في رسالة إلى العراقيين
لمناسبة انتهاء مهام عمله سفيرًا للولايات المتحدة في العراق، فقد حذر دوغلاس سيليمان
اليوم من تحديات وصفها بالهائلة تواجه العراق، وهي البطالة والفساد والبيروقراطية وتغول
فصائل مسلحة خارجة عن سيطرة الدولة فرضت سيطرتها على العديد من مناطق البلاد.
قال السفير سيليمان
في كلمة وزعتها السفارة الأميركية في بغداد الثلاثاء لمناسبة انتهاء مهام عمله في العراق،
والتي استمرت عامين ونصف عام، إنه عمل خلالها على تعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية
والثقافية بين الدولتين.. منوهًا بأن البعثات الدبلوماسية الأميركية العاملة في بغداد
وأربيل تدعم بقوة وحدة العراق وسيادته وديمقراطيته وإزدهاره وإقليم كردستان مستقرًا
وفعالًا كجزء من الدولة العراقية.
وأشار إلى أنه سيغادر
العراق "آخِذًا" بِجُعبتي ذكريات جميلة للعديد من المناطق التي زرتها في
العراق، بحيث استلهمنا أنا وزوجتي كاثرين في كل مكان ذهبنا إليه من تنوع هذه البلاد،
وتأثرنا بدفء شعبها وسخائه ومشينا بين بساتين التمر في البصرة، وسِرنا بين بقايا بيت
إبراهيم في مدينة أور في الناصرية الجنوبية، كما شهدنا عودة الحياة إلى الأهوار الجنوبية
الجميلة في الجبايش، ووقفنا عند أقدام أسد بابل. قمتُ بزيارة مستشفى الفلوجة التعليمي،
الذي جرى ترميمه بمساعدة أميركية، وتحدثت مع المقاتلين الشجعان من جهاز مكافحة الإرهاب
في مركز علاج وإعادة تأهيل المحاربين المصابين في بغداد، كما تذوقت الكباب في أسواق
أربيل، وألقيتُ كلمة في الجامعة الأميركية في العراق - السليمانية، وزرتُ ضريح ناحوم
في القوش، وسوف أعتز دائمًا بالتجارب والصداقات التي نشأت من التعرف إلى هذا البلد
الشاسع والجميل".
5500
عسكري أميركي في
العراق يقدمون المشورة إلى قواته
وأشار السفير إلى
أن "العراق أحرز تقدمًا على مدى العامين والنصف عام الماضيين على الرغم من صعوبة
رؤية ذلك التقدم في خضم ضجيج السياسة.. مبيّنًا أنه عندما وصل إلى العراق بصفته سفيرًا
في نهاية صيف عام 2016 كان تنظيم داعش يشكل تهديدًا وجوديًا للعراق والمنطقة بكاملها،
في الوقت الذي كانت فيه قوات الأمن العراقية على إستعداد لبذل جهودها البطولية لاستعادة
الموصل. ونبه إلى أنه بعد عدد من المعارك الشرسة وخسارة العديد من العراقيين الشجعان
قامت القوات العراقية وبالشراكة مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بتحرير
الموصل وطرد عناصر داعش منها.لكنه
حذر من أن القتال لم ينتهِ بعد، فبناءً على طلب الحكومة العراقية، وبالتعاون الكامل
مع بغداد، ما زال هناك أكثر من 5000 جندي أميركي يواصلون العمل بالشراكة مع قوات الأمن
العراقية في قواعدهم لتقديم المشورة وتدريبهم وتجهيزهم لضمان الهزيمة الدائمة لداعش
والدفاع عن حدود العراق، حيث قام التحالف الذي
يضم 74 دولة وخمس منظمات دولية بتدريب أكثر من 190.000 من ضباط الشرطة والجنود العراقيين.وأشار سيليمان إلى أنه مع تراجع داعش فقد
تحَسن الوضع الأمني في بغداد ومناطق أخرى من العراق تحسنًا ملحوظًا، ومن خلال جهود
الحكومة العراقية والولايات المتحدة وشركاء دوليين آخرين عاد أكثر من أربعة ملايين
نازح عراقي إلى ديارهم بأمان وكرامة، وبدأت المجتمعات العرقية والدينية من الأقليات
بالتعافي بعدما استهدفتها داعش بالإبادة الجماعية.
نمو العلاقات الاقتصادية
بين البلدين
وأكد السفير أن العلاقات
الاقتصادية العراقية الأميركية في نموٍ مستمر "ونعمل بجد على تعزيز التجارة والاستثمار
بين العراق والولايات المتحدة. ففي الشهر الماضي تعاونت السفارة مع الحكومة العراقية
وغرفة التجارة الأميركية على جلب أكثر من 50 شركة أميركية إلى العراق لإقامة شراكات
تجارية واستثمارية جديدة".
وبيّن أنه في ظل
كل هذا التقدم "أرى فرصًا لا حدود لها للعراق في المستقبل، فالعراق بلدٌ غني،
ولديه وفرة من النفط والغاز والمياه والأراضي الصالحة للزراعة. ويمتلك العراق شرائح
من المتعلمين الأذكياء الذين يعملون بجد، وأيضًا يحظى العراق بدعم الولايات المتحدة
وعشرات الدول الأخرى، التي ترغب في رؤيته يتحوّل إلى بلد مستقل وديمقراطي ومزدهر وذي
سيادة".
تحديات هائلة: بطالة
وفصائل مسلحة خارجة عن سيطرة الدولة
وحذر سيليمان من
خطورة تحديات هائلة يواجهها العراق قائلًا إنه بحلول عام 2025 سيدخل مليون شاب عراقي
سوق العمل خلال كل عام، في الوقت الذي لم تعد فيه الحكومة قادرة على توفير فرص العمل
لكل من يحتاجها، فضلًا عن أن فصائل مسلحة خارجة عن سيطرة الدولة قد فرضت سيطرتها على
العديد من مناطق البلاد، مما أدى إلى إثارة الخوف وإحباط الكثير من النازحين العراقيين،
وحالت دون عودتهم إلى ديارهم، وما زال داعش يسعى إلى زرع الخوف بين العراقيين من خلال
الهجمات الإرهابية وأيضًا فإن البيروقراطية والفساد وعدم الوضوح بالإجراءات تعوق سعي
رجال الأعمال إلى توسيع مشاريعهم في العراق وخلق وظائف جديدة".
وتمنى السفير الأميركي
المنتهية مهمته باسمه وباسم بلاده النجاح للعراق، عارضًا "وبكل تواضع وجهات نظره
حول أفضل السبل لتحقيق نجاح"... مشيرًا إلى أن في مقدمتها أنه يجب على العراق
أن يحمي سيادته من خلال تأمين حدوده وبناء قوات أمنية تأتمر بأمر الحكومة وحدها.. وأن
يعمل على تحرير إقتصاده من الفساد والمعوقات البيروقراطية التي تعوق رجال الأعمال من
توسيع مشاريعهم وخلق فرص عمل جديدة، وأن تبقى أبواب العراق مُشرعة للعالم، وأن يزيد
من تأثيره في العالم.
نوه في الختام بأن
البعض يريد أن يكون لدى العراق صديق واحد فقط، ولكن الولايات المتحدة تريد أن يكون
للعراق مائة من الأصدقاء، وأن يختار الأفكار والممارسات التي تصبُ في مصلحةِ أمنه ومجتمعه
واقتصاده.. مشيرًا إلى أنه ستكون أمام العراقيين في الفترة المقبلة خيارات مهمة.. متمنيًا
أن يختاروا العراق في كل مرة.
السفير الأميركي
في اليمن إلى العراق
وفي وقت سابق رشح
الرئيس الأميركي دونالد ترمب سفير بلاده في اليمن ماثيو تولر سفيرًا جديدًا في العراق
خلفًا لسيليمان، وكان عمل مستشارًا سياسيًا في سفارة بلاده في بغداد.
وأعلن البيت الأبيض
أن تولر سيخلف دوغلاس سيليمان، الذي أمضى قرابة عامين في منصب السفير في بغداد. وتولر
هو سفير الولايات المتحدة في اليمن منذ عام 2014، وكان سفيرًا لبلاده لدى الكويت بين
عامي 2011 و2014، وسبق له أن عمل في سفارات واشنطن في القاهرة وبغداد والكويت والرياض،
حيث تنقّل بين مناصب مختلفة.
بحسب البيت الأبيض،
فإن تولر عمل في وزارة الخارجية الأميركية نائبًا لمدير مكتب شمال الخليج ومسؤولًا
في مكتب مصر .. موضحًا أنه يجيد اللغة العربية، ويحمل شهادة بكالوريوس من جامعة بريغام
يانغ، وشهادة الماجستير من جامعة هارفارد، وحاصل على جائزة المخابرات الأميركية، وجائزتين
فخريتين رئاسيتين، وجائزة بيكر ويلكنز من وزارة الخارجية.
كما إن تولر عضو
في السلك الدبلوماسي الأميركي الأقدم برتبة وزير مستشار، وعمل قبل ترشيحه لمنصب السفير
الأميركي في العراق مستشارًا سياسيًا في سفارة الولايات المتحدة في بغداد، ونائب رئيس
البعثة الدبلوماسية في السفارة الأميركية في الكويت، وكذلك نائب رئيس البعثة في السفارة
الأميركية في القاهرة، إضافة إلى توليه منصب مستشار الشؤون السياسية في سفارة الولايات
المتحدة في الرياض ونائبًا للسفير في الدوحة.
ايلاف