بوابة الحركات الاسلامية : بين قطر وتركيا.. شبهات التمويل تلاحق حركة النهضة الإخوانية (طباعة)
بين قطر وتركيا.. شبهات التمويل تلاحق حركة النهضة الإخوانية
آخر تحديث: السبت 09/02/2019 12:46 م أميرة الشريف
بين قطر وتركيا..
في الوقت الذي بدأت السلطات التونيسية فتح ملفها المالي والكشف عن مصادر تمويل حركة النهضة الإخوانية، كشفت صحيفة تونسية اليوم السبت 9 فبراير 2019، أن 65 من قيادات حركة النهضة، يواجهون تحقيقات مصرفية في حساباتهم المالية، وذلك اشتباهًا بتلقيهم أموالًا من جهات خارجية، بهدف التحكم في توجهات الحزب المهيمن على مفاصل الدولة منذ الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي.
يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان موعد الانتخابات التشريعية التي ستجرى في أكتوبر، بينما الانتخابات الرئاسية ستجرى في نوفمبر المقبلين.
وتحوم حول حركة النهضة التي تراجعت ثقة الشارع التونسي في مصداقيتها، شبهات بتنفيذ مخططات أمنية وسياسية موازية لسياسة الدولة وللنمط المجتمعي التونسي، كما يحيط بأنشطتها ومصادر أموالها الطائلة منذ عام 2011 غموض كبير، وتواجه اتهامات بتورطها في تسفير آلاف التونسيين إلى ساحات القتال بسوريا وليبيا، وامتلاكها جهازا سريا يقف وراء اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013.
وكان قاد عشرات المحامين تحرك جديد ضد حركة النهضة، لجمع الأدلة والمعلومات والوثائق التي تفضح الأنشطة السرية والمشبوهة التي تقوم بها هذه الحركة منذ وصولها إلى السلطة في تونس عام 2011، بهدف رفع دعاوى قضائية ضدّها ومحاسبتها.
وقد أدانت الحركة الأسبوع الماضي، قرار السلطات النقدية، التدقيق في حساباتها البنكية وحسابات عدد من المنتسبين إليها، واعتبرت أن هذه الخطوة "تضليلاً للرأي العام"، كما عبّرت عن خشيتها من "التداعيات السلبية والخطيرة لمثل هذا التوظيف في تسميم الحياة السياسية وفتح الباب عريضاً أمام التأويلات".
وشهدت الحركة حالة من الإرتباك غير مسبوقة، بعد أن أعادت دائرة المحاسبات، وهي أعلى سلطة رقابية مالية في تونس، الملف المالي لحركة النهضة إلى الواجهة مجدداً، إذ كشفت وثيقة مسربة، مراسلة من البنك المركزي لكل البنوك التونسية، طلب فيها معلومات مفصّلة تخص الحسابات المفتوحة لديها باسم حركة النهضة، وعدداً من الأشخاص الطبيعيين من بينهم قيادات من الحزب، وذلك بطلب من دائرة المحاسبات، في إطار مقاومة التدفقات المالية المشبوهة التي تتلقاها أحزاب وجمعيات تونسية.
ومنذ انتخابات 2011، تلاحق حركة النهضة شبهات كبيرة حول تلقيها أموالاً طائلة من الخارج وبالأخص من دولتي تركيا وقطر، وهو أمر يتعارض مع القانون التونسي الذي يمنع تلقي الأموال الخارجية ويجبر الأحزاب والجمعيات على كشف حساباتها المالية ومصادر تمويلها، كما يحيط الغموض بمصدر ثروات قيادييها الكبار وطرق الحصول عليها وهويّة الجهة المانحة.
ووفق تقارير إعلامية، قال الحزب الدستوري التونسي في وقت سابق، إنه "يملك قرائن وأدلّة جدية حول تلقي حركة النهضة أموالاً أجنبية مشبوهة، ويتوّفر على حجج جدية حول تمويل قطر لهذا الحزب وقياداته عبر الجمعيات الخيرية، التي تورط بعضها في تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر"، وطالب الحكومة بفتح تحقيق جدّي في هذا الملف ومحاسبة المتورطين.
وجاء في صحيفة "الشارع المغاربي"، قائمة أسماء صدرت من دائرة الحسابات للبنك المركزي، حيث وجهت الحكومة لتتبع حساباتهم، ووفق الصحيفة، فإنه من ضمن المعنيين بمراسلة دائرة المحاسبات، رئيس الحركة راشد الغنوشي، وأمينها العام والوزير زياد العذاري، والنائب الثاني لرئيس الحركة ونائب رئيس مجلس نواب الشعب عبد الفتاح مورو، ورئيس كتلتها البرلمانية نور الدين البحيري، ورئيس الحكومة السابق علي العريض، والقياديون: عبد اللطيف المكي، والعجمي الوريمي، ومحرزية العبيدي، وسمير ديلو، ويمينة الزغلامي، وحسين الجزيري،  ومحمد بن سالم، وأعضاء في الحكومة، مثل: رضا السعيدي، وأحمد قعلول، ووزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام.
وجاء في تقرير الصحيفة بأن دائرة المحاسبات، طالبت البنك المركزي بالمعطيات المتعلقة بالحسابات البنكية لحزب النهضة، حيث إن قائمة الأسماء التابعة للحركة تضم قيادات من مجلس الشورى، ونوابًا، ووزراء، ومستشارين.
ويندرج طلب دائرة المحاسبات، التي تراقب تمويلات الأحزاب، في إطار إعداد تقريرها المتعلق بالانتخابات البلدية، التي أُجريت في شهر مايو 2018.
وأعلنت الدائرة أنها لم تتلقَ سوى حسابات 803 من القائمات الحزبية، من مجموع 2074 قائمة شاركت في الانتخابات البلدية، وأنها قررت بمقتضى ذلك التمديد إلى حين تلقي كشوفات الحسابات البنكية.
وعلي خلفية حملات التشوية ضد الحركة، فقد هددت بمقاضاة مؤسسات إعلامية، وكل الأصوات المناهضة لها، وتمادي بعض الأصوات الإعلامية في إلحاق التهم الباطلة، والتعريض بها، والتحريض على قياداتها، والشحن ضد أعضائها وأنصارها.
وأوضحت الحركة في بيان لها، أن قرار المتابعة القضائية، يأتي دفاعًا عن منجزات الثورة في بيئة ديمقراطية نظيفة، وفي إعلام حر ومهني يحترم عقول التونسيين، ويخدم الأجندة الوطنية.
وتمر الحركة بأصعب مراحلها، بسبب تداعيات ملف ما يُعرف بـ"الجهاز السري" المتورط في مسلسل الاغتيالات السياسية، وكذلك عودة جدل "تسفير جهاديين" إلى بؤر التوتر، وجبهات القتال في سوريا.
وكان المحامي التونسي عماد بن حليمة، قال إنه بصدد "تشكيل فريق محايد وليس له انتماءات حزبية تتكون أغلبيته من محامين مختصين في القانون الجنائي الدولي لتجهيز ملف متكامل حول شبهة تورط قيادات من حركة النهضة في ملف التسفير الى بؤر التوتر خاصة أن الفترة التي كثرت فيها عمليات التسفير كانت تحت حكم الترويكا بقيادة النهضة".
ويري مراقبون أن الحركة باتت متخوفة من فضح مصادر تمويلها، وأن طلب دائرة المحاسبات التدقيق في حساباتها يعني أن هناك شكوكاً حول تلقيها أموالاً من الخارج خارج الأطر القانونية خلال حملاته الانتخابية، موضحاً أن هذه القضية ستتطلب وقتاً لمعرفة النتائج ولكن في صورة ثبوت توّرطها، ينبغي حلّها.
ويأمل التونسيون أن يتم نشر نتائج التحقيق في حسابات النهضة البنكية للرأي العام وأن لا يتمّ قبره، وذلك من أجل إزالة الغموض الذي يلف مصدر أموالها الطائلة منذ عام 2011، قبل موعد الانتخابات المرتقبة في الثلث الأخير من العام الحالي.
وفي العام الماضي، تظاهر التونسيون أمام مقر حزب حركة النهضة، مطالبين الحركة بالكشف عن مصادر تمويلها وأوجه إنفاق تلك الأموال، ورفعوا شعارات عليها علم تركيا وقطر، في إشارة إلى أنّ الحزب يتلقى تمويلات خارجية من النظام التركي والقطري الداعم للإخوان المسلمين.