بوابة الحركات الاسلامية : دراسة: الاعتقاد في تحسن الأمور بالعراق مع انتهاء «داعش» خطأ وسذاجة (طباعة)
دراسة: الاعتقاد في تحسن الأمور بالعراق مع انتهاء «داعش» خطأ وسذاجة
آخر تحديث: الأربعاء 16/10/2019 12:34 م معاذ محمد
دراسة: الاعتقاد في
أكدت دراسة بحثية أنه من الخطأ الاعتقاد بأن الأمور ستتحسن في العراق مع انتهاء ظاهرة تنظيم «داعش» الإرهابي، مؤكدة أن بلاد الرافدين ستمثل على المديين القريب والمتوسط بؤرة الصراع الدولي المقبل بمستوياته المحلية والإقليمية والدولية.

وقالت الدراسة التى أصدرها مركز دراسات الوحدة العربية، تحت عنوان: «قراءة في المشهد السياسي العراقي ما بعد داعش»، الثلاثاء 15 أكتوبر 2019 وتحدث من خلالها عن المستقبل في العراق، بعدما أعلنت البلاد عن هزيمة التنظيم عسكريًّا أواخر 2017، إن العراق يمثل خط التقسيم الأول والنموذجي ديمجرافيًّا وجغرافيًّا لإدارة مثل هذا الصراع، لحقبة ما بعد الحرب الباردة، والتي تتخذ من الاصطدام الديني والعرقي عنوانًا وغطاءً لها، ويعاني حاليًا من بعض المخاطر والتهديدات المركبة، الذي تتلاقى فيها مصالح وأهداف أطراف محلية، مع مثيلتها الخارجية والإقليمية، على حساب مصالح الدولة.

وأكدت الدراسة أنه نتيجة غياب المشروع الوطني أو الإرادة الجامعة، وطبيعة التحالفات الإقليمية والدولية المتسارعة والمتفاعلة على قدم وساق عسكريًّا وأمنيًّا، فإن الخشية الحقيقية على مستقبل العراق في المدى القريب تتمثل باحتمال انزلاقه مرة ثانية في أتون الحرب الأهلية بالنيابة، نتيجة حدة الاصطفافات الإقليمية والدولية.

وأشارت دراسة مركز الوحدة العربية، إلى أن الكثير من سكان المحافظات المنكوبة في العراق، باتوا أكثر استعدادًا لتقبل فكرة الخصوصية والإدارة اللامركزية، ويذهب البعض منهم إلى التفكير بالاستقلالية بعيدًا عن الحكومة المركزية، التي صارت جزءًا من المشكلة لا من الحل، نتيجة الفشل المتراكم وحجم الفساد المالي والسياسي والإداري فيها.

وأكدت، أنه بسبب سذاجة وجهل وعدم جدية من يتحكم في الشأن العراقي بخصوص معالجة ظاهرة التطرف، فإنها لا تلبث أن تتكرر كل فترة، مشيرة إلى أن التعامل معها يقتصر على محاولة تدارك النتائج والتداعيات، وترك الأسباب الحقيقية ومحركاتها ومولداتها.

وأوضحت الدراسة، أن الإرهاب لا يقتصر في العراق على «داعش» أو المجموعات المتطرّفة، وإنما يمكن من الناحية العلمية تصنيفه بها، وفي ضوء الأسباب الحقيقية له أو النتائج والتداعيات التي تتمخض عنه، إلى ثلاثة أنواع وهي: «الإرهاب الدولي، إرهاب الدولة، إرهاب الجماعات المسلحة».

ووفقًا للدراسة فإن إرهاب الدولة يحدث بسبب فشل الحكومات في القيام بواجباتها بتوفير فرص العمل لمئات آلاف الشبّان والشابات العاطلين في مجتمع مثل العراق، مؤكدًا أنها تدفع بجيوش منهم إلى الانخراط في الميليشيات والعمل العسكري، ليصبحوا وقودًا لهذه التنظيمات والميليشيات، كما أنه حينما تمارس الدولة أساليب القمع والتهميش والإقصاء، وتزج بعشرات الألوف من الشبان الأبرياء في سجونها وتعرضهم لمختلف صنوف التعذيب والإذلال، فهم يخرجون بعد ذلك إلى المجتمع يملؤهم الحقد ويتصرفون كقنابل بشرية موقوتة يسهل تجنيدها وتعبئتها من جانب التنظيمات المتطرفة والإرهابية.

وبعد القضاء على «داعش» أصبح الانفلات سيد الموقف في العراق، نتيجة سطوة المجاميع المسلحة خارج سيطرة الدولة، وهذا سيدفع إلى دورة جديدة من العنف والعنف المضاد، وربما نشهد تشكـلًا سريعًا لمجاميع مسلحة جديدة «إعادة تفكيك وإنتاج جيل جديد من القاعدة أو داعش ولكن بصور وشعارات وولاءات جديدة»، ولكنها ترتبط وتتناغم مع المحاور المتصارعة، ولاسيما الإقليمية تمويـلًا وتدريبًا وتجهيزًا.

وقالت الدراسة، إنه من شبه المؤكد أن تصميم وتصنيع وترويج تنظيمات مثل القاعدة وداعش، وربما يجري تصميم جيل جديد أشد وحشية وقسوة لترويجه في أسواق الشرق الأوسط، ما هو إلا براءة اختراع بامتياز صادرة من دوائر التخطيط ومراكز البحوث الأمريكية، مؤكدة أن المؤشرات باتفاق الكثير من المراقبين تشير إلى أنه من المتوقع أن تتبخر ظاهرة داعش مع قرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية وتكون في الوقت نفسه قد أدت وظيفتها في عملية رص الصفوف في المنطقة طائفيًا وكذلك في تشويه صورة الإسلام وشيطنته.

وأشارت دراسة المركز، إلى أنه مع انتهاء «داعش»، فمن المتوقع أن تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية بقوة في إعادة ترتيب الشأن العراقي، نتيجة تدهور هيبتها أمام حلفائها التقليديين في المنطقة، وحفاظاً على مصالحها الاستراتيجية بالمنطقة لإيقاف تقدم المحور الروسي – الإيراني وتمدده في المنطقة.

وشددت الدراسة، على أن مصير العراق سيبقى رهن مشيئة الإرادات الخارجية الإقليمية والدولية، تتلاعب به حسب مصلحتها، وستكون بغداد ساحة لتصفية الحسابات، وكسب مزيد من النفوذ وتحسين شروط أطراف الصراع الخارجيين، لتحقيق مزيد من المنافع والمصالح، خلال جولات التفاوض في ما بينهم على حساب مصالح البلاد العليا، إلى أن يتم تصعيد مكافئ سياسي وطني عراقي يمتلك رؤية شاملة للحل في العراق، تتم ترجمتها عبر صياغة «عقد سياسي جديد» يتسم بالعقلانية والواقعية ويعبّر عن إرادة الشعب العراقي ويقبل القسمة على جميع شرائحه وتوجهاته.