بوابة الحركات الاسلامية : "27 يوما".. لماذا كان الخلاص من الإخوان حتميا؟ (طباعة)
"27 يوما".. لماذا كان الخلاص من الإخوان حتميا؟
آخر تحديث: الثلاثاء 07/07/2020 08:29 ص روبير الفارس
27 يوما.. لماذا كان
الأحداث الكبري في تاريخ الاوطان تحتاج إلي هذه النوعية من الكتب التي توثق لأجيال قادمة لحظات خالدة في الذاكرة الوطنية ومع الذكري السابعة لثورة يونيو تأتي  أهمية كتاب "27 يوما" للكاتب مصطفى شحاتة، والذي يحكي ويفسر ويؤرخ لأيام ثورة 30 يونيو 2013، التي قضت على حكم  جماعة الإخوان الإرهابية في مصر إلى الأبد، و في هذا الجزء يقدم  الكاتب  أهم أحداث تلك الفترة خصوصا ما وقع يومي 2 و3 يوليو، والتي أبرزت إلى أى مدى كان الشعب المصري يريد الخلاص من "الجماعة"، وكيف كان العالم يتعامل مع هذه الثورة؟.
يقول مصطفى شحاتة تحت عنوان
الثلاثاء 2 يوليو.. 48 ساعة ثقيلة
نحن الآن في مرحلة الـ 48 ساعة التي أعطاها الجيش مهلة لمحمد مرسي للتوافق مع القوى السياسية حول عدد من الأمور المختلف عليها، أو التي يظن أنه مختلف عليها، حيث كان الشعب قد حسم الأمر وجعل من النقاش مع الإخوان أمرًا مرفوضًا، وبات الوقت متأخرًا على أى اتفاق.. ورغم ذلك تتحرك الدقائق والساعات ولا يتحرك رجل الإخوان مرسي ناحية أي حل.. مع كل ساعة تمر تزداد احتفالات الناس في الشوارع برحيل الإخوان، وهو.. هو نظام غبي جديد، لا يدرك اللحظة الفارقة - على رأي الكاذب دومًا حازم صلاح أبو إسماعيل - وبينما تمر كل ساعة يتأكد سير البلاد ناحية السيناريو الذي يتمناه الجميع، وهو تدخل الجيش كما قال بيانه الصادر في اليوم السابق، وفي نفس السياق تزداد أعداد المتظاهرين في "مليونية الإصرار" أمام الاتحادية وقصر القبة وفي ميادين التحرير هاتفين: "الشعب خلاص أسقط النظام" ومن 
أهم أحدث اليوم

جبهة الإنقاذ تؤكد على أنه لا يوجد للشعب سوى مطلب واحد هو تخلي مرسي عن الحكم وإسقاط نظام الإخوان المستبد.
بيان للبيت الأبيض: أوباما حث مرسي أن يستمع لأصوات المصريين وقال له: "الديمقراطية معناها أكبر من مجرد الانتخابات".
وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم يرفض حضور اجتماع مجلس الوزراء برئاسة د.هشام قنديل ويضع خطة لمراقبة قيادات الإخوان.
البابا تواضروس: المصريون خرجوا لاسترداد ثورتهم المسلوبة.
محكمة النقض تعيد المستشار عبد المجيد محمود نائبًا عامًا وتُبطل تعيين المستشار طلعت عبد الله (نائب عام مرسي). 
الإخوان يواصلون اعتصامهم في منطقتي رابعة العدوية والنهضة لليوم الخامس على التوالي.
استمرار الاشتباكات الدامية بين الإخوان والمواطنين في المحافظات وسقوط عدد من القتلى والجرحى.
رئيس الوزراء التونسي علي المريض الذي يرأس حكومة إسلامية يؤكد أن تونس ليست مصر!

نجم "2 يوليو".. الـ 48 ساعة
عدد من القنوات الفضائية وضعت ساعة تتناقص تدريجيًا لحساب المدة المتبقية على انتهاء مهلة الجيش، وهي الـ 48 ساعة التي أعطاها لمرسي والقوى السياسية للتوافق، وهو شيء عبر إلى حد كبير عن مدى انتظار الخلاص من حكم أو كابوس الإخوان، وكانت هذه الساعات هي الرمز لذلك، وربما فترة ما بعد حرب أكتوبر 73 لم تشهد 48 ساعة حاسمة في تاريخ مصر مثل تلك التي بدأت يوم 1 يوليو.
الكل يترقب الزمن دقيقة بدقيقة، وكل ثانية تمر تُقرب الجماهير في الشارع إلى تحقيق حلم طال انتظاره عامًا كاملاً، بعدما أعطوا مرسي والإخوان كل ما يمكن أن يعطوه لهم من فرص ووقت لكي يُصلحوا أي شيء، لكنهم كانوا في غيهم يعمهون. 
تفسير الأحداث
بدأ تعلق المتظاهرين بتدخل الجيش لحسم معركة الخلاص من مرسي في التصاعد، وأصبحت أحلام ما بعد مرسي هي الحديث السائد في كل حلقات التظاهر، روح جديدة وشكل جديد ودولة جديدة يريدها الجميع بلا إخوان، زاد من الأمر بدء التسريبات عن خطة الجيش والقوى الوطنية لما بعد مرسي، والتي كان أهم ما هو ملفت فيها هو إلغاء الدستور وحل مجلس الشورى، وبالطبع تعيين رئيس جديد لمصر، وهو رئيس المحكمة الدستورية، وهي كلها طلبات لا يختلف عليها اثنان من المتظاهرين في أنحاء مصر، فقد كان معروفًا أن دستور الإخوان تم تمريره بنسبه 65% بسبب التزوير، وأيضًا مجلس الشورى الذي انتخبه واحد فقط من كل خمسة ناخبين في مصر.
أعداد المتظاهرين زادت بسبب الخطاب السيء والساخر الذي ألقاه محمد مرسي، وجعل من التأكيد على رحيله أمرًا طبيعيًا، فهو حتى اللحظة الأخيرة لم يتخذ قرارًا بأن يتراجع، أو حتى يفعل كسياسيين كثر ويمسك العصى من المنتصف، بل هو استمر في الحديث عن شرعيته التي لا يجب على أحد أن ينزعها منه، رغم أنه يعرف جيدًا أن اكتساب الشرعية نابع من الشعب لا من الحاكم، والمناوشات والاشتباكات التي كانت تمتلئ بها المحافظات بين الإخوان والمواطنين أكدت مرة أخرى على أن الإخوان أعداء لمصر، وأن الإرهاب والقتل هما الطريقة الوحيدة التي تعرفها الجماعة من أجل الحفاظ على كرسي الرئاسة، وكل الكراسى التي وصلوا إليها، حتى قيل إن مصر أصبحت إخوانية لمدة 100 عام قادمة! ويري الكاتب 
أن  أمريكا تقف على الحياد، رغم الدعم الكامل التي كانت تقدمه لمرسي، وإن بدا أوباما متفهمًا لخروج المصريين في موجة جديدة من الثورة، وذلك فيما أعلنه البيت الأبيض عن حديث رئيس أمريكا إلى مرسي، بينما رئاسة الجمهورية هنا واصلت الكذب بقولها إن أوباما اتصل بمرسي وشكره على رعايته للشعب المصري! وأن قيادة أمريكا تتعامل مع القيادة المنتخبة في مصر! - بينما الشعب نفسه لا يتعامل معها - وقد كان ذلك إعلانًا لاتفاق بين وجهات النظر الإخوانية الأمريكية يُطمئن الإخوان به أنصارهم وقواعدهم الذين هزتهم كلمات بيان القوات المسلحة، الذي جاء داعمًا ومدعومًا بتظاهر الملايين ضد الإخوان.
الأربعاء 3 يوليو.. يوم عظيم
لا يمكن أن يُلخص هذا اليوم في كلمات قليلة، فبعيدًا عما سيحدث لمصر - وفي مصر - عقب 30 يونيو، لا يغير شيء في عظمة يوم الثالث من يوليو وأهميته في تاريخ مصر ما بعد ثورة 25 يناير تحديدًا.
الشعب الذي انتظر 18 يومًا كاملة لكي يُسقط نظام مبارك لم يعد يحتمل أن تنتهي مهلة الـ 48 ساعة، لكي ينفذ الجيش تدخله ويطيح بمرسي - نعم كان هذا السيناريو الوحيد الذي لم يقله البيان - وراحت التكهنات تأتي بعقل الجموع.. هل تراجع الجيش؟ ترى ما السر؟ هل توصل مرسي لاتفاق مع القوى السياسية؟ أسئلة عديدة في وقت لم يعد تنفع فيه أو تضر أي إجابة، حتى موافقة مرسي نفسه على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.. فقط يريد الشعب رحيله ومن ثم يفكرون هم ماذا يفعلون بعده، انتهت المهلة وتأججت الميادين، وراحت الأصوات ترتفع هاتفة برحيل حكم الإخوان تمامًا عن مصر، "لن يمكثوا في مصر 30 عامًا على غرار مبارك".. "لم نعد نستطيع أو نتحمل تواجدهم".. جمل كانت تُعبر عن حال الشعب في الشارع خلال الساعات القليلة التي تلت انتهاء المدة، ولم يكن شيء جديد حدث.
أهم أحداث اليوم
الجيش يعلن في التاسعة مساءً عزل مرسي من الرئاسة في مؤتمر صحفي شارك فيه بالحديث وحضره كل من شيخ الأزهر والبابا تواضروس، ود. محمد البرادعي ، وممثلون عن حركة تمرد، والمثقفون.
إعلان خارطة الطريق/المستقبل، ونصت على: تعطيل العمل بدستور 2012/الإخواني بشكل مؤقت، وتولي رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلي منصور الرئاسة لحين انتهاء الفترة الانتقالية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتشكيل حكومة وطنية، وتشكيل لجنة لتعديل الدستور وأخرى للمصالحة الوطنية.
شيخ الأزهر: مصر اختارت الطريق الأقل ضررًا وستحتكم إلى صندوق الانتخابات الذي يضمن نزاهته القضاء والجيش قريبًا.
البابا تواضروس: خريطة الطريق وُضعت بأيدى أناس يريدون مصلحة الوطن.
البرادعي: 30 يونيو صححت مسار 25 يناير.
الملايين تهتف في الميادين: الشعب خلاص أسقط الإخوان.
الإخوان ممثلون في عصام الحداد أصدروا بيانًا عبر تويتر باللغة الإنجليزية – وصفه بآخر ما يخطه بيده - قال للغرب إن موافقته لما حدث هي دعم لانقلاب عسكري – ربما كان أول من أطلق اللفظ من الإخوان - وهدد الحداد "الدماء ستُراق بغزارة"!
وقف بثّ القنوات الدينية مثل الناس والحافظ وقناة الإخوان "مصر 25".. والقبض على أشهر دُعاة الفتنة في هذه القنوات.

لماذا كان 3 يوليو حتميا؟
لم يعد لهذا السؤال إجابة، هل أقول بعد كل هذا لماذا خلعت مصر محمد مرسي وجماعته؟ لا.. لا.. لكن.. يبقى المشهد الأساسى لهذا اليوم هو المؤتمر الصحفي الذي ألقى فيه الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع خطاب عزل مرسي، فائقًا في الذكاء والتنظيم، فقد قال السيسي الخطاب دون أن يذكر اسم محمد مرسي، وهو في رأيى تقليلاً من تأجيج مشاعر الإخوان ضد الشعب – وقد كانت مشتعلة للغاية - في هذا اليوم، كما أن الحضور الذين جلسوا على شمال ويمين السيسي وقت إلقاء البيان كانوا يُمثلون مصر بالفعل، الطيب بالمسلمين وتواضروس بالمسيحين وأعضاء تمرد بالشباب وسكينة فؤاد بالمثقفين وبقية قادة أفرع الجيش،  وهو تأكيد على أن مصر هي من اتخذت قرارًا بعزل مرسي، لا الفريق السيسي أو الجيش، وكان هذا وعيًا بما ستقوله أمريكا والدول الغربية بأن ما حدث انقلابًا إذا انفرد الجيش بإلقاء بيان تنحية مرسي وحده، وهو جانب آخر ستُثبت أهميته الأيام القادمة، حيث إن واشنطن كانت مضطربة للغاية تجاه ما يحدث، بل إنها دعت إلى التوافق وتفادي المواجهة - وكأنها مرسي نفسه - ولم تُناقش العاصمة الأمريكية قبل ذلك مهلة الجيش ولم تُشر لها من قريب أو بعيد، سواء على لسان البيت الأبيض أو وزارة الخارجية، وهو ما عكس بداية ارتباك بشأن الأحداث، خصوصًا فيما انتشر عن عدم تقديم الولايات المتحدة لأي مساعدات مالية لجيوش تقوم بالانقلاب، وهو تحذير نُشر على أنه جاء على لسان رئيس الأركان الأمريكي مارتن ديمبسي في حديث مع نظيره المصرى الفريق صبحي صدقي. 
بيان الجيش الذي ألقاه السيسي كان محكمًا أيضًا كالبيان الأول الذي أُعلنت فيه مهلة الـ 48 ساعة، بدأ بالتأكيد على أن القوات المسلحة لا تريد العمل بالسياسة، وأن تصرفها جاء استشعارًا لأن الشعب هو من يريد تدخلها لحسم الأمور، مذكرًا بأن الجيش قدّم لمحمد مرسي نصائح كثيرة بطريقة مباشرة وأخرى غير مباشرة لإجراء مصالحة وطنية مع القوى السياسية، وذلك منذ نوفمبر 2012، وكذلك في اجتماع القيادة العامة للجيش بالرئيس مرسي في الثاني والعشرين من يونيو 2013، ورأت القوات المسلحة – حسب البيان - أن تصرفها أيضًا بالتدخل لعزل مرسي نبع من خطابه الأخير الذي خيب آمال المصريين (يا ريت خيبها وبس!).
تاريخ الأمم عندما يُكتب سيذكر من وقفوا إلى جانب الجيش - وبالطبع الجيش نفسه - بكثير من الإجلال والاحترام لأنهم تصدروا مشهدًا سيدفعون ثمنه كثيرًا - وقد دفعه بعضهم - بالقضاء على حكم الإخوان بتفويض من ملايين 30 يونيو.
لقد نجح الكاتب مصطفى شحاتة أن يقدم بأسلوب سلس تأريخ وافي لفترة مهمة في تاريخ مصر خلال ٢٧ يوما