بوابة الحركات الاسلامية : الجزائر وخطر عودة الإرهاب (طباعة)
الجزائر وخطر عودة الإرهاب
آخر تحديث: الأحد 13/01/2019 03:31 م حسام الحداد
الجزائر وخطر عودة
بعد 17 شهرًا لم تشهد فيها الجزائر أي تهديد “إرهابي”، اغتيل عسكري جزائري، أمس السبت 12 يناير 2019، فبالتزامن مع استسلام ثاني مسلح جنوب الجزائر خلال اليومين الماضيين،  فبعد ساعات من استسلام المسلح الطاهر بكناوي المكنّى “أبو الشيخ”، في محافظة تمنراست الجنوبية، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية عن استسلام المسلح زيد بن بيلة المكنّى ”أبو عيسى” بالمحافظة ذاتها، ما رفع عدد المسلحين المستسلمين إلى 134 منذ بداية 2018.
وفي ضوء بيانات رسمية أشارت إلى تحييد 189 مسلحًا عام 2018، يتوزعون بين مقتل 32 وتوقيف 25، وتسليم البقية لأنفسهم، يقرأ متابعون ما يجري على أنّه يمهّد لربع الساعة الأخير من عمر "الإرهاب" بالجزائر.
حيث لفظ الرقيب "حمزة بعتاش" آخر أنفاسه بعد 10 أيام من إصابته باشتباك مع مسلحين بولاية سيدي بلعباس الغربية، في حين جرى تشييع الجثمان بمسقط رأسه بمدينة باتنة.
 ويعدّ بعتاش أول ضحية لـ”الإرهاب” منذ الاعتداء الذي استهدف الشرطة بمدينة تيارت الغربية صباح 31 أغسطس 2017.
وأكد المتخصصون في الجماعات الإسلامية وقضايا الإرهاب، إلى أنّ "الحادث يؤكد عدم انتهاء الجزائر من آفة الإرهاب"، مشددين في الوقت ذاته على أنّ "الوضع يفرض انتهاج استراتيجية شاملة على عدة جبهات".
ورأى الخبير الأمني علي الزاوي، أنّ "اشتباك سيدي بلعباس أتى في هجوم استعراضي أرادت بقايا مجموعات الإرهاب من ورائه تمرير رسائل مختلفة، أبرزها قدرة الدمويين على التكيف مع الضربات العسكرية الموجعة التي توجهها لهم بين الحين والآخر، والتلويح بتموقعهم كونهم خطرًا قائمًا وحقيقيًا، خصوصًا مع استمرار نشاط ما يعرف بالخلايا النائمة المرتبطة بقاعدة بلاد المغرب الإسلامي، هذه الأخيرة معروفة بتحالفاتها مع مهربي منطقة الساحل".
وقال الزاوي، إنّه "من الخطأ الاعتقاد بأنّ الإرهاب في الجزائر انتهى، فالمجموعات المسلحة لا تزال قائمة، ما يؤشر على حرب بعيدة المدى مع جيوب الإرهاب، خصوصًا مع تلويح متشددين بوجود خزان هائل للدمويين في صفوف من يُطلق عليهم مسمى (الجهاديين)".
يأتي هذا بعد أن أعلن الجيش الجزائري أن 2019 ستكون سنة الإجهاز الكامل على بقايا المجموعات الإرهابية، وإنهاء وجودها ونشاطها في الجزائر. وأكد قايد صالح، أن "اجتثاث الآفة الإرهابية وبقاياها المجرمة من بلادنا خلال سنة 2019 ، سيكون الهدف الأسمى، مع الحرص، والعالم يعيش تحولات رهيبة، على مزيد من اليقظة على الأمن".
وفي تعليق أستاذ العلوم السياسية في جامعة تيبازة، قرب العاصمة الجزائرية، زهير بوعمامة، قال أن الكثير من مؤشرات الأمنية يمكن أن تكون 2019، سنة تعزيز المنجز على صعيد مكافحة الإرهاب، لكن ليس بالضرورة اجترافه كلياً ، وذلك بسبب عدة عوامل متداخلة تحكم بسيرورة النشاط الإرهابي في الجزائر. وقال بوعمامة ، إنه "بلا شك ستكون سنة لزيادة ما تم تحقيقه خلال الفترة الأخيرة في مجال مكافحة الإرهاب. كلنا يعلم أن هذه المجموعات تتراجع وتتخفى حين تضييق الخنادق عليها من قبل القوات المسلحة ومصالح الأمن، وأضاف "ما تتوقع بقايا الإرهاب، رغم اندحاره وخسارته لكل رهاناته في الجزائر، تتغذى من دراسة داخلية للإعراب عن بعض الخبرة في بعض المناطق، وانخراط بعض القوى في أجندات خارجية ومحاولة استغلال كل فرصة لإلقاء الجزائر في أتون الإرهاب". 
وحول العملية الأخيرة قال الخبير الأمني رفيق بحري في تصريح له لموقع ارم نيوز، أنّ "فلول الإرهاب في بلاده عادت لتؤكد أنّها لا تزال تملك قدرة على البطش والاختراق، والتواجد على أنها خطر دائم وأنها تستطيع الضرب بقوة متى شاءت وحيثما شاءت".
وقال بحري، إنه "يلاحظ أنّ المسلحين باتوا يراهنون على عاملي الاستعراض والهجمات الخاطفة المتكررة، التي لا تكتفي بالضرب في شمال البلاد فحسب، بل في باقي المناطق أيضًا، كما تعتمد على تنفيذ عمليات متفرقة في المناطق الحساسة؛ بغرض تحقيق دوي أكبر من خلال اصطناع الدعاية لعملياتها".
وحث عقيد سابق في الجيش على وجوب تسطير استراتيجية مبتكرة تكاملية تتصدى بفعالية لخطر الإرهاب، ويقحم عاملًا حساسًا يتعلق بمغادرة العسكريين الذين واجهوا مسلحي التسعينيات للخدمة بحكم تقاعدهم دون نقل خبراتهم إلى الجيل الجديد.
ويعتقد محلل الشأن الأمني عبدالرحيم رمضاني، أنّ "جيوب الإرهاب بعد تراجع مدّها في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، تريد حربًا على الطريقة الأيرلندية، تعتمد على طول المدى واللامتناهيات".
وأضاف أن "اجتثاث التهديد الإرهابي في الجزائر يفرض خوض معركة طويلة الأمد واتباع استراتيجية شاملة، تمزج بين العمل العسكري وإعادة إعمار دولة القانون والتنمية السياسية والاجتماعية".
ونوه إلى أن "تنظيم القاعدة ليس بقايا كما يصوره البعض، بل فصيلًا ضخمًا بات يجند اليوم أكثر فأكثر أعدادًا كبيرة من المقاتلين متعددي الجنسيات الذين يتم استقطابهم من دول الساحل التي أصبحت منبتًا محتملًا للمتشددين".
وأشار إلى أن "أجهزة الاستخبارات تقدر عدد الجهاديين الموجودين في الساحل بين 500 و1000 تقريبًا، ثلث هؤلاء يتحركون بدافع عقائدي حقيقي ومستعدون للموت، أما الباقون فهم أشخاص انضموا إلى القاعدة لأسباب مالية".
وفي غياب أي بيانات رسمية، يصعب حصر أعداد المسلحين الذين لا زالوا ينشطون في الجزائر، علمًا أنّ السلطات قدرتهم قبل سنوات بما بين 400 و 600 مقاتل، لكن الضربات الموجعة التي تلقتها المجموعات المسلحة أدت إلى تناقص أعداد هؤلاء بشكل ملحوظ، رغم ما يتردد عن تمكن القاعدة من التغرير بعشرات المجندين الجدد واستنجادها بعدد غير معروف من المقاتلين الأجانب ومن يُطلق عليهم "عناصر إرهابية" من دول الساحل، كمالي والنيجر والتشاد.