بوابة الحركات الاسلامية : محلل سياسي: ميليشيات الملالي في العراق أضعف من مواجهة أمريكا (طباعة)
محلل سياسي: ميليشيات الملالي في العراق أضعف من مواجهة أمريكا
آخر تحديث: الأربعاء 15/05/2019 11:55 ص روبير الفارس
محلل سياسي: ميليشيات
في حالة اندلاع الحرب بين امريكا وايران  ماهو موقف العراق  وخاصة ان هناك العديد من المليشيات الممولة والداعمة للسلطة الايرانية .حول الموقف المنتظر من هذه المليشيات كتب فرهاد علاء الدين المستشار السياسي السابق لرئيس جمهورية العراق برهم صالح، كما عمل مستشارا سياسيا للرئيس العراقي السابق فؤاد معصوم من عام 2014 إلى 2018. وقبل ذلك عمل رئيسًا لأركان رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان من عام 2009 إلى 2011، كما تولى منصب كبير مستشاري رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان من عام 2011 إلى 2012.تقريرا تحليلا مهما للموقف العراقي نشره معهدواشنطن لسياسيات الشرق الادني  بدا من التعليق علي تصريح قائد منظمة "ب در " الذى جاء فيه  لن نسمح بأن يصبح العراق ساحة معركة تصفّي فيها البلدان الأخرى حساباتها" – ما كان هذا التصريح ليشكّل مفاجأةً لو أدلى به عدة رجال سياسة عراقيين، بما أنه يتماشى مع وجهة النظر الحاليّة لمعظم الأحزاب السياسية العراقية والرئاسات الثلاث في العراق: أي الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب. لكنّ واقع أنه أتى على لسان هادي العامري، قائد منظمة "بدر" العراقية شبه العسكرية التي غالبًا ما تُصنَّف في الغرب كقوة إيرانية بالوكالة، يعطي هذا التصريح نكهةً مختلفةً تمامًا. فتم التلفّظ بهذا الرأي منذ بضعة أيام، ويبدو أنه يضمّ العامري إلى صفوف وجهة النظر السياسية العامّة في الوقت الراهن. فلا أحد من بين الأحزاب الرئيسية في العراق يتمنى أن يرى مصالح العراق توضع في المرتبة الثانية بعد مصالح إيران أو أمريكا إذا خرجت الأمور عن السيطرة في المنطقة. وكان المسؤولون العراقيون واضحين بشأن هذه النقطة في محادثاتهم الأخيرة مع الإيرانيين والأمريكيين، إذ عكسوا كيف تصبح سياسة "العراق أوّلًا" أولويةً بين رجال السياسة المحليين فيما تواصل الاضطرابات بين إيران والولايات المتحدة تصاعدها.
من بين التطورات الأخيرة في إطار هذا النزاع، شكّلت زيارة وزير الخارجية بومبيو المفاجئة إلى العراق هذا الأسبوع مزيجًا من ممارسات عالميْ الأعمال والسياسة. فمن جهة، يحترز الأمريكيون من الصفقات التجارية الأخيرة التي أبرمها العراق مع السعوديين والفرنسيين والألمان بعد الزيارات الرفيعة المستوى التي قام بها الرئيس برهم صالح ورئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي إلى هذه البلدان. ففي الزيارة الأخيرة للوفد الحكومي إلى ألمانيا، وقّع العراق مذكّرة تفاهم مع الشركة الصناعية الألمانية العملاقة "سيمنز" لتطوير شبكة الكهرباء في العراق، في إطار عقدٍ قيمته 14.5 مليار دولار. وتقضي هذه الصفقة على الجهد الأمريكي لضَم شركة "جنرال إلكتريك" إلى صفقةٍ في مجال تطوير الكهرباء في العراق، رغم أن الولايات المتحدة بذلت جهودًا قصوى لتحقيق هذا المسعى.
في خلال الزيارة، حثّ وزير الخارجية بدلًا من ذلك على عقد صفقة تُطوّر بموجبها شركة "إكسون موبيل" البنية التحتية لقطاع النفط والغاز في جنوب العراق، وهو عقدٌ يُقال إن قيمته تبلغ 53 مليار دولار. وأشاد رئيس الوزراء بهذه الصفقة مع "إكسون"، قائلًا إنها ستساهم بما يقارب 400 مليار دولار في الاقتصاد العراقي في خلال السنوات الثلاثين القادمة.
غير أن زيارة وزير الخارجية بومبيو كانت مصممة أيضًا لإيصال رسالة سياسية واضحة. وقدّم بومبيو في الوقت نفسه جرعةً حلوة المذاق وأخرى مرّة إلى القيادة العراقية. فمن جهة، أعلن بومبيو أن العراق سيبقى معفيًّا من العقوبات ضد إيران في خلال الصيف، وهو أمرٌ حيويٌّ بشكلٍ خاص لاستمرار واردات الكهرباء من إيران في خلال الأشهر الأكثر حرًّا من العام.
إلّا أن بومبيو وجّه أيضًا إنذارًا قاسيًا إلى الحكومة العراقية في ما يخص أي هجوم تنفّذه القوّات الموالية لإيران على المنشآت أو المصالح الأمريكية داخل العراق. وعكَسَ هذا الإنذار القلق الأمريكي المتنامي من احتمال قيام بعض "وحدات الحشد الشعبي" العراقية بتنفيذ هذه الأنواع من الهجمات نيابةً عن إيران – وبعثَ برسالة إلى القيادة العراقية مفادها أن هذا الاحتمال غير مقبول أبدًا. وبدلًا من ذلك، تريد الولايات المتحدة أن تضطلع الحكومة العراقية بدورها في حماية البعثات الدبلوماسية والشركات الدولية العاملة في العراق، وتأكدت من أن الحكومة العراقية سمعت منها مباشرةً عن عواقب أي هجوم مماثل إذا وقع على الأرض العراقية.ويقول الباحث فرهود انه من المهم أيضًا إدراك أن أي اعتداء محتمل على المصالح الأمريكية في العراق سيكون صعبًا، وقد تكون أرجحية حدوث ذلك مبالَغًا بها. فالأحزاب الشيعية المسيطرة التي لها قدرة عسكرية ممثَّلة داخل "وحدات الحشد الشعبي" قليلة، أي "منظمة بدر" و"عصائب أهل الحق" و"الحكمة" ("سرايا عاشوراء") و"التيار الصدري" ("سرايا السلام").
غنيٌّ عن القول إنه يمكن استبعاد "سرايا عاشوراء" و"سرايا السلام" من أي هجوم ضد المصالح الأمريكية. إلى ذلك، طالما أظهرت "منظمة بدر" ولاءها للعراق، وهو واقعٌ لم يُشدّد عليه سوى البيان العام الأخير الذي أدلى به هادي العامري. لذلك، المجموعة الوحيدة داخل "وحدات الحشد الشعبي" التي يمكن الاعتبار أنها قد تعتدي على المصالح الأمريكية في العراق بناءً على وصية إيران هي "عصائب أهل الحق". غير أن هذه المجموعة أيضًا اصطفت إلى جانب العراق في عدة مناسبات، كما عندما رفضت بشكلٍ قاطع مواجهة أنصار "التيار الصدري" عندما كانوا على وشك اقتحام "المنطقة الخضراء" في عام 2015 رغم توقع قيام "عصائب أهل الحق" بذلك. كما أوضح السياسيون الرفيعو المستوى في هذه المنظمة في محادثاتٍ خاصة أنهم يعتقدون بقوة أن العراق يأتي أولًا، وذكروا أيضًا واقع أن "عصائب أهل الحق" لم تتورط في أي نزاع مع القوات الأمريكية منذ عدة سنوات.
في غضون ذلك، تبقى بعض المجموعات داخل "وحدات الحشد الشعبي" ذات قدرة مسلحة تطرح تهديدًا، من بينها "كتائب حزب الله" و"حركة النجباء" وقوات "الخراساني" وبعض المجموعات الأصغر حجمًا. فتتمتع أول منظمتين بالقدرة على الاشتباك مع القوات الأمريكية في معركةٍ وبخبرة في ساحة القتال، مع أن المجموعات الباقية لها القدرة على تعكير أجواء السلام إنما ليس القيام بالكثير من الأمور الأخرى. رغم ذلك، من الصعب تصور أن أيًّا من هذه المجموعات سيعرّض المصالح العراقية للخطر في الظروف الراهنة، خاصةً أنها تعلم أن الحكومة العراقية وقيادتها السياسية ستردّان على أي جهدٍ مماثل من أجل حماية مصلحة العراق.واشار الباحث ايضا الي ان ايران لن تتمكن وهي  الأضعف والأفقر من تمويل المجموعات شبه العسكرية في البلدان المحيطة بإسرائيل كما اعتادت في الماضي،. وقد يحافظ الإيرانيون على العراق باعتباره منفَذًا لسلعهم وخدماتهم لم يتعرّض بعد للعقوبات.
مع ذلك، لا يجوز اعتبار أن عدم اكتراث إيران بالحث على الاعتداء على المصالح الأمريكية في العراق يشكّل أمرًا مقضيًّا. 
وسيكون من الحكمة أن تنشط الحكومة والقيادة السياسية في العراق في إعطاء الأولوية لمصالح العراق قبل كل شيء. فتريد القيادة العراقية من المجتمع الدولي أن يعترف بالسيادة العراقية. ولهذا السبب، لا بد من أن يتصرف العراق كدولة ذات سيادة: فعلى الحكومة أن تضمن عدم قيام أي مجموعة شبه عسكرية بأي اعتداء على أي بعثات دبلوماسية أو مصالح اقتصادية أجنبية. وعلى القادة العراقيين ألا يسمحوا بأن يصبح البلد ساحةً تسجّل فيها الكيانات الأخرى أهدافها، حتى ولو كانت هذه الكيانات صديقة للعراق نفسه. لذلك، لا بد من أن تنشط الدبلوماسية العراقية كثيرًا وأن تقدّم أفضل ما لديها من أداء من أجل حماية العراق من أي ضرر ممكن.