بوابة الحركات الاسلامية : وزراء خارجية الأتحاد الأوروبي يواجهون أردوغان "عراب" الأزمات (طباعة)
وزراء خارجية الأتحاد الأوروبي يواجهون أردوغان "عراب" الأزمات
آخر تحديث: الأحد 12/07/2020 08:21 م هاني دانيال
وزراء خارجية الأتحاد

يعقد وزراء دول الاتحاد الأوروبي اجتماعا غدا بناء على طلب فرنسا، بشأن الانتهاكات المتكررة لتركيا فى الفترة الآخيرة، منها التعامل الحاد مع سفن حربية فرنسية فى البحر المتوسط كانت تقوم بمهامها فى منع وصول إمدادات تسليح إلى ليبيا، إلى جانب خروقات فى الحدود البحرية لكل من قبرص واليونان فى البحر المتوسط.

ويبدو أن هناك نية فرنسية للتعامل الحازم مع أنقرة، فى ضوء قيام الرئيس التركى رجب طيب إردوغان  بعدد من الانتهاكات على صعيد القانون الدولى، وبالرغم من وجود قرار أممى بشأن ليبيا، وعدم تسليح الأطراف المتنازعة، قامت تركيا بتقديم عدد من المعدات العسكرية إلى حكومة فايز السراج المعترف بها دوليا، فى مقابل إيداع 8 مليار دولار فى البنك المركزى التركى كوديعة، كما قامت الحكومة الليبية بغبرام عقود تسليح مع أنقرة ، ولم يتوقف الأمر على هذه الخطوة، وإنما تم إبرام إتفاقية لترسيح الحدود البحرية بين البلدين، وهو أمر مخالف للقانون الدولى كما يري الخبراء، خاصة وأن أى اتفاقيات لترسيح الحدودا لبحرية تكون بين ليبيا وكل من إيطاليا، قبرص ، واليونان، بينما تركيا ليس لها نصيب فى مثل هذه الأمور.

ويري مراقبون أن الرئيس التركى أجحم نفسه فى الأزمة الليبية كطرف،  من أجل الحصول على النصيب الأكبر من ثروات النفط الموجودة بالبلاد، إلى جانب فتح أسواق تصيدرية لبلاده، من أجل مواجهة الضغوط الاقتصادية التى تعانى منها تركيا فى السنوات الأخيرة بسبب سياسات الرئيس التركى رجب طيب إردوغان، ونتيجة لهذه الخطوة قد يوفر التقارب التركى الليبي فى هذه الفترة ه تركيا من الخارج توفير استيراد مشتقات نفطية وبترولية من الخارج قيمتها 40 مليار دولار، إلى جانب زيادة الصادرات التركية إلى ليبيا بقيمة تزيد على 2 مليار دولار سنويا، وهو ما سيمثل انتعاشة كبيرة للرئيس التركى واقتصاد بلاده.
وزراء خارجية الأتحاد

هناك موقف غير واضح من إيطاليا بخصوص الموقف التركى، فهناك تعاون بين حكومة السراج والحكومة الإيطالية على المستوى الاقتصادي والسياسي، وتتخذ روما موقفا مغايرا من باريس تجاه أنقرة، وبالتالى سيكون هذا أبرز الخلافات المتوقعة فى اجتماع الغد، وبالرغم من التضامن اليونانى القبرصي الفرنسي فى مواجهة مطامع أنقرة، إلا أن التعاون بين  الحكومة الليبية وروما سيكون محل اعتبار عند مناقشة هذه الأزمة.

ألمانيا لم تعلن حتى الآن عن موقفها الرسمي بشأن الانتهاكات التركية، وبالرغم من تحفظ وزارة الخارجية الألمانية على ما تقوم به أنقرة من بشأن تسليح حكومة السراج، وخرق قرارات الأمم المتحدة ، ومن المنتظر أن تعلن عن موقفها الرسمي غدا، والتماشي مع المطالب الفرنسية بفرض عقوبات على أنقرة، أو مسايرة إيطاليا فى تهدئة الخلافات بين أنقرة وباريس.

إلا أن تقارير ألمانية تشير إلى أن الرئيس التركي يريد خلق مناطق صراعات جديدة فى ليبيا كما فعل من قبل فى سوريا، ومساومة أوروبا على أى تراجع قد تطلبه من أنقرة خلال الفترة المقبلةن والإشارة إلى أن الركود والعجز حتى عن دفع أقساط الدين الحكومي الذي تزيد قيمته على 200 مليار دولار حسب مؤسسة التجارة والاستثمار الألمانية، من الدوافع الرئيسية لتعزيز التواجد التركى فى ليبيا.

الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يعزز بشدة فكرة فرض عقوبات على أنقرة، نتيجة التعامل الحاد مع السفن الفرنسية، واستغلال عضوية تركيا فى حلف الناتو، ومعرفة أسرار العمليات التى تتم فى البحر المتوسط، ومن ثم تقديم أسلحة إلى الجانب الليبي، وتحذير السفن الأوروبية من التدخل، بل وتهديدها بإطلاق النيران عليها، وهو السلوك المشين الذى ترفضه فرنسا، وبناء عليه دعت إلى هذا الاجتماع وتصر على فرض عقوبات على تركيا.

من جانبه حاول منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل فى اخماد الاتشباك الحاد بين فرنسا وتركيا، ومحاولة الوصول إلى صيغة توافقية تسمح باستمرار قيام الاتحاد الأوروبي بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وكذلك  العملية "ايريني"، التى يتبناها الاتحاد الأوروبي فى البحر المتوسط، ولكن لم تسفر زيارته الأخيرة إلى أنقرة فى الوصول إلى أى حلول فى هذه الأزمة، وهو ما يعنى مزيد من التصعيد من قبل فرنسا، اليونان، قبرص تجاه أنقرة.

الموقف الأوروبي الآن أصبح أغلبيته فى صالح فرض عقوبات على أنقرة، نتيجة الموقف المخزي الذى قام به اردوغان قبل انتشار جائحة كورونا، من خلال تنصله من الاتفاق الذي أبرمه مع الاتحاد الأوروبي بخصوص اللاجئين، وتلقي بسبب عدة مليارات من اليورو، وقام بفتحت الحدود البرية والبحرية مع اليونان، ومن ثم محاولة خبيثة لاغراق أوروبا باللاجئين والمهاجرين، والآن يتبع نفس الخطوة من خلال بسط نفوذه على السواحل الليبية وتهديد أوروبا بمزيد من المهاجرين، وهى الإشكالية التى فشلت أوروبا فى إيجاد حلول شاملة لها منذ سنوات، ومن المنتظر مناقشة هذا الأمر فى سبتمبر المقبل، نتيجة عدم اتفاق بعض الدول الأوروبية مثل التشيك، سلوفاكيا، بولندا، المجر مع المطالب الألمانية والايطالية بضرورة تحمل دول الاتحاد الأوروبي بشكل جماعى توزيع عادل ومناسب من اللاجئين والمهاجرين، وعدم تحمل اليونان، ايطاليا، المانيا بالعدد  الأكبر منهم.

ربما الرؤية غير واضحة تماما بخصوص الموقف الأوروبي مع أنقرة، ولكن بعد قرار إردوغان بتحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد وتحدى المجتمع الدولى بهذه الخطوة،، مع استمرار تجاهله للتحذيرات الأوروبية من موقفه بسوريا، وليبيا، يجعل أوروبا تصر على اتخاذ مزيد من الخطوات العقابية مع أنقرة، حتى ولو تم استعادة عدد من دول الاتحاد الأوروبي لقوات بلادهم من القواعد التركية الموجودة بحلف الناتو، ومطالبة تركيا بإعادة ما حصلت عليه من أموال نتيجة اتفاق اللاجئين والمهاجرين والذي بموجبه لم تلتزم به أنقرة.

ويري مراقبون أن الموقف الأمريكي سيكون مرجحا فى هذه الأزمة، خاصة فى ضوء تفاهمات أمريكية تركية تم التوصل إليها فى الأسابيع الأخيرة،   سمحت بتواجد أكبر من المتوقع لتركيا فى ليبيا، وهو ما دعا الرئيس التركى للإشارة إلى أن التفاهم مع واشنطن فى احسن حالاته، وأنه جري التنسيق بخصوص عدد من القضايا الاقليمية والدولية بين البلدين، دون الإفصاح عن تفاصيل، وهو ما اعتبرته مراكز الأبحاث الأمريكية والأوروبية بين تبادل للمصالح بين البلدين، وتقسيم الثروات، وعدم انفراد روسيا بالأمر فى سوريا وليبيا، وأن أنقرة تتفاهم مع موسكو بخصوص هذه الملفات، وفى نفس الوقت تحفظ حقوق ومصالح واشنطن، وبالتالى تم وصف إردوغان بـ "عراب" مناطق النزاع، بحيث يقوم بوضع يد لها فى مناطق الصراع، وخلق نزاعات جديدة يقوم من خلال بفرض سياسة الأمر الواقع، بحيث يضمن توزيع كعكة ما يتم سرقته على عدد من البلدان.