روسيا بين الحل في ليبيا والكولونيالية التركية
فجرت التطورات الأخيرة في ليبيا تساؤلات حول تبدلات قد تكون أصابت الموقف الروسي من الأحداث في هذا البلد، رأى البعض أنها قد تكون نتيجة لصفقة تحت الطاولة بين الطرفين، تضع إدلب السورية مقابل ليبيا. بيد أن التطورات الأخيرة في الشمال السوري لا تنفي فقط هذا الفرضية، بل تشير بشكل مباشر إلى أن هامش التباين عاد ليتسع بين موسكو وأنقرة.
موقف حقيقي
يعتبر المحلل السياسي في شؤون الشرق الأوسط، سيرغي بيرسانوف، أن مسارعة موسكو لإعلان تأييدها لـ«إعلان القاهرة»، يعكس الموقف الحقيقي للقيادة الروسية بحتمية الحل السياسي.
ويضيف أن موسكو تدرك أن الحل العسكري، في كل الأحوال، لا يضمن بأي شكل من الأشكال، منع محاولات تقسيم ليبيا، بحكم الانقسام العمودي والأفقي فيها، وما يعززها من مطامع تركية، تمثلت بتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق، ولقيت معارضة إقليمية ودولية، وتسببت بزج ليبيا في صراعات خارجية تضر بمصالحها، فضلاً عن النوايا المعلنة لأنقرة بإقامة قواعد عسكرية في مصراتة والوطية.
كما أن روسيا - برأيه - لا تستطيع استنساخ التجربة السورية في جانبها العسكري، بحكم التباينات الكبيرة مع الخصوصية الليبية، ففي سوريا سلطة مركزية وحكومة وجيش موحد، في حين تعاني ليبيا من ازدواجية السلطة، فهناك حكومة معترف بها دولياً، ولكن لا تحظى بالشرعية، ولا تؤمن بالحل السياسي، مقابل البرلمان الذي يحظى بشرعية كونه منتخباً، ويحظى بدعم الجيش، ما يعطي الحل السياسي أولولية بالنسبة للكرملين.
ويشدد على أن تركيا، التي تعاني من مشاكل اقتصادية، لا «تخجل»، ليس فقط من استعمال القوة الناعمة، بل والخشنة، لتبديل الأوضاع في المنطقة العربية، التي يرى فيها الأتراك منطقة نفوذ حيوي لأجدادهم العثمانيين، ما يعتبر تحدياً مباشراً لكل بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، وللسياسة الروسية في الشرق الأوسط.
غطاء عربي
ويختم الخبير الروسي بأن تحرك موسكو، على ضوء المعطيات القائمة، يحتاج في الظروف الراهنة لغطاء عربي ودولي، يشمل الدول المتضررة من السياسات التركية في ليبيا والمنطقة عموماً، ويفرض الحل السياسي كمخرج وحيد للأزمة، يعيد إلى ليبيا سيادتها ووحدة أراضيها.
تصعيد الحوثي ينهي هدنة «كورونا»
انتهت الهدنة التي أعلنها التحالف والحكومة اليمنية من جانب من أجل توحيد جهود مواجهة فيروس كورونا بعد تزايد خروقات ميليشيا الحوثي واستهدافها الأعيان المدنية جنوب المملكة العربية السعودية، وردت مقاتلات التحالف وقصفت بشدة مواقع عسكرية للميليشيا في صنعاء ومحيطها وفي جبهة نهم وصرواح مارب والجوف ومناطق مختلفة من محافظة صعدة.
وقال سكان ومصادر محلية لـ«البيان» إن مقاتلات التحالف ورداً على الاستهداف المتكرر من ميليشيا الحوثي لمدينة خميس مشيط جنوب السعودية نفذ عشرات الغارات الجوية استهدفت المواقع العسكرية في جنوب وغرب صنعاء وضواحيها، كما استهدفت أيضاً مواقع عسكرية في محافظة عمران وفي مديرية نهم بمحافظة صنعاء ومديرية صرواح بمحافظة مارب وفي مناطق مختلفة في محافظتي الجوف وصعدة.
انفجارات ضخمة
وحسب المصادر فإن انفجارات ضخمة أعقبت الغارات وسمعت في الأماكن المستهدفة والتي تضم مخازن أسلحة وذخائر وصواريخ بالستية وطائرات مسيرة، كما شاهد السكان في صنعاء أعمدة كبيرة من الدخان تتصاعد من أوكار الحوثي التي استهدفتها مقاتلات التحالف وبالذات في جنوب وغرب المدينة حيث توجد مخازن جبلية للصواريخ والذخائر.
وبعد شهرين على إعلان التحالف والحكومة وقف إطلاق النار من جانب واحد بهدف التفرغ لمواجهة جائحة كورونا المستجد واصلت الميليشيا رفض السلام واستمرت في التصعيد العسكري في مختلف الجبهات، كما شرعت ومنذ أيام في تنفيذ أكبر عملية تحشيد خلال العام الجاري وتستهدف طلبة المدارس، واكب ذلك توزيع زعيم الميليشيا أسلحة شخصية حديثة وسيارات دفع رباعي وأموال كبيرة خص بها عدد الزعامات القبلية التي تولت مهمة حشد الطلاب وصغار السن للالتحاق بهذه بمعسكرات الحوثي.
استغلال ونهب
المصادر أوضحت أن الحملة بدأت في محافظات صنعاء وذمار وصعدة وعمران وريمة وحجة، وأنها ستمتد إلى بقية المحافظات التي تسيطر عليها الميليشيا، بالتزامن ورفع الميليشيا رسوم عبور ناقلات البضائع من مناطق سيطرة الشرعية إلى مناطقها بمبلغ 70 ألف ريال على كل ناقلة بدلاً عن 20 ألف ريال في السابق.
وقال مسؤول محلي في البيضاء لـ«البيان» إن ميليشيا الحوثي فرضت مبلغ 70 ألف ريال على قاطرات البضائع والنفط تحت مسمى رسوم مواجهة كورونا، مبيناً أن هذا المبلغ لا علاقة له بالجمارك، حيث تلزم الميليشيا التجار على دفع مبلغ جمارك إضافي على البضائع القادمة من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، كما فرضت رسوم 200 ريال على اليمنيين عند مرورهم في مداخل المحافظة الواقعة تحت سيطرتها وتحت مبرر مواجهة كورونا.
اعتداءات تركية إيرانية على قرى كردية في العراق
شنت طائرات حربية تركية، اليوم الثلاثاء، للمرة الأولى، غارات على القرى والسلاسل الجبلية الحدودية الواقعة بالقرب من بلدة حاجي عمران التابعة لمحافظة أربيل في شمال العراق، وذلك بالتزامن مع قصف مدفعي مكثف للحرس الثوري الإيراني.
وأفاد مسؤول أن الغارات أرعبت سكان 10 قرى، ودفعتهم إلى مغادرة منازلهم نحو الوديان المجاورة، كما ألحقت خسائر مادية جسيمة بمزارعهم ومناحلهم.
وأضاف أن القصف الإيراني يستهدف مقار تابعة للفصيلين الكرديين المعارضين للنظام الإيراني، وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الكومله الثوري، فيما تستهدف الغارات الجوية التركية مواقع منسوبة لحزب العمال الكردستاني.
ولم يعلن أي من تلك الأحزاب عن حجم الخسائر الناجمة عن الغارات، كما لم يصدر أي موقف رسمي من سلطات إقليم كردستان العراق بهذا الصدد.
وكانت المقاتلات التركية استهدفت مقار الحزب ومواقعه، أمس، في معقله بمنطقة قنديل، قرب الحدود الإيرانية، وجبل سنجار وبلدة مخمور بمحافظة نينوى، إضافة إلى مواقعه في منطقة الزاب الكبير بمحافظة دهوك في أقصى شمال شرق إقليم كردستان.
وعلى خلفية القصف التركي الذي طال عدداً من المناطق الواقعة شمالي العراق، استدعت وزارة الخارجية السفير التركي في العراق، فاتح يلدز، حيث تم تسليمه مذكرة احتجاج.
وتضمنت المذكرة، إدانة الحكومة العراقية لانتهاكات حرمة وسيادة الأراضي والأجواء العراقية، واعتبرت أنه مخالف للمواثيق الدولية، وقواعد القانون الدولي ذات الصلة، وعلاقات الصداقة، ومبادئ حسن الجوار، والاحترام المتبادل.