بوابة الحركات الاسلامية : إيران وتصدير الصراعات المذهبية...دول المغرب العربي نموذجا (1-3) (طباعة)
إيران وتصدير الصراعات المذهبية...دول المغرب العربي نموذجا (1-3)
آخر تحديث: الجمعة 21/12/2018 12:13 م
إيران وتصدير الصراعات
كتب: حسام الحداد – هند الضوي – فاطمة عبد الغني

عقب نجاح الخميني في السيطرة علي مقاليد الحكم في إيران عام 1979،أعلن  بوضوح أن في مقدمة أولويات نظام "الملالي" تصدير نموذج "الثورة الإسلامية" على النهج الإيراني، لكل دول المنطقة، وحرص نظام الخميني على ما أسماه "مناصرة" ودعم التجمعات والأقليات الشيعية في كل مكان في العالم، خاصة العالم العربي والإسلامي، وبات من المستهدفات الأساسية للنظام الإيراني نشر التشيع وإعلاء المذهبية، مما خلق اجواء من التوتر وزيادة المشاعر الطائفية، ودخلت مجتمعات في حالة من التوتر والاقتتال على أساس "الهوية" المذهبية.
وما جرى ويجري في المشرق العربي الاسلامي من صراعات وحروب طائفية أو شبه طائفية ليس ببعيد عن سياسات وممارسات دولة الملالي(كما الحال في العراق، وسوريا، واليمن) ولم تكن بلاد المغرب العربي (تونس، الجزائر، المغرب) بعيدة عن مخططات النظام الإيراني في السعي لنشر وتعزيز الفكر الديني السياسي الشيعي على النهج الإيراني.
في هذا الملف... سنتناول على مدار ثلاثة أجزاء الدور الإيراني في نشر التشيع في المغرب العربي.(تونس – الجزائر – المغرب")

أولاً: التشيع في تونس والدور الإيراني...

الشيع في تونس
الشيع في تونس
مدخل :
1-كشفت مصادر تونسية متعددة وموثوقة أن جهار الأمن الخارجي لتنظيم حزب الله اللبناني المسلح ينشط بكثافة في عدد من الأقطار العربية من بينها تونس. 
وقد تطورت علاقة جهاز أمن حزب الله اللبناني بمصادره في تونس عبر الوقت، حتى توفر له الحصول على المعلومات الأمنية الحساسة والوصول إلى هويات القائمين على مكافحة الارهاب القادم من بؤر الارهاب والتوتر في المنطقة (خاصة سوريا والعراق واليمن ) حيث تنشط جماعات وكيانات ارهابية مدعومة من قطر وتركيا وايران، كما تمكن حزب الله من الحصول على  خطط الاجهزةالأمنية التونسية  للتصدي لجماعات الارهاب والتطرف الناشطة في داخل تونس .
هذا السلوك المهدد للامن والاستقرار من جانب حزب الله ، ربماكان الحافز الاهم في حسم تردد الموقف التونسي الرسمي من اعتبار الحزب كيانا إرهابيا ، ودفع تونس مؤخرا  للموافقة على القرار العربي رقم 8218 الذي يعتبر حزب الله تنظيما ارهابيا
2- بعد سقوط  نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، في يناير 2011، بدأ ظهور لافت وقوي لأتباع الشيعة الإثني عشرية،الذين استغلوا تلك الأجواء الجديدة في تونس في الكشف عن أنفسهم، بل والانتشار ومحاولة شرعنة وجودهم عبر تأسيس جمعيات "ثقافية" وحركات ومؤسسات إعلامية في تونس.،
المجتمع التونسي يعتنق المذهب المالكي السني وعرف بتناغمه الديني ووحدة المذهب طوال عقود، بخلاف بلدان المشرق العربي التي عانت من ويلات الانقسامات الدينية والمذهبية. كما أن هناك شكوكًا تحوم حول تلك  المحاولات النشطة للترويج للفكر الشيعي وارتباطها بقوى خارجية لها مصالح استراتيجية في المنطقة ومشاريع مستقبلية ترغب في تحقيقها من باب الفكر الديني واستقطاب عقول الشباب، خاصة ان عدد المقبلين على التحول للمذهب الشيعي تزايد في تونس بعد نجاح ثورة الخميني كمرحلة أولى وبعد انتصارات المقاومة اللبنانية.
وقد أكدت على هذا تقارير كشفت عن مخطط إيراني بدعم من حزب الله اللبناني، وإيران  للتمدد في تونس بعد 2011.
 وهناك العديد من الأسباب التي أدت إلى التمدد الشيعي في تونس، وما يترتب عليها من نفوذ لايران و لحزب الله في تونس، والتي تتمثل فيما يلي:
 أولا: استغلال إيران وحزب الله سحق زين العابدين بن علي للحركة الإسلامية في تونس لتحسن علاقاتها معه لتخترق الساحة السنية في البلاد، فوثقت علاقاتها بالنظام التونسي على كل المستويات من تعاون سياسي وثقافي خاصة، ففسح المجال أمام الدعوة الشيعية، ورخص لهم ولأول مرة في تاريخ تونس الحديث بتأسيس أول جمعية شيعية في شهر أكتوبر 2003 وهي "جمعية أهل البيت الثقافية"، وقد طرحت على نفسها "المساهمة في إحياء مدرسة آل البيت ونشر ثقافتهم"، كما أذن الدكتاتور ابن علي بتوزيع الكتاب الشيعي هذا، فضلًا عن الاتصال المفتوح والمكثف بين رموز التشيع وإيران، كما وافق الدكتاتور على التحاق طلبة تونسيين بجامعات ومراكز شيعية في إيران. فالحاصل أن التشيع وجد في تونس في عهد المخلوع مجالًا للنشاط دون أية مضايقة أو اعتراض بل وجد تشجيعًا ودفعًا له
وكذلك ما قامت وتقوم به البعثات الثّقافيّة الإيرانيّة من خلال سفارتها في تونس من اختراقات لوحدة البناء السّنّي وإرساء فتنة التّفريق بين المُكوّن المذهبي، وذلك عبر نشر لمطبوعات تُشكّك وتنال من عقائد السّنّة وتُؤسّس لعقائدها الفاسدة. مثل الطّعن في الصّحابة، والثالث الدور الكبير الذي لعبه جماعة "الإسلاميون التقدميون"، ومن أبرزهم إحميدة النيفر وصلاح الدين الجورشي في نشر كتب مرتضى مطهري وعلي شريعتي وباقر الصدر في مجلتهم 15/21 ومكتبتهم المُسماة "الجديد"، بالإضافة إلى الأثر الكبير الذي تمتع به "حزب الله"؛ بسبب ما يُروج ما قام به من عمل "بطولي" ضد المحتل اليهودي، في ظل تأثير القنوات الشيعية في التونسيين ومن أبرزها قناة "المنار" الفضائية "حزب الله" اللبناني

الانتشار:

انتشار الشيعة
انتشار الشيعة
وينشط المد الشيعي بشكل خاص في مدينة قابس جنوب العاصمة؛ حيث يتوافد الشيعة على الحسينية الوحيدة الموجودة في تونس، وقد شهدت المدينة التي تضم التجمع الشيعي الأكبر بعد الثورة احتفالات علنية بأعياد ومناسبات شيعية لأول مرة.
واليوم يتواجد الشيعة الإمامية في أغلب المدن والولايات، ومن أهمها ولاية قفصة وولاية قابس وولاية سوسة وولاية المهدية وكذلك تونس العاصمة.  ورصد «حمدي الحاج رمضان» وهو أحد النشطاء في مجال مقاومة المد الشيعي في تونس وصاحب صفحة «الزحف الأسود الإيراني في تونس» على «الفيسبوك»، تزايد عدد المتشيعين في العديد من مناطق وولايات الجمهورية (قابس، طبلبة، القصرين وتطاوين).

المؤسسات الشيعية في تونس :

المؤسسات الشيعية
كانت "جمعية آل البيت الثقافية التونسية" التي تأسست نهاية عام 2003بداية للظهور العلني الفج للمد الشيعي الإيراني في تونس، حيث أسسها "عماد الدين الحمروني" وهو من المتشيعين التونسيين المعروفين بولائهم لإيران وارتباطهم الوثيق بها، ولا يخفي "الحمروني" سعي جمعيته لنشر المذهب الشيعي الجعفري، بل ويؤكد على الولاء المطلق لإيران وللمرجعيات الشيعية في قم، 
بالاضافة إلى "جمعية آل البيت الثقافية التونسية"، هناك "جمعية المودة الثقافية الشيعية التونسية" التي يقودها "مراد الشلبي" وهو تونسي  وتدين هذه الجمعية بالولاء لإيران وحكامها، وتعتبرهم حكام المسلمين الشرعيين، كما تعتبر داعما كبيرا في المنطقة لحزب الله الشيعي.

العلاقات مع إيران:

العلاقات مع إيران:
ويختلف الموقف بين الولاء لإيران أو التعاطف معها، ويعرف عن المد الشيعي في تونس ارتباطه عضويا بإيران، إذ أن كل الجمعيات والنشطاء الشيعة في تونس يتخذون من علي خامنئي مرجعية دينية وسياسية لهم، ويدينون له بالولاء باعتباره آية الله العظمى وعلى ضوء معتقدهم بولاية الفقيه. وفي تطور يشكل منعطفا خطيرا في تغول المد الشيعي الإيراني في تونس، قامت مجموعة من الشيعة التونسيين المرتبطين بإيران بالاعتداء على بعض الشباب التونسيين من أهل السنة في مدينة بنزرت عام 2012 أثناء تنظيم رابطة التسامح الشيعية تظاهرة ضمن تخليد ما يعرف بيوم القدس، وهو تقليد إيراني دعا إليه الخميني، بتخصيص يوم الجمعة الأخير من كل رمضان كيوم للقدس، وقد تخصصت الجمعيات الشيعية والأحزاب ذات الصلة بإيران في تخليد هذا اليوم، 
وكان الاتفاق الذي وقعته وزيرة السياحة التونسية مع الجانب الإيراني، بهدف تعزيز وتنشيط التبادل السياحي ، وهو الذي أبدت الكثير من الأطراف التونسية تخوفها منه على اعتبار أنه تهديد للأمن القومي التونسي. 
وبحسب العديد من المتابعين والمراقبين التونسيين فأن إيران وفي أعقاب الثورة التونسية عام 2011 صعّدت من نشاطها لنشر التشيع وأن المركز الثّقافي الإيراني في تونس هو الجهة المسئولة عن تمويل وتنظيم هذا المدّ حيث توجد بعض الجمعيّات والأحزاب والصّحف الشيعيّة المندسّة في المجتمع المدني على غرار الرّابطة التونسية للتّسامح وحزب الوحدة وجريدة الصّحوة
وأكّد القيادي في حركة النهضة الحبيب اللوز أنّ "التمويل الأجنبي للطائفية ثابت، والتمويل الإيراني للمجموعات الشيعية واضح قصد نشر مذهبهم، كما تقوم دول أخرى بتمويل الجماعات السلفية".
وفي23 أبريل 2012 تم الإعلان عن تأسيس الرابطة التونسية لمناهضة المد الشيعي تزامنا مع زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى تونس وافتتاح أسبوع السينما الإيرانية.ووجهت الرابطة  صابع الاتهام لإيران بنشر التشيع الجعفري في البلدان العربية السنية، وتونس منها، عبر مخطط يقوم على رصد الأموال وتجنيد الأشخاص". عبر أجندة سياسية تقف وراءها إيران ودللت الرابطة بما يحدث في اليمن ولبنان والعراق وأكدت :إيران لن تتوانى عن تسليح هذه الخلايا النائمة متى ما دعا الأمر إلى ذلك لخلق الفتنة في إطار ما يسمى بتصدير الثورة الإيرانية".
من جانبه يرى د.عبد الله جنّوف ستاذ الحضارة بالجامعة التّونسية والمتخصّص في دراسة المسألة الشّيعية، علاقة الشيعة في تونس بإيران قائلا: أمّا علاقتهم بإيران فأمر تدلّ عليه الوثائق ويؤكّده الواقع، فلا فائدة في إنكاره. 
وفي تصريحات صحفية قال رئيس جمعية الوسطية للإصلاح والتنمية، عادل العلمي، إنه وأعضاء جمعيته قد اخترقوا جمعية تونسية شيعية متواجدة في ولاية قابس على أساس الانتماء إليها وسافروا معها إلى دولة إيران فاكتشفوا أن أبرز نشاطاتهم تتمثل في التدرب على استعمال السلاح فقاموا بتوثيق هذه العمليات. وأكد العلمي تصريحاته قائلا إن "الجمعيات والأحزاب التي تنتسب إلى الشيعة كثيرة في تونس وتقوم بتظاهرات ورحلات إلى دول أجنبية للتدرب على استعمال السلاح متخفية بالتراخيص الحزبية والجمعياتية".
وفي تصريحات أخرى لفت العلمي إلى أنه تقدم بمذكرة تفصيلة حول ما أشار إليه من اتهامات صريحة وموثقة لكل من وزارة الداخليّة ورئاسة الحكومة ومع ذلك فإن أحدا لم يهتم بالأمر ولم يتم التحقيق فيها وهو ما يشي بأن النفوذ الشيعي في تونس ليس بسيطا بل إنه وصل إلى حد أنه نجح في التغطية على قضية بمثل هذا الحجم والتي كانت تستدعي أن تتحرك الدولة التونسية وعلى أعلى مستوياتها للتحقيق فيها والتأكد من صحة بياناتها

الخلاصة:

الخلاصة:
-التشيع في تونس أصبح أمراً واقعاً وظاهرة تمدد وتنتشر في ولايات الجمهورية  مستغلة مبادئ الدستور التونسي والتي تتيح حرية العقيدة .
- الدور الإيراني واضح في دعم ونشر التشيع  من خلال المركز الثقافي الإيراني والذي يعتبر بؤرة مهمة في نشر التشيع ورأس حربة لتغلل الإيراني في المجتمع التونسي.
- أتاح سقوط نظام الرئيس التونسي زين الدين بن على وماشهده المجتمع من انفتاح سياسي وإعلامي ، " في ظهور الحراك الشيعي وتبؤه مكانة قوية في الاعلام التونسي والمجتمع.
-مخاوف تونسية حقيقة من استغلال طهران للاتفاق السياحي مع تونس في تكرار تجربة نموذج سوريا في تونس والذي سيطرت إيران من خلال برامج الوفود السياحية على دمشق وسوريا.
- وجود مؤسسات ثقافية واعلامية شيعية يفتح الباب على حضور شيعي في المستقبل وسط مخاوف من تكرار تجربة حزب الله في تونس وهو ما يعد أسوأ السيناريوهات المستقبلة للوجود الشيعي والتغلل الإيراني بالبلاد.
-الحضور الإيراني والتغل الشيعي يفتح الباب حول مخاوف من وجود يد لإيران في الضغط على  صناعة القرار التونسي مستقبلا.

يتبع الجزء الثاني (التشيع في الجزائر والدور الإيراني)