بوابة الحركات الاسلامية : أذرع «أردوغان» الخارجية للتجسس على الدول والمجتمعات «4/3» (طباعة)
أذرع «أردوغان» الخارجية للتجسس على الدول والمجتمعات «4/3»
آخر تحديث: الخميس 23/01/2020 10:53 م محمود البتاكوشي
أذرع «أردوغان» الخارجية
استعرضنا في الأجزاء السابقة، من ملف «أذرع أردوغان الخارجية للتجسس على الدول والمجتمعات» كيف نجح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في تحويل السفارات والقنصليات التركية، إلى أوكار لجواسيسه، وأدوات لجمع المعلومات.
كما تمكن النظام التركي، من اختراق الدول والمجتمعات، عبر المنظمات الخيرية، وعلى رأسها وكالة تيكا، في السطور التالية، نكتشف إجبار «أردوغان» لأئمة المساجد على التجسس، وجمع المعلومات، لصالح جهاز الاستخبارات التركية.
بسبب القمع وتراكم الديون.. الأتراك ينتحرون للتخلص من جحيم أردوغان

الرئيس التركي حوَّل أئمة المساجد لجواسيس 
لم تسلم المساجد والأئمة، من مخططات الرئيس التركي الخبيثة، فقد استغل الأئمة في التجسس على المعارضين، وعلى المجتمعات التي يعيشون فيها؛ لصالح الاستخبارات التركية.
أحكم الرئيس التركي قبضته على رئاسة الشؤون الدينية «ديانت»، بمسرحية الانقلاب الفاشل، يوليو 2016، لدرجة رفع لافتة على أبواب المساجد تقول: «أنصار جولن غير مرحب بهم».
«ديانت»، التي تأسست عام 1924، بعد إلغاء الخلافة العثمانية، لم تلعب حتى الثمانينيات، من القرن العشرين، أي دور خارج تركيا، اقتصر نشاطها على بناء المساجد وصيانتها، وتوظيف الأئمة،  وكتابة الخطب، التي تقرأ كل أسبوع، في مساجد البلاد، إلى جانب تقديم التعليم الديني للجمهور، وشرح الفتاوى الإسلامية.
وفي أعقاب الانقلاب العسكري، عام 1980، وما نتج عنه من شتات، بدأت المنظمات الإسلامية واليسارية، في توسيع نفوذها، في أوساط الجاليات التركية المهاجرة غرب أوروبا؛ ليظهر دور «ديانت» كمروج لنسخة إسلامية، على هوى السلطة العسكرية الحاكمة.
منذ عام 2010، وسع حزب العدالة والتنمية الحاكم، مهام ديانت الدولية؛ لتصبح معبرة عن أجندته السياسية والأيديولوجية، بعد أن كانت تتمتع بشبه حكم ذاتي، وأصبحت المنظمة تمارس نشاطها حاليًّا، في الكثير من دول العالم، من أمريكا اللاتينية، إلى أوروبا وإفريقيا وآسيا، تحت ستار تقديم الخدمات الدينية للمجتمعات الإسلامية، التي تتمثل في  تنظيم رحلات الحج، وتوعية الدعاة الجدد، ونشر الكتب الإسلامية، وترجمة القرآن الكريم إلى اللغات المختلفة، وتقديم منح دراسية للطلاب، من «إفريقيا والبلقان وآسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية»؛ لدراسة الشريعة الإسلامية في تركيا.
وبحسب «أحمد يايلا»، الرئيس السابق لإدارة مكافحة الإرهاب في الشرطة التركية، استغل «أردوغان» المساجد في الخارج؛ للتجسس على معارضيه، ومن يعتبرهم أعداء له، بأموال الشعب التركي.
وهناك ضباط استخبارات أتراك، أجبروا هؤلاء العاملين في المساجد، على التجسس، حتى لو لم يريدوا ذلك، ليس فقط لأنهم يخاطرون بعملهم ووظيفتهم إذا رفضوا، ولكن لأن أسرهم ستعاني، إذا قرروا العودة إلى الوطن، وهناك كثير من الأمثلة على ذلك، مدللًا على ذلك، بكثير من عمليات التحقيق، ضد هؤلاء الأئمة الأتراك، والذين اضطر بعضهم للهرب من هذا الوضع.
مركز ديانت، أصدر تعليمات لكل الموظفين حول العالم، بجمع المعلومات، والتجسس على المهاجرين الأتراك في الخارج، وبالأخص في أوروبا.
ووفق معهد جاتستون لدراسة السياسات الدولية، فإن تركيا توظف «ديانت»، كما لو كانت وكالة استخبارات مسؤولة، عن جمع المعلومات في الخارج، عبر الأئمة الموظفين في 38 دولة، خاصةً ضد أتباع حركة الخدمة.
وبحسب تقرير جاتستون، المنشور في أكتوبر 2019، فإن ألمانيا أول من تنبه لتلك الأنشطة؛ إذ أجرت تحقيقات مع عدد من مسؤولي المؤسسة لديها، في معلومات، حول ممارسة أنشطة تجسس تخريبية، كما أن النائب في البرلمان الأسترالي «بيتر بيلز»، أعلن العام الماضي 2019، حصوله على وثيقة، تثبت وجود شبكة دولية لمخبرين، يعملون لحساب تركيا، في عدة دول، منها أستراليا؛ لجمع معلومات عن المعارضين للحزب الحاكم في تركيا، مقابل رواتب سخية.
أمام هذه الانتهاكات والجرائم، فتحت عدة دول أوروبية، تحقيقات في شبكة تجسس الأئمة الأتراك، ومن تلك الدول «ألمانيا والمجر، النمسا، هولاندا، سويسرا، بلجيكا والسويد»، ورصدت التحقيقات، قيام الأئمة بالتجسس على المواطنين الأتراك، المقيمين في دول أوروبية، وجمع البيانات، عن المعادين لنظام أردوغان، وخاصةً الموالين للمعارض فتح الله جولن.
ففي عام 2017، كشف السياسي النمساوي البارز «بيتر بيلز»، فضائح التجسس لنظام أردوغان، قائلًا :«لقد فوجئنا، عندما رأينا، أن تركيا أردوغان، قد بنت شبكة تجسس قوية من اليابان إلى هولندا، ومن كينيا إلى المملكة المتحدة، داخل كل دولة، توجد شبكة تجسس ضخمة، تتكون من مؤسسات وأندية ومساجد، يتم استغلالها من قبل السفارة، والملحق الديني، وضابط المخابرات المحلي؛ من أجل التجسس على منتقدي أردوغان، على مدار الساعة».
بعد ذلك، بدأت تتحدث السلطات، في العديد من الدول الأوروبية علنًا أو سرًّا، عن خطط مماثلة، وقد اكتشفت مؤامرات؛ لاختطاف معارضي النظام على أراضيها.
من بين المنظمات التي تستخدم لأغراض خبيثة، حركة مللي جوروش، أو «الرؤية الوطنية»، والتي أُنشِئت أواخر ستينيات القرن الماضي، من قبل نجم الدين أربكان، معلِم أردوغان، وهي منظمة إسلامية، تعمل في الغرب، وتتبنى العديد من مواقف وأهداف وتكتيكات جماعة الإخوان؛  لغسل عقول الجماهير، وحققت هذه السياسات نتائج إيجابية؛ إذ حققت أهداف أردوغان، منها، إقناع قطاع كبير من الأتراك في أوروبا، بالتصويت لصالح الحزب الحاكم.
ففي انتخابات الرئاسة الأخيرة، في يونيو 2018، حصل أردوغان على أكثر من 60%، من أصوات الناخبين، في جميع أنحاء أوروبا، ونجحت هذه الإستراتيجية، إلى حد كبير، ورجحت كفة الحزب، في النتيجة النهائية للانتخابات.
وتعمل الحركة، منذ فترة طويلة في أوروبا؛ حيث تضم ما يقدر بنحو 300 ألف عضو ومتعاطف معها، وتتحكم في مئات المساجد، معظمها داخل ألمانيا، وتعبر السلطات في شتى أنحاء أوروبا، عن قلقها باستمرار حيال تلك المنظمة، وتحديدًا ألمانيا.