بوابة الحركات الاسلامية : أفغانستان ومستقبل معلق بين طالبان وواشنطن (طباعة)
أفغانستان ومستقبل معلق بين طالبان وواشنطن
آخر تحديث: الإثنين 16/09/2019 01:15 م حسام الحداد
أفغانستان ومستقبل
قال مسؤولون إن قوات أفغانية تدعمها قوات أميركية قتلت الأحد 15 سبتمبر 2019، اثنين عينتهما حركة طالبان حاكمي إقليمين في أفغانستان، في وقت تصاعد فيه القتال في أعقاب انهيار محادثات كانت تهدف لإنهاء الصراع.
وذكر مسؤول أمني كبير في العاصمة كابول أن العملية استهدفت إحباط هجمات خططت لها طالبان على القوات الأفغانية، مضيفا أن الاشتباكات تصاعدت بعد انهيار المحادثات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وطالبان.
وقالت وزارة الدفاع في بيان إن 85 على الأقل من مقاتلي الحركة قتلوا في عملية برية وجوية مشتركة في إقليم بكتيكا جنوبي البلاد ليل السبت.
لكن طالبان نفت سقوط هذا العدد الكبير من القتلى وقالت إن سبعة فقط من مقاتليها قتلوا وأصيب 11 آخرون، في حين أن عدد القتلى والمصابين من بين قوات الأمن تجاوز 20 فردا، على حد قولها.
وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم الحركة "باقي الادعاءات لا أساس لها من الصحة".
وقال مسؤولون محليون إن الاشتباكات بين طالبان وقوات الأمن زادت حدتها يوم السبت في إقليم سمنكان شمالي البلاد حيث قُتل مولاي نور الدين الذي عينته طالبان حاكما للإقليم إلى جانب أربعة مقاتلين في ضربة جوية بمنطقة دره صوف.
لكن طالبان نفت مقتل الحاكم، وقال ذبيح الله مجاهد "إنه (نور الدين) على قيد الحياة".
وفي حادث منفصل، قُتل الملا سيد عظيم الذي عينته طالبان حاكما لمنطقة انار دره بإقليم فراه غربي البلاد في غارة مشتركة للقوات الأفغانية والأجنبية.
وقال محب الله محب المتحدث باسم شرطة إقليم فراه "قُتل سيد عظيم مع 34 متمردا في انار دره".
وعلى صعيد آخر فان فشل المفاوضات الأمريكية مع حركة طالبان حول خطة بناء سلام في أفغانستان يلقي الكثير من الشك حول مصير الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في أفغانستان في الـ28 من شهر سبتمبر الجاري، ويطرح الموقف الأمريكي، تساؤلات مهمة حول مصير حالة العنف في أفغانستان التي صارت ساحة لعمل طالبان، والقاعدة، وداعش، ومستقبل استقرار الأوضاع والسياسة في هذا البلد المتماس مع منافسي واشنطن مثل إيران، وروسيا، والصين.
وتبدو أهمية تلك التساؤلات بالنظر إلى توجه الإدارة الأمريكية صوب تخفيض وجودها العسكري في أفغانستان، وإعادة كل ما يمكن إعادته من العسكريين الأمريكيين منها، وهو ما كان أحد وعود الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لناخبيه في عام 2016، وهو الرجل الذي يستعد لجولة انتخابية قادمة في العام القادم، مقدما كشف حساب لناخبيه ومنتقديه أيضا.
وقد نبَّه دبلوماسيون أمريكيون سابقون من إمكانية انزلاق أفغانستان إلى "حرب أهلية" حقيقية، إذا خرجت منها القوات الأمريكية، ونفضت واشنطن يدها من هذا الملف، وهو ما سيجعل أفغانستان في هذه الحالة قاعدة جديدة للحرب على الولايات المتحدة وتهديد مصالحها.
جاء ذلك، في التنبيه بمؤتمر نظمه هذا الأسبوع مركز أبحاث الأطلنطي"the Atlantic Council think tank"، وتزامن انعقاده الذي استمر 4 أيام مع مفاوضات فاشلة هذا الشهر بين زلماي خليل زاده ممثل الإدارة الأمريكية، وحركة طالبان حول التوصل لصيغ اتفاق محددة لبناء السلام في أفغانستان، ووقف العنف المنطلق من أراضي أفغانستان، تقوم بموجبها الولايات المتحدة بسحب خمسة آلاف من عسكرييها من الأراضي الأفغانية في غضون 135 يوما من تاريخ إبرام هذا الاتفاق، أي بحلول العام 2020؛ وذلك من أصل 14 ألف عسكري أمريكي يتنتشرون في أفغانستان منذ عام 2001.
ونقلت شبكة "إن بي سى نيوز" الإخبارية الأمريكية عن دبلوماسيين أمريكيين سبق لهم العمل في أفغانستان، وباكستان – لم تسمهم – التأكيد على أن طالبان لا يمكن الاعتماد عليه كشريك مخلص في أية اتفاقات مع الولايات المتحدة، كما أنه لا يوجد لطالبان سجل سابق من مساعي التقارب أو بناء التفاهمات مع السلطات الأفغانية تضمن وفاءه بالتزاماته حال إبرام أية اتفاقات معه .
وفي الـ28 من سبتمبر الجاري ستنطلق الانتخابات العامة والرئاسية في أفغانستان، وهو ما يعتبره المراقبون أمرا مرهونا بمدى إمكانية التوصل إلى اتفاقات بين حركة طالبان المسلحة، ورئيس أفغانستان أشرف غاني المصر على المضي قدما في إجراء الانتخابات، وتعزيز العملية الديمقراطية في البلاد، وفي المقابل تطالب طالبان بأن تكون شريكا في حكومة انتقالية، كمقدمه لإجراء أية انتخابات، وهو ما يرفضه الرئيس غاني.
وتعد إعادة القوات الأمريكية من أفغانستان هى أحد الوعود الانتخابية التى قطعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على نفسه في حملة ترشحه الرئاسية في العام 2016، وهو الرجل الذى يستعد الآن لانتخابات قادمة في 2020، وتعد تلك القضية من القضايا المؤثرة على توجهات الرأي العام الأمريكي؛ نظرا لارتفاع عدد القتلى الأمريكيين على الأراضي الأفغانية إلى 2400 قتيل، منذ بدء العمليات هناك في العام 2001، وأعادت نعوشهم العائدة إلى أرض الوطن إلى الأذهان نعوش رفاق لهم من فيتنام منذ نصف قرن.
وفي نوفمبر 2018 قال رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية الجنرال جوزيف دانفورد، أمام أعضاء الكونجرس الأمريكي، أن الحرب الأمريكية على الإرهاب في أفغانستان، وتحديدا على تنظيم طالبان "لم تحسم بعد"، وأنه برغم المكاسب التي حققتها القوات الأمريكية، ودعم أوضاع الحكم الشرعي في أفغانستان، فإنه من المبكر القول أن طالبان "قد أصابتها هزيمة كاملة".
تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الجنرال دانفورد هو الرجل الذى قاد قوات التحالف الدولي في أفغانستان من حلف شمال الأطلنطي "ناتو" عامي 2013 و2014، وبذلك تشكل ساحة العمل العسكري في أفغانستان صفحة مهمة من تاريخه العسكري، وفي العام 2014 قررت واشنطن وشركاؤها في حلف شمال الأطلنطى إنهاء عمل قواتهم في أفغانستان مع استبقاء 20 ألفا فقط منها على الأراضي الأفغانية لشن ضربات ضد معاقل تنظيمي داعش وطالبان وحلفائهما من المنظمات الإرهابية، وتوفير الحماية اللازمة للمقار الدبلوماسية الأمريكية والغربية في كابول، وتدريب القوات الوطنية التابعة للحكومة الأفغانية.
وفي الـ28 من أغسطس الماضي وفي مؤتمر مشترك عقد بمقر وزارة الدفاع الأمريكية عاد الجنرال دانفورد، وإلى جانبه وزير الدفاع الأمريكى الجديد مارك آسبر، للتأكيد على أن مناقشة موضوع الانسحاب الأمريكي من أفغانستان هو "أمر سابق لأونه ومبكر جدا الخوض فيه"، وجاءت تصريحاته في وقت بدا فيه اقتراب المحادثات الأمريكية الطالبانية إلى إحراز اتفاق نهائي آنذاك، وهو ما لم يتحقق، في حين جدد وزير الدفاع الأمريكي الجديد استمرار دعم بلاده للسلطات الأفغانية لمكافحة الإرهاب.
وأكد أن هذا هو النهج الصحيح الذي تسير الإدارة الأمريكية الحالية عليه بثقة تامة، حيث لا يجب أن تبقى أفغانستان "معمل تفريخ" للإرهابيين، مثلما كانت عليه قبل قدوم قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إلى أراضيها في عام 2001، كما لا يجب أن تستمر أفغانستان حاضنة للإرهابيين ولمنظماتهم.
وأشار مسؤولون أمنيون كبار في كابول إلى أن عمليات مشتركة ستستهدف مقاتلي طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية لمنع أي هجمات على القوات الأفغانية والمدنيين قبل انتخابات الرئاسة المقررة يوم 28 سبتمبر.
وتصاعد القتال في أنحاء عدة من أفغانستان الأسبوع الماضي بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئ إلغاء محادثات مع طالبان بشأن سحب القوات الأميركية وتمهيد الطريق أمام إنهاء الحرب المستمرة منذ 18 عاما في أفغانستان.
وقتلت طالبان أربعة من أفراد القوات الخاصة الأفغانية الأسبوع الماضي في تفجير سيارة ملغومة.