الدستور.. نافخو الصافرات.. كيف كشفت تسريبات الإخوان صراع الحصول على تمويلات؟
تسريبات صوتية عديدة باتت تخرج من أيدي الجماعة الإرهابية أنفسهم، لتكون مشاعًا للعالم كله للاستماع إلى خططهم الدموية، لتكون رسالة تأكيد للعالم أنهم لا يستحقون رسائل الاستعطاف التي يحاولون بثها بين الآونة والأخرى.
منذ أيام قليلة، خرجت جملة من هذه التسريبات تكشف عن الصراع الداخلي بين الجماعة، والذي لم يكن ظاهرًا من قبل، لكن هنا الصراع ليس على السلطة أو تصدر الصورة الإعلامية لهم، إنما على التمويلات التي تصل إليهم، التي غرضها في الأساس مساعدة أعضاء الجماعة على الأعمال الخيرية التي يدعون ضرورتها، وأن تمويلاتهم لا تذهب سوى إليها، إلا أن الواقع اكتشفنا أنه عكس ذلك.
ويعلق الدكتور نبيل نعيم، القيادي السابق بالجماعة، قائلًا إن الجماعة مخترقة من قبل العديد من الأجهزة الأمنية، ومنها الأجهزة الأمنية المصرية التي لها من الأعين داخلها بما يكفي لفضح أكاذيبهم وكشف حقائقهم، أما عن تسريب التسجيلات التي تكشف مؤامراتهم على الشعب المصري فليس من المستبعد أن تكون قد تمت عن طريق عناصر من داخل الجماعة نفسها لصالح بعض الدول المتعاونة معها نظير دفعها للأموال قائلًا: "الإخوان تجار ليس لديهم مبادئ"، فهم يبيعون كل شئ مقابل الأموال الطائلة.
فضائحهم بدأت تتكشف على يد شبابهم الذين تداركوا مواقف القيادات ناحيتهم، فالشاب عمر حسن، أحد شباب الجماعة، كان على رأس قائمة المسربين لتلك التسجيلات الصوتية، فعرض تسجيل لأمير بسام، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان، يقول: "إزاى محمود حسين والإبياري وإبراهيم منير ياخدوا الفلوس بالشكل ده".
ويتابع: "في الأول تبرعوا ولموا فلوس وفى آخر اللقاء خدنا ملايين ولم يتكلم منكم أحد ولم يتحدث أحد، وراكبين عربيات فارهة الواحدة بـ100 ألف يورو.. إزاى يسرقوا الفلوس ويشتروا بها شقق وعمارات واعترفوا اعتراف صحيح أمام الناس لأن فيه طلبة بيتذلوا علشان ياخدوا 200 ليرة كل شهر وفيه واحد زي محمود حسين واخد عربية بي إم دبليو".
ولمعرفة تلك الأسماء السالف ذكرها، تقرأ في السطور التالية تعريفًا بهم، فبسام أمير، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان منذ عام 1981 وقبض عليه مرات عدة في: 1987 – 89 – 91 – 94 – 97 – 98، وهو مؤسس مجموعة من الجمعيات الخيرية الإخوانية، وحكم عليه غيابيًا بالحبس لمدة عامين مع 12 قيادي إخواني آخر عقب فض اعتصام رابعة بعدة تهم منها: التجمهر بمدينة العاشر من رمضان، وحرق بعض المحال التجارية وتحطيم عدد من السيارات، والتحريض على العنف وسبق إحالته أكثر من 4 مرات لمحكمة الجنايات بتهمة تمويل الإخوان والتحريض على العنف بمحافظة الشرقية.
أما محمود حسين، هو عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين وأمين عام الجماعة، وانتخب عضوًا بالمكتب الإداري للجماعة بأسيوط عام 1985 وظل بهذا المنصب 5 سنوات وهو نفس العام الذي عاد فيه من أمريكا بعد الحصول على درجة الدكتوراه، وتم القبض عليه 3 مرات، وحُكم عليه عام 1995 في أول محكمة عسكرية بتاريخ الإخوان في عهد مبارك، ثم اُعتقل عام 2007 وأُفرج عنه لإجراء عملية قلب مفتوح وكانت الأخيرة في يونيو 2009، لمدة 115 يومًا.
الاسم الثالث هو محمود حسين الإبياري، الأمين العام المساعد للتنظيم الدولي للإخوان في لندن، ومسئول عن نقل تعليمات وتكليفات المرشد إلى بقية أعضاء قيادات الإخوان، عبر مجموعة بريدية خاصة تضم دائرة ضيقة ومحدودة من القادة، ومجموعة بريدية أخرى خاصة بعناصر الجماعة وهي مجموعة أكبر يشارك فيها عدد كبير من قادة وعناصر الجماعة وتسمى "مهجة الروح"، كما يدير موقع رسالة أحد الأذرع الإعلامية للجماعة على الإنترنت.
"الإبياري" مسئول عن ماليات الإخوان في أوروبا، ومشرف على متابعة نشاط شركات ومؤسسات الجماعة، أيضًا الإشراف على رعاية عناصر الجماعة الفارين من مصر إلى تركيا، تلك المعلومات وردت على لسان أحد عناصر الإخوان في تصريحات سابقة دون الكشف عن هويته.
وأخيرًا إبراهيم منير أحمد، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين والأمين العام للتنظيم الدولي للجماعة، هو المتحدث باسم الإخوان المسلمين بأوروبا والمشرف العام على موقع (رسالة الإخوان)، يعيش في لندن، وأحد مؤسسي منتدى الوحدة الإسلامية بلندن، ولد في العام 1937 بمصر، حكم عليه بالأشغال الشاقة لـ 10 سنوات في قضية إحياء تنظيم الإخوان المسلمين عام 1965م وعمره وقتها 28 سنة. وفي 26 يوليو 2012 أصدر الرئيس المصري السابق محمد مرسي عفوا عاما عنه نشر في الجريدة الرسمية العدد 30 لسنة 2012.
وعاد "نعيم" للتعقيب قائلاً: ليست الأجهزة الأمنية المصرية، وحدها هي الكاشف لمؤامرات الإخوان وأكاذيبهم عن طريق تسريب تسجيلاتهم بل أشار إلى أن الدول العربية كذلك تفضح خططهم موضحًا أن ضاحي خلفان نائب رئيس شرطة إمارة دبي الشقيقة صرح أن الجهات الأمنية الإمارتية كشفت تسجيل اجتماع سري لقيادات الإخوان بتركيا للإطاحة بآل زايد.
التسريبات عن تلك الأسماء الثلاثة لم تكن المرة الأولى، ففي مارس 2016، كشفت تحمل اسم "ويكيلكس الإخوان"، تعمل تحت قيادة محمد كمال، عضو مجلس شورى الإخوان، الذي قُتل في مصر أثناء محاولات القبض عليه، بعد قيامه بتأسيس الخلايا الإخوانية الإرهابية المسلحة بعد عزل محمد مرسي.
"كمال" يمثل الجبهة التي ترى ضرورة محاربة النظام المصري القائم بالقوة، وعكفت على محاربة الجبهة الأخرى التي ترى أن الحلول السلمية هي الحل الأمثل في التعامل مع استبعاد الإخوان من الصورة، يرأسها ثلاثة رجال هم المرشد العام بالتكليف محمود عزت، والأمين العام محمود حسين المقيم في تركيا والأمين العام للتنظيم الدولي إبراهيم منير المقيم في لندن.
وذكرت "ويكيلكس الإخوان" الممثلة في صفحتها "صوت الإخوان" على "الفيسبوك"، إن محمود حسين و محمود الأبيارى يوظفان حولهما فريقًا بمرتبات عالية، دورهم الوحيد أن يمجدهما ويلمعهما، واضعين مثالاً لذلك: كاتب إخواني يعمل لصالح محمود حسين بمرتب شهري يكفي لإعالة 20 أسرة إخوانية.
التسريبات التي وضعها الإخوان أمام الرأي العام، واستغلالهم لبعض الشخصيات لتحريك الشارع المصري، يمكن إطلاق عليه مصطلح "نافخي الصافرات"، وتعريفًا له هو الذي يعمل على كشف أسرار السلطة أو الإدارة للعامة، لأنه في الأساس يكون جزء من المنظومة بالفعل قبل أن ينقلب عليها.
توجد قوانين لحماية نافخي الصافرات في 12 دولة حول العالم منها الولايات المتحدة، وكندا، وجامايكا، والهند، وتعمل تلك القوانين على حماية كاشفي الفساد من الملاحقة أو التعرض للطرد التعسفي، وربما تضمن لهم الحصول على جائزة مادية أيضًا عبارة عن نسبة من التعويضات التي تدفعها الجهة المتورطة في الفساد، لكن تبقى تلك القوانين مقيدة بشروط قد لا تضم جميع من نفخوا الصافرات.
صوت الأمة.. أردوغان يكشف الإخوان
من آيات الإنجيل آية تقول: «وَلاَ تُدْخِلْنَا فِى تَجْرِبَةٍ، لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ، وَالْقُوَّةَ، وَالْمَجْدَ، إِلَى الأَبَدِ».
أظن أن التجربة التى تتحدث عنها الآية، هى نوع محدد ومعين من التجارب، أعنى التجربة الصفرية، الحدية، تجربة «أكون أو لا أكون»،
تلك التجربة الحارقة الخارقة التى تصبح بعدها غير ما كنتَ عليه قبلها، وتلك التجربة دخلتها- بقدميها- فرقتان من فرق جماعة الإخوان، الفرقتان لم تسألا الله النجاة من الشرير، بل راحتا تدافعان عن الشرير حتى وصل الأمر إلى تبنى شره وترويجه بعد ستره بغلالة من الأفكار النبيلة المسروقة.
الشرير هنا هو الرئيس التركى أردوغان الذى تستر بمزاعم تبدو طيبة لغزو سوريا واحتلال أراضيها.
أردوغان رجل ماهر فى اللعب بالبيضة والحجر، فالرجل صديق حميم لكافة الأطراف، فهو حامى حمى جماعة الإخوان، ثم هو عضو مهم من أعضاء حزب الناتو، وبتلك العضوية هو حليف استراتيجى لأوروبا الاستعمارية، ولأمريكا الشيطانية، وهو داعم للتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش، وهو ينسق من الروس وإيران، ثم هو الصارخ فى البرية بضرورة فك الحصار عن قطاع غزة، ثم لا ننسى أنه صاحب علاقات تجارية متدفقة مع إسرائيل.
فى مرة وصف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو، أردوغان بـ»الديكتاتور»، فى رد على تصريحات لأردوغان، قال فيها إن إسرائيل دولة عنصرية!
فماذا بعد ذلك الاشتباك الحاد؟
لقد ظل على حاله، مجرد اشتباك لفظى، أما العلاقات التجارية ذات البعد الاقتصادى الاستراتيجى فقد ظلت على حالها متدفقة ودافئة.
إن كنت مهتمًا بمعرفة الحقيقة فأنت ستجد هذا المقطع- من تقرير طويل- منتشرًا على كافة المواقع الإخبارية ذات المصداقية «كشفت بيانات إسرائيلية حديثة، عن حجم التبادل التجارى مع تركيا والذى يتخطى الـ 4 مليارات دولار، لتظل تركيا فى المركز الأول من حيث التبادل التجارى مع إسرائيل على مستوى الدول الإسلامية».
ونشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانات نقلاً عن دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، جاء فيها أن «تركيا تستورد من إسرائيل بما يُعادل 1410 مليون دولار، وتصدر لها ما يُعادل 2856 مليون دولار»، حسب الصحيفة. ولم تمنع هجمات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على إسرائيل، زيادة التبادل التجارى معها، والذى شهد نموًا بـ 14% فى السنوات الأخيرة، وبلغت الصادرات الإسرائيلية إلى تركيا فى 2017 ما قيمته 1.4 مليار دولار، فى مقابل واردات إسرائيلية من تركيا بحوالى 2.9 مليار دولار.
وشهدت حركة التجارة بين البلدين تناميًا متزايدًا منذ تعيين الملحق التجارى التركى فى إسرائيل، هوثمار آينمز، بعد أن ظل المنصب شاغرًا طيلة سنوات، فى السفارة التركية».
هل تعرف جماعة الإخوان خريطة علاقات ومصالح أردوغان؟
يقينًا تعرف، لكنها أدخلت نفسها فى التجربة.
تاريخ الجماعة هو عبارة عن كمية خرافية من دموع المظلومية، وهؤلاء الذين يزعمون تعرضهم لظلم تاريخى واستثنائى هم أنفسهم الذين ينصرون الغازى، وينتصرون له ويتسترون على جريمته.
قال إخوان سوريا: «إن الثورة السورية اليوم بمنعطف تاريخى ومفصلى فى سيرها نحو تحقيق أهدافها فى إسقاط نظام الأسد، ومواجهة مشاريع الإرهاب والتطرف والانفصال، وذلك بإطلاق عملية «نبع السلام» فى منطقة شرق الفرات، والذى يتشارك فيها الجيش الوطنى السورى مع الجيش التركى».
وأضاف البيان «لقد تقاطعت مصلحة الثورة السورية والأشقاء فى تركيا فى محاربة إرهاب (PYD-YPG - PKK) واستعادة الأرض السورية والحفاظ على وحدتها، فكانت عملية (نبع السلام)، وشرق الفرات مثل غربه مثل كل سوريا، لا بد أن تصبح حرة».
ولفت إلى أن الميليشيات الانفصالية هجرت أهالى منطقة الرقة واستعرضت جثث مقاتلى الجيش الحر فى عفرين، هؤلاء من تستهدفهم عملية نبع السلام، أما الأكراد فهم شركاء الجميع تحت مظلة وطن واحد، ومن مصلحة الجميع قطع أيدى الإرهاب والانفصال.
ودعت الجماعة العشائر العربية والكردية للانضمام للجيش الوطنى السورى، مذكرة الجيش الوطنى السورى والجيش التركى بضرورة الحفاظ على أرواح المدنيين والبنى التحتية، وأن أى انحياز من مقاتلى قسد إلى الجيش الوطنى السورى فإنه سيكون فى عهده وحمايته.
وطالبت الجماعة المجتمع الإقليمى والدولى أن يتفهم حاجة الشعب السورى للعودة إلى أرضه واستعادة ما دمرته واستولت عليه المشاريع الإرهابية والانفصالية، وأن دعم الشعب السورى لنيل مطالبه وحريته سيسهم فى استقرار سوريا والمنطقة كلها».
وقال إخوان فلسطين : «نتفهم حق تركيا فى حماية حدودها والدفاع عن نفسها وإزالة التهديدات التى تمس أمنها القومى أمام عبث جهاز الموساد الإسرائيلى فى المنطقة، والذى يسعى إلى ضرب الأمن القومى العربى والإسلامى، مع المسارعة إلى حل النزاعات والخلافات فى المنطقة وبين الدول للتفرغ للدفاع عن قضايا الأمة، وفى مقدمتها قضية فلسطين، وفى القلب منها القدس التى تتعرض لعدوان متواصل، خاصة المسجد الأقصى المبارك من قبل الاحتلال ومستوطنيه».
أما فرع الجماعة المصرى فلم أقع على بيان له ولكن تكفينا منصاته الإعلامية التى تنطلق من تركيا، فهى تسبح بحمد أردوغان ليل نهار وتظهره فى صورة ملائكية كأنه سادس الخلفاء الراشدين، وقد يقول قائل: وماذا سيفعلون والرجل يحتضنهم ويسمح لهم بالبقاء فوق أرض بلاده وتحت حمايتها؟!
وهذه يا سادة هى التجربة التى تظهر أصالة المعدن وعمق الإيمان، فلو كانوا يؤمنون حقًا بشعاراتهم، فبأى عين وبأى ضمير ينصرون وينتصرون لمحتل؟!
كيف يعينون ظالمًا على ظلمه وتجبره؟!
إنه بين طريقين لا ثالث لهما، إما ما هم عليه من مناصرة محتل غاشم، أو الخروج من تحت عباءته والانتصار للحق ودفع ثمن الخروج فداءً لعقيدة وشعار.
ختامًا نشكر أردوغان لأنه بفعلته قد أسقط ورقة التوت عن جماعة الإخوان.
الوطن.. خبير في الشأن التركي: المؤسسات الدينية وفرت منصة لعناصر الإخوان برعاية مخابراتية
بعد وقف إطلاق النار.. أسباب دفعت تركيا لوقف عدوانها على شمال سوريا
قال الدكتور بشير عبدالفتاح، الخبير فى الشأن التركى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان حوّل المساجد إلى سلاح سياسى لتنفيذ أطماعه وتحقيق أهدافه السياسية والانتخابية ودغدغة مشاعر المسلمين.
د. بشير عبدالفتاح لـ"الوطن": "أردوغان" حوّل بيوت الله إلى سلاح سياسى لتنفيذ أطماعه
وأضاف «عبدالفتاح»، فى حوار لـ«الوطن»، أن «الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل حوّل المساجد إلى منصات للتجسس على معارضيه بعد محاولة الانقلاب العسكرى التى وقعت منتصف يوليو 2016»، إلى نص الحوار:
كيف ترى استخدام الرئيس التركى المساجد للتجسس على معارضيه؟
- «أردوغان» يلجأ لكل وسيلة ممكنة لملاحقة معارضيه بعد الهوس الذى أصابه عقب محاولة الانقلاب العسكرى التى وقعت منتصف يوليو عام 2016، بخلاف تراجع شعبيته بشكل كبير وزيادة الغضب عليه فى الداخل والخارج، أصابته حساسية جعلته يلاحق المعارضين فى كل مكان.
وكيف ينفذ ذلك؟
- يقوم الرئيس التركى بتغيير أئمة المساجد من وقت لآخر، ويقوم بإرسال بعثات دينية تتجسس على المجموعات المعارضة له، وتم ضبط مثل هؤلاء من قبَل أجهزة أمن واستخبارات فى الدول الأوروبية التى عبّرت عن غضبها واستيائها من ممارسات النظام التركى، خصوصاً بعد تطور الأمر ووصوله إلى التصفية والاغتيالات على أراضيها، ما يشكل انتهاكاً واضحاً لسيادة هذه الدول.
إلى أى مدى يعبِّر استخدام المساجد كمنصات للتجسس عن تناقض الرئيس التركى؟
- الدين جزء من استراتيجية «أردوغان»، لذا عمل على دغدغة مشاعر المسلمين فى «الأناضول» للحصول على أصواتهم بدعوى أنه يحافظ على الإسلام والمسلمين من العلمانية، ومن خلال هذا استطاع أن يحصد أصواتهم، وفى الخارج يريد أن يظهر دوماً بمظهر الرجل الذى يدافع عن الدين وعن القضية الفلسطينية، وهذا الأمر انعكس على موقفه من المعارضة، لأنه إذا كانت المعارضة ستستغل المنابر الدينية، فالرئيس التركى وظف الدين والمساجد بطريقة أو أخرى، المسألة لم تعد مسألة أن المساجد للدين والدعوة، وإنما تحولت المساجد إلى سلاح سياسى بيد الرئيس التركى، وليس لديه غضاضة فى استخدامها لتحقيق أهداف سياسية بمنطق الغاية تبرر الوسيلة.
هل هذا سيؤثر على «أردوغان» وحزب «العدالة والتنمية»؟
- «أردوغان» منذ البداية لا يراعى حرمات المساجد، وكان يستخدم المساجد لإلقاء بعض الخطب عقب صلاة الفجر أمام المسجد، واستخدم المساجد فى الدعاية الانتخابية، وحوّل «آية صوفيا» إلى مسجد فى إطار الدعاية الانتخابية للانتخابات البلدية الأخيرة، لذا أرى أن توظيف الدين والمساجد فى السياسة أمر غير مستبعَد وغير جديد بالنسبة لـ«أردوغان».
هناك تقارير تقول إن المساجد التركية فى الخارج ومنظماتها الدينية أصبحت منصة لنفوذ عناصر الإخوان، ما رأيك؟
- المؤسسات الدينية والثقافية التركية من ضمن وسائل التمكين التى يقدمها «أردوغان» لجماعة الإخوان، ومعروف فى الغرب وآسيا أن هناك طريقين للمساجد والدعوة: الطريق التركى والطريق السعودى، وهذا مشهور ومعتمد، «أردوغان» لم يتورع عن نشر الإخوان فى هذه الأماكن، وحين بدأت بعض الدول الأوروبية تضيّق على الإخوان وتحاول تصنيفهم كجماعة إرهابية، لجأت الجماعة إلى المؤسسات التركية فى أوروبا، بما فيها المساجد والمراكز الثقافية والدينية، «أردوغان» لم يجد غضاضة فى توفير المؤسسات التى تعمل من خلالها الجماعة بالتنسيق مع أجهزة استخباراتية كان لها دور فى إنشاء جماعة الإخوان من الأساس مثل المخابرات البريطانية والأمريكية.
ماذا عن إنشاء مسجد فى جيبوتى هو الأكبر فى شرق أفريقيا؟
- هذا يأتى ضمن القوة الناعمة لتركيا، «أردوغان» يريد القول إنه لا يبحث عن مصالحه، يريد القول إنه ليس عربياً لكنه يخدم الإسلام، وهذا يخدم مشروع توسيع نفوذه واستعادة الخلافة العثمانية التى يحلم بها، لأن تركيا علاقتها ونفوذها فى العالم لم يأتيا إلا من خلال الإسلام، الذى لولاه ما انتشر الأتراك وكان لهم الثقل الكبير ولبقوا مجرد قبائل تقوم بقطع الطرق، وبالتالى أفريقيا جزء من هذه الاستراتيجية.