بوابة الحركات الاسلامية : خبير نفسي: الدواعش العائدون الخطر الأكبر على أوروبا (طباعة)
خبير نفسي: الدواعش العائدون الخطر الأكبر على أوروبا
آخر تحديث: الخميس 13/12/2018 12:17 م هاني دانيال
خبير نفسي: الدواعش
قال أحمد منصور، الكاتب والخبير النفسى، إن ألمانيا غير جادة فى محاربة التطرف، مشيرا إلى نجاح داعش فى تجنيد ألف من الألمان، وأضاف أن الأوروبيين العائدين من مناطق الإرهاب يمثلون خطرا ليس فقط على ألمانيا بل على الدول الأوروبية.
أحمد منصور من عرب إسرائيل، يعيش فى ألمانيا منذ 2004، وحصل على الجنسية الألمانية، له عدد من البرامج والأفكار المؤمنة بقيم الديمقراطية ومكافحة التطرف، يشتهر فى الأوساط الألمانية بمواجهة المتطرفين والأفكار السلفية، تلقى عددا من التهديدات من المتطرفين المسلمين، مما جعل السلطات الألمانية تضعه تحت الحراسة فى كثير من الفعاليات كحماية شخصية له، حصل على عدد من الجوائز أبرزها جائزة «كارل فون أوسييتسكي»، وتمنحها مدينة أولدنبورغ مرة فى كل سنتين مكافأة على أعمال مقاومة النازية وتخدم التقاليد الديمقراطية وتهتم بقضايا الحاضر، انتقد مؤتمر «الإسلام فى ألمانيا» فى نسخه السابقة، مما دعا وزارة الداخلية لكى تدعوه فى مؤتمرها الأخير الذى عقد الأسبوع الماضي.
كان يتنقل فى أرجاء المؤتمر باهتمام وترقب من المشاركين، رحب به عدد من الشخصيات الليبرالية الحاضرة، وتجاهله عدد من المحسوبين على الاتحادات السلفية والمتطرفة، كان هناك شخصان يلازمانه كظله منعا لعدم احتكاك أى فرد به، التقيناه للتعرف أكثر على مشكلات المسلمين اليوم فى ألمانيا، وأبرز التحديات، ورأيه فى ما تريد أن تقوم به وزارة الداخلية الألمانية، وكذلك البرامج التوعوية التى يقوم بها لمحاربة التطرف.. فإلى الحوار.
وعن رؤيته لتحديات المسلمين اليوم في ألمانيا قال: "في الخمس سنوات الأخيرة، تغول خطر داعش بشكل كبير، ولكنه تراجع بشكل ملحوظ، ولم يكن متواجدا في الشرق الأوسط فقط، بل وفى ألمانيا أيضا، ونجح فى تجنيد ألف شاب وفتاة من ألمانيا، وهو الأمر الذى كان محل نقاش فى كيفية التعامل مع هؤلاء، وبخاصة العائدين من داعش، وهذه النقطة محل نقاش موسع داخل المؤسسات الألمانية السياسية والإعلامية.
هناك مليون لاجئ جاءوا إلى ألمانيا وثقافتهم مختلفة عن الثقافة الألمانية، وتسببت عمليات التحرش الجماعي في كولن ديسمبر ٢٠١٥، فى شيوع مناخ من الكراهية ضد اللاجئين، بل وكانت نقطة تحول فى تغير الموقف من اللاجئين من الترحيب إلى الرفض، ووجدت السلطات الألمانية ووسائل الإعلام نفسها فى حيرة نتيجة ما حدث، وبحث خيارات عدة فى كيفية التعامل مع اللاجئين، وهو ما ترتب عليه من معاداة البعض للسيدات المحجبات، وحرق بعض مراكز اللاجئين من قبل المتطرفين النازيين.
أما حول التحدي الأهم للمسلمين حاليا قال: "المشكلة الأكبر هو وجود حراك ونقاش موسع بكل ما يتعلق باللاجئين والمسلمين من قبل المؤسسات الألمانية، بينما أصحاب المشكلة ذاتها لم يجتمعوا ويبحثوا هذا الأمر، وأعنى هنا المسلمين بكل مذاهبهم وجنسياتهم، ولم نر أى خطوات إيجابية للمساهمة فى الحراك المجتمعى حول ما يتعلق بهم، حتى جاء «مؤتمر الإسلام فى ألمانيا»، والذى عقد مؤخرا وأسهم فى فتح نقاش حول قضايا مهمة لم تجد الوقت المناسب لدراستها من قبل".
وحول تقييمه للمؤتمر قال: "من الأمور الإيجابية هو عقد مؤتمر خاص بالمسلمين بكل اختلافاتهم فى قاعة واحدة، ويتحدثون مع أنفسهم فى جلسات مغلقة فى أمور تخصهم، سواء شخصيات ذات آراء منغلقة أو ليبرالية، ولكن المشكلة الأكبر هى رغبة وزارة الداخلية الألمانية فى التعامل مع شخص واحد يمثل المسلمين لدعوته فى أى اجتماعات قادمة، وهذا بالطبع لن يحدث، فالإسلام يختلف عن المسيحية، فهناك كيانات ومذاهب مختلفة من الصعب اختيار شخص واحد ليمثلها".
وعن أبرز الأفكار التي تم تداولها قال: "اتفقنا في المؤتمر على استكمال الحوار مستقبلا، وتم طرح تساؤلات حول دور المساجد، فهل هي مجرد أماكن للصلاة أم يمكن أن تلعب دورا فى الاندماج، بحيث تساعد المسلمين على الاندماج مع المجتمع الألماني، ولكن في هذه الحالة هناك حاجة لتمويل إضافي كي تتمكن من القيام بذلك بشكل جيد، كما حدث خلاف كبير حول من يمثل المسلمين في ألمانيا، خاصة مع انتشار الجاليات والاتحادات الإسلامية من مختلف الدول، وأصبح من الصعب، بل من المستحيل الاتفاق على شخص ما لتمثيل المسلمين أمام الحكومة الألمانية.
وحول المطالب الألمانية من المسلمين وصعوبة تطبيقها قال: "وزارة الداخلية الألمانية طلبت «إسلام ألمانى»، وهذا أمر غريب على الوافدين إلى ألمانيا، ونحن كمسلمين علينا تحمل المسئولية فى تصحيح المفاهيم، وتقديم صورة إيجابية لمجتمعهم، بحيث يحتفظ المسلمون بديانتهم وعقديتهم، ولكن فى نفس الوقت الالتزام بالنصوص الدستورية الألمانية، واحترام القوانين والقيم الألمانية، ونحافظ على القيم الديمقراطية والمساواة بين المرأة والرجل، واحترام نقد الأديان، وأن نسمح لفتياتنا بدروس السباحة مثلها مثل الدروس التربوية والتعليمية الأخرى دون حساسية أو انعزال، حتى نتمكن من التعبير عن وجودنا فى المجتمع بدلا من الميل للعزلة بدعوى أننا مسلمون، ولا نتفق مع ما يجرى بالمجتمع، ومع ذلك هذا المؤتمر مجرد بداية لمناقشات وأفكار جديدة، ولكن التحدى هل يمكن تفعيل ما تم التوصل إليه على أرض الواقع والبدء فى حل المشكلات الراهنة، أم الانتظار لعام آخر وعقد المؤتمر الخامس دون أى خطوات جديدة".
وحول رؤيته في تغير موقف وزير الداخلية هورست زيهوفر من المسلمين قال: "تغير موقف وزير الداخلية الألماني من أن الإسلام لا ينتمى إلى ألمانيا ثم التراجع عن ذلك، والتأكيد أن المسلمين في ألمانيا لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات نتيجة واقع فرض نفسه، ورأيه الشخصي بعيدا عن أي ضغوط سياسية أو انتخابية من قبل، وأرى أنه تغير إيجابي، خاصة أنه سيترك رئاسة الحزب، وربما قد لا يتواجد مستقبلا فى منصبه كوزير للداخلية، لذا عبر عن رأيه الشخصي دون حساسية ودون حسابات لأمور أخري".
وعن ازدياد المخاوف من النفوذ التركي في ألمانيا قال: "هناك مخاوف من تأثير مؤسسة الأديان فى تركيا سياسية وليست دينية، ويتم استغلال خطب الجمع للدعاية إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كذلك حينما تتم ملاحقة عدد من المعارضين للرئيس التركى، فهى إذًا تعتبر مؤسسة دينية وليست سياسية، وهذا السبب الأكبر لمخاوف الألمان، وأغلب المساجد الموجودة في ألمانيا تابعة لتركيا، وترسل الأئمة إلى ألمانيا، ويحصلون على رواتبهم ومعاشهم من وزارة الأديان التركية، وهناك أئمة أيضا جاءوا من دول خارج ألمانيا، وبالتالي تتزايد المخاوف من تأثيرات أجنبية على المسلمين، لذا التحدي الأكبر في أن يكون التأثير من الداخل وليس الخارج".
وعن البديل الذي يمكن طرحه قال: "غضب ألمانيا من هذا التأثير لا بد من توفير  بديل وليس وقف كل أشكال الدعم الخارجي، ولذا دعوة وزير الداخلية غير كاملة بشأن ضرورة فك الارتباط عن الخارج، ولا بد أن يتبع ذلك توفير مخصصات ودعم مالي ولوجيستى من ألمانيا لتعويض الدعم الخارجي".
وعن تمويل الحكومة الألمانية للمساجد قال: "هناك مساجد تحصل بشكل فردى على تمويل لبرامج معينة، منها برامج ضد التطرف، اندماج اللاجئين فى ألمانيا، وهكذا، ولكن ليست مشروعات لدعم المساجد أو تطويرها، وعلينا البحث عن طريقة لتمويل المساجد ليكون تأثيرا داخليا على المساجد وليس تأثيرات خارجية".
وفي رده على سؤال هل الألمان ضد بناء المساجد؟ قال: "لو كنت سألتني هذا السؤال قبل عشر سنوات، كانت الغالبية ضد بناء المساجد، الآن الشريحة الأكبر ترحب ببناء المساجد، ولكن ربما هناك شريحة من المتطرفين ضد ذلك لأسباب تتعلق بخوفهم من استخدامها فى نشر التطرف، أما طلبات بناء المساجد مثلها مثل بناء الوحدات السكنية والمتاجر وغيرها من البنايات العادية، وفى بعض الأحيان يعترض البعض على بناء مسجد يكون لسبب قيام مجموعة من المتطرفين أو السلفيين أو المحسوبين على الأتراك لبناء مسجد، وليست لمجرد مسجد مخصص للصلاة لخدمة المسلمين.
وحول وضع التجربة المصرية فى الاعتبار بشأن التعامل مع عناصر الجماعة الإسلامية فيما عرفت بمراجعة المفاهيم قال: "التجربة المصرية نضعها فى الاعتبارـ وكذلك تجربة السعودية، والدنمارك، ولست بساحر لإنهاء التطرف، ولكن نستفيد من كل التجارب ونحاول مع كل الشخصيات لمنعهم من المضى قدما نحو التطرف، حيث يتم إنفاق الكثير من الحكومة الألمانية على المسجونين لمتابعتهم ومعرفة توقفهم عن اعتناق الأفكار الجهادية أم لا، ولا أقرأ المستقبل بشأن هل يمكن أن أنجح فى هذا الأمر أم لا، ولكن كلها اجتهادات ومحاولات نحو مواجهة التطرف ومحاولة مساعدة هؤلاء عن هذا المسار المتطرف".
وعن تعامل الحكومة الألمانية مع ملف «العائدين من الجهاد» قال: "العائدون من داعش" الأمر يتعلق بالشخص نفسه، هناك من توقف عن هذه الأفكار المتطرفة فعليا، وهناك من يزعم تركه لهذه الأفكار حتى لا يظل أسير السجون، ولكن لا بد من الفحص، وحتى الآن لا توجد معلومات كافية، ولا يوجد تعاون استخباراتى جيد مع المراكز البحثية، وكثير من الرجال والسيدات العائدين من داعش موجودين فى المنازل الألمانية حاليا، ويقومون بتربية أبنائهم على أفكار لا نعرفها، ربما تكون متطرفة وربما تكون معتدلة، لذلك لم يحاسب كل هؤلاء، ولذا أميل إلى بقاء هؤلاء فى الدول الذين قاموا بأعمال إرهابية بداخلها لتلقى العقاب المناسب، أما إعادتها إلى بلادهم الأوروبية فهو أمر خطير، وربما يترتب عليه مشاكل مستقبلا، أما إذا عادوا فلا بد من الاعتراف بجرائم هؤلاء ومنحهم العقاب المناسب فى بلادهم الأوروبية حتى يتم منع أى أخطار مستقبلا".
وحول وصفه ازدواجية المعايير لبعض الدول الأوروبية في التعامل مع المتطرفين قال: "مشكلة ألمانيا أنها غير حاسمة فى التعامل مع الآخرين، وهناك نوع من الميوعة، فهم يقولون إن هناك قيما وعادات تخص الألمان، ولكن لا يمكن إجبار الآخرين على الحفاظ عليها، لذا لن تقدر ألمانيا على مواجهة التحديات التي تواجهها، ويستغل ذلك المتطرفون جيدا لنشر أفكارهم ومعتقداتهم."