بوابة الحركات الاسلامية : المشهد الأفغاني.. بين وضع أمني متدهور وانسداد في الأفق السياسي (طباعة)
المشهد الأفغاني.. بين وضع أمني متدهور وانسداد في الأفق السياسي
آخر تحديث: السبت 21/03/2020 12:59 ص فاطمة عبدالغني
المشهد الأفغاني..
دعا وزير الدفاع الأفغاني أسد الله خالد، الخميس 19 مارس حركة طالبان الى التزام وقف إطلاق النار كطريقة للتعامل مع انتشار كورونا المستجد في بلد بات نظامه الصحي متهاويا بعد أربعة عقود من الحرب، وقال أسد الله خالد في فيديو "نقترح إرساء وقف إطلاق نار لتجنب هذا الوباء، حتى نتمكن من وقفه ومعالجة الناس في جميع أنحاء البلاد".
في المقابل أوضح الوزير أن قوات الأمن الأفغانية التي علقت عملياتها ضد طالبان، من الممكن أن تتحرك استباقيا في حال علمها بالتحضير لهجوم ضدها.
وقال "نأمر جميع القوات بالانتقال من وضع دفاعي إلى وضع دفاعي نشط"، مضيفا "حالما يحاول العدو استهدافنا، سيكون لنا الحق في الدفاع عن أنفسنا".
لم تمضي ساعات قليلة على دعوة وزير الدفاع الأفغاني حتى شن مسلحون هجومًا على مقر مشترك للشرطة والجيش الأفغاني قرب قلات مركز ولاية زابل، أسفر عن مقتل نحو 24 عنصرًا من عناصر الأمن الأفغاني.
وقال المتحدث باسم حاكم ولاية زابل رحمة الله يرمال: "عند الساعة 03.00 صباحاً (10.30 ت غ) قتل 24 شرطياً وعنصر جيش أفغاني عندما فتح ستة أشخاص تسللوا مدّعين أنهم من الشرطة النار عليهم أثناء نومهم". وفر المهاجمون على متن عربتي هامفي عسكريتين.
واستهدف الهجوم الذي وقع قبل الفجر مقر مشترك للشرطة والجيش قرب قلات، عاصمة الولاية والتي لطالما اعتبرت معقلا لطالبان.
وقال رئيس مجلس ولاية زابل عطا جان حق إن "14 جندياً من الجيش الأفغاني وعشرة عناصر من الشرطة قتلوا" في الهجوم. وتابع "أن أربعة عناصر أفغان آخرين فقدوا، وأضاف عطا جان حق أن المهاجمين "على صلة بحركة طالبان".
في المقابل احتفلت حركة طالبان بعملياتها في زابل في بيان نشر على موقع صوت الجهاد على الإنترنت. وبحسب بيان الحركة "هاجم مجاهدو الحركة ليلة البارحة على مقر عسكري لجنود الجيش الأفغاني في قلات مركز ولاية زابل، أسفر الهجوم عن تحرير المقر بشكل كامل، ومقتل 22 جنديا على الفور، وضبط المجاهدون كمية كبيرة من الأسلحة والتجهيزات العسكرية ومعدات أخرى وكذلك إطلاق سراح سجينين".
وبحسب تقارير صحفية يأتي الهجوم الإرهابي بعد أقل من شهر على توقيع الولايات المتحدة وحركة طالبان اتفاقاً يمهّد الطريق أمام انسحاب كامل للقوات الأجنبية من أفغانستان خلال 14 شهراً. غير أن أعمال العنف استمرت في أنحاء البلاد ما يلقي شكوكاً على مصير عملية السلام. 
فرغم تعليق القوات الأفغانية عملياتها، إلا أن طالبان - التي وقعت مع الولايات المتحدة اتفاقًا في 29 فبراير ينص ضمن بنودة على انسحاب القوات الأجنبية من البلاد خلال 14 شهراً - لم توقف هجماتها، ونص الاتفاق كذلك وكجزء من تدابير بناء الثقة، على أن تفرج الحكومة الأفغانية عما يصل إلى 5000 من أنصار "طالبان" وما يصل إلى ألف شخص تحتجزهم الحركة مع بدء المفاوضات بين الأفغان.
وكانت الحكومة الأفغانية أجلت السبت 14 مارس 2020 الإفراج عن سجناء حركة طالبان، في خطوة ستؤخر حتما مفاوضات السلام في بلد يعاني حربا عنيفة منذ نحو عقدين بحسب المراقبون.
وقالت كابول السبت إن "الإفراج التدريجي عن خمسة آلاف سجين من طالبان على مدى خمسة أشهر، مقابل خفض كبير للعنف، تم تأجيله بعد أن كان مقررا أن يبدأ السبت".
وأفاد المتحدث باسم الأمن القومي الأفغاني جواد فيصل "تلقينا قوائم بالمساجين الذين سيطلق سراحهم. نحن بصدد التأكد من القوائم. سيتطلب ذلك وقتا".
وأضاف "لذلك أجّل تحرير السجناء حتى الآن"، مؤكدا "نحن نريد السلام"، لكن "نريد أيضا ضمانات ألاّ يعودوا إلى القتال".
ويمثل الإفراج عن خمسة آلاف سجين من طالبان مقابل ألف عنصر من القوات الأفغانية محتجزين لديها، نقطة محورية في الاتفاق الموقع بين واشنطن والمتمردين في الدوحة يوم 29 فبراير رغم أن الحكومة الأفغانية لم توقعه.
ورغم استمرار معارضته هذه النقطة وقّع الرئيس الأفغاني أشرف غني الأربعاء 11 مارس مرسوما ينصّ على حلّ وسط.
وفي إطار "بادرة حسن نية"، اقترح غني إطلاق سراح 1500 سجين من طالبان السبت بمعدل 100 سجين يوميا، بهدف البدء بمفاوضات مع المتمردين. وسيتم لاحقا إطلاق سراح السجناء المتبقين على مدى عدة أشهر "شرط تراجع العنف بشكل كبير".
ولكن المتمردون رفضوا هذا العرض وأكدوا عبر أحد المتحدثين باسمهم أنه "يجب تحرير جميع المساجين في وقت واحد".
وأضاف المتحدث أن "هذا (يجب أن) يتم قبل النقاشات الأفغانية الداخلية" التي سيتفاوض خلالها المتمردون وكابول، مع المعارضة والمجتمع المدني، حول مستقبل البلاد. وتابع أن أي تغيير يعتبر "انتهاكا" لاتفاق الدوحة.
ويشمل نص الاتفاق الذي أقره مجلس الأمن الدولي، وعدا من واشنطن التي تسعى لوضع حد لأطول حرب في تاريخها، بانسحاب القوات الأجنبية بشكل كلي من أفغانستان خلال 14 شهرا، شرط أن يفي المتمردون بالتزامات أمنية ويجروا حوارا أفغانيا أفغانيا.
وكان يفترض أن ينطلق هذا الحوار الثلاثاء، لكنه أجّل عمليا لعدم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين حول موضوع السجناء.
ومن جانبه دعا زلماي خليل زاد المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان يوم الأربعاء 18 مارس الطرفين لتسريع الجهود لإحراز تقدم بشأن إطلاق سراح آلاف من سجناء طالبان. وقال إن تفشي فيروس كورونا المستجد في العالم يزيد من ضرورة التحرك السريع.