بوابة الحركات الاسلامية : اقتصاد «دولة الملالي» في قبضة الحرس الثوري الإيراني (طباعة)
اقتصاد «دولة الملالي» في قبضة الحرس الثوري الإيراني
آخر تحديث: الخميس 13/02/2020 07:53 م منة عبد الرازق
اقتصاد «دولة الملالي»
قبل ثلاثة أشهر من رحيل عام 2019، أعلن برنامج «المكافآت من أجل العدالة» التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، مكافأة مالية مقدارها 15 مليون دولار، مقابل الإدلاء بأيّ معلومات عن الآليات المالية والاقتصادية للحرس الثورى.
وشملت المكافأة تقديم أي معلومات عن مصادر تمويل الحرس الثوري وذراعه الخارجية «فيلق القدس»، والكيانات التي تساعده، والأموال غير المشروعة أو المؤسسات المالية، ومكاتب الصرافة التي تسهل معاملاته، والاستثمارات التي يملكها، والشركات المتخصصة في مجال المشتريات الدولية للتكنولوجيا نيابة عنه، وعمليات نقل التمويل وكيفيته لوكلائه خارج إيران.

من يدعم الحرس الثوري؟
يقول المحلل العسكري الأمريكي «مارك سيلينسكي» في ورقة بحثية بعنوان «الحرس الثوري.. سياسته الخارجية والكتلة الأجنبية في 2019» نُشرت في موقع «جامعة قوات مشاة البحرية الأمريكية»، إنه منذ بداية 2018 وتسيطر إيران أو تؤثر على أربعة بلدان في الشرق الأوسط، وهي لبنان والعراق واليمن وسوريا، وتسعى إيران لتنشئة جيل جديد يدعم أهدافها وأيديولوجيتها، حيث لاحظ سفير الولايات المتحدة السابق لدى الأمم المتحدة «نيكي هيلي» في عام 2018 أن الحرس الثوري الإيراني أنتج العديد من الأفلام والبرامج التلفزيونية لتجنيد الأطفال، على أن يصبحوا «حماة الأماكن المقدسة» في سوريا، وبالمثل تجندهم «داعش» ليصبحوا «أشبال الخلافة» ويتدربوا على استخدام الأسلحة في مرحلة مبكرة من المراهقة.
ويشير التقرير إلى دعم وإنشاء إيران جيش التحرير الشعبي لتجنيد أبناء الطائفة الشيعية في الشرق الأوسط وآسيا، ومعظمهم من الأفغان الشيعة والعراقيين الذين لجأوا إلى إيران، بينما جاء آخرون من الهند وباكستان، ووصل عددهم في 2017 إلى 80 ألف مقاتل يعملون بجانب الإيرانيين في سوريا.

المثلث القاتل
وأشار المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية "براين إتش هوك"، إلى «المثلث القاتل» لإيران في الشرق الأوسط  لدعم الوكلاء ونقل الأسلحة غير القانونية والتخطيط للإرهاب، إذ قدمت 5 مليارات دولار لحلفائها في سوريا، و16 مليار دولار لحلفائها في الشرق الأوسط، بالإضافة لحزب الله في لبنان، وقوات الحشد الشعبي في العراق.
وتمول إيران بالعراق فيلق بدر، وعصائب أهل الحق، التي تضم ما بين عشرة لعشرين ألف مقاتل، حيث تم تدريب الكثير من قياداتهم العليا من قبل الإيرانيين.
وفي لبنان أقامت إيران معسكرات تدريب في وادي البقاع، وهي منطقة زراعية حيوية في شرق البلاد، وأصبح التدريب في معسكرات الحرس الثوري شرطًا أساسيًّا للانضمام إلى حزب الله اللبنانى، كما دعم الحرس، الحوثيين في اليمن، فقد اعترضت قوات الأمن اليمنية في سبتمبر 2014، شحنة أسلحة مقدمة من الحرس الثوري الإيراني إلى الحوثيين شملت قنابل وصواريخ أرض جو ومتفجرات .

ميزانية الحرس الثوري
زادت ميزانية الحرس الثوري الإيراني بنسبة 24% خلال السنة المالية 2017-2018، من 4.5 مليار دولار إلى 7.4 مليار، إذ مثلت مخصصاته 53% من ميزانية الدفاع، وفقًا لتقرير لمشروع مكافحة التطرف بلندن.
كما يتحكم الحرس فيما بين 20  و40% من اقتصاد البلاد، ويصل دخله السنوي إلى سدس الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا لتقرير نشره مؤسسة «أف أف دي» في عام 2016 حول اقتصادات الحرس الثوري.
وقبل عام 1990 كان النشاط الاقتصادي للحرس الثوري محدودًا، ولكن من خلال شركة «خاتم الأنبياء للإعمار» انطلقت اقتصاداته ومشاركته في العديد من المشروعات الهندسية والصناعية، وتعتبر الشركة الآن من كبرى الشركات التابعة للحرس الثوري، ويعمل بها نحو135 موظفًا، و5 آلاف شركة، و800 شركة تابعة تعمل في برامجها النووية والدفاعية والطاقة والبناء والهندسة، وتقدر قيمة عقودها الحالية بنحو 50 مليار دولار أي حوالي 12% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

 299 شركة مملوكة للحرس الثوري
ونشط الحرس الثوري بشكل رئيسي في الصناعات الكبيرة في سوق الأوراق المالية، مثل التعدين والبتروكيماويات، والاتصالات السلكية واللاسلكية، وصناعة السيارات ويهيمن على سوق البورصة من خلال وجود أسهم له في 12 شركة مساهمة عامة، وملكية 13 شركة مساهة أخرى وهذه الشركات تسيطر على 18.9% من بورصة طهران. 
وتشارك شركاته في مشاريع بناء الطرق، والبناء في الخارج، وخطوط أنابيب النفط والغاز، والمياه، وابرام عقود مع وزارة النفط، كما تشارك في مشاريع البنية التحتية والسكك الحديدية، أما بالنسبة لقطاع البنوك والمصارف، وقعت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على ستة بنوك لها علاقة بالحرس الثوري، منها بنكا أنصار ومهر وأنشأهما لتقديم خدمات لموظفيه وقواته العسكرية "الباسيج"، في حين أجرت البنوك الأربعة الأخرى معاملات نيابة عنه.
كما يسيطر الحرس الثورى الايرانى أيضًا على الموانئ التجارية المهمة في البلاد ويعتمد على كبرى شركات الشحن لنقل المعدات العسكرية إلى وكلائه في الخارج، ويسيطر على مطار "بايام" الدولي، ويمتلك شركة "تايد واتر" التي وقعت عليها عقوبات من قبل الولايات المتحدة لمساعدته في عملياته غير المشروعة.
ويسيطر أيضًا على الشركة الصناعية البحرية الإيرانية «سادرا» المتخصصة في بناء وإصلاح السفن ، والتي وقعت عليها واشنطن عقوبات في عام 2012، كما يهيمن على شركة اتصالات كبرى وهى شركة" تي سي إي"، واشترى أكثر من 50% من أسهمها في 2009.
هكذا يتوغل الحرس الثوري الإيراني في كل مفاصل الدولة الإيرانية، في قطاعات الغاز والبترول والكيماويات والطيران والشحن والبنوك والمصارف وسوق الأسواق المالية الاتصالات، وذلك من خلال شركات يمتكلها بشكل مباشر، أو وجود أعضاء منه في مجالس إدارات هذه الشركات، أو حتى مساعدة قطاعات أخرى له بشكل غير مشروع.