بوابة الحركات الاسلامية : الانتخابات التونسية وأزمة الإسلام السياسي ممثلا في حركة النهضة (طباعة)
الانتخابات التونسية وأزمة الإسلام السياسي ممثلا في حركة النهضة
آخر تحديث: الإثنين 09/09/2019 12:24 م حسام الحداد
الانتخابات التونسية
أعلنت الأحد 8 سبتمبر الصفحة الرسمية لمرشح الجبهة الشعبية للانتخابات الرئاسية " حمة الهمامي"، أن إدارة حملته قامت بمراسلة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ودعتها لاتخاذ التدابير اللازمة للتثبت من مدى احترام بعض الأنشطة للقانون الانتخابي وخاصة أنشطة حركة النهضة والمترشّحين عبد الكريم الزبيدي ويوسف الشاهد.
وأشارت حملة حمة الهمامي بالأساس إلى ما اعتبرته توظيفا لصورة الجيش في الحملة الانتخابية من طرف المترشح عبد الكريم الزبيدي .
كما أشارت إلى وجود لافتات عملاقة للمترشّح يوسف الشاهد خارج المساحات المخصصة للاشهار السياسي.
أما بخصوص حركة النهضة فقد اتهمت حملة الهمامي القيادية بحركة النهضة ووزيرة التشغيل سيدة الونيسي باستعمال المال العام للقيام بحملة انتخابية لمرشح النهضة عبد الفتاح مورو.
ودعت إدارة الحملة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى تنفيذ القانون بكل صرامة تجاە كل التجاوزات الانتخابية.
هذا يفتح المجال إلى إعادة تقييم حركة النهضة في محيط الإسلام السياسي الذي تنطلق منه خصوصا على الأراضي التونسية حيث تمرتونس بفترة عصيبة في تاريخها المعاصر، خاصة أنها مقبلة على انتخابات رئاسية مصيرية، يشارك فيها عبدالفتاح مورو أحد القيادات التاريخية لحركة النهضة - فرع جماعة الإخوان في تونس، وأحد أهم قيادات التنظيم الدولي للإخوان منذ سنة 1982، على الرغم من إنكار قيادات النهضة في تونس علاقتهم بالتنظيم الدولي للإخوان.
وتمثل علاقة حركة النهضة بتنظيم الإخوان خارجيًا حجر أساس في الخلاف القائم بين الحركة والنخب التونسيّة المعارضة لوجودها ولمشاركتها في الحكم فيما بعد الثورة، فلا يكاد يخلو تلاسن إعلامي بسبب قضية من القضايا العامة من إثارة هذه المسألة، والملاحظ أن النهج الذي اختارته حركة النهضة مع هذه القضية «التهمة» هو النفي.
ونشر مركز المسبار للدراسات والأبحاث دراسة تحت عنوان «تونس في المهجر: آليات واستراتيجيات السيطرة» للباحث وليد منصور، تسلّط الضوء على جهود حركة النهضة التونسية في فترة وجودها بدول أوروبا ودورها الفاعل داخل التنظيم الدولي للإخوان، وذلك ضمن كتاب «إخوان الشتات.. المدخل لدراسة التنظيم الدولي».
تناولت الدراسة تطور عمل قيادات حركة النهضة منذ فترة خروجهم من تونس ووجودهم في أوروبا حتى عودتهم إلى تونس فيما يسمى بـ «ثورة الياسمين»، ودور الجماعة في «المهجر»، الذي عاش فيه كل قيادات الإخوان التونسيين المهاجرين في فرنسا وبريطانيا وحتى عودتهم وقيادتهم للعمل السياسي في تونس، وقدرتهم الكبيرة على التغلب على كل الأزمات، وكذلك دور النهضة في خدمة التنظيم الدولي للإخوان والمؤسسات، التي أسسها «إخوان تونس» لخدمة التنظيم الدولي.
وذكرت الدراسة كيف لعبت «حركة النهضة» دورًا كبيرًا في رسم الخريطة السياسية لتونس، وتفردها عن باقي الجماعات «الإسلاموية» في مرونتها الشديدة وتكيفها مع كل المتغيّرات السياسية، من عصر الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، فكانت أكثر حذرًا من نظرائها في السعي للسلطة، حيث كثيرًا ما كانت تفضل أن تكون لاعبًا فاعلًا في الحياة السياسية التونسية بدلًا من استئثار السلطة والاحتفاظ بها.
وكشفت الدراسة كيف نشأت علاقة وثيقة بين قيادات النهضة في المهجر وبين أجهزة المخابرات الفرنسية والبريطانية لدرجة جعلت أن مَنْ يزكيه راشد الغنوشي يحصل على حق الإقامة واللجوء، ومَنْ يعترض عليه يرحل فورًا إلى دولته، وذكر ذلك عدد من الشخصيات، التي كانت تعيش في بريطانيا، منهم هاني السباعي، والكاتب نوفل معاوي، وخميس الماجري، الذي صرّح في حوار له مع صحيفة «الحقائق» الدولية سنة 2007 «بأن علاقات نهضة المهجر بالمخابرات الفرنسيّة حميمة ومفتوحة، حتى إن الحركة أصدرت بيانًا رسميًا عن طريق الحبيب المكني، رئيس المكتب السّياسي لحركة النّهضة من أجل الدّعاء بالشّفاء لوزير داخليّتها الأسبق، كما كان الحبيب المكني يبلغ المخابرات الفرنسيّة بنشاطات حركته».
وخلصت الدراسة إلى أن تجربة المهجر بالنسبة للجماعات «الإسلاموية» كانت كاشفة لتوجهاتهم وأفكارهم السياسية والعقائدية الحقيقية، فحركة النهضة على سبيل المثال لا الحصر حينما اضطرتها الظروف إلى الخروج إلى المهجر أتت أفعالها لتكشف حقيقة نواياها إزاء العديد من القضايا، التي تشغل بال المواطن التونسي، كما كشفت تجربة المهجر التكالب «الإسلاموي» للاستحواذ على النشء المسلم وتطويعه لخدمة أهداف الحركة، وظهر هذا بوضوح في سيطرة النهضة على تجمعات الطلبة التونسيين في فرنسا والدول الأوروبية، وكذلك عن انتمائهم الحقيقي للتنظيم الدولي للإخوان على حساب الدولة التونسية.