بوابة الحركات الاسلامية : لماذا تتغلغل تركيا في دول المغرب الغربي؟ (طباعة)
لماذا تتغلغل تركيا في دول المغرب الغربي؟
آخر تحديث: السبت 08/02/2020 01:09 م علي رجب
لماذا تتغلغل  تركيا
 يشكل عودة النفوذ التركي إلى دول المغرب العربي، حلما لحكومة رجب طيب أردوغان، منذ وصول حزب العدالة والتنمية الإخواني إبى الحكم في تركيا في 2001،  بشعارات متعددة أبرزها  الخلافة العثمانية، وبدعم من تنظيم الإخوان في الدول العربية، وتشكل الجزائر الهدف الأبرز لتركيا، لذلك كان احد حضور أردوغان عسكريا في ليبيا ليضع عينه على الدولة الجزائرية ويسيطر على ثروات دول المغربي العربي خاصة ليبيا والجزائر، وايضا ورقة في يد أنقرة ضد الاتحاد الأوروبي.
وتستغل تركيا مرحلة الصراع والانقسام التي تشهدها ليبيا حالياً كأكثر فرصة مناسبة لبدء تنفيذ مخطط قديم تم احيائه عقب ثورات الربيع العربي والمتمثل في توسيع النفوذ التركي في العالم العربي من خلال بوابة المغرب العربي. ويقتضي نجاح المخطط التركي الهادف لزعامة إسطنبول للعالم العربي والإسلامي على المدى المتوسط، بدء تطبيق وصاية ناعمة على بعض البلدان باستغلال حالة التفكك وزيادة ترهل العمل العربي المشترك.
وحسب إدارة رصد المخاطر في مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية (MenaCC) فانه على الرغم من استعراض القوة، ليس من المرجح أن تتصادم تركيا عسكرياً مع قوى إقليمية ودولية بسبب صراع النفوذ على ليبيا. اذ أن دخول تركيا على خط الأزمة الليبية تبرره مصلحة اقتصادية في الدرجة الأولى. حيث تريد أنقرة كسب تعاطف ولاء صناع القرار في طرابلس من أجل تحفيز التجارة والمصالح وتعويض خسارة بنحو نصف مليار دولار جراء تراجع صادرات تركيا الى ليبيا. اذ تعتبر ليبيا الوحيدة عربياً الذي تراجع فيها نشاط التجارة التركي بعد ثورات الربيع العربي.
 
لماذا تسعى تركيا للسيطرة على المغرب العربي
هناك العديد من الأهداف المعلنة والأخرى الخفيفة في محاولات غلغل تركيا إلى دول المغرب العربي، في مقدمتها الاقتصاد والسيطرة على السوق المغاربي، التي يبلغ عدد سكانه نحو 110 مليون نسمة تقريبا (الجزائر 42.3 مليون نسمة، والمغرب 42.1 مليون نسمة، وتونس 12 مليون نسمة، وليبيا 7 ملايين وموريتانيا 4 ملايين حسب إحصائيات 2018.
وقد قفزت قيمة صادرات تركيا الى دول المغرب العربي بعد ثورات الربيع العربي إلى نحو 6.570 مليارات دولار في 2018 مقارنة بنحو 4.857 مليارات دولار في 2010 أي بنحو زيادة قدرت بنحو أكثر من 1.713 مليار دولارخلال 8 سنوات فقط، بفضل التقارب مع الأنظمة الجديدة وخاصة التي تشارك أحزاب إسلامية في حكمها. وفي حين حققت تركيا هذه الأرباح لم تحقق الدول المغاربية شيئا يذكر من التقارب مع إسطنبول، اذ تميل موازينها التجارية الى السلبي مع أنقرة.
وفي المقابل تراجعت قيمة الورادات التركية من هذه الدول التي تسجل عجزا تجاريا ضخما مع تركيا حيث لا تتعدى قيمة صادراتها الى الأسواق التركية نحو 2.4 مليار دولار ما يعادل نحو ثلث قيمة وارداتها من تركيا التي نمت بسرعة كبيرة في فترة ما بعد ثورة الربيع العربي.
وبإصرار تركيا على زيادة توسيع نفوذها من خلال دخول بوابة ليبيا عبر طرابلس ودعم شرعية الإسلاميين في حكومة الوفاق التي يترأسها فايز السراج، يضع أردوغان نصب اعينه زيادة موطئ قدم في هذه المنطقة وتحقيق اقصى المصالح الممكنة لفائدة بلاده بغض النظر عن مسار تنمية هذه الدول المصطدم بالتحالفات المضادة والخلافات التي يبدو أن تركيا تستفيد من تغذيتها لتكون الشريك التجاري والاقتصادي والعسكري التفاضلي لهذه الدول.
 
 
تهديد أوروبا
تشكيل دول المغرب العربي الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط، وهي الدول الأقرب إلى أوروبا، وسيطرة تركيا على القرار في دول المغرب العربي عبر جماعات الإسلام السياسي وفي مقدمتهم تنظيم الإخوان بفروع في هذه ليبيا  وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، يستطيع أردوغان تهديد أوروبا وابتزازها عبر الهجرات الغير شرعية والجماعات الارهابية، فيجبر دول اوروبا على دفع الأموال له، أي انه يضع «إصبع أوروبا تحت ضرس أردوغان».
 
القرار السياسي العربي
من الأهداف الخفية لتركيا في التغلغل داخل دول المغرب العربي هو مصادرة القرار السياسي، واتخاذ حكومات هذه الدول مواقف تتماشي مع المصالح التركية في المنطقة.
وهو ما بدى واضحا من الاتفاقية الحدودية بين حكومة فايز السراج، وأردوغان، وكذلك موقف الإخوان في تونس(حركة النهضة) والجزائر( حركة مجتمع السلم) والمغرب(حزب العدالة والتنمية) وموريتانيا( حزب تواصل).
ومن خلال التحالفات مع الأحزاب والقوى الإسلامية الحاكمة أو المشاركة في الحكم في دول عربية مختلفة تسعى أنقرة الى توسيع نفوذها وزعامة العالم الإسلامي والتأثير في القرار العربي، على أن تكون إسطنبول بمثابة الخلافة في ثوبها الجديد الذي ترجع إليه حكومات حليفة للتنسيق والمشورة.
وتنشد ادارة أردوغان وحزب العدالة والتنمية لتأسيس حلف يجمع الدول التي تدين لإسطنبول بالولاء، وتلك التي عرفت الأحزاب الإسلامية فيها طريق الحكم والسلطة. وبالتالي فإنه تحالف أيديولوجي غايته مصلحة تركية في المقدمة ومتمثلة في زيادة فتح هذه الدول فرصاً استثمارية للأتراك وأسواق جديدة للبضائع التركية.
وقد رصد مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية ظهور مخطط توسيع نفوذ تركيا للعلن ليس من خلال البوابة الليبية فحسب ولكن كان سبق لحكومة أردوغان توسيع نفوذها في تونس والمغرب وقطر من خلال عرض الدعم الاقتصادي واللوجستي وصولا الى الدعم العسكري ومناصرة هذه الدول التي تبحث كثير منها عن تحالفات جادة في ظل تفجر ظاهرة التحالفات المضادة في العالم العربي.
وأعلن ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن ليبيا باتت تحت مسؤولية تركيا، بموجب مذكرة التفاهم التي وقعها أردوغان و رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، وهذا التصريح يبرر مفهوم الوصاية الناعمة أي التدخل المرغوب في شأن الدول والتي تسعى إلى تكريسه تركيا مع حلفائها الجدد.
 
غزو القارة الافريقية:
من أهداف أردوغان للسيطرة والتغلغل في دول المغرب العالمي، هو السيطرة وسرقة ثروات القارة الأفريقية، الغنية بالموارد والمواد الخام، والمعادن المختلفة.
وخلال السنوات القليلة الماضية تغير الوضع كثيرا عندما بدأت الدول الانتباه إلى ضرورة  ثروت أفريقيا، والسوق الكبير يزيد عدد سكانه على 1.2 مليار نسمة بناتج محلى إجمالي يبلغ حوالي 2.5 تريليون دولار .
وبلغ حجم التبادل بين أنقرة والعواصم الإفريقية، نهاية العام الماضي، أكثر من 20 مليار دولار، بعد أن كان في مستوى 3 مليارات في عام 2003.
 
وهناك توقعات بأن تتجاوز الاستثمارات التركية في البلدان الإفريقية الـ6 مليارات دولار في الوقت الحالي.
ووقعت تركيا، حتى الآن، اتفاقيات تعاون تجاري واقتصادي مع 46 بلداً إفريقياً، إضافة إلى اتفاقية تحفيز وحماية الاستثمارات بشكل متبادل مع 28 دولة، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي مع 12 دولة في القارة السمراء.
وتواصل الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) تجديد المساجد وتجهيز المستشفيات وتوفير التدريب المهني لمئات الشباب في جميع أنحاء القارة الإفريقية.
كما يرسل المعهد طلبة من جنوب إفريقيا للمدرسة الصيفية لتعلم التركية في بلدها، وبلغ عدد الطلاب الأفارقة الحاصلين على منح دراسية تركية، 10 آلاف و474 طالب، منذ عام 1992 وحتى الآن.
وحذر مراقبون من تغلغل التركي في دول المغربي العربي، واتخاذها قاعدة تركية للانطلاق ضد المصالح المصرية والعربية في أفريقيا، وكذلك دعم جماعات الإسلام السياسي والتنظيمات المتطرفة والارهابية لتحقيق مصالح تركيا كما حدث في ليبيا وسوريا.
وأكد المراقبون ان الحضور التركي في المغرب العربي أيضا يستهدف تهديد أوروبا، وابتزازها  عبر المهاجرين واللاجئين والإرهاب.
ولفت المراقبون أن على الدولة المصرية بالتعاون مع العواصم العربية التحذير من خافيا الدور التركي وتأثيره على بنية الدول العربية واستقرارها، مع دعم تركيا الواضح للجماعات الإرهابية وتبنيها تأسيس ميليشيات تقويض الدولة الوطنية في دول المغرب العربي والوطن العربي الكبير.