بوابة الحركات الاسلامية : التدخلات القطرية في القرن الأفريقي تاريخ من تمويل الإرهاب وتأجيج الصراعات (طباعة)
التدخلات القطرية في القرن الأفريقي تاريخ من تمويل الإرهاب وتأجيج الصراعات
آخر تحديث: الخميس 20/12/2018 02:37 م حسام الحداد وهند الضوي
التدخلات القطرية
تعد منطقة القرن الإفريقي ذات أهمية استراتيجية كبيرة، من جهة أنها تطل على خليج عدن، وتشرف على باب المندب، كما أنها مقابلة لشبه الجزيرة العربية، والخليج العربي، وملاصقة لإقليم البحيرات العظمى في وسط إفريقيا، والذي يتميز بغنى موارده المائية، والنفطية، والمعدنية، ولهذا كانت المنطقة، محلا للتنافس، لعل أبرز صوره تجسدت في الاستغلال القطري لأزمات هذه المنطقة.
ولهذه الأهمية نجد تعدد اشكال التدخل بل التوغل القطري في القارة السمراء بهدف محاصرة مصر وتهديد أمنها القومي، بطرق شتى فمرة يكون التدخل عبر السياسة ودبلوماسية الوساطة بين الجيران المتوترة علاقاتهم، وأخرى بهدف الدعم الاقتصادي، وأخيراً عن طريق المساعدات الخيرية، مستعينة بمنظمات تحوطها الشك والريبة فيما يخص أهدافها الحقيقية.
تدخلات قطر في القرن الإفريقي:
لم تترك بابا إلا وطرقته، مثل الوجود العسكري كمراقب في حالات مثل النزاع بين إريتريا وجيبوتي، وهو ما تم إنهاؤه في أغسطس 2017، بسبب موقف البلدين من أزمة قطر مع الدول الأربع الداعية لمحاربة الإرهاب. وأخطر الأدوار التي تلعبها قطر ضد مصلحة مصر هي في إثيوبيا، عبر عدة مشروعات إنسانية واقتصادية ذات بعد سياسي هدفها الأساسي تهديد الأمن القومي عبر سد النهضة، وأخذت ستارًا من الاستثمار في مجال الزراعة، وضخت الأموال الضخمة التي استفادت بها الحكومة الإثيوبية لبناء السد. ولم تكن الزيارة التي قام بها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وما سبقها من محاولات إصلاح العلاقات بين الدوحة وأديس أبابا من قبيل المصادفة، بل كانت ضمن خطط عديدة وضعتها الدوحة لتنفيذها ضد القاهرة بما يتيح لها التدخل في شئون مصر الداخلية. والمعروف أن قطر كانت قد واجهت أزمة كبرى مع إثيوبيا حينما اتهمتها الأخيرة بالعمل ضد مصالحها عبر تقوية علاقتها بإريتريا وتقديم الدعم المالي لجماعات المعارضة المسلحة الموجودين بأسمرة.
وعبر علاقة قطر بإريتريا دخلت الدوحة على خط الوساطة مع جيبوتى واستضافت قمة بين البلدين في 2010، وتلاها إرسال الدوحة لمراقبين عسكريين على الحدود بين البلدين لحفظ السلام، ثم قامت بسحبهم عقب أزمتها مع الدول الأربع. والعلاقات القطرية بدولة الصومال علاقة غريبة ومزدوجة، فكما مولت الدوحة الجماعات المتطرفة في ليبيا نجدها أيضاً تمول حركة الشباب الإرهابية التي طالما قامت بأعمال عنف دموية هزت العاصمة مقديشو.
التمويل القطري:
والتمويل القطري تؤكده دراسة نشرتها مؤسسة دعم الديمقراطية الأمريكية، التي أوضحت أن هذا التمويل قدمه القطري المطلوب دوليا عبد الرحمن النعيمي بمبلغ 250 ألف دولار وفى وثائق مسربة نشرت على موقع ويكيليكس كشفت طلباً للسفيرة الأمريكية السابقة سوزان رايس لدى الأمم المتحدة من تركيا الضغط على قطر لوقف تمويل الشباب. وأيضاً هناك شكوك حول المنظمات الإنسانية القطرية العاملة في الصومال وهى وإن كانت تستحوذ على النصيب الأكبر للمساعدات إلا أن نطاق أعمال تلك المنظمات لا يتعدى العاصمة وليس المناطق البعيدة الأكثر احتياجاً.
وكشفت تقارير عديدة لوزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيتين ومراكز ومعاهد دراسات وأبحاث، عن أن قطر أكبر دولة تمول الجماعات المتطرفة والإرهابية في منطقة القرن الإفريقي تحت ستار العمل الإنساني, وفى كينيا تسعى قطر للاستحواذ المالي عبر بنك قطر منذ توقيع مذكرة التفاهم قبل ثلاثة أعوام وأعمال إنسانية لمتضرري الجفاف، تهدف إسدال الستار الإنساني على تدخلات الدوحة، التي دائماً ما تخلف بعده الإرهاب عبر بوابة مؤسسة «قطر الخيرية».
وبحسب أغلب المراقبين، فإن المشروع القطري للسيطرة على منطقة القرن الإفريقي، يسعى إلى تحقيق عدة أهداف، أبرزها:
القيام بدور استراتيجي لتعزيز مكانتها دوليا.
الحصول على موقع أكثر تقدّما في العالم الإسلامي، ضمن محاولات الزعامة الوهمية.
الاستفادة الاقتصادية، خصوصا مع اكتشاف الغاز في مياه المنطقة الإقليمية. 
تقويض أدوار القوى المنافسة لها، وأبرزها الإمارات ومصر والسعودية.
وترتبط النقاط السابقة وسواها، بطبيعة السياسة الخارجية القطرية، القائمة على عقدة الجغرافيا، بما تشمله من إشكاليات؛ الموقع، المساحة، عدد السكان، حيث شكَّلت هذه الإشكاليات مجتمعة عامل ضغط على الطموح السياسي الذي رافق السلطة القطرية منذ منتصف التسعينيات؛ لذا تحاول الاستعاضة عن ذلك بنشاط دبلوماسي واسع، لم يقدِّم نتائج إيجابية حقيقية في غالبية الملفات التي تصدّت لها الدوحة، لذا لجأت إلى تغيير هذه الدبلوماسية، من دبلوماسية الوساطات، إلى دبلوماسية الاستثمارات، وغيرها من أشكال تكميلية لا تجد كثير أثر لها في القرن الإفريقي.
محاولات بسط السيطرة:
هذا ما توضحه دراسة صادرة عن معهد «الدراسات الأمنية الإفريقية»، تؤكد على أن قطر تسعى من خلال تغلغلها في منطقة القرن الإفريقي تحديدا؛ لبسط السيطرة على أحد أهم المناطق التي تؤثر على الملاحة البحرية في المنطقة، الأمر الذي جعلها تتدخل في صراعات بين كل من «السودان وإريتريا»، و«الصومال وإثيوبيا»، و"إريتريا وجيبوتي". 
ففي 14 ديسمبر الجاري 2018، أعلن وزير النقل والاتصالات القطري، جاسم بن سيف أحمد السليطي، أن حكومته ستبدأ في بناء ميناء "هوبيو" في منطقة مدغ، وسط الصومال.
وقال وزير التخطيط والاستثمار والتنمية الاقتصادية في الحكومة الفيدرالية معالي جمال محمد حسن إن وزير الموانئ يعد بأن رئيس الوزراء القطري سيبدأ قريباً بناء ميناء "هوبيو" لتستفيد منه حكومة وشعب الصومال.
كذلك التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الموانئ، ومذكرة تفاهم للتعاون بين المعهد الدبلوماسي بوزارة خارجية دولة قطر والمعهد الدبلوماسي بوزارة خارجية جمهورية الصومال الفيدرالية، ومذكرة تفاهم لإنشاء لجنة عليا مشتركة، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم للتعاون والتشاور السياسي بين وزارة خارجية دولة قطر ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بجمهورية الصومال الفيدرالية.
ولأن قطر لا تمتلك مشروعا استراتيجيا متكامل الأبعاد في هذه المنطقة، وتفتقد إلى كثير من المقوّمات والأدوات التي تمتلكها كثير من الدول، وخصوصا الأدوات الثقافية والتاريخية، كما أن الأداة الدينية في الحالة القطرية منخفضة القيمة، نتيجة عدم ثقلها في العالم الإسلامي، كل ذلك جعل هناك حالة من التناقض والتضارب في كثير مواقفها السياسية، لعل أبرزها:
 - تدخلها على خط الأزمة الإثيوبية الإريترية، حيث اتهمتها إثيوبيا بدعم إريتريا ضدها، وبتمويل المليشيات الصومالية على الحدود الأثيوبية؛ مما أدى لقطع العلاقات الدبلوماسية معها عام 2008. 
- والأزمة «المصرية الأثيوبية» على خلفية إشكالية سد النهضة، حيث عملت الدوحة على استعادة الود مع إثيوبيا؛ لتتمكن من الدخول على خط الأزمة، من خلال تدعيم أديس أبابا بقرض قيمته 500 مليون دولار، في جهودها لبناء السد. 
هذا الدور كشف عنه المتحدث باسم جبهة «الأورومو» الإثيوبية، «جمادا سوتي» قائلا: «إن قطر تدعم بناء السد من خلال مشروع استثماري وزراعي ضخم. دفعت الجزء الأول من قيمته، الذي استفادت منه الحكومة الإثيوبية في بناء السد».
التجاوزات القطرية:
من العرض السابق يمكن إجمال أبرز التجاوزات القطرية بحق منطقة القرن الإفريقي على هذا النحو:
- قيامها بالعديد من الأدوار التخريبية، من خلال تدخلها في شؤون الدول تحت مظلة «الأعمال الخيرية»، حيث سعت إلى دعم جماعات انفصالية متمردة ومنحها مبالغ مالية لتقويض الاستقرار، وضرب الأمن، وتشكيل قوى إرهابية متوائمة مع السلوك القطري، ومن بينها، «حركة الجهاد الإسلامي الإريتري»، و«الاتحاد الإسلامي الصومالي»، وحركة «التوحيد والجهاد» المتطرفة في غرب إفريقيا.
- الاستغلال القطري للأزمة بين «جيبوتي وإريتريا»، وسحبها لجنودها على الحدود المتنازع عليها بين الدولتين؛ لمعاقبة جيبوتي على انضمامها للدول المقاطعة، بينما تقدم الدعم سرا للطرف الإريتري في محاولة لإشعال الموقف، وتوجيهه نحو مزيد من التدهور.
- توجيه قطر منابرها الإعلامية لغزو وابتزاز المنطقة الإفريقية ممثلة في قناة «الجزيرة»، والتي لم تكتف بالبث العربي، بل أطلقت قناة باللغة السواحلية تستهدف قرابة 100 مليون نسمة، وقيام القناة بعمل تقرير مفبرك حول اللاجئين الصوماليين في إثيوبيا، وذلك بدعم من «جبهة أوغادين الوطنية للتحرير»، التي تمولها الدوحة، حيث اتهم التقرير حينها الحكومة الأثيوبية بالقيام بعمليات اضطهاد وتعذيب للاجئين تدفعهم للانضمام إلى الجبهة. 
- وجود مساعٍ قطرية منذ سنوات في كينيا للاستحواذ المالي عليها، عبر بنك قطر الوطني، كما تعاقدت على عدة مشاريع بأثيوبيا تحت بند المساعدات الإنسانية، والتي لا يمكن إغفال بعدها السياسي.
- الدعم القطري المادي بشكل مباشر أو غير مباشر لغالبية التنظيمات المسلحة الموجودة ليس في منطقة القرن الإفريقي فحسب، وإنما في كل أرجاء القارة. 
إلا أنه وفقا لكثير من المحللين، فإن النشاط القطري في منطقة القرن الإفريقي اتسم بجملة نقاط، أبرزها:
الاعتماد بشكل شبه كلي على الثقل المالي في التقرّب من حكومات هذه الدول، غير أن هذا العامل يرتبط بأسعار الغاز العالمية، الذي انخفضت في العامين الأخيرين، ما أثّر سلبا في طموحات قطر.
المشاريع القطرية لا تتسم بالتكاملية، حيث إنها متفرقة، وغير مترابطة، وذات تأثير محدود في البيئات المستهدفة، ومن جهة ثانية لا تتّسم بالاستمرارية، فهي عرضة للانقطاع، نتيجة متغيرات مالية أو سياسية أو شخصية. 
لا تُشكِّل المساعدات الإنسانية، التي تقدِّمها الدوحة تغييرا كبيرا في البنى التحتية، ولا في مقومات الحياة، حيث إنّها تأتي كرد فعل على كوارث طبيعية أو صراعات، كما أنها تأتي في صورة مساعدات غذائية ودوائية أو تنموية محدودة الأثر.
كما أنّ حجم الاستثمارات القطرية يبقى منخفضا في هذه الدول؛ لعدم جرأة المستثمرين القطريين، على الاستثمار في هذه الدول، نتيجة للصراعات وعدم الاستقرار. 
بالإضافة إلى أن قطر رغم حيازتها لترسانة أسلحة متقدّمة، إلا أنّ حجم قواتها المسلحة، لا يساعدها في القيام بأدوار عسكرية في المنطقة، ولا يشكل عامل جذب لإقامة تحالفات عسكرية معها. 
موزة والمياسة بنت حمد آل ثاني:
وفي سبتمبر الماضي 2018، كشفت مصادر بالمعارضة القطرية في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن مؤسسة "صلتك" التابعة لموزة بنت المسند، والدة الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني، وعدت بإنشاء مراكز تعليمية وتوظيف 75 ألف شاب صومالي، خلال الفترة المقبلة، مؤكدة أن هذه الخطوة وراءها انخراط هذا الكم من الشباب الصومالي في جماعات مسلحة إرهابية كجماعة "الشباب" الصومالية الإرهابية، والتدريب على حمل السلاح لتنفيذ عمليات تطلب منهم في الوقت والمكان المناسب.
وأكدت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها للإعلام، أن الهدف المرجوا من المخطط القطري بعيد المدى، هو تخريب عملية السلام التاريخية التي وقعت بين الجارين أثيوبيا وإريتريا مؤخرا في مدينة جدة السعودية بعد محاولات مصرية وإماراتية مكثفة لتحقيقها.
وأوضحت المصادر بالمعارضة، أن النظام القطري غير راض تماما عن المصالحة بين فرقاء القرن الإفريقي، لأن دخول دول "الرباعي العربي" في عمليات التسوية التي تمت بين الجانبين حطمت جميع أحلامه التخريبية في منطقة القرن الإفريقي. 
ووصفت المصادر النظام القطري بـ"المليشيا الحاكمة"، مؤكدة أن "تنظيم الحمدين" يستخدم العنصر النسائي، متمثلا في والدة تميم، بالتستر وراء دعم التعليم في الدول الإفريقية الفقيرة،  لدعم الجماعات الإرهابية في تلك الدول، مشيرة إلى أن شقيقة تميم، "آل ثاني" متورطة ايضا في "العمليات القذرة" التي تتم في إطار تمويل الإرهاب من خلال شراء وبيع القطع الأثرية بالدول التي تم إسقاطها عقب فوضى ما عرف بثورات الربيع العربي من اجل دعم تنظيمات إرهابية مثل "داعش" بتلك الأموال.
وكانت المياسة بنت حمد آل ثاني، قد اشترت لوحة فنية بـ 250 مليون دولار، لتضمها لمقتنياتها الباهظة من اللوحات الفنية التي تقوم بشرائها من الدول الأوربية بأسعار خيالية ثم إعادة بيعها مرة أخرى في إطار دعم الجماعات الإرهابية.
وأكدت المصادر أنه خلال الفترة المقبلة، سيلاحظ الجميع أنشطة مريبة للجماعات المسلحة في كلا من أثيوبيا وإريتريا، وتحديدا الجماعات التي تتبع تنظيم "القاعدة" الإرهابي وحركة "الشباب الصومالية" وخاصة عند الحدود المشتركة بين هاتين الدولتين لتكون نواة لتخريب العلاقات بينهما بعد توقيع اتفاقهما التاريخي.
وكانت قد حذرت تقارير غربية في وقت سابق من العام الجاري، من أن إمارة قطر تنصب شباكها جيدا حول الصومال، الذى يعانى الكثير من المشكلات وفى مقدمتها الفقر والبطالة وتردى الخدمات التعليمية والبنى التحتية، وذلك للبحث عن موطئ قدم في القارة السمراء لنشر التطرف هناك، حيث أكد موقع "كريستال آيز" المتخصص في رصد ومكافحة الإرهاب، أن الدوحة تحاول توسيع نفوذها حول المنطقة المجاورة لها، كما تشكل الصومال واحدة من الأهداف القطرية في هذا المجال، موضحين أن قطر تحاول كسب السيطرة على سواحل الصومال.
التمويل القطري للإرهاب في الصومال
كشف تقرير مطول لـ"المجموعة الدولية للأزمات" أن الحكومة القطرية وعدت بمد الجماعات المسلحة بالمال والسلاح بعد انفصال جمهورية "صومالي لاند" عن الأراضي الصومالية في عام 1991، وذلك لحماية مصالحها الاستثمارية في تلك البقعة الوليدة من رحم حرب أهلية طاحنة استمرت لسنوات.
كانت وسيلة قطر لإشعال الصراع وتأجيجه في الصومال والتي تركزت خلال حكم رئيسها محمد عبدالله فرماجو هي دعم جماعات وأباطرة حرب صوماليين بمبالغ وصل مجموعها إلى أكثر من 442 مليون دولار أمريكي، في صورة أموال نقدية وسلاح ومعدات وعطايا لتلك الجماعات في مقابل منح الحكومة القطرية حق الانتفاع بالسواحل الصومالية.
فرماجو أفسح المجال أمام قطر لبث سموم الإرهاب والتمزيق في الصومال خاصة بعد الخلاف بين "صومالي لاند" والحكومة المركزية في مقديشو، وهو ما جعل تنظيم الحمدين يتجه لتمويل العديد من الجماعات للعمل لديها "كمرتزقة" لحماية مصالحها في الساحل الصومالي، لكي يتم استعماله كمرافئ ونقاط تموين بالوقود للسفن القطرية التي تنقل الغاز عبر البحر الأحمر إلى أوروبا.
وحسب تقرير "المجموعة الدولية للأزمات" فإنه ونتيجة لهذا التمويل، زاد جشع تلك الجماعات، خصوصاً مع تقدم مسلحي حركة الشباب الإرهابية التي بايعت تنظيم القاعدة ثم تنظيم داعش الإرهابي في وقت لاحق، وبدأت بالاقتتال على التمويل القطري، إلا أن الحكومة القطرية قررت الانسحاب، مما دفع تلك الجماعات على الاقتتال فيما بينها على بقايا ما تركته قطر في الصومال من معدات وأبنية.
تقرير المجموعة الدولية أكد عبر شهادات قدمها عدد من المدنيين الصوماليين لمنظمة الأمم المتحدة، ضلوع الجماعات المسلحة في الصومال التي تلقت تمويلاً من الحكومة القطرية في أعمال قتل وتطهير ضد مدنيين في مناطق قروية ساحلية تم استعمالها لصالح الحكومة القطرية كموانئ ونقاط إعادة تموين بالوقود، مما دفع عدداً من سكان هؤلاء القرى المهجرة إلى انتهاج القرصنة كرد على قتل وتشريد هؤلاء من قرى كانوا يعيشون بها.
ونتيجة لذلك، تسببت أعمال القرصنة التي تنامت خلال عام من حكم فرماجو في عدد من الأزمات الدولية عبر القرن الإفريقي، مما استوجب تدخلاً دولياً حازماً لوقف تلك الأعمال.
التحالف العربي واحتواء الموقف
على عكس الدور القطري المشبوه ساهم تدخل التحالف العربي لحل الصراع في الصومال وفي نزع فتيل الأزمة بشكل سريع، حيث إن القرن الأفريقي هو جزء مهم في الأمن القومي العربي، لذلك ساهمت الجهود التحالف العربي في تشكيل جيش نظامي في الصومال لدحر الجماعات المسلحة والإرهابية في هذا البلد الأفريقي.
وقد أكد تقرير المجموعة الدولية للأزمات وهي مجموعة بحث دولية عالية المستوى، بما لا يدع مجالا للشك أنه لولا جهود التحالف العربي لحل الوضع في الصومال لكان من الممكن أن تتطور تلك النزاعات إلى مواطئ قدم لتنظيمات إرهابية مثل داعش، مما كان سيعرض أمن منطقة الخليج والشرق الأوسط بالكامل، إلى خطر داهم سواء أمني أو اقتصادي.