اعتقلت الأجهزة الأمنية في داغستان، الخميس 19 سبتمبر 2019، أحد العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم «داعش»، وكان يخطط لتنفيذ عملية كبرى في البلاد ضد رجال قوات الأمن. 

جاء ذلك بالتزامن مع احتفال داغستان الأيام القليلة الماضية، بالذكرى العشرين لصد الإرهابيين عنها، إذ قام المواطنون بمساعدة الأجهزة الأمنية عام 1999، وتصدوا لعصابات شامل باساييف وخطاب الإرهابيين، التي حاولت احتلال الأراضي الداغستانية قبل 20 عامًا.

وخلال الأيام السابقة تعرضت داغستان إلى عدة عمليات إرهابية كبيرة استهدفت ضباط الشرطة والمدنيين وعددًا من المؤسسات الحكومية الأخرى، وفقًا لما جاء في وكالة الأنباء الروسية.

وفي 19 مايو 2019 تعرض ضريح الصوفي «سعد أفندي الجركاوي» بقرية شركاي بمنطقة «بويناكسك»، للهدم من قبل عناصر داعشية.

ومن الملاحظ أن معظم منفذي تلك العمليات من الشباب الداغستاني الذي انضم لــ«داعش» في السنوات السابقة، ففي تصريحات سابقة لعبدالرشيد محمدوف، وزير الداخلية الداغستاني، أكد فيها أن أكثر من 1200 داغستاني موجودون في صفوف منظمات إرهابية مختلفة خارج روسيا، منهم «داعش» و«القاعدة».

وأشار «محمدوف» على هامش مؤتمر صحفي عقده فى 2017، إلى أن الشرطة الداغستانية استطاعت توقيف نحو 100 شاب كانوا يريدون السفر إلى سوريا لمساندة عناصر التنظيم، إضافة إلى ذلك تمكنت الشرطة من تدمير خلايا إرهابية كانت موجودة في مدينة كاسبيسك ودربند وخاسافيورت الداغستانية.

وداغستان في طبيعتها مدينة ذات طابع وطراز إسلامي وتعرف بطبيعتها الخلابة وبأنها أرض التصوف، كما تشتهر بجبال القوقاز؛ حيث تقع تلك الجبال بين البحر الأسود وبحر قزوين، وتبرز تلك المنطقة كونها ذات أغلبية مسلمة في جنوب روسيا الاتحادية، كما تُعرف بثرواتها الطبيعية.

ووفقًا لبحث أعده، ميخائيل روشين، الخبير في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، عن بلدة «داغستان»، والذي أكد أن داغستان  تتميز بأنها منطقة ذات طابع ديني إسلامي متصوف بالدرجة الأولى، فمنذ عام 1917 كان يوجد بها ما يقرب من 1700 مسجد أغلبها تابع لطرق صوفية مختلفة، وبسبب عدد المساجد الكبير واجه أهل داغستان العديد من الأزمات من قبل الحكومة الروسية المركزية.

وقال «روشين» في بحثه: إنه يلتزم غالبية المسلمين في داغستان بالمذهب الشافعي، إضافة إلي ذلك يوجد بها أربع طرق صوفية كبرى، وهى: «النقشبندية والشاذلية والجزولية (أحد فروع الطريقة الشاذلية) والقادرية»، ويتبع غالبية الشباب الداغستانى تلك الطرق، إلى جانب ذلك، فهُناك رخصة يحصل عليها أي مريد من أي شيخ طريقة من الأربع، في حال رغبته في الانتقال لطريقة أخرى، وهذا يدل على أن التصوف في هذه الجمهورية له نصيب الأسد هُناك وله طقوس تشترط الالتزام.

وتابع، يُعتبر سراج الدين تاباساران، الشيخ الأكثر شهرة في الجنوب، وحصل على تعليمه من الشيخ عبدالله النقشبندي، وخلال الفترة التي عاش فيها، أقام شبكة من المدارس في جميع أنحاء تاباساران، وأصبح الزعيم الروحي لتلك المنطقة، كذلك أنشأ الجامعة الإسلامية، وعلى يده تزايدت نسبة أتباع الصوفية في داغستان، إلى أن توفي عن عمر 115 عامًا ودفن في مدينة دربند في أواخر التسعينيات.

وتابع، أنه وبالرغم من أن الدولة صوفية الطابع لكنه خرج منها العديد من الإرهابيين، ولذلك يرجع لعدة أسباب، قد يكون منها، أن تلك الجمهورية تميز أبناؤها منذ قديم الأزل بالقوة الجسدية والبنيان، كما أن معظم الداغستانيين يُلحقون أبناءهم بمدارس قتالية وهي التي لها قوانين صارمة.

والأمر الثانى، أن تلك المنطقة ذات طبيعة جبلية وتضاريس جغرافية وعرة، وكل هذه الأمور تُشكل بيئة مناسبة تساعد العناصر الإرهابية على الوجود والاختباء بها، وإضافة إلى ذلك كانت داغستان طوال السنوات السابقة ساحة للحروب والتقلبات السياسية بين مختلف الأطراف في روسيا، إلى جانب ذلك حاولت قوى أجنبية كثيرة فرض السيطرة عليها، وكانت هذه عوامل تسببت في نمو ظاهرة التشدد في البلاد.

وفي تقرير سابق نشرته وكالة «رويترز»، أكدت أن الحكومة الروسية منذ أن دخلت سوريا لتُحارب إرهاب تنظيم داعش، ساعدت عددًا كبيرًا من الشباب الداغستاني في الخروج من روسيا إلى سوريا من أجل الانضمام إلى صفوف الجيش الروسي لمحاربة داعش، لكن ما حدث كان مغايرًا تمامًا، فجميعهم انضموا إلي صفوف التنظيم الإرهابي.