بوابة الحركات الاسلامية : المعركة الامريكية مع مليشيات الملالي في العراق بين الارهاب والفساد (طباعة)
المعركة الامريكية مع مليشيات الملالي في العراق بين الارهاب والفساد
آخر تحديث: الإثنين 13/05/2019 10:28 ص روبير الفارس
المعركة الامريكية
المعركة الامريكية مع نظام الملالي  تمتد الي محاربة اذرعها الارهابية في العراق حيث ومنذ فترة سادت المجتمع العراقي حالة من  الجدال الحاد بشأن السياسة في أروقة السلطة في واشنطن العاصمة حول الطريقة التي يتعين على الولايات المتحدة بها أن ترى وتتعامل مع "قوات الحشد الشعبي" وهي شبكة منظمات شبه العسكرية في العراق. فرفع مسألة ثانوية مماثلة إلى مستوى الاهتمام الذي تحظى به هذه القوات حاليًا يتطلب الكثير من التركيز والعمل؛ فما من نقاشات مماثلة حول "جهاز الشرطة العراقية" أو "القوة الجوية العراقية". غير أن سبب هذا التركيز واضح. فالقلق كبير من أن تكون "قوات الحشد الشعبي" – بقيادة أبو مهدي المهندس المصنّف إرهابيًا من قبل الولايات المتحدة – لانها تملك القدرة على التطوّر بسرعة إلى قوة مموّلة بشكل دائم بمبالغ متساوية لتلك المخصصة للجيش العراقي. وطالما أن قوات "الحشد الشعبي" تضمّ في صفوفها إرهابيين مصنفين من الولايات المتحدة، سيبرر مستقبل المنظمة القلق إزاءها والاهتمام بها من حيث السياسة العامة بشكل خاص في واشنطن.     الباحث مايكل نايتس المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج.نشر تقرير مهم حول  جدال سياسة الولايات المتحدة حول "الحشد الشعبي" بمعهد واشنطن جاء فيه 
هناك مدرستان فكريتان حول الطريقة التي يتعين فيها على الولايات المتحدة معالجة مخاوفها إزاء "قوات الحشد الشعبي". فواحدة من هاتين المدرستين توصي بالصبر وتقلّل من أهمية الخطر المتزايد الذي تطرحه هذه القوات باعتبارها مؤسسة. وتقترح هذه المدرسة عدم النظر إلى الميليشيات المدعومة من إيران ضمن "قوات الحشد الشعبي" على أنها مغيّرة لقواعد اللعبة؛ فهذه الميليشيات كانت موجودة قبل تشكيل القوات في العام 2014 وستبقى قائمة سواء ضمن "الحشد الشعبي" أو خارجها. وإذا ما تمّ إخراجها من صفوف "قوات الحشد الشعبي"، سيجد الكثير من عناصرها مرّة أخرى وظائف في قوات الأمن الأخرى في العراق كما حصل قبل عام 2014. كما يقوم الجدل على أن “’ قوات الحشد الشعبي ‘السيئة" ستفقد في نهاية المطاف مصداقيتها بنفسها في أعين الشعب العراقي.

وتعتبر المدرسة الداعية إلى الصبر تعاون الولايات المتحدة الأمني مع وزارة الدفاع ووزارة الداخلية و"جهاز مكافحة الإرهاب" ومجتمع الاستخبارات في العراق على أنه حجر الأساس لنفوذ أمريكا في البلاد. وإذ ترى أنه من المستبعد أن يزداد حجم "قوات الحشد الشعبي" وميزانيتها، تتفق هذه المدرسة عمومًا مع الحكومة العراقية على أن عناصر هذه القوات المدعومين من إيران سيندمجون تدريجيًا في هيكل الدولة الأشمل و"يتطبعون" مع الوقت. وقد يختار العديد من عناصر "قوات الحشد الشعبي" العودة إلى الحياة المدنية في حال استقر العراق وأصبح أكثر ازدهارًا. وقد أُدرجت هذه المقاربة الشاملة إزاء "الحشد الشعبي" في الجملة التي استخدمها رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الذي يرغب في أن تكون هذه القوات "مكرّمة ومضبوطة" على السواء.  

في المقابل، تقول مدرسة فكرية ثانية إن "قوات الحشد الشعبي" هي في الحقيقة عاملٌ قد يغيّر قواعد اللعبة في العراق. وتخشى أن يزداد حجمها وقيمة التمويل الذي تتلقاه بما يتفوّق على قوات الأمن العراقية النظامية، بقدر ما يتخطى "الحرس الثوري الإسلامي" في إيران القوات المسلحة الإيرانية النظامية. وترى هذه المدرسة التي تدعو لاتخاذ إجراءات ناشطة ضمن الحكومة الأمريكية أنه ما من وقت لتغيير مسار "قوات الحشد الشعبي" بذاته وتعتقد أنه لا بدّ من حجب المساعدة الأمنية التي تقدمها الولايات المتحدة إلى القوات المسلحة العراقية النظامية سواء كليًا أو جزئيًا إلى حين معالجة المخاوف الأمريكية بشأن "قوات الحشد الشعبي".  ويُنظر إلى الحكومة العراقية على أنها تسير ببساطة نحو الهاوية، ما يدفع بمخيّم الداعين إلى التصرّف في الولايات المتحدة إلى اتخاذ موقف أكثر تشددًا بغية صبّ الاهتمام العراقي بشكل ملّح على المخاطر المحسوسة التي تطرحها العناصر الموالية للمهندس في صفوف "الحشد الشعبي".    

وفي الصميم، يشعر أعضاء هذا المخيّم بالخوف والأذى لرؤية العراق يختار إرهابيًا مصنفًا من الولايات المتحدة ليكون قائد "قوات الحشد الشعبي" ولرؤية جماعات مصنّفة إرهابية من الولايات المتحدة على غرار "كتائب حزب الله" و"حركة حزب الله النجباء" تتلقى رواتب من ميزانية الدولة العراقية. وبنظر مدرسة الإجراءات الناشطة، قد تكون "قوات الحشد الشعبي" الخطوة الأولى نحو دولة موازية حصينة بأسلوب "الحرس الثوري الإسلامي". وعليه، يجب بذل كل الجهود الممكنة لتقليل هذا الخطر.  

وضع "الحشد الشعبي" اليوم
ويقول الباحث حول حجم وميزانية: "الحشد الشعبي" ليس وزارة. وبالتالي، يتمّ تحديد ماليته وعناصره في الميزانية السنوية سنة بعد أخرى. ففي ميزانية العراق لعام 2019، يُسمح لهذه القوات بتعيين 128 ألف موظف وتمّ تخصيص ميزانية بقيمة 2.17 مليار دولار لها، بالمقارنة تعيين 583،666 موظف وميزانية قدرها 9.43 مليار دولار مخصصة لوزارة الداخلية، إضافة إلى عدد 288.979 موظف وميزانية قدرها 7.58 مليار دولار مخصص لوزارة الدفاع و يتمتع كل من أبو مهدي المهندس و"منظمة بدر" الموالية لإيران بنفوذ كبير على الطريقة التي توزّع فيها "قوات الحشد الشعبي" الموارد ضمن المنظمة. لكن، حتى وإن أخذنا هذا الأمر في الحسبان، لا تزال هذه القوات تشكّل قوة لامركزية. وتعكس اللامركزية هذه التنوع السياسي والقبلي والإثني-الطائفي والجغرافي الاستثنائي ضمن المؤسسة وافتقارها إلى هيكلية قيادة قوية وموحدة. ولا بدّ من حلّ الانقسامات داخل "الحشد الشعبي" من أجل أن تمثّل هذه القوات تهديدًا وحدويًا قويًا لمصالح الولايات المتحدة.
وتشارك  أقلية فقط من قوات "الحشد الشعبي" فعليًا في القتال، ربما تساوي 30 ألفًا كحدّ أقصى في أي وقت كان. غير أن القسم الأكبر من القوات القتالية ضمن "الحشد الشعبي" مؤلفة من جماعات تُعتبر مبعث القلق الأكبر للولايات المتحدة، على غرار "كتائب حزب الله" و"حركة حزب الله النجباء" (إضافة إلى فروعها) و"عصائب أهل الحق". وتضطلع هذه الأقسام من "الحشد الشعبي" بدور كبير على الحدود العراقية-السورية، حيث تتمكن من التنسيق بفعالية مع الميليشيات الموالية لإيران في الجانب السوري. وتسمح الخدمات القتالية وخدمات الأمن الخلفي المزوّدة من "الحشد الشعبي" لقوات الأمن العراقية النظامية بتوجيه المزيد من القوة القتالية ضد "داعش "و إن المرافق الأساسية والدعم اللوجستي لـ"قوات الحشد الشعبي" بدائية للغاية حتى مقارنةً مع قوات الأمن العراقية. فهي لا تحظى بخدمات كافية وهي غير ممولة بالشكل الكافي بالنسبة لقوة بهذا الحجم، حيث تتلقى 6 في المائة فقط من الإنفاق المرتبط بالأمن في العراق رغم أنها توفّر 28 في المائة من القوات المسلحة على الخطوط الأمامية في البلاد. ويمكن استخدام ذلك في العراق كحجة لزيادة تمويل المنظمة والنفاذ إلى الممتلكات العسكرية أو كحجة لضمّ الكثير من مقاتلي "الحشد الشعبي" تحت كنف قوات الأمن النظامية، التي أنشأت (ولو بغوغائية) خدمات لوجستية ومساكن عسكرية.  ولا يزال الدعم الشعبي الذي تتمتع به "قوات الحشد الشعبي" قويًا كما أن المؤسسة نفسها تحظى بقدر عالٍ من الاحترام من جانب الأغلبية الشيعية في البلاد. ويبيّن هذا الدعم الشعبي الاحتمال الضعيف بتسريح "الحشد الشعبي" أو عزلها بالكامل، ولا سيما نتيجة الضغوط الأمريكية. غير أن المخاوف تتنامى داخل الدولة العراقية التي تعتبر أنه يجب ألا تكون "قوات الحشد الشعبي" ظاهرة وناشطة بهذا القدر في المدن كما هي عليه الآن وأن هذه القوات تضمّ في صفوفها "فاسدين" متورطين في أعمال جرمية.  

سيناريوهات تطوّر "الحشد الشعبي"
من غير المجدي التوهّم بأنه سيتمّ تسريح "قوات الحشد الشعبي" بشكل فوري. لكن ثمة سيناريوهات قابلة للتصديق على نحو أكبر. فمن خلال النظر إلى المستقبل من منظار المصالح الأمريكية، تبرز أربعة سيناريوهات رئيسية معقولة لـ"قوات الحشد الشعبي".

التوسّع السلبي: في هذا السيناريو، تصبح "قوات الحشد الشعبي" وزارة وتحصل على تمويل للفرد الواحد يساوي ما تتقاضاه الوزارات الأخرى التي تُعنى بالأمن. فيتمّ تخصيص موارد مستقرة كل عام بشكل تلقائي في الميزانية لصالح "قوات الحشد الشعبي" بالاستناد إلى عناصرها الذين قد يزداد عددهم. وعلى غرار "الحرس الثوري الإسلامي" في إيران، يمكن لـ"قوات الحشد الشعبي" أن تحصل على ميزانية شراء للنفاذ إلى أسلحة أثقل (أنظمة صواريخ بالستية قصيرة الأمد ودبابات) وحتى منصات حركة جوية وضربات جوية، بما في ذلك مروحيات وطائرات بدون طيار وطائرات.

الوضع الراهن السلبي: كبديل، يمكن لـ"قوات الحشد الشعبي" أن تبقى حيثما هي الآن، لكن مع ميزات محتملة لـ"قوات الحشد الشعبي" المدعومة من إيران طالما حافظت على قيادة الحركة. وستبقى هذه القوات ممولة بشكل ضعيف (على أساس الفرد الواحد)، حيث سيتمّ تحديد ميزانيتها على أساس سنوي، لكن الجماعات المدعومة من إيران ستستمر في تلقي حصة غير متكافئة من الموازنة وفي السيطرة على البنية التحتية الرئيسية. كما ستبقى سيطرة الدولة على هذه القوة ضعيفة.  

التحجيم الإيجابي: في حال نجح نموذج "قوات مكرّمة ومضبوطة" في العراق، عندها قد يتضاءل تدريجيًا حجم "قوات الحشد الشعبي" وميزانيتها التي سيتواصل تحديدها على أساس سنوي. وفي حال لحق الاقتطاع بشكل متساو بكامل وحدات القوة – وفي حال تقلّصت الهيمنة اللوجستية للمهندس – ستختبر وحدات "الحشد الشعبي" المدعومة من إيران بدورها انخفاضًا في قدراتها المدعومة من الدولة.

التحجيم السلبي: يمكن لنموذج "قوات مكرّمة ومضبوطة" أن يعجز عن معالجة أساس المشكلة الجذرية للمهندس والجماعات المدعومة من إيران. ففي حال سيطرت هذه الجماعات على قيادة "الحشد الشعبي"، يمكنها نقل مواردها المتضائلة إلى المهندس، وقيادة "كتائب حزب الله" و"حركة حزب الله النجباء" و"عصائب أهل الحق" إضافة إلى فروعها. وقد يكون السنّة والشيعة المعتدلون والأقليات أول الخارجين من صفوفها، ما يمنح "الحشد الشعبي" صفة أكثر سلبية – وأقل وطنية – من التي تملكها الآن. وبانتظار حل الخلافات بين الفصائل، سينشئ المهندس من دون شك "منظمة بدر ثانية" خاضعة لسيطرته.
المستقبل 
ويقول الباحث مايكل نايتس لا أحد يعلم ما الذي يخبئه المستقبل، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يعرف أي سيناريو ينتظر "قوات الحشد الشعبي". غير أن بعض المواضيع المشتركة تبرز من روايات المعسكرين ضمن الحكومة الامريكية ومن الحجج بشأن مسار القوات الحالي والمستقبلي، وهي مواضيع توفر بعض المبادئ التوجيهية لسياسات الولايات المتحدة المستقبلية إزاء "قوات الحشد الشعبي".

أولًا، لا يعنينا إن كان في العراق مؤسسة تسمّى "قوات الحشد الشعبي". فالحركة بذاتها لديها مكانة محبوبة في قلوب الملايين من العراقيين. وفي كل مرة يشير فيها قائد أمريكي علنًا إلى "قوات الحشد الشعبي" ككل، يقوّض بذلك سياستنا الإجمالية في العراق، بخاصةٍ إذا كانت هذه الإشارات سلبية. وبدلًا من ذلك، يتعيّن على الولايات المتحدة أن تناقش فقط مخاوفنا الشرعية والمحددة كشريك في التعاون الأمني ودولة مانحة مع نظرائها العراقيين خلف الأبواب الموصدة.

ثانيًا، على الولايات المتحدة أن تركز على تشجيع العراق على تقوية الوزارات العراقية القائمة التي تُعنى بالأمن. ولا بدّ من أن نشير إلى أن دعمنا لهذه الوزارات متوقّف على عدم هدر العراق لموارده من خلال إقامة وزارة جديدة لـ"قوات الحشد الشعبي" يتمّ تخصيص بند دائم لها في الميزانية. وطالما أن العراق يبحث في كيفية تمويل "الحشد الشعبي" على أساس سنوي، ما من ضمانة على وجود حرس ثوري عراقي دائم. فضلًا عن ذلك، يُعتبر تشكيل وزارات أمنية جديدة خطًا أحمر يمكن للولايات المتحدة رصده والحؤول دون تخطيه. وسيحظى هذا الخط بشعبية في أوساط شركاء العراق في مجال التعاون الأمني من دول أستراليا وأعضاء حلف "الناتو" وكذلك في أوساط المنظمات الدولية على غرار "صندوق النقد الدولي".  

ثالثًا، الدخول سرًا في حوار "منفتح" مع العراقيين حول ثمن إزالة أبو مهدي المهندس من "قوات الحشد الشعبي" وكذلك التخلص من كافة كيانات "كتائب حزب الله" و"حزب الله النجباء" من صفوف "الحشد الشعبي". وتتأتى العديد، وليس كافة، التهديدات الأمنية المرتبطة بـ “الحشد الشعبي" من هذه الجهات، ويمكن لعزلها أن يغيّر مسار "قوات الحشد الشعبي" بالكامل نحو مسار جديد. وفي حال خلص العراق إلى أن التخلص من تلك الجهات غير ممكن، عندها قد يكون اتخاذ خطوات أكثر تشددًا (على غرار فرض عقوبات على "عصائب أهل الحق" أو حتى القادة السياسيين العراقيين ممن يزودون المهندس بالدعم المادي) ضروريًا، لكن يجب ألا تكون تدابير قسرية مماثلة الملجأ الأول لنا.  

رابعًا، ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها دعم الحكومة العراقية وقوات الأمن العراقية النظامية من أجل الوقوف في وجه والحؤول دون سيطرة "قوات الحشد الشعبي" الحصرية على أي منشأة أو بنية تحتية أو مهمة. ويكمن السبيل الوحيد لضمان عدم تصرّف هذه القوات المدعومة من إيران بشكل يلحق الضرر بالمصالح العراقية في إخضاعها لمتطلبات الرقابة نفسها التي تعمل بموجبها القوات الأمريكية، ولا سيما وجود عدد كبير من قوات الأمن العراقية النظامية من وزارات مختلفة في كافة مواقع "الحشد الشعبي". وعلى وجه الخصوص، يجب ألا يُسمح لقوات "الحشد الشعبي" بالسيطرة بشكل حصري على مهمات مربحة على غرار أمن المحطات النفطية البحرية وحماية منشآت البنية التحتية الأساسية ومراقبة الطرق السريعة ومراقبة الجمارك. وتُعتبر وزارتا الداخلية والدفاع العراقيتان حيويتين لهذه المهام، لذا على الولايات المتحدة توجيه دعمها إلى أقسام من هذه المنظمات التي تقدّم الحماية إلى المواقع الرئيسية.  

أخيرًا، وفي حال بدأ حجم "قوات الحشد الشعبي" يتضاءل، على الولايات المتحدة وحلفائها دعم الاندماج السلس للعناصر العسكرية في الوزارات التي تُعنى بالأمن والتي تحتاج بدورها إلى مزيد من العناصر. وسيعني ذلك المساعدة في عملية نقل "قوات الأمن القبلية السنّية" وميليشيات حماية الأضرحة ووحدات الأقلية القليلة إلى كنف وزارة الدفاع ووزارة الداخلية وغيرها من القوات. ويجب أن تقوّي الولايات المتحدة أصدقاءها في قوات الأمن العراقية بطرق جلية للجميع، بما في ذلك تقديم الدعم على صعيد ترتيباتهم الأمنية الشخصية.      

كما يتعيّن على واشنطن مواصلة دعمها الكبير لمجموعات رئيسية ذات ثقل موازن في وجه الميليشيات المدعومة من إيران على غرار "جهاز مكافحة الإرهاب"؛ "جهاز المخابرات الوطني العراقي" وأجهزة الاستخبارات الكردية؛ "قيادة عمليات بغداد" و"مركز العمليات المشتركة الموحدة"؛ "مجموعة قوات مكافحة الإرهاب" التابعة لـ “الاتحاد الوطني الكردستاني" و"وحدة مكافحة الإرهاب" التابعة لـ "الحزب الديمقراطي الكردستاني"؛ ومجموعة مختارة من قوات الأمن المحلية ووحدات استخبارات الشرطة. 

"الحشد الشعبي" بقيادة المهندس أحد أعراض النفوذ الإيراني وليس سببه
لكن، وحتى إذا تمّ اتخاذ كل هذه الخطوات، على الولايات المتحدة أن تكون واقعية وتعترف أنه ستتواجد دومًا قيادة نافذة للميليشيات المدعومة من إيران في العراق – أي شبكة يمكنها أن تتحول إلى "جيش تحرير شيعي" في حال كانت إيران مهددة.

يُذكر أن الجماعات ذات الميول الإيرانية على غرار "بدر"، تتمتع بحوالي ثلث قوتها في صفوف "قوات الحشد الشعبي"، والثلثين ربما ينتمون إلى قوات الأمن الأخرى مثل الجيش والشرطة الاتحادية وأجهزة الاستخبارات. وسواء داخل بنية "الحشد الشعبي" أو خارجها، والأرجح أن يكون النصف داخلها والنصف الآخر خارجها، سيشكّل وكلاء إيران جماعات مصغرة أشبه بـ"الحرس الثوري الإسلامي" ("بدر" و"قوات الحشد الشعبي" بقيادة المهندس) وبعض الجماعات المصغرة على شكل "حزب الله" ("حركة حزب الله النجباء" و"الصدريون" و"عصائب أهل الحق") في المستقبل المنظور، إلى حين توافر استقرار حقيقي في العراق لفترة مستدامة. ولا يمكن للولايات المتحدة معالجة هذه المعضلة الأساسية حاليًا: فجماعتان مصغرتان من "الحرس الثوري الإسلامي" وبعض الجماعات المصغرة الشبيهة بـ"حزب الله" هو أفضل ما يمكن الحصول عليه. وبدلًا من ذلك، يجب أن تهدف سياستنا إلى الحؤول دون تشكيل "حرس ثوري إسلامي" أو "حزب الله" عراقي كبير واحد، أي في الجوهر منع الأمور من أن تزداد سوءًا أكثر مما هي عليه اليوم.
فساد المليشيات 

اما الباحث فيليب سميث المتخصص في الميليشيات الشيعية والجماعات التي تعمل لحساب إيران. فكتب تقريرا اخر حول المليشيات العراقية  جاء فيه انه في الفترة بين 8 و12 فبراير، أطلق المكتب المركزي لمنظمة مظلة الميليشيات العراقية «قوات الحشد الشعبي» أحدث مرحلة من حملته المستمرة لمكافحة الفساد، حيث اعتقل العديد من قادة الميليشيات وأغلق 100 مقر "وهمي" تابع لجماعات «قوات الحشد الشعبي». وقد سلّطت هذه الخطوة الضوء على استمرار التوترات ضمن داخل شبكة الميليشيات التي يهيمن عليها الشيعة في العراق وتحظى بدعم إيران، علماً أن هذه المشاكل تمتدّ لتطال سوريا.

المحصّنون في العراق

على الرغم من ادعاءاتهم بالنزاهة، اتّضح أن قائمة سوابق العديد من ألوية «قوات الحشد الشعبي» حافلة بضروب الاحتيال والسرقة وغيرها من الأنشطة الإجرامية. ففي مارس 2018، كانت ميليشيات «قوات الحشد الشعبي» المعترف بها رسمياً تحصل على رواتب مساوية لتلك التي يحصل عليها أفراد الجيش، وهو أمر اعتبرته العديد من العناصر إشارةً لسلب أموال الدولة. كما أقدمت جماعات تابعة لـ «قوات الحشد الشعبي» على بيع هويات خاصة وتصاريح خطية تسمح للمشترين بحمل أسلحة صغيرة.

وحتى أن أكبر ميليشيات «قوات الحشد الشعبي» ترتكب الجرائم بانتظام. فقد سرقت «عصائب أهل الحق» معدات من مصفاة "بيجي" النفطية، ثم تجرأت على محاولة إعادة بيعها إلى الحكومة. وفي فبراير، نقلت وكالة "رويترز" أن الجماعات الشيعية التابعة لـ «قوات الحشد الشعبي» احتكرت سوق المعادن الخردة قرب الموصل، مما أعاق جهود إعادة الإعمار المحلية في حين ساعدت الميليشيات على كسب ملايين الدولارات.

وفي سبتمبر الماضي، أطلقت «قوات الحشد الشعبي» أولى حملاتها لكبح هذه الأنشطة. ووفقاً للموقع الإخباري العراقي "السومرية"، تمّ اعتقال شخص لم يُذكر اسمه وسط ضجة كبيرة وحُكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات بتهمة فتح مقر وهمي لجماعة ادّعى أنها كانت تحت سيطرة «قوات الحشد الشعبي»، ثم استخدم المقر كواجهة لبيع هويات مزيفة. وكان الهدف من هذا الاعتقال إلى جانب حملات القمع التالية هو إقناع عامة الناس بأن الإجرام يقتصر على المنظمات "الوهمية"، مع الإظهار في الوقت نفسه التزام «قوات الحشد الشعبي» برسالتها الأساسية القائمة على مكافحة الفساد - حتى في ظل مواصلة أبرز جماعات «الحشد الشعبي» أنشطتها الاحتيالية.

الولاء إلى العلامة

نجح عدد كبير من الميليشيات المدعومة من إيران في إقامة توازن دقيق بين زرع الخوف وفرض الاحترام من جهة، والاندماج في النسيج الاجتماعي والسياسي في العراق من جهة أخرى. فحماية صورة الميليشيات واسمها أمر بالغ الأهمية لتحقيق هذه الأهداف.

ومن بين هذه الميليشيات «كتائب حزب الله» - منظمة صنّفتها الولايات المتحدة إرهابيةً وتضمّ ثلاثة ألوية من «قوات الحشد الشعبي» (45 و46 و47). وبين عامَي 2014  و2015، نشرت لوائح بجماعات "وهمية" تابعة لها على شبكاتها التلفزيونية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدةً أن هذه الجماعات تستخدم اسمها على نحو خاطئ، وطلبت من العراقيين التحقق من جميع أتباعها من خلال الاتصال بالمسؤولين في «كتائب حزب الله» عبر الهاتف.

وفي أبريل 2015، زعمت «كتائب حزب الله» أنها اعتقلت " جاسوساً" يدعى كريم الشحماني بالقرب من جرف الصخر. واتّهمته الميليشيا بتلقي الأموال من "وكالة المخابرات المركزية" الأمريكية والاستخبارات الكويتية لتأسيس «كتائب حزب الله الخالدون»، بهدف الإضرار بسمعة «كتائب حزب الله». وسواء كان الاتهام صحيحاً أم لا، فقد أظهر التوترات الناتجة عن مشاكل في علامات الميليشيات.

ومن بين "الجماعات الوهمية" الـ 100 التي تمّ مداهمتها في فبراير الأخير، زعمت إحداها أنها تمثّل «كتائب الإمام علي» (اللواء 40 في «قوات الحشد الشعبي»)، في حين ادّعت جماعة أخرى أنها جزء من «سرايا الدفاع الشعبي» (اللواء 47) الخاضعة لـ «كتائب حزب الله»، كما ادّعت جماعة أخرى أنها تمثّل «حركة الأبدال» (اللواء 39). وتشكّل هذه الألوية الفصائل الأساسية الخاضعة لإيران ضمن «قوات الحشد الشعبي».

المنشقون عن "التيار الصدري" مشتتون

شكّل المنشقون عن معسكر القائد الشيعي مقتدى الصدر، من «عصائب أهل الحق» إلى «كتائب الإمام علي»، أهدافاً جذابة بشكل خاص بالنسبة لإيران. فباستقطابهم، سعت طهران إلى إضعاف أحد أبرز منافسيها الدينيين والسياسيين في العراق وتعزيز نفوذها وشبكات التجنيد الخاصة بها، فضلاً عن أهدافها الإقليمية.

ومع ذلك، استهدفت أحدث حملة قمع شنّتها «قوات الحشد الشعبي» جماعتين صغيرتين منشقتين عن "التيار الصدري" كانتا في السابق تحت جناح إيران، هما «قوات أبو فضل العباس» و«جيش المؤمل». وكانت الجماعتان قد اتُهمتا بارتكاب جرائم في عامَي 2017 و2018، لكن «قوات الحشد الشعبي» لم تتابع هذه التهم في ذلك الوقت. ورغم أن أياً من الجماعتين لم يكن بحجم أبرز ميليشيات «قوات الحشد الشعبي»، إلا أنهما حافظتا على حضور كبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأسّستا الشبكات الأولى من المقاتلين الشيعة العراقيين للمشاركة في الحرب السورية بناء على أمر من إيران.

«قوات أبو فضل العباس»: المنظمة الوكيلة "الوهمية"

كان الشيخ أوس الخفاجي من أبرز قيادي "التيار الصدري" سابقاً، لكن سمعته بدأت تتغيّر في عام 2012 حين نأى الصدر بنفسه علناً عن هذا القائد. وبحلول نهاية ذلك العام، انخرط الخفاجي بتأسيس شبكة غير محكمة الترابط من المقاتلين العراقيين الشيعة لنشرها في سوريا. وازداد الطابع الرسمي لهذه الشبكة بعد أن غزا تنظيم «الدولة الإسلامية» الموصل. وفي /يونيو 2014، أعلن الخفاجي عن تأسيس «قاعدة قوات أبو فضل العباس» (لكن تم إلغاء كلمة "قاعدة" من اسم الجماعة في النهاية).  وفي ذروتها في أواخر عام 2014 وأوائل عام 2015، تفاخرت «قوات أبو فضل العباس» بأنها تضم حوالي 2000 مقاتل في العراق وسوريا. وفي حين لم تصنّف الميليشيا رسمياً على أنها لواء تابع لـ «قوات الحشد الشعبي»، اعتُبر الخفاجي عموماً أحد الناطقين باسم «قوات الحشد الشعبي» وقادته عند ظهوره على قنوات التلفزيون.

وفي 7 فبراير، خرج الخفاجي على موجات الأثير وحمّل إيران مسؤولية اغتيال الروائي العراقي علاء مشذوب في 2فبراير على أيدي "مسلّحين مجهولي الهوية". وبعد يوم واحد، أوقفت عناصر «قوات الحشد الشعبي» الخفاجي، علماً أنه حتى تاريخ كتابة هذه السطور لا يزال محتجزاً بمعزل عن العالم الخارجي في مكان مجهول. وبعد اعتقاله، احتجت عناصر من قبيلة عربية شيعية تحمل اسمه في بغداد وجنوبي العراق، محذرة من استخدام القوة إذا لم يُطلق سراحه.

وكان الخفاجي يتحدث في السابق بصراحة عموماً عن روابطه بطهران. فخلال زيارة قام بها إلى لبنان في ديسمبر 2018، التقى بمسؤولين من «حزب الله»، المنظمة الوكيلة الأبرز لإيران في المنطقة، وأشاد بدعمهم. بعد ذلك، أغدق عليه الموقع الإخباري "العهد" التابع لـ «حزب الله» نقداً رائعاً. لكن بعد اعتقاله، سرعان ما أصبحت هذه الروابط طيّ النسيان. وفي هذا الصدد، قال كريم النوري، قيادي بارز في "منظمة بدر" الخاضعة لسيطرة إيران، لصحيفة "الشرق الأوسط" إن الاعتقال اندرج في إطار سلسلة اعتقالات هدفت إلى إغلاق المقرات "الوهمية" التي تنخرط في عمليات ابتزاز، وتحرّض عامة الشعب، وبالتالي تخلق المشاكل.

وسواء كانت الاتهامات الإجرامية صحيحة أم لا، فإن الادعاء بأن «قوات أبو فضل العباس» ومكتبها كانوا "وهميين" يبدو منافقاً بشكل سافر. ففي إحدى المرات التقط النوري صورةً مع الخفاجي في نفس المقر "الوهمي" الذي ذكره كسبب للاعتقال. كما نشر أنصار «قوات أبو فضل العباس» صوراً للخفاجي بينما كان أبرز قياديي «قوات الحشد الشعبي» يستقبلونه استقبالاً حاراً، بمن فيهم أبو مهدي المهندس (الذي صنفته الولايات المتحدة إرهابياً وقام بتأسيس «كتائب حزب الله» ويتولى منصب نائب رئيس هيئة «قوات الحشد الشعبي»)، وأحمد الأسدي. ولا تزال الشكاوى حول اعتقال الخفاجي ونفاق «قوات الحشد الشعبي» الواضح تظهر في رسائل «قوات أبو فضل العباس»، ولا سيما في سوريا.

«جيش المؤمل»، اللواء الضائع

تردّد أيضاً أن من بين المعتقلين في إطار الحملة التي شنّتها «قوات الحشد الشعبي» في فبراير، كان سعد سوار قائد «جيش المؤمل» (رغم أن بعض وسائل التواصل الاجتماعي تزعم أنه احتُجز في الشهر الذي سبق). وقد أدّى اعتقاله إلى مضاعفة بعض عناصر الجيش مدحهم لإيران، في حين نأى آخرون بأنفسهم عنه بالكامل.

وخلال حرب العراق عام 2003 وبعدها، قاد سوار خلايا شيعية متشددة مدعومة من إيران في شمال بغداد واعتقلته القوات الأمريكية والعراقية. وبعد هروبه من السجن في عام 2011، التمس اللجوء إلى إيران حيث وسّع علاقاته هناك. وفي عام 2012، سافر إلى سوريا وأصبح مجنداً وقائداً لعدد من الجماعات المنشقة المشتتة عن "التيار الصدري"، بما في ذلك «قوات التدخل السريع» و«لواء أبو فضل العباس» ومقرهما في دمشق. وبعد عودته إلى العراق في عام 2014، أسس «جيش المؤمل» في صيف عام 2016. وسرعان ما تلقت الجماعة التدريب على يد الشبكة الراسخة من الميليشيات الشيعية الخاضعة لسيطرة إيران في العراق. ومثله مثل الخفاجي، كان ارتباط سوار بالوكالات الإيرانية واقعاً جلياً - فيمكن بسهولة إيجاد صوره إلى جانب المهندس وقائد «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي على موقع "فيسبوك".

وفي نهاية المطاف، صنّفت «قوات الحشد الشعبي» «جيش المؤمل» رسمياً على أنه اللواء 99. لكن بحلول عام 2018، غادر أعضاء بارزون في الجماعة العراق وأسسوا أعمالهم الخاصة في سوريا، حيث كان عدد كبير منهم قد قاتل سابقاً تحت راية جماعات أخرى. واندمج جزء كبير من هؤلاء المقاتلين والقادة مجدداً في ميليشيات شيعية يسيطر عليها ظاهرياً الجيش السوري (على سبيل المثال، «لواء ذو الفقار» و«لواء الإمام الحسين»).

ورغم روابطهما القوية بالشبكات الإيرانية، تمّ حلّ «جيش المؤمل» و«قوات أبو فضل العباس» عملياً بعد حملة القمع في فبراير. وتسبب هذا الوضع بعداء كبير بين مؤيديهما وممولهما السابق.

التوصيات في مجال السياسة العامة

للوهلة الأولى، بدت الاعتقالات التي نفذتها «قوات الحشد الشعبي» مؤخراً كدليل إضافي على أن الميليشيات تضفي ببساطة طابعاً رسمياً على دورها كمنظمة وطنية موحدّة من خلال التطهير من الفساد، والقضاء على العناصر الجامحة، واتخاذ إجراءات ضد عمليات الاحتيال. وقد حاولت «قوات الحشد الشعبي» أيضاً إظهار فائدتها وحماية علامتها من خلال مساعدة رجال الشرطة في عملهم، وتوفير خدمات اجتماعية، والمساهمة في مشاريع البنية التحتية. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالجماعات الرئيسية الخاضعة لسيطرة إيران والتي تدير «قوات الحشد الشعبي»، فإن الإجرام لا يزال واسع الانتشار، مما يبعث رسالةً مفادها أن الفساد مقبول بالنسبة للمفضلين لدى طهران.

من ناحية أخرى، قد يشير استمرار وجود المقاتلين العراقيين الشيعة في دمشق إلى أن نظام الأسد بدأ يستاء من مدى نفاذ إيران إلى سوريا وقوتها فيها. ولا تزال علاقة النظام بطهران وثيقة للغاية، لكن يمكن أن يسعى المسؤولون السوريون إلى تطوير حضور شيعي أكثر تنوعاً أيديولوجياً بهدف إعادة إرساء قدر من التوازن مع إيران. 

كما أن اعتقالات «قوات الحشد الشعبي» تمنح الحكومة الأمريكية وسيلةً أخرى لإظهار أن إيران هي راعٍ لا يمكن لشيعة العراق الوثوق به. فمقاربة طهران المتشددة إزاء وكالاتها لا تسمح بأي انشقاق، وتشجع الفساد المستشري الذي يعيق تطوّر العراق، وتعامل حتى الشيعة الأجانب المخلصين لها الذين يروّجون لأيديولوجيتها على أنهم أكباش فداء تتخلى عنهم متى يحلو لها. إن هذه المواضيع قد تساعد واشنطن على عزل الجماعات التي تثير المتاعب، وممارسة الضغوط على طهران، وتأكيد التزام الولايات المتحدة بحملة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لمكافحة الفساد. كما يمكنها الاستفادة من تصنيف وزارة الخارجية الأمريكية مؤخراً لقوات "الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني كمنظمةً إرهابية أجنبية لتحقيق هذه الغايات، بما أن إعلان التصنيف يذكر «كتائب حزب الله» بالاسم.

ويقيناً، ستكون بعض هذه الجماعات الشيعية مسرورة إذا أصبحت موضع انتقاد مباشر من الولايات المتحدة. وبالتالي على واشنطن التركيز على تشجيع وسائل الإعلام في المنطقة على إيصال هذه الرسالة، فضلاً عن التطرق إليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخلال الاجتماعات بين المسؤولين الأمريكيين والعراقيين. ولا يُعتبر الفساد ظاهرةً جديدة عموماً في العراق، لكن الأنشطة الإجرامية التي تنفذّها الميليشيات المدعومة من إيران تثير مخاوف كبيرة لدى شريحةً كبيرة من الشعب العراقي. ويُعتبر نشر المعلومات حول هذه الأنشطة بعيداً وفي كل مكان، طريقةً رائعة للتفريق بين إيران وشبكتها الإقليمية من المقاتلين والمواطنين العراقيين العاديين الذين سئموا من الفساد المستشري. ومن خلال تسليط الضوء على نفاق حملات التطهير من الفساد التي تشنّها «قوات الحشد الشعبي»، بإمكان واشنطن أن تظهر بشكل قاطع أن الوكالات الإيرانية لا توفّر حلاً حقيقياً لمشاكل العراق الأكثر إلحاحاً.