بوابة الحركات الاسلامية : دراسة تبحث نهاية تحالف محور الشر مع الجماعات الإسلامية (طباعة)
دراسة تبحث نهاية تحالف محور الشر مع الجماعات الإسلامية
آخر تحديث: الثلاثاء 18/08/2020 10:09 ص روبير الفارس
دراسة تبحث نهاية
هل ينتهى التحالف القطرى التركى الإيرانى
مع تنظيمات الإسلام السياسى؟ سؤال محوري ومهم في ظل التداعيات المترتبة على توغل تركيا بتمويل قطري ودعم إيراني في دول الشرق الأوسط هذا السؤال كان محور دراسة  اللواء:عبد الحميد خيرت التي نشرتها مجلة المصور في عددها الأخير
وجاء فيها 
جاء تفجير مرفأ ميناء بيروت الأخير، والذي تضرر منه نصف العاصمة اللبنانية تقريباً وأوقع المئات ما بين قتيل ومصاب ومفقود، يسقط ورقة التوت الأخيرة عن شجرة تنظيمات التطرف والإرهاب القائمة في منطقة الشرق الأوسط ـ وبالتالي داعميها العقائديين ومموليها الفعليين سواء في العلن أو من خلف ستار ـ بالتزامن مع سلسلة تصعيدات وتهديدات لا تقل خطورة تجتاح المنطقة، سواء في سوريا أو العراق وليس انتهاء باليمن وليبيا.

التفجير المروع الذي كاد يشابه تفجيري هيروشيما وناجازاكي ـ خلال الحرب العالمية الثانية ـ بقنبلة نووية أمريكية، أعاد للأذهان جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام ٢٠٠٥ بتفجير مماثل، والذي كان للأسف متوقعاً إعلان نتائج التحقيقات الدولية فيه الجمعة الماضية، وضع الدولة اللبنانية الهشة سياسياً واقتصادياً في مهب الريح، فجعلها تعيش أياماً صعبة للغاية خاصة وأنها تمر بفترة فوضوية جراء احتجاجات شعبية عارمة، وعجز حكومي و”رفع يد” عربية ودولية، جراء تحكم حزب الله الإرهابي في جميع مفاصل الدولة، وتسلطه على قرارها السياسي وكون هذا الحزب المنتمي لسلطة العمائم في إيران بات الخطر الأكبر ليس على لبنان فقط، ولكن على منطقة الشرق الأوسط كلها، باعتبارها امتداداً للذراع الإيرانية الصفوية والمليشياوية في عواصم عربية أخرى، سوريا والعراق واليمن.. دون إغفال لدور تحالف آخر ـ لا يقل خطورة ـ تقوده تركيا التي تحتضن مليشيات إرهابية متطرفة وتحركها لمصالحها وأطماعها التوسعية في المنطقة، كما رأينا في تحالفاتها الإرهابية في سوريا وأيضاً ليبيا.. والمثير للانتباه أن هناك عاملاً مشتركاً ما بين التحالفين الإيراني والتركي في المنطقة.. هو قطر، التي مثلت بارتمائها في أحضان التحالفين المشبوهين ـ وكلاهما يدعم مليشيات وتنظيمات متطرفة (تركيا تدعم الإخوان وجماعات التكفير، وإيران تتبنى مليشيات الطائفية والتخريب) ـ طعنة خنجر في ظهر العروبة كقيمة تاريخية، وفي خاصرة شعوبنا وأوطاننا العربية جميعاً..ويقول اللواء عبد الحميد خيرت 

وبعيداً عن الأبعاد الحقيقية لتفجير بيروت والمتورطين فيه لأن هذا لا يزال قيد تحقيق دولي مختلف عليه، ربما كان ما كشفته قناة “فوكس نيوز” الأمريكية، قبل أيام، من أن الدوحة مولت تسليم أسلحة إلى مليشيا حزب الله، معتبرةً أن هذا الأمر يعرض حوالي ١٠ آلاف فرد من القوات الأمريكية في قطر نفسها للخطر، مؤشراً على الدور القطري الخبيث الذي نأمل أن تتكشف تفاصيله للعالم قريباً بما يكبح جماح الغرور القطري ويفضح خباياه المؤلمة لنا جميعا كعرب وللعالم أجمع.

والمفارقة أنه في ذات اليوم الذي سعت فيه قطر لإظهار وجهها الإنساني بإرسال المساعدات الطبية للبنان إثر التفجير الدامي، كشفت قناة «فوكس نيوز» الإخبارية عن تورطها في تمويل “حزب الله”، الذي بدوره تتهمه بعض القوى بأنه مسؤول عن التفجير نفسه، فيما وصفته القناة بأنه “مخطط (قطري) مترامي الأطراف لتمويل الإرهاب”.

وحسب ملف “فوكس نيوز”، فقد تم استخدام الجمعيات الخيرية القطرية ـ كالعادة ـ كواجهة لإخفاء الدعم الإرهابي، إذ قدمت جمعيتا “الشيخ عيد بن محمد آل ثاني الخيرية” و”مؤسسة التعليم فوق الجميع” مبالغ نقدية لحزب الله في بيروت “تحت ستار الغذاء والدواء”.. وهذا ليس جديداً في سجل تورط الأنظمة المالية والخيرية في قطر في مخططات أخرى لتمويل التطرف أيضاً. وذكرت صحيفة “واشنطن فري بيكون” في يونيو الماضي أن دعوى قضائية رفعت في مدينة نيويورك أكدت أن مؤسسات قطرية، بما في ذلك “مؤسسة قطر الخيرية” و”بنك قطر الوطني”، مولت منظمات متطرفة.. دون أن ننسى أيضاً أنه في عام ٢٠١٤، اتهم وزير التنمية الألماني جيرد مولر قطر بتمويل تنظيم داعش.. وأيضاً في عام ٢٠١٧، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إن قطر “كانت ممولة للتطرف على مستوى عالٍ جداً”. قبل أن يتراجع بعدها بعام، نتيجة “جهد مكثف ومكلف من قبل قطر وجماعات الضغط اللوبي”، بوصف صحيفة “نيويورك تايمز”.

وتلقي المعلومات الجديدة عن قطر، التي تمول عديداً من أكثر الحركات الإرهابية فتكاً في العالم ومنها التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية وحزب الله في لبنان والحوثي باليمن وداعش وجبهة النصرة في العراق وسوريا، بدور تركيا الأردوغانية في رعاية الإرهاب ومليشياته سواء عبر ذات الأدوات أو مثيلاتها كما هو حادث في ليبيا الآن، بحيث يبقى السؤال الراهن: هل جلب المحور التركي القطري ـ ومعهما الإيراني ـ السلام والاستقرار.. أم الفوضى إلى الشرق الأوسط؟

تعيدنا الإجابة إلى ما ذكره الكاتب التركي، براق تويغان، في مقال له بصحيفة “أحوال تركية” حيث علينا أن نعود إلى اعترافه الضمني بدور ثورة ٣٠ يونيو في إسقاط المشروع القطري التركي في الشرق الأوسط، بإزاحة نظام حكم تنظيم الإخوان الدولي للأبد في مصر، نقطة البداية التي أهالت التراب على التنظيم والجماعة، ومن ثمَّ الراعين الرسميين للمشروع كله، وقال إنه مع وصول الإخوان إلى السلطة في مصر “بدأت أنقرة والدوحة، اللتان شرعتا في وضع خطط للإطاحة أو تغيير الأنظمة في الشرق الأوسط، بالتعامل مع أطراف أخرى مرتبطة بالإخوان في دول عربية أخرى. وأصبحت كل دولة، بما في ذلك تونس وليبيا والمغرب ودول الخليج والأردن وسوريا والجزائر واليمن هدفا”.. وأضاف “أصبحت ليبيا وسوريا واليمن والصومال التركيز الرئيسي لكلتا الدولتين. أصبحت الدولتان، اللتان اتبعتا في البداية طريق الإخوان هما اللاعبتين الرئيسيتين”. ثم اعترف بوضوح أن “الإطاحة بمرسي عام ٢٠١٣ وإسقاط نظامه دمر خطط تركيا وقطر. تحولت الدولتان إلى تبني استراتيجية كانوا فيها صانعي ألعاب إلى مفسدي ألعاب”!.
وجاء بالدراسة حول  استعراض علاقة أردوغان “الغامضة” ـ بتعبيره ـ بأمير قطر واجتماعاتهما الكثيرة غير معروفة المحتوى، خلص في النهاية إلى أن “عامل الإخوان كان أحد أهم الروابط الذي جمع الاثنين معاً. وبينما تعود علاقات تركيا مع قطر إلى أبعد من ذلك، اتخذت العلاقات بين الحليفين بُعدًا جديدًا بعد رئاسة ممثل الإخوان ، محمد مرسي في مصر عام ٢٠١٢” بنص تعبيره!. ويضيف أن تركيا لم تتوقف عند هذا الحد. بل حاولت تغيير توازن القوى في المنطقة، باتباعها سياسة لي الذراع.. من سوريا إلى ليبيا، ومن اليمن إلى السودان.

وغير الأطماع التركية في الغاز، بدت قطر وكأنها “خزينة” تركية أو ما يسمى بـ “الخزينة الخاصة” بأردوغان في قطر، والتي تحوي مليارات الدولارات، وهو صندوق يُزعم أنه تم إنشاؤه بعد تحقيق فساد في حكومته منذ عام ٢٠١٣، وتغطية انهيار الليرة وتهاوي الاقتصاد التركي في ظل سياسة خارجية أكثر مغامرة لأنه لم يعد بإمكان أردوغان تقديم تعهدات بزيادة الرفاهية الاقتصادية لمواطنيه، بالتزامن مع وثائق أعدتها منظمات استخبارية دولية تبين أن تركيا وقطر دعمتا الجماعات المسلحة في الحرب بسوريا.. بحسب تقرير لوكالة المخابرات الدفاعية الأمريكية (٢ يونيو ٢٠١٦)، متوقعاً في النهاية أنه مع إحياء الزخم على الجبهتين الليبية والسورية وبمجرد أن تستقر جائحة كورونا. يمكن أن تؤدي هزيمة تركيا وقطر إلى تفكك محور الدوحة وأنقرة في فترة زمنية قصيرة.
ويضيف اللواء عبد الحميد خيرت قائلا 
كل ما سبق، يدعونا لمحاولة فهم أكثر لمجمل التطورات الراهنة على رقعة الشرق الأوسط، ربما يكون تفجير مرفأ بيروت ونتائجه الغامضة مستقبلياً هي من ستفتح الباب واسعاً على كثير من المسكوت عنه دولياً لسنوات طويلة سابقاً، ومنها ما يمكن أن يقلب الطاولة في وجه الجميع، بحيث يمكن أن تطال الرؤوس الكبيرة في المنطقة والمسؤولة عن تبديد الاستقرار وزرع الفوضى، وبالمجمل منها جميع تيارات الإسلام السياسي السنية منها أو الشيعية التي ثبت أنها تخوض حروباً بالوكالة عن قوى إقليمية من أجل أهداف واستراتيجيات ظلامية ومؤامراتية.

وفي هذا الصدد.. وبالتزامن مع التفاعلات الأخيرة في تركيا وليبيا ـ دون أن ننسى تونس ـ لماذا تجدد الحديث الآن عن وثيقة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما والتي تمّ الحديث لأول مرّة عن وثيقة القرار التنفيذي أو الدراسي السرّي للرئيس أوباما، المودعة بالرمز PSD١١ (Presidential Study Directive١١ ، في صحيفة “نيويورك تايمز” في ١٦ فبراير ٢٠١١م؛ أي بعد ٦ أشهر من توقيع تلك الوثيقة في ١٢ أغسطس ٢٠١٠م، وتتحدّث عن إعادة تشكيل الشرق الأوسط والعالم العربي باستخدام جماعة الإخوان وحزب “العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا؟ والتي كان من المفترض بموجبها أن تتسلم جماعة الإخوان وأحزابها السياسية الخاضعة لسيطرة حزب العدالة والتنمية التركي السلطة في كلٍّ من تونس وليبيا ومصر والجزائر والمغرب والسودان.. وبالتالي يتمّ دمج كلّ الأحزاب السياسية الإخوانية تحت حزب العدالة والتنمية التركي.. لتكون تركيا هي المهيمنة على دول شمال إفريقيا والسودان، وتصبح هذه الدول أساساً لاستعادة مفهوم “الخلافة” بشقها العثماني/ الأردوغاني من جديد وتدار مرة أخرى من إسطنبول وأنقرة، وبالمقابل في نفس الوقت تهيمن إيران على دول شمال الجزيرة العربية كالعراق وسوريا ولبنان، لعمل توازن سنّي شيعي. ليصبح من السهل على أمريكا بعد ذلك التعامل مع دولتين فقط، وهما تركيا وإيران.. يكونان لاحقاً الضمانة للسيطرة وكبح جماح الأذرع التابعة لهما ضد أي مصلحة أمريكية ومعها إسرائيل بالتأكيد. وهذه فكرة “إخوانية” بامتياز استطاعت إقناع الإدارة الديمقراطية السابقة بقدرتها على حماية المصالح الأمريكية في العالم مقابل الوصول للسلطة!.
ويضيف اللواء عبد الحميد خيرت 
من هنا ورغم كل التحفظات، نفهم كيف أن وصول الرئيس “الجمهوري” ترامب للسلطة ضرب مجمل هذه الوثيقة بشدة خاصة في جانبها الإيراني بمواقفه وإجراءاته المتشددة ضد طهران، فيما لا يزال جانبها التركي ينتظر من يروضه وينهي أوهامه، خاصة وأن ما يجري اليوم في ليبيا وسيطرة مليشيات الإخوان الإرهابية على المنطقة الغربية وعلى ثروات الشعب الليبي، وأيضاً ما تمارسه حركة النهضة في تونس، يمثلان انعكاساً فعلياً لتلك الوثيقة، ويثبت أنه لا تزال دول كثيرة تعيش تبعات مرحلة استراتيجية أوباما وقراراته، وما زال أصحاب الأدوار المرسومة في تلك الاستراتيجية يحاولون تكملة المشوار.. وليس مهماً أبداً أن يكون على حساب من؟ وما الثمن؟
وفي ختام الدراسة قال اللواء عبد الحميد خيرت  أعتقد أن ما حدث في بيروت لن يمر دولياً وعربياً.. قراءة في تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون في بيروت التي وصلها عقب الفاجعة، ليس اعترافاً بعدم القدرة على التعامل مع الدول الهشة فقط، بقدر ما هي محاولة لرسم استراتيجية ـ ربما أوروبية ـ للتعامل الحاسم مع مخلفات تيارات الإسلام السياسي، مع الأخذ في الاعتبار موقفه من الجموح التركي أحد رعاة الفوضى في المنطقة تجاه ليبيا أيضاً، كما أن عملية محاصرة التمدد القطري وصلت لدعوات طرد سفير الدوحة من بلجيكا مقر الاتحاد الأوروبي، وبالتالي تضييق الخناق على تيارات التأسلم السياسي بشقيها السني والشيعي، ما قد يعني انهيار وثيقة أوباما سيئة الذكر نهائياً.

وإلى أن يحدث ذلك.. فالسيناريوهات متعددة ـ وربما جاهزة ـ وأقلها تفكك محور قطر/ إيران، وقطر/ تركيا نهائياً، والأيام بيننا.