بوابة الحركات الاسلامية : أنقرة والحرب بورقة اللاجئين (طباعة)
أنقرة والحرب بورقة اللاجئين
آخر تحديث: الإثنين 02/03/2020 01:17 م حسام الحداد
أنقرة والحرب بورقة
عادت قضية اللجوء السوري إلى أوروبا إلى الواجهة بعد إعلان تركيا فتح حدودها أمام اللاجئين للهروب باتجاه اليونان. وأثارت مقاطع مصورة تظهر لاجئين يستقلون حافلات مجانية الجدل بين المغردين حول استخدام أردوغان "السوريين كسلاح في وجه أوروبا"، بين مؤيد لسياسته في الشرق الأوسط عامة وسوريا تحديداً ومعارض لها.
فكلما ضاقت الدنيا بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يشهر ورقة اللاجئين بوجه الدول الأوروبية، حتى بات هذا التهديد موالاً يغنّيه على مسامع الاتحاد، بعدما حصد الغالي والنفيس لِلَجْم تدفق النازحين إلى القارة البيضاء.
هكذا يعبّر ناشطون سوريون في مجال حقوق الإنسان حول ما يعتري السياسة التركية الجديدة، التي باتت مكشوفة، فيما يفقد أردوغان صوابه بعد مصرع 33 جندياً تركياً في معارك دارت في مدينة إدلب، شمال غربي سوريا، ويتنصل معها الأتراك من اتفاق أبرمته عام 2016 مع الاتحاد الأوروبي لمنع وصول اللاجئين.
ويزعم "أردوغان" أن بلاده أنفقت 40 مليار دولار حتى الآن على استضافة السوريين وتصف اتفاقا أبرمته مع الاتحاد الأوروبي لتزويدها بستة مليارات يورو لدعم تلك الجهود بأنه غير كاف وتنفيذه بطيء للغاية وهي رسالة سوف يكررها للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في الأمم المتحدة.
لكن ربما التهديدات الأخيرة التي أطلقها الرئيس التركى ما هي إلا ورقة تستخدم اللاجئين للضغط على الأوروبيين، حيث أردوغان يساوم أوروبا على 10 مليارات دولار بشأن اللاجئين، بحسب ما يرى عدد من الدبلوماسين.
ويرى الباحث والصحفى العبري بن درور يميني، في مقال له بعنوان "واقع جديد يتشكل في الشرق الأوسط" أن أردوغان يهدد من زمن بعيد بالسماح للاجئين السوريين الذين دخلوا بلاده بالانتقال إلى أوروبا، ورغم أنه يحصل في السنوات الماضية على المليارات كى يمنعهم، إلا أنه يتعلل بحاجته إلى المزيد، ويعلل أيضا حاجته بالسيطرة على منطقة الحكم الذاتي الكردى كى يسكن اللاجئين هناك، فهو يهدد إما أن يسمحوا له باحتلال الإقليم أو أنه سوف يفتح الباب أمام اللاجئين لدخول أوروبا، وهى إشارة من الصحفي العبري صاحب الأصول اليمنية إلى أردوغان يحاول توريط أوروبا بمساعدته في معركته مع الأكراد، واستكمال مسلسل الإبادة الذى يقوم به ويضفى عليه شيئا من الشرعية.
وبحسب ما جاء في نشرة "فلسطين اليوم" الصادرة عن مركز الزيتونة للدراسات، فإن تركيا تحصل على مكافأة كبيرة مقابل كبح تدفق اللاجئين إلى أوروبا، إضافة إلى ستة مليارات يورو تحصل عليها بشكل سنوي، لكن ازدياد قوة أردوغان التي حظى بها في أعقاب فشل عملية الانقلاب ضده في يوليو 2016، قد تجعله يتشدد إزاء مطالب أوروبا وتعريض اتفاق اللاجئين للخطر.
في هذه الأثناء، يواصل سوريون تقطعت بهم سبل العيش في تركيا إلى التوجه نحو الحدود اليونانية، ويلفت النظر ناشط حقوقي فضّل عدم الكشف عن هويته لـ "اندبندنت عربية"، إلى واقع أليم يعيشه المهاجرون السوريون.
ويروي الناشط وهو مقيم في تركيا، أن "أحلامهم بالوصول إلى أوروبا ذهبت أدراج الرياح بعد تسهيلات بفتح الحدود وتجمعات كبيرة في ولاية أدرنة وفي عدد من المناطق التركية تكتظ بمن ينتظر العبور، لكن الواقع صعب وسط تشديد الجانب اليوناني، مع وجود معلومات عن مفقودين".
من جانبه، يفتح الرئيس التركي أبواب حدود بلاده الشمالية الغربية باتجاه اليونان وبلغاريا كما لو أنه يفتح النار على القارة الباردة بأكملها، في تهديد واضح عن تصعيد وضغط تركيين غداة اجتماع حلف الشمال الأطلسي في 28 فبراير 2020.
وعلى الرغم من تهديد المسؤول في حزب العدالة الحاكم عمر جليك بفتح حدود بلاده نحو أوروبا، إلا أن بياناً لوزارة الخارجية التركية نفى تقارير تفيد بفتح الحدود أمام اللاجئين، معرباً عن عدم تغير سياسة البلاد اتجاه اللاجئين والهجرة مع استقبالها معظم اللاجئين في العالم.
فيما تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، مقاطع مصورة أشارت إلى أنها تعود لمهاجرين سوريين باتجاههم إلى مناطق حدودية بغية نقلهم بطرق غير شرعية إلى أوروبا.
في المقابل، أبدت الدول الأوروبية قلقها من هذا القرار المباغت، في حين ينتظره السوريون منذ زمن، وسارعت ألمانيا عبر المستشارة أنجيلا ميركل، إلى الاتصال مع الجانب التركي، معربة عن ضرورة عقد لقاء رباعي تحضره مع روسيا وفرنسا وتركيا.
من جهة ثانية، تتزايد أعداد المهاجرين ليس من السوريين فحسب بل من جنسيات عدة، منهم عراقيون وأفغان، على الرغم من أن السوريين يشكلون الأكثرية، إلا أن الجميع بدورهم ينتظرون ثغرة نجاة للدخول بطرق غير شرعية عبر بحر إيجة بوسائط نقل خطرة تسمى "البلم"، وهو زورق مطاطي، إلا أن كل ذلك لم يفلح بعد وفق المعلومات الواردة.
في غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، عن عدم تهاون بلاده مع أي دخول غير قانوني. وقال في تغريدة له، "لن يتم التساهل مع أي دخول غير شرعي إلى اليونان، نحن بصدد تعزيز أمننا"، في وقت نظمت الشرطة وقوى الأمن اليونانية وحرس الحدود دوريات لحفظها من توغل المهاجرين.
وعلى الجانب الآخر، اعترفت وكالة الأنباء التركية "أناضول"، بتدفق مئات اللاجئين السوريين إلى سواحل بجر إيجه بولاية جناق قلعة، شمال غربي تركيا، بهدف الوصول إلى الجزر اليونانية، وإلى نقاط أخرى على ساحل قضاء أيواجك، سعياً للوصول إلى جزيرة ميديلي اليونانية.
يأتي كل ذلك في وقت عقد مجلس الأمن جلسة طارئة لبحث الأوضاع في سوريا، وندد الأعضاء من دول الاتحاد الأوروبي بالهجوم الأخير الذي شنته القوات السورية في شمال غربي البلاد، وأدى إلى مصرع 33 جندياً تركياً.
من جانبه، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مؤتمر صحافي، عن ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة، ومن دونها فإن خطر حدوث تصعيد أكبر يتنامى كل ساعة ويدفع المدنيون الثمن الأعظم.
وقال غوتيريش رداً على سؤال في ما يتعلق بإرسال طواقم الأمم المتحدة إلى شمال غربي سوريا للاطلاع على الأوضاع، "يجري الإعداد لبعثة إنسانية من أجل هذا الغرض تحديداً".