بوابة الحركات الاسلامية : الأحزاب السياسية والموقف من جماعات الإسلام السياسي (طباعة)
الأحزاب السياسية والموقف من جماعات الإسلام السياسي
آخر تحديث: السبت 29/08/2020 06:22 ص
حسام الحداد حسام الحداد
اختلفت الآراء بشدة بين ممثلي الأحزاب السياسية المصرية حول قبول أو رفض محاولات تيار الإسلام السياسي الدخول في المجال السياسي من خلال الالتزام بالقواعد الديمقراطية المعمول بها في البلاد. وذهب رأي متشدد إلى أن هذه المحاولة لا تعكس في الواقع إيمانا حقيقيا من قبل التيار الإسلامي السياسي بالديمقراطية، بل هي ليست سوى (تكتيك) للنفاذ إلى المجتمع السياسي الشرعي، انتهازا لفرصة سانحة تسمح لهم بتطبيق استراتيجية تأسيس دولة دينية إسلامية على أنقاض الدولة المصرية الحالية.
وفي يناير الماضي 2020، أعلن عدد من السياسيين و الحزبيين عن دعمهم للقرارات والإجراءات التي تتخذها القيادة السياسية  للتصدي للأخطار التي تواجهها مصر في الداخل والخارج بما يحقق أمن البلاد والحفاظ على أمنها القومي وصيانة مقدرات الوطن ، مشددين على ضرورة صمود الجبهة الداخلية والاصطفاف خلف القيادة السياسية والوعي بالمخاطر والتحديات التي تواجهها مصر في المرحلة الراهنة والحفاظ على مسيرة التنمية والتقدم التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي للوصول بمصر إلى مكانتها اللائقة بين الدول المتقدمة .
والثابت في الأمر أنه فى كل أزمة تشهدها الدولة سواء تفجيرات إرهابية أو أزمات أخرى؛ تكتفى الأحزاب السياسية بإصدار بيانات شجب وإدانة لإعلان رفضها للأحداث، الأمر الذى يطرح سؤالاً عن دور الأحزاب، فهل هو الخروج ببيانات فقط؟ أم هناك أدوارًا أخرى يمكن لعبها لدعم مؤسسات الدولة فى حربها على الإرهاب بشكلٍ أقوى.
كما أنه خلال الفترات الماضية خصوصا بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، أن دور الأحزاب غائبًا فى المشهد السياسى، ولا يشعر المواطن بحضورها فى حياته، وأن الأحزاب تكتفى بصدور بيانات شجب وإدانة للأحداث التى تجرى على المشهد كالعمليات الإرهابية دون أن تمارس دورًا حقيقيًا.
وأن صدور بيانات من الأحزاب بالشجب والإدانة ليس كافيًا، ولكن ينبغى أن يكون لها دورًا تعبويًا فى مواجهة التحديات، والإعلام بالمخاطر التى تواجهها الدولة، فإذا كانت الأحزاب حاضرة فى إداراة المشهد كان سيحدث توازنًا مع عناصر المجتمع المدنى، ولكن لم يحدث وبناءً عليه فهناك حالة فراغ سياسى يشعر بها الجميع.
ويرجع غياب دور الأحزاب السياسية فى مصر لعدة أسباب منها تشابه الأحزاب فى برامجها، وأغلبها قائمة على الشخصنة، وبالتالى لا يوجد حراك داخلى، كذلك غياب الممارسة السياسية على أرض الواقع، فهي تعتبر الدولة هى من تقود الحرب على الإرهاب بمفردها، وتكتفى بإصدار بيانات شجب وإدانة للأحداث.
كذلك هناك غياب للرؤية التثقيفية لدى الأحزاب فى التحديات التى تواجه البلاد، وليس هناك برامج حقيقية لهذه الأحزاب، وليس هناك توجه سياسى واجتماعى وسعى من الأحزاب لإعداد كوادرها.
ومن المفترض على الأحزاب أن تؤدى واجبها فى توعية المواطنين بالقرى والمحافظات المختلفة من خطر الإرهاب، باعتباره يهدد استقرارها والتحذير من انتشار الأفكار المتطرفة.
تاريخ من التعاون:
في الربع الأخير من القرن العشرين وفي فترة حكم مبارك ورغم حظر جماعة الإخوان المسلمين بحكم قضائي وان الجماعة كما يعلم الجميع ساعية للوصول إلى السلطة بأي شكل من الأشكال إلا أن الأحزاب السياسية قامت بعقد تحالفات انتخابية مع الجماعة مثل حزب الوفد والشعب والأحرار، وحدث نفس الشيء قبل ثورة يناير واستمرت هذه التحالفات حتى 30 يونيو 2013.
التحالف مع الوفد:
قبيل الانتخابات البرلمانية لعام 1984، بدأت جماعة الإخوان البحث عن أحد الأحزاب للترشح على قوائمه ولم تجد من الأحزاب السياسية العاملة في مصر من يقبل وضع الإخوان على قوائمه إلا حزب الوفد الجديد لان الوفد كان يشك في تجاوزه نسبة ال 10 % بدون الإخوان.
وتقابل حينها عمر التلمساني وفؤاد سراج الدين، واتفقا على الاشتراك في القوائم تحت اسم حزب الوفد الجديد وأدى هذا الإعلان إلى التنسيق بين الوفد والإخوان وجلب عدد من كبار الساسة والبرلمانيين للانضمام إلى الوفد فأضاف ذلك إلى رصيد الوفد قوة تم التفاوض الأول على أن يكون للإخوان في راس القوائم (الأول والثاني) عدد 22 مرشح ثم تناقص العدد إلى ثمانية فقط من الإخوان وقد فازوا جميعا.. ولم يفلح أي حزب سوى الوفد مع الإخوان في اجتياز حاجز الــ 8% وفاز الوفد بما يقرب من ثلاثين مقعدا، وأصبح رئيس المجموعة البرلمانية في حزب الوفد هو رئيس المعارضة وهو المستشار/ ممتاز نصار وخلفه بعد وفاته الأستاذ/ ياسين سراج الدين، وكانت انتخابات 1984 هي أول انتخابات حقيقية يشارك فيها الإخوان بشكل أكثر تنظيما، حيث فاز الإخوان في هذه الانتخابات بالتحالف مع حزب الوفد بنسبة 15.1% من أصوات الناخبين، ودخل منهم ثمانية نواب إلى البرلمان، وجاءت الجماعة في الترتيب الثالث -بعد الحزب الوطني الحاكم وحزب الوفد- في عدد النواب في البرلمان.
التحالف الإسلامي:
 في انتخابات 1987، اجتمع مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان وبحث عرضا من حزب العمل الاشتراكي وحزب الأحرار الديمقراطي بإقامة تحالف ثلاثي مع الإخوان المسلمين، وخوض انتخابات عام 1987 بقوائم موحدة، وتمت الموافقة وسمي هذا التحالف (التحالف الإسلامي) –وتم عمل برنامج انتخابي مشترك يحوي المحاور الرئيسية المتفق عليها بين المتحالفين .
ورشح كل جانب من التحالف من يمثله في لجنة الاتفاق علي أسماء المرشحين في كل دائرة فمثل الإخوان مأمون الهضيبي , وعبد المنعم أبو الفتوح، ومثل حزب العمل إبراهيم بركات، ومثل حزب الأحرار رئيسه مصطفى كامل مراد
تحالفات 2010
في يوليو 2010، ومع زيادة الحراك السياسي في الشارع المصري، قام عدد كبير من الشخصيات العامة وممثلي الأحزاب في مصر بتدشين برنامج سياسي قرروا بموجبه العمل على حشد المواطنين من اجل التغيير، حيث عقدت تلك الشخصيات اجتماعاً في مقر الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان بالمنيل يوم الثلاثاء 20 يوليو 2010 للبحث في تنسيق جهودها بهدف التنسيق للمستقبل، وقد ذكر بيان أصدره المجتمعون أنهم قرروا عدم مخاطبة النظام في المرحلة المقبلة، وحشد الجماهير لإحداث التغيير، وقال البيان أن الشخصيات اتفقت على ضرورة العمل الجاد للضغط على النظام المصري بكل الوسائل والطرق السلمية والقانونية لتعديل الدستور، وإصدار قرار جمهوري بقانون يضمن نزاهة الانتخابات، وشدد المجتمعون على أهمية التنسيق المشترك بين الأحزاب والقوى السياسية والحركات الشعبية كما دعوا إلى إنهاء حالة الطوارئ، والتصدي لظاهرة التعذيب والقتل التي اتهموا النظام بممارستها والتصدي للفساد، وأشار البيان إلى أن المجتمعين اتفقوا على استمرار اللقاء والتشاور في المستقبل، كما قرروا تشكيل لجان أساسية لوضع توصياتها والإجراءات العملية لمواجهة ما أسموه بالتحديات الكبرى لوضع توصياتها والإجراءات العملية؛ لمواجهة التحديات الكبرى، وتتمثل اختصاصات كل لجنة فيما يلى:
اللجنة الدستورية: لبحث التعديلات الضرورية؛ لضمان حصول الشعب المصري على حقوقه الأساسية.
اللجنة القانونية وحقوق الإنسان: للبحث في كيفية إنهاء حالة الطوارئ، وضمانات مباشرة الحقوق السياسية.
لجنة دراسة الانتخابات: لبحث جدوى المشاركة من عدمه، وبحث آليات مواجهة التزوير، وتفعيل الرقابة على الانتخابات، والتنسيق بين القوى والشخصيات السياسية في الانتخابات القادمة.
لجنة مستقبل الحكم في مصر: للنظر في كيف تستعيد مصر مكانتها ودورها الإقليمي والدولي.
بعد يناير 2011:
تم تأسيس التحالف الديمقراطي من أجل مصر في يونيو 2011 بدعوة من حزبي الوفد والحرية والعدالة، وكان هذا التحالف يضم 11 حزباً سياسياً مصرياً من مختلف التيارات أشهر تلك الأحزاب هي حزب الحرية والعدالة المنبثق من جماعة الإخوان المسلمين وحزب الكرامة الناصري وحزب غد الثورة الليبرالي (مؤسسه أيمن نور) وحزب العمل الإسلامي. وكان يهدف التحالف لدعم التوافق الوطني عن طريق التنسيق السياسي والانتخابي بين أحزاب التحالف للوصول لبرلمان قوي خالي من «فلول النظام السابق» حسب بيان التحالف.
وبعد ذلك قرر حزب الوفد الانسحاب من التحالف في 5 أكتوبر 2011 وخوض الانتخابات بقائمة منفردة معللا ذلك برغبته في طرح عدد من المرشحين أكبر مما يسمح به اتفاق التحالف، ولكنه أكد على استمرار التنسيق السياسي مع أحزاب التحالف، وكان حزب النور قد انسحب من التحالف في سبتمبر، ثم انسحبت عدة أحزاب في أكتوبر 2011 اعتراضا على نسب تمثيلهم في قائمة التحالف الانتخابية، منهم الحزب العربي الديمقراطي الناصري.
محاولات جديدة للتحالف:
في 24 يونيو 2019، ألقت قوات الأمن القبض على عدد من السياسيين والنشطاء، فيما عرف بـ"قضية تحالف الأمل"، واتهمتهم النيابة العامة في مصر بمشاركة جماعة الإخوان المسلمين لإثارة الرأي العام، مع اتهامات أخرى بنشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
تبين بعد ذلك، ومن شهادة عدد من رؤساء الأحزاب الذين شاركوا في الاجتماعات، أن الهدف تشكيل تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المفترض عقدها 2020، وأيضا مناقشة فرص الفوز في هذه الانتخابات والقوى السياسية التي من الممكن التنسيق معها لخوض المعركة الانتخابية.
من بين الذين تم اعتقالهم، المحامي الحقوقي البارز زياد العليمي والقيادي الناصري الشاب حسام مؤنس والصحفي الاشتراكي هشام فؤاد، وجميعا تم حبسهم بتهمة "مشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها بهدف زعزعة الاستقرار في مصر".
فيما تجمدت المناقشات والمفاوضات الخاصة بالانتخابات منذ لك الحين، ولكن ربما لجماعة الإخوان المسلمين وقيادتها الهاربين في تركيا، رأي آخر!.
مصدر إخواني بارز، تحفظ على ذكر اسمه لأنه غير مخول له التصريح، قال في تصريحات لـ"المونيتور"، عبر إحدى وسائل الاتصال الآمنة عبر الإنترنت، إن "جماعة الإخوان المسلمين مستعدة للتنسيق مع أي فصيل سياسي في مصر، في محاولة لمواجهة النظام القمعي الذي يحاول القضاء على أي مظهر من مظاهر الحياة الديمقراطية".
أضاف المصدر، الذي هرب إلى تركيا في نهاية 2013: "خلال يونيو 2019، فتحت قنوات اتصال جديدة مع بعض القيادات السياسية في القاهرة، لمناقشتها في إعادة إحياة فكرة تشكيل حلف سياسي مع القوى المدنية لخوض الانتخابات تحت قائمة واحدة".
وتابع المصدر: "بعض الأحزاب السياسية في مصر ترى في التحالف مع الإخوان خسارة كبيرة لها خاصة مع التشويه المستمر منذ سنوات للإخوان ومشروعها السياسي، ونحن في الجماعة نتفهم ذلك، ولكن إذا كنا نريد مواجهة القمع في مصر، فعلينا جميعا أن نتجاوز أخطاء الماضي التي وقعت فيها الإخوان خلال فترة حكمها".
وأضاف المصدر الإخواني: "بادرنا بإعلان الأخطاء التي وقعنا فيها، وطالبنا الجميع بفتح صفحة جديدة، وأعلنا بشكل مباشر عن نيتنا السعي للوصول إلى السلطة بعد سقوط نظام عبدالفتاح السيسي، وقررنا أيضا حل الجماعة والانخراط مع الأحزاب الأخرى، وهذه جميعها إجراءات تظهر حسن نية الجماعة ورغبتها في العمل المشترك مع الجميع".
وقد استبعد عدد من السياسيين تشكيل أي تحالف سياسي لخوض الانتخابات مع الإخوان المسلمين "الإرهابية"، لأن الهدف الأساسي من فكرة أي تحالف سياسي لخوض أي استحقاق انتخابي، هو تقارب وجهات النظر بين القوى السياسية المتشابهة في الأفكار والأيدولوجيات، لتشكيل تحالف قوي يفيد العملية السياسية في مصر، لا أن يكون هناك تنسيق بين قوى مدنية وأخرى إسلامية خاصة لو كانت مرفوضة من المجتمع المصري. 
نتائج:
بعد رصد عدد التحالفات بين جماعة الإخوان والتي تعد الجماعة الأم والمرجعية الأولى لمعظم الجماعات الإرهابية على مستوى العالم، وما تعانيه شعوب مثل اليمن وسوريا وليبيا وغيرها من انقسامات وصراعات نتيجة وجود هذه الجماعة إلا أن هناك من أعطى هذه الجماعة شرعية لوجودها في الشارع السياسي المصري، فرغم رفض بعض الأحزاب السياسية الوجود القانوني لجماعات الإسلام السياسي في شكل أحزاب سياسية أقامت تحالفات سياسية مع أكبر وأخطر هذه الجماعات.
ونستنتج من ذلك أنه لا توجد استراتيجية سياسية لدى هذه الأحزاب لمواجهة هذه الجماعات بينما يكون القرار في الأغلب الأعم قرار انفعالي يتماشى مع الدولة بقبول هذه الجماعات أو رفضها، ففي فترة حكم مبارك ورغم أن الجماعة كانت محظورة نجد مشاركتها في الانتخابات البرلمانية بداية من تحالفها مع الوفد 1984، وصولا إلى انتخابات 2010، وتم عقد تحالفات مع أحزاب يسارية وليبرالية بعد ثورة يناير 2011، لأن النظام السياسي بداية من السادات وحتى يوليو 2013، كان يترك هامش من الحرية لعمل هذه الجماعات وبناء عليه قامت الأحزاب السياسية بالتعامل مع هذه الجماعة والتحالف معها سياسيا، أما بعد 2013، واتخاذ الدولة المصرية موقف واضح وصريح لمواجهة الإرهاب ولأن جماعة الإخوان هي الجماعة الأم والتي تقدم من خلال تنظيمها الدولي دعم مادي ولوجستي لمعظم هذه الجماعات الإرهابية فقد قامت الدولة المصرية باتخاذ اجراءات حقيقية لمواجهتها وبالتالي بدأت بعض الأحزاب السياسية تتخذ نفس الموقف، إلا أن مواقف الأحزاب السياسية حتى الأن لم تتعدى دور الشجب والإدانة للعمليات الإرهابية التي تنفذها تشكيلات تابعة للجماعة، دون العمل الحقيقي على أرض الواقع للمواجهة. 
وكما ذكرنا في المقدمة أن دور الأحزاب السياسية غائبًا فى المشهد السياسى، ولا يشعر المواطن بحضورها فى حياته، وأن الأحزاب تكتفى بصدور بيانات شجب وإدانة للأحداث التى تجرى على المشهد كالعمليات الإرهابية دون أن تمارس دورًا حقيقيًا.
ان صدور بيانات من الأحزاب بالشجب والإدانة ليس كافيًا، ولكن ينبغى أن يكون لها دورًا تعبويًا فى مواجهة التحديات، والإعلام بالمخاطر التى تواجهها الدولة، فإذا كانت الأحزاب حاضرة فى إداراة المشهد كان سيحدث توازنًا مع عناصر المجتمع المدنى، ولكن لم يحدث وبناءً عليه فهناك حالة فراغ سياسى يشعر بها الجميع.