بوابة الحركات الاسلامية : المصالحة الأفغانية.. محاولة أخيرة لإنهاء الحرب (طباعة)
المصالحة الأفغانية.. محاولة أخيرة لإنهاء الحرب
آخر تحديث: الأحد 30/12/2018 12:41 م حسام الحداد
المصالحة الأفغانية..
يعلم الجميع أن الحرب المستمرة في أفغانستان منذ عقود فيها ثلاثة أطراف مهمة: أمريكا، وطالبان، والحكومة الأفغانية. ولذلك؛ هناك حاجة إلى مشاركة الأطراف الثلاثة جميعها في مفاوضات السلام حتى يتم التوصل إلى حل واحد متفق عليه لإنهاء تلك الحرب.
وفي مسيرة المصالحة التي تقودها السعودية والإمارات، قال زعيم من طالبان، اليوم الأحد 30 ديسمبر 2018، إن الحركة رفضت عرض الحكومة في كابل بإجراء محادثات الشهر المقبل في السعودية، في الوقت الذي سيجتمع فيه ممثلوها مع مسؤولين أمريكيين هناك.
والتقى ممثلون من طالبان والولايات المتحدة ودول أخرى في المنطقة في ديسمبر الجاري في الإمارات وأجروا محادثات تهدف إلى إنهاء الحرب المندلعة منذ 17 عاما في أفغانستان.
لكن طالبان رفضت إجراء محادثات رسمية مع الحكومة الأفغانية المدعومة من الغرب.
ونقلت رويترز عن عضو في مجلس قيادة طالبان الذي يتخذ القرارات، قوله: "سنجتمع مع مسؤولين أمريكيين في السعودية في يناير العام المقبل، وسنبدأ محادثاتنا التي لم تنته في أبوظبي.. إلا أننا أوضحنا لجميع المعنيين أننا لن نجري محادثات مع الحكومة الأفغانية".
وقال المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، أيضا إن زعماء الحركة لن يجروا محادثات مع الحكومة الأفغانية.
ويصر المتشددون الطالبانيون على التوصل أولا لاتفاق مع الولايات المتحدة، التي تعتبرها الحركة القوة الرئيسية في البلاد منذ أن أطاحت قوات بقيادة الولايات المتحدة بطالبان من السلطة عام 2001.
وزادت الجهود الدبلوماسية لحل الصراع منذ أن بدأ ممثلون من طالبان الاجتماع مع مبعوث الولايات المتحدة، زلماي خليل زاد، هذا العام. والتقى مسؤولون من الجانبين 3 مرات على الأقل لبحث انسحاب القوات الدولية ووقف إطلاق النار عام 2019.
إلا أن الولايات المتحدة تصر على أن أي تسوية نهائية يجب أن يقودها الأفغان، أي أن الاتفاق يجب أن يجري بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية في كابل.
ووفق بيانات من القوات الدولية في أفغانستان التي يقودها حلف شمال الأطلسي وتم نشرها في شهر نوفمبر الماضي، فإن حكومة الرئيس الأفغاني، أشرف غني، تحكم، أو لها نفوذ، على أكثر من 65% من السكان، إلا أنها تسيطر على 55.5% من مناطق أفغانستان ومجموعها 407 مناطق، وهو ما يقل عن أي وقت مضى منذ عام 2001.
إلا أن طالبان تقول إنها تسيطر على 70% من أراضي البلاد.
وقال مساعد مقرب من الرئيس غني إن الحكومة الأفغانية ستواصل سعيها لفتح خط اتصال دبلوماسي مباشر مع طالبان، للوصول إلى تسوية سلمية دائمة للصراع في البلاد.
وفي وقت سابق تناولت بعض وسائل الإعلام أنباء تقول بأن مندوب الإمارة الإسلامية سيلتقي بممثلي إدارة كابل في المملكة العربية السعودية، وما شابه ذلك من أنباء آخرى.
وهذا ما قام بنفيه ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم الإمارة الإسلامية، قائلا: "هذه الإشاعات لا حقيقة لها، فلم يطرأ أي تغيير في موقف الإمارة الإسلامية تجاه الجلوس مع إدارة كابل، بل هي ثابتة على موقفها.
إننا نواصل عملية التفاوض مع الأمريكيين وفق خطة قوية ومدروسة من أجل إنهاء احتلال أفغانستان، ونأمل ألا يتم التعامل مع المفاوضات بسطحية، وألا يؤَمل أحدٌ عن فراغ، وبعد أن دخل الجانب الأمريكي في التفاوض المباشر مع الإمارة الإسلامية فعليه أن يمضي قدماً بتعقل وحذر، وألا يُستفاد منها في الدعاية والإشاعات".
وقد أعلن  الجيش الباكستاني أمس الاول الجمعة 28 ديسمبر 2018، أن الجنرال الأمريكي سكوت ميلر، قائد قوات حلف شمال الأطلسي 'الناتو' والقوات الأمريكية في أفغانستان التقي الجنرال قمر جاويد باجوه قائد الجيش الباكستاني في مقر الجيش بمدينة 'روالبندي' الباكستانية حيث ناقشا المصالحة الأفغانية.
وذكر بيان للعلاقات العامة للجيش الباكستاني، أوردت قناة 'طلوع' الأفغانية، مقتطفات منه أن ميلر وباجوه اتفقا في وجهات النظر بشأن أهمية الحل السياسي للوضع الأفغاني، كما أكدا أن عملية شاملة يقودها الأفغان تستطيع وحدها أن تؤدي إلى إحلال السلام في أفغانستان.
وأشار البيان إلي أن القائدين أكدا- مجددا- الحاجة إلي مواصلة الجهود المنسقة لمكافحة الإرهابيين وإدارة الحدود بشكل فعال.
وأضاف الجناح الإعلامي للجيش- في البيان- أنه تمت مناقشة أيضا القضايا ذات الاهتمام المشترك، مع الإشارة بوجه خاص إلي الأمن الإقليمي وعملية المصالحة الأفغانية الجارية خلال اجتماعهما.
وتأتي الزيارة في ظل تكثيف الحكومة الأفغانية والمجتمع الدولي، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لجهودها للتوصل إلى تسوية سياسية في أفغانستان.
وكان ميلر قد أكد- خلال اجتماع في 22 من الشهر الحالي بحاكم إقليم 'ننجرهار' الأفغاني- مواصلة دعم القوات الأمريكية للقوات الأفغانية، واصفا ما تردده بعض الصحف بشأن سحب القوات الأمريكية من أفغانستان بأنه 'إشاعات' وأنه لم يتلق أوامر بذلك.
وكانت الجلسة الأخيرة بين أمريكا وطالبان في الإمارات العربية المتحدة واستمرت ثلاثة أيام بحضور مندوبي دول باكستان والسعودية والإمارات؛ تلك الجلسة التي تعتبر خطوة مهمة على طريق التوصل إلى السلام، وإن كانت التفاصيل الدقيقة لهذه الجلسة غير معروفة حتى الآن؛ إلا أن وكالة رويترز قالت أن بعد اقتراح أمريكا لطالبان وقف إطلاق النار لستة أشهر في هذه الجلسة اشترط مندوبو طالبان أمرين: الأول تشكيل إدارة مؤقتة يكون على رأسها من يقترحه طالبان، والثاني أن تتحمل دول باكستان والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية مسؤولية إعطاء جميع الضمانات لهذه العملية، لكن الحركة نشرت بيانا أنكرت فيها البحث حول هذه الموضوعات في جلسة أبوظبي، وقالت أن في هذه المفاوضات تم الحديث بشأن إنهاء الحضور الأمريكي في أفغانستان، وإطلاق سراح معتقلي الحركة، وخسائر المدنيين الأفغان في الهجمات الجوية للقوات المسلحة الأفغانية والأجنبية، ولم يتم البحث حول وقف إطلاق النار والانتخابات أو الحكومة المؤقتة. الحضور الأمريكي في أفغانستان أمر تراه طالبان أهم سبب للحرب في البلاد.
وقد اشتدت المفاوضات وجهود المصالحة الأفغانية أكثر والآمال بإيجاد حل سياسي للحرب وتعززت من أي وقت مضى. لهذه الملحوظة؛ فالمفاوضات الأخيرة تعزز الآمال لحل نهائي لحالة الحرب في أفغانستان نظرا للنقاط التالية:
الأولى: الاقتناع الأمريكي بأن الحرب والضغوط العسكرية ليست حلا للقضية الأفغانية، وبدء المفاوضات حول السلام الأفغاني بين طالبان والولايات المتحدة وأيضا استمرار هذه المفاوضات نفسها هي إحدى النقاط الإيجابية لنجاح هذه العملية والحصول على نتيجة إيجابية، لأن أطراف النزاع سيما أمريكا حاولت طوال ۱۷ عاما الحصول على الفوز عن طريق الحرب والضغوط العسكرية؛ إلا أنها لم تحصل على نتيجة سوى إشعال نار الحرب أكثر وأكثر.
الثاني: التعاون الصادق لدول المنطقة سيما باكستان هو أحد أهم الأمور للتوصل إلى المصالحة في أفغانستان. مع أن هناك جهودا تبذل منذ سنوات لجذب تعاون دول المنطقة؛ ولكن بعد بدء مهمة خليل‌زاد والقرار الأمريكي بالقيام بمفاوضات السلام مع طالبان اشتدت الجهود لجذب تعاون دول المنطقة حول كيفية إيجاد طرق الحلول للسلام في أفغانستان. حاولت أمريكا الضغط على باكستان لتتعاون صادقة لإحضار طالبان على طاولة المفاوضات، والإجراءات الباكستانية الأخيرة (إطلاق سراح معتقلي طالبان وحسن ظن عمران خان فيما يتعلق باستقرار السلام في أفغانستان) يعزز الآمال على هذا الطريق.
روسيا هي الأخرى من دول المنطقة المهمة التي تريد الولايات المتحدة أن تجذب تعاونها في عملية السلام الأفغانية. زيارة خليل‌زاد الأخيرة لروسيا والجلسة الأخيرة في روسيا حول السلام في أفغانستان والتي شارك فيها مندوبون من ۱۲ دولة تعقد عليها الآمال. كما أن السعودية هي الأخرى من الدول التي يمكن أن تكون لها تأثيرا على باكستان. (أقرضت السعودية باكستان أخيرا بضعة مليارات من الدولارات، وباكستان تعمل دور وسيط في القضية اليمنية بين السعودية واليمن، كما أن السعودية من الدول التي كانت قد اعترفت بنظام طالبان). والإمارات العربية المتحدة، وقطر، وأوزبيكستان، وتركمنستان، وبلجيكا من الدول التي تبذل الجهود لجذب تعاونها مع عملية المصالحة، والتعاون الصادق لهذه الدول على طريق التوصل إلى المصالحة في أفغانستان يمكن أن يكون له دور مهم بلا شك.
بجانب ذلك؛ الأمر الذي تشدد الحركة عليه دائما هو إبعاد الحكومة الأفغانية عن مفاوضات السلام، الأمر الذي واجه مصير هذه المفاوضات إلى نوع من الإبهام. مع أن مندوب طالبان قال للإعلام في لقاء له على جانب مؤتمر موسكو قال: قضية خروج القوات الأجنبية من أفغانستان هو أحد أهم شروطهم، وعندما تنحل هذه القضية؛ فإنهم سيتفقون مع الأطراف الأفغانية، ولكن رفض طالبان الجلوس مع الهيئة الأفغانية في المفاوضات الأخيرة بين أمريكا وطالبان قضية تحتاج إلى البحث.