بوابة الحركات الاسلامية : «تيكا» في ليبيا.. توغل تركي مخابراتي ويافطة إسلامية للعثمانية الجديدة (طباعة)
«تيكا» في ليبيا.. توغل تركي مخابراتي ويافطة إسلامية للعثمانية الجديدة
آخر تحديث: السبت 09/11/2019 01:09 م شيماء يحيى
«تيكا» في ليبيا..
يشكل الدور التركي في ليبيا أحد أهم المؤثرات على مدى اهتمام تركيا بالتوغل في المجتمعات العربية، فعلى العكس من استخدام القوة العسكرية في سوريا والعراق، اتجهت تركيا إلى توجيه قوتها الناعمة في ليبيا من خلال المؤسسات الاقتصادية والإنسانية، وذلك لإضفاء صيغة مقبولة على تحركاتها المشبوهة في المنطقة، وأهم تلك المنظمات منظمة «تيكا»، التي تعتبر بمثابة أذرع تستخدمها تركيا لتحقيق أهدافها في التوغل داخل المجتمعات، ونشر نفوذها في الدول العربية.



وفي إطار ذلك سعت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق «تيكا» مع الهيئة الوطنية للتعليم التقني والفني التابعة حكومة الوفاق الليبية، وأطلقتا معًا مشروعًا للتدريب في كلية التقنية الصناعية شرق العاصمة طرابلس بمدينة «مصراتة»؛ تهدف لتنظيم دورات صيانة للأجهزة الكهربائية والطاقة المتجددة، يشارك فيها 100 متدرب يمثلون الأغلبية من المدن الليبية.

القوة الناعمة

بدأ نشاط الوكالة التركية في ليبيا منذ 2011، مع نهاية النظام السابق، مستغلة الفوضى العارمة التي كانت تعاصرها المنطقة في تلك الفترة، واخترقت «تيكا» بمشروعاتها المكثفة عدة مدن، منها طرابلس، وغدامس، ومصراتة التي تربطها علاقات استراتيجية مع تركيا، وإقليم فزان الجنوبي الذي يمثل بوابة الصحراء الكبرى، إضافةً الاهتمام بالأقليات العرقية، ومحاولة الأتراك اختراقهم لخدمة مصالحهم في البلاد.



وكانت أهداف تيكا في ليبيا كثيرة متعددة، وتضمنت التمهيد للدور التركي في مشروعات الإصلاح من الأضرار التي لحقت بالمنطقة إثر الحرب،  لكن واجهت الوكالة التركية تراجعًا لدورها في المناطق التي تحت سيطرة الجيش الوطني، ونصبت أعينها نحو مصراتة ثاني أكبر مدن غرب ليبيا، باعتبارها مركز التبعية للقرار التركي.



تعتبر «تيكا» اليافطة الخيرية للمشروع العثماني الإخواني الجديد، الذي يختبئ وراء المسمى الإسلامي، لكن أهدافه جلية واضحة، في اختراق المجتمع، والجمع بين الجانب المخابراتي وبين ستار لتمويل الإرهاب، من خلال الدعم الذي تقدمه للمنظمات والأفراد معارضي الدولة الليبية.



كما أن «تيكا» هي الوجه الآخر لجمعيات مثل «قطر الخيرية»، هدفهما اختراق المجتمعات عبر دعم قوى الإسلام السياسي، وتستغل تلك الجمعيات المناطق النائية والأحياء الفقيرة، وتعمل على تحسين وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المرتبطة بالإرهاب، وتعتبر الوكالة التركية إحدى أذرع النظام الأردوغاني التخريبية في ليبيا.

نشاط «تيكا» في ليبيا

افتتحت الوكالة التركية للتنسيق والتعاون «تيكا» سنة 2011 في كل من الصومال وليبيا وكينيا ومصر وتونس لتنضم إلى فروع الوكالة في إثيوبيا والسودان والسنغال، لتشرف على مشروعات الوكالة في 37 دولة أفريقية، تتنوع بين مجالات التعليم والصحة والزراعة، إضافةً إلى مؤسسات الإغاثة والمساعدات الإنسانية كمؤسسة محمد الفاتح، وجمعية ياردم، والهلال الأحمر التركي، ومركز يونس امره، ومركز العلاقات التركية.



وتوسعت «تيكا» في ليبيا عبر ترميم بعض المنشآت، مثل مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية في طرابلس، التي يرجع تاريخها إلى 1871 في عهد الوالي التركي نامق باشا، وتم الكشف عن النوايا التركية وراء بناء تلك المدرسة، فكان الغرض احتلال البلاد، فهذا الفكر التركي الأردوغاني التي توظفه المنظمة التركية.



وفي أوائل أكتوبر 2019 أرسلت «تيكا» وفدًا من المهندسين المعماريين إلى العاصمة الليبية طرابلس، لدراسة ترميم آثار عثمانية، وقالت الوكالة التركية في بيان نشرته: إنها تعتزم بناء مركز تدريب مهني في العاصمة طرابلس، لتدريب الكوادر الليبية.

الأثر التركي على ليبيا

يقول أستاذ القانون الدولي بالجامعات الليبية، الدكتور محمد الزبيدي: إن تركيا دمرت الدولة الليبية من خلال منظمة «تيكا» التي قامت بدعم الميليشيات؛ حتى تمكنوا من إسقاط الدولة، ونهبوا كل خيراتها، ونقلها إلى تركيا لإنقاذ اقتصاد أنقرة، وإن الأعمال الخيرية والإنسانية هي إحدى واجهات مشروع التوسع التركي على حساب دول المنطقة ومنها ليبيا.



وأكد الزبيدي على أن «تيكا» ومثيلاتها تدعم الإرهاب والميليشيات، وتحاول اختراق الفئات الهشة في المجتمع؛ بهدف السيطرة عليها وتحريكها في اتجاه مصالح المشروع الأردوغاني، وفي إطار استخدام القوة الناعمة لتوسيع النفوذ التركي في أفريقيا تم توظيف البعد الحضاري والديني، واعتماد سياسة العطاء بنكهته الإسلامية المحببة للأفارقة؛ بهدف دعم النفوذ التركي.

 

وفي تصريح لـه، قال عبد الستار حتيتة، الباحث في الشأن الليبي: إن مؤسسة «تيكا» ذراع من أذرع المخابرات التركية في العالم، وهي تنشط في العديد من الدول تحت اسم تقديم مساعدات وتدريب وغيرها من المشروعات التنموية، لكنها تقوم في الأساس بجمع معلومات تسهم في اتخاذ المخابرات التركية للقرارات التي يريدها النظام التركي.



وأضاف «حتيتة» أنه منذ سنوات تنشط الوكالة التركية في ليبيا بشكل كبير في مجالات التعليم والإعلام وغيرها، خاصةً في مدن الغرب، ومن قبلها كانت تنشط في مدن الجنوب أي قبل دخول الجيش إلى الجنوب مطلع هذا العام.