الإجماع بشأن ليبيا.. مرحلة جديدة للأمن القومي العربي
أصدرت جامعة الدول العربية، مجموعة من القرارات المتعلقة بالأزمة الليبية، أهمها رفض التدخلات الخارجية، في خطوة صريحة تؤكد على أن الأمن القومي العربي يرتبط ارتباطا وثيقا بالأمن القومي لليبيا، وأن تعامل العرب مع هذه الأزمة يشكل نقطة محورية في مستقبل المنطقة.
وأكد القرار الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية، على "أهمية الحل السياسي الشامل" للأزمة الليبية، مع التشديد على رفض كافة التدخلات الأجنبية غير الشرعية "أيا كان نوعها ومصدرها، التي تسهم في تسهيل انتقال المقاتلين المتطرفين إلى ليبيا".
ويأتي هذا الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، والقرارات الصادرة عنه، في ظل التدخلات المستمرة من تركيا في الأزمة الليبية، التي وصلت إلى حد دعم الميليشيات التابعة لحكومة فايز السراج في طرابلس، بالأسلحة والمرتزقة الذين نقلتهم من تركيا إلى ليبيا، للمشاركة في معارك ضد الجيش الليبي، والسيطرة على ثروات البلد الغني بالنفط والغاز الطبيعي.
واعتبر مدير مركز الأمة للدراسات الاستراتيجية محمد الأسمر، أن الأمة العربية تحاول اتخاذ موقف يحمي الأمن القومي العربي.
وأضاف لـ"سكاي نيوز عربية": "ما تتخذه الدول الفاعلة على حدة، مثل ما قامت به مصر من إجراءات بشأن ليبيا، وتضامن القوى العربية معها، يؤكد على سعي العرب للحفاظ على الأمن القومي العربي".
وأشار الأسمر إلى أن هذه "المرة الأولى منذ عقود، التي يتم فيها الحديث والتأكيد على حماية الأمن القومي العربي"، لافتا إلى أن القرارات الجديدة الصادرة عن الجامعة العربية "متناسقة" مع إعلان القاهرة، وتسعى للحفاظ على الأمن الليبي.
وقت مناسب
من جانبه، رأى أستاذ العلاقات الدولية، خطار أبو دياب، أن الإجماع العربي "جاء في الوقت المناسب"، قائلا: "لا يمكن سوى الدفاع عن الأمن القومي العربي في مثل هذه المرحلة".
واستطرد أبو دياب حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، قائلا: "هذا الأمر مهم جدا لمنع الإرهاب في ليبيا، ولمنع تحولها لبؤرة صراع إقليمي".
ونوه أستاذ العلاقات الدولية، إلى تصريحات الأمين العام لجامعة الدولي العربية أحمد أبو الغيط، التي اعتبر أنها تؤكد على "تصدي الدول العربية لتكرار السيناريو السوري في ليبيا، وتحويل سرت إلى إدلب"، مضيفا: "المساومة على أمن ليبيا وثرواتها هو مساومة على أمن دول الجوار".
واعتبر أستاذ العلاقات الدولية، تاج الدين الحسيني، أن موقف الدول العربية مهم جدا، نظرا لأن "الفضاء العربي أصبح مخترقا من قبل كيانات إقليمية ودولية".
وتابع: "أصبحت قوى إقليمية أخرى من خارج الوطن العربي، مثل إيران وتركيا، تؤثر على عملية اتخاذ القرار في عدد من المواقع، وهذا الوضع أدى إلى تهاوي القدرة العربية على ممارسة اتخاذ القرار".
وشدد الحسيني على أن مقررات جامعة الدول العربية "تعيد الأمور إلى نصابها"، واستطرد موضحا: "ما حدث في ليبيا هو أمر ليبي داخلي، لكن عندما تراكمت عليه التدخلات من أكثر من جهة، طمعا في ثروات البلاد، أصبحنا نرى سفنا تنقل أسلحة من تركيا إلى ليبيا.. التي أصحبت ساحة حرب بين عدد من الجهات".
القرارات.. والتنفيذ
وفيما يتعلق بتنفيذ القرارات التي اتخذتها الجامعة العربية، الثلاثاء، قال الأسمر إن الأمر "مرتبط بالدرجة الأولى بوقف إطلاق النار وسحب القوى الأجنبية، وهو أمر مناط بحكومة الوفاق، مما يعني أنه مرتبط بالجانب التركي أيضا".
من جانبه، قال أبو دياب إن القرارات "تجدد التأكيد على كل القرارات الإقليمية والدولية المتصلة بالأزمة الليبية، مثل اتفاقي الصخيرات وبرلين، خاصة مع تأكيدها على منع التدخل الأجنبي، وأهمية الحل السياسي الشامل، الذي يتوجه لليبيين بكل فئاتهم".
وفي هذا الصدد، شدد أبو دياب على أنه تقع على حكومة السراج مسؤولية عدم جر البلاد إلى كارثة عبر استمرارها للسعي إلى الحسم العسكري، من خلال التدخل التركي، وهو الأمر الذي ترفضه الدول العربية بالإجماع، خاصة مع تأكيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أن الجفرة وسرت "خط أحمر".
وزير خارجية عمان: مصممون على منع السيناريو السوري في ليبيا
شدد وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، على أن هناك إجماعا على أهمية الحل السياسي في ليبيا، وتفادي تكرار سيناريو الأزمة السورية.
وأوضح بن علوي أن اجتماع اليوم "كان مهما للغاية وهذا ناتج عن الإحساس بأهمية العمل العربي المشترك"، مشيرا إلى أن هناك جهودا عربية لتقريب المواقف بين الفرقاء الليبيين.
وتابع "كل الدول العربية أبدت وجهة نظرها، لكن أريد أن أؤكد أن كلها متفقة أن لا حل إلا الحل السياسي لأن هو أفضل حل للجميع".
وأضاف "لذلك، سنعمل على آلية تؤدي لحل سياسي مقبول يرضي كل الأطراف الليبية والدولية".
وذكر وزير خارجية عمان أن "كل الأطراف الليبية مهمة للحصول على توافق ولا نقلل من أهمية موقف أي طرف".
وأردف قائلا "لابد من الاستناد على توافق ليبي-ليبي للوصول إلى حل.. ومن هناك تبدأ مرحلة أخرى تخص الدستور والحكومة والانتخابات".
واستطرد "هناك جهود عربية من أجل إبعاد الميليشيات عن الأراضي الليبية.. يجب تفادي تكرار سيناريو الأزمة السورية في ليبيا".
وكانت جامعة الدول العربية عقدت اليوم الثلاثاء اجتماعا طارئا على المستوى الوزاري حول الأزمة الليبية.
وتصدرت أجندةَ الاجتماع الذي تم عبر تقنية الفيديو، تطورات الأوضاع في ليبيا، ومساعي الحل السياسي فيها، حيث أكد الوزراء المشاركون على "الرفض العربي للتدخلات الخارجية في ليبيا، والتأكيد على ضرورة الحل السياسي للأزمة".
وأدانت جامعة الدول العربية كل أشكال التدخلات العسكرية الأجنبية في ليبيا، والتدخلات الإقليمية في شؤون الدول العربية.
وأكد الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، على رفض الجامعة "لأي محاولات ومخططات محلية أو أجنبية تسعى لتقسيم ليبيا".
وقال إن الجامعة العربية تؤكد على ضرورة الحل السياسي في ليبيا، "من خلال مسار سياسي جامع تحت رعاية الأمم المتحدة"، مشددا على ضرورة وقف إطلاق النار في ليبيا بشكل مباشر، و"تخفيف المواجهات، خصوصا حول مدينة سرت".
مصر: لن نتوانى عن منع وقوع ليبيا تحت سيطرة الإرهاب
قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، الثلاثاء، إن مصر "لن تتوانى عن اتخاذ كل إجراء كفيل بمنع وقوع ليبيا تحت سيطرة الجماعات الإرهابية".
وأكد شكري خلال مشاركته في الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، أن مصر دأبت على التحذير من خطورة انتشار الإرهاب في ليبيا، مشددا على أن مصر "لم ولن تتهاون مع الإرهاب وداعميه، ولن تتوانى عن اتخاذ كل إجراء كفيل بمنع وقوع ليبيا الشقيقة وشعبها الأبي الكريم تحت سيطرة الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة".
وخلال الاجتماع الذي عُقد عبر تقنية الفيديو بطلب من مصر، حذر الوزير من تبعات "مواصلة التدخلات الأجنبية على الأراضي الليبية لدعم تلك الجماعات والميليشيات، وسياستها التخريبية عبر نقل المرتزقة الأجانب والإرهابيين من سوريا إلى ليبيا، بما يزعزع الاستقرار والأمن الداخلي الليبي ويمثل تهديدا جسيما للأمن القومي العربي".
وجدد التأكيد على موقف مصر الثابت من الأزمة الليبية، حيث "حرصت القاهرة على العمل عبر كافة الوسائل الدبلوماسية لتقريب وجهات النظر بين مختلف الليبيين من أصحاب التوجهات الوطنية".
وأضاف أن القاهرة انخرطت في جميع المبادرات الدولية الهادفة للتوصل لتسوية سياسية في ليبيا، وصولا إلى احتضان المبادرة السياسية الليبية الليبية التي أطلقها رئيس مجلس النواب وقائد الجيش، بمشاركة ورعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم 6 يونيو.
وشدد الوزير على "اهتمام مصر البالغ بإنجاح كافة مسارات برلين السياسية والاقتصادية، فضلا عن مسار 5+5 الذي سيضع الترتيبات الأمنية والعسكرية المتوافق عليها، مؤكدا دعم مصر بقوة لهذا المسار بالتنسيق مع جهود الأمم المتحدة".
كما أشار شكري إلى أهمية العمل على استعادة الاقتصاد الليبي عافيته، عبر إصلاح المؤسسات تحت نظر البرلمان، وتفعيل مؤسسة النفط والبنك المركزي في إطار من الشفافية والتوزيع العادل للثروة والرقابة على أوجه الصرف، وهي الأمور التي ستناقش ضمن المسار الاقتصادي الذي تساهم مصر بقوة في دفعه.