بوابة الحركات الاسلامية : هل تتحول ليبيا إلى ساحة صراع إقليمي بين تركيا والدول العربية؟ (طباعة)
هل تتحول ليبيا إلى ساحة صراع إقليمي بين تركيا والدول العربية؟
آخر تحديث: الإثنين 09/12/2019 11:28 ص حسام الحداد
هل تتحول ليبيا إلى
مازال اتفاق ترسيم الحدود بين ليبيا وتركيا ، الذي وقع في 27 نوفمبر الماضي 2019، يثير الكثير من الجدل وردود الفعل على المستوى الإقليمي، في ليبيا ، والأطراف الإقليمية والمملكة المتحدة، هذا الاتفاق الذي تراه تركيا يعيد التوازن للمنطقة. 
ولا شك ان هناك العديد من وسائل الإعلام في مصر والإمارات، قد يكون لها تأثير كبير على ذلك. فالاتفاق يسمح بالتواجد التركي في المنطقة، وكذلك يسمح لها بدخول المياه الإقليمية والأراضي الليبية، مما يزيد من أعمال البلطجة التي تمارسها تركيا وتصير هذه البلطجة أمراً واقعياً يتحدى العالم ".
وحول هذا الاتفاق قال عبد الحميد صافي، المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي، إن رئيس مجلس النواب الليبي  بعث برسالة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن الاتفاق التركي مع السراج، يؤكد خلالها بأن السراج لا صفة له لإبرام الاتفاقيات، وليس منتخبا ليمثل الشعب الليبي، إضافة إلى حكومة السراج فتحت مواني مصراته وطرابلس على مصراعيها للأتراك، ودخول الأسلحة ليل نهار.
وأضاف "صافي"، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب، ببرنامج الحكاية، المذاع عبر فضائية mbc مصر، نريد ليبيا لليبيين فقط، مثلما فعلت مصر وشعبها بقيادة الرئيس السيسي، وأصبحت مصر للمصريين فقط، وأطالب الخارجية المصرية بطرد السفير الليبي الذي يمثل حكومة السراج، فهو لا يمثل الشعب الليبي، مؤكداً أن الممثل السياسي للشعب الليبي هو مجلس النواب الليبي، والممثل الأمني هو قيادة الجيش الليبي.
فيما قال وزير خارجية مصر سامح شكري، الجمعة الماضية 6 ديسمبر 2019، إن الاتفاق الموقع بين رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج والرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعقّد الوضع في ليبيا.
وأضاف شكري خلال كلمته بحوار روما أنه على حكومة السراج الالتزام باتفاق الصخيرات أو أن تفقد شرعيتها، مشيرا إلى أن التهديد الإرهابي في ليبيا يتوسع ويهدد دول الساحل وليس فقط ليبيا نفسها.
وبخصوص الأزمة القطرية علق شكري قائلا "لم أر أي تغيير في سلوك قطر".
وكانت لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان التركي صدقت، الخميس 5 ديسمبر 2019، على اتفاقية مثيرة للجدل تتعلق بالحدود البحرية في البحر المتوسط والتي تم التوصل إليها بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية.
ووافقت اللجنة على الاتفاقية التي ستتيح لتركيا الوصول إلى منطقة اقتصادية عبر البحر المتوسط، ووقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأسبوع الماضي، على الاتفاقية مع رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز سراج، والتي تتخذ من طرابلس مقرا لها. كما وقع الاثنان اتفاقا للتعاون الأمني.
وأثارت الاتفاقية غضبًا في البرلمان الليبي. وأدان البرلمان الاتفاقيات باعتبارها "انتهاكا صارخا" لأمن وسيادة ليبيا، قائلا إنها ستمنح الحكومة التركية الحق في استخدام المجال الجوي الليبي والمياه الليبية، فضلا عن بناء قواعد عسكرية على تربة ليبية.
وانتقدت اليونان وقبرص ومصر أيضا اتفاق ترسيم الحدود، بوصفه انتهاكا خطيرا للقانون الدولي.
وقد تناول هذا الموضوع العديد من الكتاب والمهتمين بالشأن الليبي ومن بينهم الكاتب فهد ديباجي الذي نشر مقالا على بوابة العين الإخبارية بخصوص هذا الموضوع جاء فيه " الاتفاقية أو مذكرة التفاهم ربما تُعجل بالحرب في منطقة شرق المتوسط، وهي غير شرعية وغير قانونية وتخالف القوانين الدولية، فقد وصفها مجلس النواب الليبي بأنها "خيانة كبرى"، لأنها تسمح للجانب التركي باستخدام الأجواء الليبية ودخول المياه الإقليمية دون إذن، ما يمثل تهديدا حقيقيا وانتهاكا صارخا للأمن والسيادة الليبية، ولأنها تهدف إلى تزويد المليشيات الإرهابية بالسلاح، وتمثل تهديدا تركياً للأمن العربي وللأمن والسلم في البحر المتوسط، ما استدعى بعض الدول مثل مصر وقبرص واليونان إلى رفضها وإدانتها مؤكدة في الوقت نفسه أنه لا يمكن الاعتراف بها وتُعد معدومة الأثر القانوني. "
 لا شك أنه تحالف شيطاني بين الفاشية العثمانية و"الإخوان" الإرهابية في ليبيا، سيؤكد على الدور التركي "القذر" في ليبيا ويخرق السيادة الليبية، لا سيما أن كثيرا من التقارير الأممية والوثائق المسربة، أكدت خرق تركيا لحظر التسليح الدولي المفروض على ليبيا منذ عام 2011
ليس بجديد أن تمد تركيا بقيادة أردوغان المليشيات الإرهابية والإخوان والسلفية الجهادية في ليبيا بالسلاح، واستغلال الانقسام الليبي، لكن التغيير الذي طرأ الآن هو تحول الموضوع من الدعم السري وبدأ الدعم علنيا مع مضي الجيش الوطني الليبي قدما في عملياته بالعاصمة طرابلس، وتحدث أردوغان حينها عن ذلك علنا، والذي لم يكتفِ بسرقة ناتج النفط الليبي عن طريق المليشيات، بل يريد التنقيب أيضا ويتم نقله إلى تركيا مباشرة. 
 لا شك أنه تحالف شيطاني بين الفاشية العثمانية و"الإخوان" الإرهابية في ليبيا، سيشرعن الدور التركي "القذر" في ليبيا ويخرق السيادة الليبية، لا سيما أن كثيرا من التقارير الأممية والوثائق المسربة، أكدت خرق تركيا لحظر التسليح الدولي المفروض على ليبيا منذ عام 2011، إضافة إلى وجود تحويلات مالية من عدة جهات محلية لرئاسة صناعات الدفاع التركية التي يرأس إدارتها الرئيس التركي، كما أنه يتعلق الأمر بالسياسة الإقليمية التي تنتهجها تركيا في إطار تدخلاتها المستمرة في الوطن العربية وتوسيع النفوذ وأجندتها التوسعية وأنها دولة مارقة تعتمد على سياسة رعاية المليشيات مثل إيران.
إن اتفاق أردوغان والسراج لا يستهدف مصر فحسب، فهو رسالة إلى أوروبا التي يحمل أردوغان لها ضغائن تاريخية كثيرة، تتضح من خلال تصريحاته، وحقده على الأوروبيين بعد إدراكه أنه لا مكان له في الاتحاد.
ويسعى أردوغان جاهدة للاقتراب من البحر الأبيض المتوسط لإعاقة خطط التعاون المصري الأوروبي على صعيد اكتشافات الغاز في مياه المتوسط، بينما تتحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة في حوض البحر المتوسط من خلال الاكتشافات العديدة، والتي لن يكون آخرها حقل "ظهر العملاق".
فالخرائط الجيولوجية و"المسح السيزيمي" لمصر برمتها من الدلتا إلى البحر الأحمر وصولا للمتوسط يبين أن مصر تسبح فوق أحواض غاز وبحيرات نفط غير مسبوقة، الأمر الذي تنبهت له دراسات وتقارير استخباراتية أميركية، خلصت إلى أن مصر بحلول العام 2022 ستصبح مركزا متقدما في استخراج الطاقة على الصعيد العالمي، ولهذا تحدّث البنية التحتية لمشروعات تسييل الغاز وتكرير البترول، وتتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، وتزيد إنتاج محطات الكهرباء من أجل الوفاء باحتياجات السوق المحلي بداية، وتاليا فتح قنوات التصدير لأوروبا.
ويخيل لأردوغان أنه قادر على ضرب الخرائط الدولية التي تنظم عمليات التنقيب عن الغاز عرض الحائط، وأن الاتفاقية مع السراج في شقها الاقتصادي كفيلة بأن تجد له موقع قدم في المنطقة، ولو في غير مياهه الإقليمية، ويفوته أن البحث عن الغاز والنفط يتطلب بداية التوقيع على الاتفاقية الدولية للبحار، وفهم أن الترسيم بين الدول المتشاطئة مسألة لها شرعتها الأممية، أما الحديث عن التنقيب في مياه يفصله عنها قبرص والجزر اليونانية، فهذا خارج كافة الإطارات الدولية ويعد بمثابة إعلان حرب.
ويقتضي حديث الحرب الإشارة إلى أن أحلام أردوغان سوف تقضي عليه وعلى حلفائه في الداخل الليبي، أما في الخارج فقد بدأت تتبلور في الساعات الأخيرة رؤية فرنسية إيطالية مصرية تجاه " البلطجة " التركية في مياه المتوسط ، كما أن قبرص العضو في حلف "الناتو" طلب رسميا حماية من الحلف تجاه سعي أردوغان امتهان المياه الإقليمية القبرصية.
أما في الداخل الليبي، فقد جاء الاتفاق مع السراج ليفتح للمشير حفتر والجيش الوطني الليبي، بابا تاريخيا للانتصار على السراج والميليشيات الإخوانية والداعشية والقاعدية المتحالفة معه، فقد أغضبت المذكرة شيوخ قبائل مصراتة، باعتبارها تنتهك سيادة واستقلال ليبيا.
يبدو أن سحب الشرعية من حكومة السراج أصبحت ضرورة قصوى عربيا وشعبيا، سواء عبر تحرك دبلوماسي في الجامعة العربية أو داخليا عبر تحرك شعبي عارم بعد تصاعد الغضب، لأنه باع وطنه وسلمه على طبق من ذهب للأتراك، وإما ألا يتمادى في توقيع اتفاقيات أخرى تضر بليبيا وحتى لا يجعلها ساحة صراعات ومصالح دولية لإبادة الليبيين كما حدث ويحدث في سوريا، أو أن يعمل على إلغاء مذكرة التفاهم وإلغاء كل التعاون مع النظام التركي، لا سيما أنه اتضح جليا أنه مجرد دمية في يد الإخوان المسلمين والمليشيات، وأنه يريد إنقاذها وتمكينها وشرعنة العدوان التركي بعد تضييق الخناق عليهم من قِبل الجيش الليبي، لهذا لا تستغربوا فجميع الخونة عبر التاريخ كانوا يعتقدون أنهم يحسنون الصنع، لكنهم كانوا يبيعون أوطانهم للعدو والمستعمر من أجل البقاء في السلطة على حساب هذه الأوطان.