بوابة الحركات الاسلامية : انفراط عقد أفاعي «الإرهابية».. الجماعة تفقد الحضن الآمن في تركيا بعد ترحيل "عبدالحفيظ".. «الهاربون» يتحسسون رؤوسهم ويطالبون «أنقرة» بتفسير للواقعة (طباعة)
انفراط عقد أفاعي «الإرهابية».. الجماعة تفقد الحضن الآمن في تركيا بعد ترحيل "عبدالحفيظ".. «الهاربون» يتحسسون رؤوسهم ويطالبون «أنقرة» بتفسير للواقعة
آخر تحديث: السبت 09/02/2019 11:34 ص أميرة الشريف
انفراط عقد أفاعي
تعود البدايات الأولى للإخوان فى تركيا إلى حسن البنا، مؤسس الجماعة، الذي كان له موقف محدد من الخلافة الإسلامية وضرورة عودتها إلى تركيا مرة أخرى، فمنذ عقود احتضنت تركيا جماعة الإخوان وكانت الملاذ الآمن لهم، إلا أن الموقف الأخير لإسطنبول بعد ترحيل الإخوانى المصرى محمد عبدالحفيظ حسين، من تركيا إلى مصر، قلب كل الموازين والتوقعات، ويبدو أن عقد رؤوس الأفاعى فى تركيا بدأ ينفرط حبة وراء الأخرى، وبدأت تركيا تتخلى عن أعضاء جماعة الإخوان المتواجدين داخل أراضيها.

وبحسب صحيفة «أحوال» حاولت تركيا وقيادات الإخوان التقليل من أهمية القضية، ولكن شباب الإخوان أثاروها إعلاميا، مطالبين «أنقرة» بتفسير يوضح سبب تصرفهم مع شاب من جماعة الإخوان صادر بحقه حكم غيابى بالإعدام فى مصر.
وتحتضن تركيا المئات من قيادات تنظيم الإخوان الذين وجدوا فى مدينة إسطنبول الحضن الدافئ بعد هروبهم من مصر، ويعد ترحيل «عبدالحفيظ»، بداية النهاية لجماعة الإخوان فى تركيا، وبات أعضاء الجماعة يشعرون بالرعب، فالقرار يفتح عليهم الأبواب المغلقة، وقد يعيدهم إلى السجون الهاربين منها.

أردوغان يضحى بالإخوان

لم يكن غريبًا أن يبيع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، عناصر جماعة الإخوان، بعد ٦ سنوات من التحالف بينهما، فترحيل عبدالحفيظ حسين، أماط اللثام عن أن ذاك التحالف الذى كان يبدو متماسكًا لم يعد كذلك، ففى داخله تكمن جميع عوامل الضعف والهشاشة.
ولا يعرف حزب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان «التنمية والعدالة» سوى المصالح، ومن الممكن أن يضحى بين ليلة وضحاها بأى حليف مقابل مصالحه السياسية والاقتصادية والحزبية.
ومعروف أن تركيا لا تحتضن أعضاء الجماعة داخل أراضيها إلا لتحقيق مصالحها الإقليمية، حيث يهدف أردوغان إلى استخدام الجماعة فى التوسع وتحقيق حلم القيادة التركية بإعادة الزمن إلى الوراء لنحو ١٠٠ عام، وإعلانها دولة للخلافة الإسلامية.
وبعد أن فشلت الجماعة فى تحقيق حلم أردوغان وحزبه طفا الآن على سطح العلاقات بين تركيا وجماعة الإخوان توتر بسبب ترحيل عبدالحفيظ.

مصالح سياسية

علاقة الطرفين، كما يقول معهد كارنيجى الأمريكى للدراسات، علاقات وظيفية محكومة بسياسات الرئيس التركي، وما يعتريها من تقلب فى المصالح السياسية والأولويات.
وفيما يبدو أن تركيا بدأت تعيد حساباتها فى محاولة إظهار صورة معاكسة لاستراتيجيتها فى دعم جماعة الإخوان، وقد يكون ترحيل محمد عبدالحفيظ حسين، بداية لمخطط جديد تلعبه إسطنبول فى الفترة المقبلة، فمعروف أن تركيا منذ لجأ عناصر الجماعة الإرهابية لها تقوم بتوظيف قضايا الأخيرة لاستنساخ استراتيجية طهران فى رعاية التنظيمات الشيعية، حزبية كانت أو عسكرية، من أجل خدمة نفوذها الإقليمي، وتمدد قواتها العسكرية خارج حدودها الجغرافية.
ووفق أبحاث وتقارير إعلامية، لجأت تركيا لاستخدام قدراتها المالية وإمكانياتها الإعلامية لخدمة مشروع الإخوان فى مصر القائم على استهداف الدولة المصرية، والعمل على عدم استقرارها سياسيا وأمنيا واقتصاديا، وهو مشروع تركى يرعاه أردوغان ويوظف الإخوان فى إطاره، لا سيما أنهم بحاجة للملاذ الآمن الذي يؤمن لهم القاعدة للانطلاق فى تطبيق أفكارهم، واللجوء إلى العنف المسلح لضرب الدولة الوطنية والانقضاض عليها بعد ذلك.

استراتيجية الإخوان

تقوم استراتيجية جماعة الإخوان على الإرهاب فهو سلاحهم المعتاد، والجماعة هى فى نفس الوقت أحد أدوات تركيا للتوسع فى المنطقة وضرب استقرارها، إلا أن المفارقة تتمثل بأن «الإرهاب» يمثل أيضا ذريعة تركيا للتمدد عسكريا فى ساحات الدول العربية، كما توظف قضية فتح الله كولن لمهاجمة الدول التى ترفض تسليمه عناصر جماعته التى تتهمها السلطات التركية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب فى يوليو ٢٠١٦، وفى الوقت نفسه، تفتح ذراعيها لمتطرفين من شتى دول المنطقة.
وعلى جانب آخر، فقد ارتكزت العلاقة التركية- القطرية على الروابط المركبة بين الجانبين مع تنظيم الإخوان، لا سيما أن الدولتين قامتا بعقد العديد من الاجتماعات مع أعضاء جماعة الإخوان للتنسيق المشترك حيال تطورات الأوضاع فى مصر، وتعاونا معا بعد سقوط حكم الإخوان فى مصر، سواء من خلال استضافة رموز الجماعة والمحسوبين عليها، أو توفير المنابر الإعلامية لنشر أفكارها.
خلاصة السياسة التركية هذه لا تخفيها أنقرة، فمستشار الرئيس التركي، ياسين أكطاي، قال علنا: «إن إسقاط الخلافة تسبب فى فراغ سياسى فى المنطقة، وقد سعى تنظيم الإخوان لأن يكون ممثلا سياسيا فى العالم نيابة عن الأمة، البعض منا يستخف بقوة الإخوان ويقول إنهم عبارة عن جماعة صغيرة، لكن جميع الحركات الإسلامية اليوم ولدت من رحم جماعة الإخوان، ولكن يبدو أن فشل الجماعة فى تحقيق حلم أردوغان وحزبه ستظهر الأيام المقبلة حقيقة «العلاقة المافيوية» أو علاقة العصابات بين تركيا وجماعة الإخوان.