للخطر، وانتهاء بسياسة إغراق البلدان بالمخدرات وتجارتها، ودعم الإرهاب بشقيه: الحوثيين وتنظيمي القاعدة وداعش".

وبين هذه التاريخين، جرت في نهر الحياة السياسية اليمنية مياه كثيرة، غير أن كل الواقائع تؤكد أن جماعة "أنصار الله" ما هي إلا فصيل من فصائل الحرس الثوري الإيراني، مثلها مثل "حزب الله" اللبناني، سواء بسواء.
تاريخ إيراني

من أجل فهم طبيعة وأبعاد العلاقة العلنية والخفية بين إيران والحوثيين، ينبغي العودة إلى الوراء قليلا.

بعد ثورة إيران عام 1979، بدأت السفارة الإيرانية في الثمانينات بتقديم دعوات للشباب اليمني لزيارة إيران والتعرف على "تجربة الثورة الإيرانية"، واجتذبت بالفعل الكثير من الشباب الزيدي، أبرزهم محمد عزان وعبدالكريم جدبان وحسين الحوثي مؤسّس الحركة الحوثية.

كما نجحت إيران في استقطاب أسماء كبيرة وقيادات مؤثرة داخل المجتمع الزيدي في اليمن، مثل بدر الدين الحوثي وأبنائه، وبالتالي تم التحول الأيديولوجي لهذه القيادات من المذهب الزيدي إلى الاثني عشري ومن ثم الترويج لذلك في الأوساط الزيدية إضافة إلى عامل الدعم المادي والمساعدات العينية في المناطق ذات الغالبية الشيعية الزيدية بهدف استمالة قلوب أبناء هذه المناطق.

لقد شرعت إيران في إنشاء "حزب الله" في لبنان عام 1982، وفي العام الذي يليه مباشرة عثرت على موطئ قدم لها في اليمن، عبر جماعة الحوثيين، التي وجدت فيها كل المقومات التي تريدها، فلديهم قابلية واستعداد لتنفيذ مشروعها، بما في ذلك تبني الفكر الشيعي الاثني عشري الذي لا وجود له في المجتمع اليمني من قبل.

وكنوع من اختبار النوايا ومعرفة استحقاق ميليشيات الحوثي لدعم إيران الكامل، أوكلت طهران إلى جماعة الحوثيين أول عملية نفذتها عام 1983 وذلك بتفجير سينما "بلقيس" في العاصمة صنعاء، حيث توصلت تحقيقات الأجهزة الأمنية حينها، إلى الكشف عن حركة جديدة ممولة إيرانياً، تحت مسمى ايراني مرفوض"أنصار الله".

وأفرزت الوحدة اليمنية عام 1990 وضعا سياسيا جديدا مكّن أتباع المذهب الشيعي الزيدي في اليمن من تأسيس تيارات سياسية وثقافية، لاستعادة دورهم الوطني والحفاظ على هويتهم الخاصة، منها حزب "الحق" الذي فاز في أول انتخابات برلمانية أجريت بعد الوحدة بمقعدين، شغل أحدهما حسين بدر الدين الحوثي، مؤسس "الحركة الحوثية" فيما بعد.

وحسين الحوثي، الذي قتل في الحرب الحوثية الأولى عام 2004 عن 46 سنة، هو الابن الأكبر لبدر الدين الحوثي، تلقى تعليمه في المعاهد العلمية من الابتدائية وحتى الثانوية، كما تلقى المذهب الزيدي على يد والده وأرباب المذهب في صعدة، وحصل على درجة الماجستير في العلوم الشرعية، وبينما كان يستعد لنيل درجة الدكتوراة إذا به يعزف عن مواصلة الدراسة ويقوم بتمزيق شهادة الماجستير، لاعتقاده بأن الشهادات الدراسية "تجميد للعقول"!

زار حسين الحوثي، إيران ومكث مع أبيه عدة أشهر في قم، كما قام بزيارة "حزب الله" في لبنان، ثم أسس بعد عودته تنظيم "الشباب المؤمن" في عام 1991، وبعد تأسيس التنظيم تفرغ لإلقاء الدروس والمحاضرات بين مؤيديه وأنصاره، ورفع شعارات التأييد لـ"حزب الله" اللبناني، ورفع أعلام الحزب في بعض المراكز التابعة له. 

ويصفه أحد الكتاب في مواقع للشيعة الاثني عشرية بقوله: "حسب علمنا الحسي وقراءاتنا لكتبه وتتبعنا لحركته، فإنه متأثر حتى النخاع بثورة الخميني في إيران، حيث إنه خضع لدورات أمنية وسياسية وغيرها في لبنان عند حزب الله، ولديه ارتباط قوي بالحرس الثوري الإيراني".

وجاء الدور الإيراني في الساحة اليمنية من البوابة الزيدية تحديداً، والحوثية بشكل خاص، وهو الذي أعطى للمستوى الذي وصلت إليه الحركة الحوثية عسكرياً وسياسياً واجتماعياً أهمّيته في الحسابات الإقليمية، كسلاح ترى دول الخليج العربي أن نظام الملالي في طهران هو المستفيد من توجيهه نحو خاصرتها.

وأسفرت الاتصالات المبكرة بين طهران وبعض الأوساط الزيدية، وخاصة بعض رموز المذهب الزيدي وطلائعه في صعدة وغيرها، عن مشاركة وفد ضمّ عدداً من شباب وعلماء المذهب الزيدي في احتفالات إيران بذكرى الثّورة في عام 1986، وجاءت هذه المشاركة تلبية لدعوة وجهتها لهم سفارة طهران في صنعاء.

وعكست الأنشطة الزيدية في صعدة في أعقاب تلك الزيارة تأثُّرا واضحا بآليات ووسائل الاشتغال الديني في إيران، حيث لم يُخف العائدون من تلك الزيارة إعجابهم بما شهدوا في طهران من النشاط الديني والثقافي الموجّه لإنعاش التشيع.

وشرع الحوثيون يفكرون بمساعدة خبراء "الحرس" الثوري" في كيفية نقل  هذه التجربة إلى اليمن، مع استبعاد المحتوى الفكري والثّقافي المخالف لما عند الزّيدية، والإبقاء على ما يبدو أنه مشترك في الجملة.

وأظهرت إيران مقدرة على تجاوز الخلافات مع مختلف الفرق الشيعيّة التي تنطوي في إطار الاعتقاد بالإمامة، وقد برز ذلك في علاقتهم مع العلويين في سوريا وتركيا؛ حيث انخرط هؤلاء في التشيُّع السياسي الذي توجِّهه إيران رغم الفوارق الكبيرة في العقيدة والخلافات الفقهية بين الجانبين، حيث رأت طهران في الحركة الحوثية الشريك الجيد بالنسبة لها، ويمكن أن تلعب دورا فعالا في تحقيق طموحاتها السياسية والمذهبية في جنوب الجزيرة العربية، إلى جانب أذرعها في لبنان والعراق وسوريا.

وثمة قرائن مؤكدة تفيد بوجود دعم إيراني وشيعي كبير للتمرد الحوثي، وهذه القرائن إن لم تدل على أن إيران خططت لهذا الأمر منذ البداية، كما فعلت مع "حزب الله" في لبنان، فلا أقل من أن إيران حاولت استغلال هذه الأوضاع الملتهبة لصالحها ولنشر مشروعها الطائفي في المنطقة برمتها.

وتعود بدايات اعتماد الحركة على خبراء من "الحرس الثوري" و"حزب الله" في تدريب بعض عناصرها، ووحداتها القتالية إلى ما قبل توقُّف جولة الحرب السادسة مع الدولة اليمنية، إلا أن اشتغال الحركة في هذا الاتجاه تضاعف خلال عامي (2011 – 2013) بشكل كبير، بحيث أصبح عدد مسلحيها المدرَّبين، الذين يتلقون تدريبهم على أيدي خبراء في الداخل والخارج في ازدياد، ولم يكن سرا أن للحركة، حتى في العاصمة صنعاء ذاتها، مناطق مغلقة يتلقى فيها عناصرها التدريب على السلاح تحت سمع الدولة وبصرها.

ويروج الإعلام الإيراني لتحركات الحركة الحوثية ودعمها من خلال تقارير ومتابعة دقيقة لما يجري على الساحة اليمنية، وقد تجاوز الأمر ذلك إلى الحديث صراحة عن ارتباط الحركات الحوثية بطهران، وأن أي نجاح لها يعد نجاحا لإيران وتحقيقا لأهدافها ومشاريعها السياسية في المنطقة.

ورغم أن الاهتمام الإيراني باليمن، وسعيها للحصول على مواقع نفوذ فيها عبر البوابة الزيدية ومنافذ أخرى، أمر يتعلق بمنظومة أهداف إستراتيجية كبرى، يتقاطع فيها السياسي مع الاقتصادي والأمني، إلا أن للبعد الدّيني المذهبي حضوره أيضاً؛ فمن عقيدة الشيعة الإثني عشرية التي تقوم عليها الدولة في إيران، أنه سيخرج من اليمن راية تنصر الإمام المهدي المنتظر، وأنها ستكون أهم الرايات وأهداها. وذلك مقابل راية الخراساني التي ستخرج من إيران. وحسب الرواية الشيعية ستتّحد الرايتان لتهزما السفياني، الأمر الذي سيُمهِّد لخروج "المهدي المنتظر"!

وتمكنت إيران من التأثير على الحوثيين ضمن إطار التشيع السياسي، وهو الأهم؛ فالجوانب العقَدية والفقهية ليست ذات أولوية في المشروع الجيوسياسي الإيراني، وما يؤكد ذلك هو تمكّنها من نشر طقوس عاشوراء الشيعية في اليمن، والتي يتخلَّلها انتشار واسع لشعارات ورموز وصور التشيُّع السياسي المعروفة، مثل صور ومقولات الخميني، وحسن نصر الله، وخامنئي، وغيرهم.

وفي عام 2004، خرج الحوثيون بمظاهرات ضخمة في شوارع اليمن مناهضة للاحتلال الأمريكي للعراق، وواجهت الحكومة اليمينة هذه المظاهرات بشدة. وأعقب ذلك قيام الحكومة بشن حرب مفتوحة على جماعة الحوثيين، واستخدمت فيها أكثر من 30 ألف جندي يمني، واستخدمت أيضًا الطائرات والمدفعية، وأسفرت المواجهات عن مقتل زعيم التنظيم حسين الحوثي، واعتقال المئات، ومصادرة عدد كبير من أسلحة الحوثيين.

وتبين من هذه المواجهات أن الجماعة سلحت نفسها قبل ذلك سرا بسلاح إيراني عبر "حزب الله"؛ حيث تمكنت من مواجهة الجيش اليمني على مدار عدة سنوات.

وتوسطت قطر عام 2008 لإنقاذ الحوثيين من الفضاء المبرم عليهم، لدى الحكومة اليمنية، وعقدت اتفاقية سلام انتقل على إثرها يحيى الحوثي وعبد الكريم الحوثي، أشقاء حسين الحوثي إلى قطر، مع تسليم أسلحتهم للحكومة اليمنية، ولكن ما لبثت هذه الاتفاقية أن انتُقضت، وعادت الحرب من جديد، بل وظهر أن الحوثيين يتوسعون في السيطرة على محافظات مجاورة لصعدة، بل ويحاولون الوصول إلى ساحل البحر الأحمر للحصول على سيطرة بحريَّة لأحد الموانئ؛ يكفل لهم تلقي السلاح الإيراني عبر البحر.

ما بعد الانقلاب الحوثي

ازداد ارتباط الحوثيين بايران بشكل كبير بعد الانقلاب العسكري الذي قاده الحوثيون في سبتمبر 2014 ضد السلطات الشرعية في اليمن، واحتلوا العاصمة اليمنية صنعاء وأجزاء أخرى من المحافظات اليمنية، ففي الوقت الذي سحبت فيه غالبية دول العالم سفاراتها من اليمن، فتحت إيران جسرا جويا مباشرا مع الحوثيين، وتعهدت السلطات الإيرانية بتأمين الوقود للمناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، بالإضافة إلى اعتبار طهران الانقلاب الحوثي "ثورة شعبية"!

وأثبت استيلاء الحوثيين بقوة السلاح على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 وما تلا ذلك من أحداث، وجود عناصر تدريب وخبرة واستشارة من "حزب الله"  و"الحرس الثوري" يعملون مع حركة الحوثي خارج اليمن وداخله.

وكان المصدران الرئيسيان لتسليح الحركة الحوثية بالأسلحة النوعية والثقيلة يتمثلان في إيران، ومخازن الجيش اليمني التي سطا الحوثيون على معظمها بعد انقلابهم على السلطة الشرعية في فبراير 2015.

وفي سبتمبر الماضي، حينما كانت جماعة الحوثي تتهاوى تحت ضربات القوات الشرعية، أبدى العميد حسين دهقان مستشار مرشد الثورة الإيرانية للصناعات العسكرية، "استعداد طهران لدعم الحوثيين عسكريًا، في حال طلبوا ذلك".

وأضاف "دهقان" أن: "الحوثيين يدافعون عن أنفسهم بشكل طبيعي، وسيحصلون على أي مساعدات لأجل ذلك، ومن أي مكان، ومن الطبيعي أن كل من يريد دعمهم سيدعمهم، أما أن نقول إنه لا يحق لهم تلقي المساعدات من أي أحد، فهذا ظلم جائر".

إن كل هذه الوقائع والتواريخ تؤكد العلاقة القوية بين طهران والحوثيين، وهو ما أكدته أيضا الأحداث الأخيرة، حيث رفضت الجماعة الإعلان عن أسماء مسلحيها الجرحى الذين طلبت نقلهم إلى خارج الحديدة مؤخرا، بعد أن تأكد أن من بينهم مقاتلون من إيران ولبنان.
انف ايران 
وقال الكاتب الكويتى محمد الرميحي عبر مقال بعنوان " في الأزمة اليمنية وحشر الأنف الإيراني فيها"
هل نصدق الأخبار القادمة من الساحة الدولية ومن صنعاء أن الحوثيين قد نزعوا الوقر من آذانهم وجنحوا إلى الحق، ورغبوا في المساعدة لإنقاذ اليمن من مأساة استمرت سنين طوالا؟ في العمل السياسي لا تصدق ما تسمع، صدق ما ترى! وسوف تكشف الأسابيع والشهور القادمة وترينا ما يخفى الآن! إلا أن الافتراض أن اليمن يمكن أن يخرج من تلك الحرب الأهلية الضروس، التي جعلت من اليمن في مواجهة أبشع مجاعة ربما عرفها اليمنيون عبر التاريخ، هو افتراض ممكن، ولكن ما شروط التعافي اليمني؟

أولا استتباب الثقة بين الأطراف، وهي ثقة مفقودة، بسبب التدخل الإيراني النشط في التمويل والتدريب والأدلجة، فهل انصاعت إيران اليوم إلى طريق التهدئة، وعرفت أن تجربتها في لبنان لا يمكن أن تتكرر؟ ذلك أمر لا بد من تمحيصه، فالإشكالية التي أصبحت معروفة في طهران، أن هناك أصواتا متعددة، وليس صوتا واحدا لاتخاذ القرار، تقريبا في كل القضايا الإقليمية والدولية، وحتى المحلية، هناك صقور كثر، إن صح التعبير، وحمائم قليلة، وحتى تلك الحمائم في كثير من الأوقات تحاول التشبه بالصقور! خوفا أو استتباعا أو إرهابا، إذن التدخل الإيراني من جهة، أو كف اليد من جهة أخرى، سوف يساهم في مسيرة التعافي أو الانتكاسة، وذلك احتمال ممكن على الجانبين وجب التحسب له، والسؤال هل من مصلحة إيران وقف النزاع، ربما دافعها اللحظي تضاؤل القدرات المالية بعد الحصار، والمشكلات الداخلية التي بدأت تطل برأسها، وهي ليست هينة!

ثانيا بعد الثقة بين القوى المختلفة، يأتي الجانب الأمني بشكل عام، فإصلاح قطاع الأمن من الخطوات اللازمة والأولوية في سكة التعافي، ذلك تاريخ الصراعات التي شهدها مجمل القرن العشرين، خاصة الصراعات الأهلية، فتوحيد السلاح له أهمية قصوى في إتمام الخطوات اللاحقة، هناك بعض التجارب الدولية استطاعت أن (توحد السلاح) تحت سلطة مركزية، حتى في بعض الحروب المتقيحة في أفريقيا التي التهمت ملايين من البشر، استطاعت أن تتعافى من خلال آلية معروفة عادة تسمى (المصالحة والعدالة الانتقالية) المثال هو تجربة جنوب أفريقيا، فنجا المجتمع في تلك الدولة التي تمزق نسيجها من الارتدادات السلبية لآثار الحرب الأهلية، وبعض الصراعات الأهلية فشلت في توحيد السلاح وقوى الأمن، فتشكلت دويلات داخل الدولة، وطال الصراع. فهل ينصاع الحوثي لتسليم سلاحه الثقيل والمتوسط ويُخرج محازبيه من المدن، ويدمج الجميع في القوات المسلحة أو قوى الأمن الداخلي، تجربة لبنان مثال على فشل توحيد السلاح، وهذا هو لبنان يعاني من تعطل الدولة، وسيادة الميليشيات، وربما مثال العراق صورة أخرى، فالصراع حول ظهور الدولة العراقية وتعافيها يعتمد على نزع سلاح الميليشيات.

ثالثا الإغاثة السريعة، فعلى الرغم من الجهود التي تبذل من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات، وآخرها نصف مليار دولار من الدولتين، وشارك عدد من المجتمع العالمي في مد اليمن بحبل الإغاثة، إلا أن الحوثيين يعرقلون المساعدات الإغاثية وخاصة في المناطق التي يسيطرون عليها.

رابعا التعافي اليمني المطلوب لا بد له من رافعة وهي أولا دول الخليج، الذي هو جزء منها، وثانيا المجتمع الدولي بما تستطيع مؤسساته أن تساعد، لذلك فإن وجود قوة أمنية خليجية دولية مشتركة وقبولها من الأطراف كافة حجر أساس للتعافي الحقيقي، لأن اليمن، مثل غيرها من المجتمعات التي شهدت صراعا مجتمعيا، يمكن أن تنزلق إلى صراع أشد في غياب ذلك الضامن، وقد تتحول اليمن في حال إهمال الضامن الكبير والمستمر لسنوات من خلال الوجود العربي المعضد بقوى دولية، قد ينزلق إلى شبيه بالمنزلق الأفغاني، وقتها يغوص المجتمع الدولي في عدم استقرار أمني طويل ومكلف.

إذن خطة التعافي اليمنية المطلوبة ليست فقط (مصافحات وابتسامات) في السويد، المكان المقترح لسير المفاوضات المقبلة، فقد حدثت تلك المصافحات والابتسامات قبل ذلك في أكثر من مكان، وكان أطول أوقاتها في الكويت وقد فشلت بعد ثلاثة أشهر من المراوحة، مرورا بجنيف، وقد استهلكت الحرب في اليمن ثلاثة مندوبين للأمين العام حتى الآن، وآلاف القتلى وخسارة فادحة في اقتصاد هش. فماذا استجد؟ المطالب الدولية وأيضا مطالب الشرعية اليمنية وأطراف أخرى مساندة لها لا تخرج مطالبها عن مطلبين أساسيين وهما، أولا (إجراءات أمنية انتقالية) وقف الحرب وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وإعادة مؤسسات الدولة وانسحاب المجموعات المسلحة من المدن، وثانيا العودة إلى التفاوض السياسي على قاعدة الوثائق الثلاث، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، والقرارات الأممية والورقة الخليجية. وقد تأخذ فترة التفاوض كثيرا من الوقت وكثيرا من الجدل، فدون حسم دولي في رسم خطة واضحة لمسيرة التعافي اليمني، وبحضور دولي فاعل فسوف تستمر إيران في الطغيان. الفكرة الأساسية هي تمكين المجتمع اليمني من حرية الاختيار دون قهر أو إرهاب، وهي حرية تشبّعها ذلك المجتمع، وناضلت من أجلها النخب اليمنية على الأقل طوال مائة عام، تخلصت فيها من الحكم الكهنوتي، ولكنها وقعت في الحكم العسكري، وآن للمجتمع اليمني أن يتجاوز الاثنين ليصبح له حكم مدني حديث، دون القفز على خصوصياته التي تمسك بها في كل المراحل، وهي أن يكون حرا وأن يقرر مصيره بنفسه، أدوات التحرر وتقرير المصير اختلفت عن السابق، تحول اسمها إلى (صناديق انتخاب) و(أحزاب حديثة) و(دستور مدني) وقوى أمنية خاضعة للمسائلة من مدنيين منتخبين، وعدم تدخل قطعي في شؤون اليمن من أي قوى خارجية، وخطة إعمار لها بُعدان، اقتصادي ومدني، تلك العجينة التي يجب أن يُحضرها ويتعامل معها مندوبو المجتمع الدولي المفرزون للتعاطي مع الشأن اليمني. ولا بد أيضا من حساب الاحتمالات الأخرى التي قد تعيد القضية إلى نقطة الصفر من جديد، وهي أن إيران لن تسمح للحوثي بالذهاب بعيدا في المصالحة، إلا إذا تحقق لها بعض ما تريد، وهي اليوم تريد اختراق المقاطعة الأميركية وتمرير أجندتها في الإقليم، أو حتى تفكيك التوافق الدولي على وقف تدخلاتها، لذلك فإن احتمال فشل أو عرقلة التوافق اليمني – اليمني واجب الحساب لدى الأطراف المهتمة بالقضية اليمنية في الجوار. كما أن التوجه الدولي لحلحلة الموضوع اليمني الذي هو ساخن اليوم، ولكن ربما تظهر قضايا دولية أخرى تضعه في الثلاجة إلى وقت آخر، كل ذلك احتمالات ممكنة واجبة التفكير. فالسياسة لا تقاس فقط بالنيات الحسنة! لذلك فإن الطريق إلى تعافي اليمن يحوطه قليل من الأمل، وكثير من العقبات.